أوصلت الجهاز بالكهرباء
وأمسكت مفتاح التشغيل ورفعت وجهي نحو زوجتي لألقي نظرة وداع أخيرة علي سخريتها مني التي ستتحول بعد لحظة واحدة إلي إعجاب وانبهار كبير بالتأكيد..
مددت يدي وأدرت مفتاح التشغيل
.. تـــــــــــــك ..
ثم
.. تك وتك وتك ..
لا فائدة رفض الجهاز اللعين أن ينبث ببنت شفه أو حتي ببنت تكتكة
قالت زوجتي بنبرة سخرية فورية (تشبيها بالمرقة الفورية) :
- يعني باعولك جهاز خربان يا أستاذ .
فأجبتها ببرود وبنبرة اعتقد أنها كانت تشبه نبرة ايديسون
بعد رسوبه في عدة تجارب فاشلة :
- حتلاقي سلك فاصل جوه ولا حاجه .. متفوليش في وش الجهاز لو سمحت .
ثم أحضرت حقيبة الأدوات ، وبدأت في تفكيك غطاء جهاز العرض السينمائي وأنا ابدي بعض الحركات التي تشبه حركات المكتشف العظيم جاليليو ليس طبعا في لحظات تأمله الخالدة في اكتشاف دوران الأرض لا وإنما في لحظة الحكم والنطق بإعدامه ..
أخيرا انتهيت من فك آخر مسمار .
أمسكت بالغطاء وقبل أن اجذبه للخارج برفق التفت نحو زوجتي وقلت لها بنبرة ثقة كبيرة :
- دلوقتي حتشوفي التكنولوجيا اليابانية علي أصولها .. فتحي عنيكي وبحلقي كويس علشان تتعلمي حاجه تنفعك .
حقا فأنا عن نفسي سيكون لي الشرف الكبير في التعرف علي العقلية اليابانية البارعة التي صنعت تحفتي ..
لكن العقل الياباني العظيم في الحقيقة كان بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب بالنسبة لما كان ينتظرني في الداخل
انحنت زوجتي لتشاهد خيبتي التي كانت تتربص بي وترقد خلف الغطاء وقالت بلهجة المنتصرة في توقعاتها وظنها السيئ في شخصي الكريم :
- يا سلااااااااااااام .. كل ده حجر رصيف ..
..نعم ..
.. للأسف هذه هي كانت الحقيقة المرة ..
لم أجد في الداخل إلا حجرا كبيرا من البازلت الذي يستخدم عادة في عمل الأرصفة ولا شي آخر علي الإطلاق ..
(يعني لا تروس ولا سيور ولا أي حاجه خالص .. هيكل معدني فارغ وبداخله حجر رصيف بازلت ثقيل جدا )
ملحوظة هامة :
( الرجاء الحفاظ علي مشاعري ومنع الضحك والتعليقات الساخرة إذا ارتم أن أكمل القصة لأنه في وجهة نظري أمر عادي يمكن أن يحدث لأي شخص منكم )
!!!
تحسست بيدي كتفي المسكين الذي حمل ذلك الحجر البازلتي اللعين لعدة كيلوامترات وتحسست كذلك أذناي التي ستتحمل الكثير من التعليقات الساخرة والغير مسئولة لعدة أيام
هذه هي بدايتي العظيمة والغير مشرفة في مشواري الطويل مع السينما
وهي لم تحزنني علي الإطلاق
لكن ما كان يؤلمني حقا هي كلمات حارس البناية التي كان في كل مرة يراني فيها (خارج ولا داخل) يقول لي بصوت واضح :
- والنبي يا أستاذ نفسي أتفرج علي السيما أنا وحمادة أبني .
كانت زوجتي دائما تنفجر من الضحك بلا مبرر وبلا سبب واحد مقنع ،
أما أنا فكنت ألوذ بالصمت محتفظا بوقاري وهيبتي وشخصيتي وأنا أمضي في طريقي
.. واثق الخطوة أمشي ملكا ..
وللرصيف بقية .. أقصد
( للحديث بقية )
.. gramafon ..