رد: الفنان العمانى سالم راشد الصوري
الصوري الرئد المجدد
هو صاحب التجربة الأبرز بين الجيل الرواد ، اسمه الأصلي سالم بن راشد بن علي الهاشمي ولقب بالصوري نسبة لولاية صور العفية المدينة التي ولد فيها في العام 1912م وعاش طفولته في أزقتها وحواريها انطلاقا من بيتهم القديم الذي يقع في المخرمة ( النعمة حاليا ) مرورا بحصن السنيسلة والسوق العتيق ووصولا إلى الميناء البحري القديم ومرسى العيجة .
وساهمت بيئة صور المدينة الساحلية التاريخية الشهيرة في تكوين الثقافة الأولية للصوري فهو درس في مدارس تعليم القرآن ( الكتاتيب ) في طفولته وهو ما ساهم في تعلمه اللغة العربية الفصحى ومخارجها الصحيحة ومفرداتها المتنوعة بل وكان ترتيله القرآن في مدرسة المعلم السبب الرئيسي في التنبه لجمال صور الصوري وجودته منذ الصغر وهو ما يستدل عليه من خلال إصرارالمعلم عليه لترتيل القرآن دائما ، ومن ثم كان الدور البارز للفنون التقليدية لولاية صور كسائر ولايات السلطنة المعروفة والفنون الخاصة المرتبطة بالبحر والعمل فيه ، ويتضح إسهام هذه العوامل في حفظه الشعر وخاصة شعر الرزحة وهو ابن الثامنة من العمر بل وظهرت أول بوادر حب الغناء في مسيرة الصوري من خلال غناءه لأشعار الرزحة وبعدة ألوان مختلفة وهو لا يزال بعد طفلا صغيرا ، على أن الخطوة الرئيسية التي جعلت الصوري على بداية طريق الفن ترجع أساسا إلى أسفاره البحرية المستمرة والتي بدأها في العام 1926م منطلقا إلى موانئ الخليج العربي أولا ومن ثم كان الصوري يشق عباب المحيط من موانئ الهند وجنوب آسيا إلى موانئ زنجبار وشرقي أفريقيا عندما صار ملما بعلوم البحر والإبحار ، وعموما فقد كانت صور النقطة الرئيسية في كل رحلات الصوري البحرية في بداية شبابه نظرا لأنه كان قد تزوج لأول مرة في حياته ، ولكنه فيما بعد وعندما توفيت ابنته الأولى وتبعتها أمها فيما بعد فإنه قرر الرحيل والابتعاد طويلا فكانت رحلاته القارية والتي انتهت به إلى الاستقرار في الهند في العام 1936م حيث تعتبر بومباي المحطة الرئيسية الأولى في احترافه للغناء لأنها كانت ملتقى الفنانين الخليجيين الذين كانوا يسجلون اسطواناتهم عليها فكان أن تعرف عليهم وكان أن تعلم عزف العود بل وبدأ الغناء في جلسات السمر والرحلات البحرية وهي الأمور كلها التي مهدت له لتسجيل اسطوانته الشمعية الأولى في العام 1940م والتي بيعت في كالكوتا بمبلغ 40 روبية هندية في ذلك الوقت واحتوت الاسطوانة الأولى في مسيرة الصوري والتي خصصها لغناء روائع الفنانين العرب على أغاني محمد عبدالوهاب ( يا جارة الوادي ، علموه كيف يجفو ) وفريد الأطرش ( يا ليتني طير ) وأم كلثوم ( ليه تلوعني ) وغيرها .
وسجل سالم بن راشد الصوري اسطوانته الثانية في بومباي العام 1945م وبيعت بمبلغ 100 روبية وهو الاسطوانة التي غنى فيها امسيت البارحة مجبور ويحيى عمر قال خلي الحال ، وتعتبر هذه الاسطوانة هي الأثر الأول للصوري كفنان جديد على الساحة الغنائية الخليجية والعربية ، ومن ثم بدأ الصوري باكتساب الخبرة وصقل التجربة وجاءت بعدها اسطوانة نايم المدلول في العام 1946م حيث انتشرت هذه الأغنية خليجيا مما مهد للصوري لاقتحام الساحة الخليجية وهو ما حصل عندما كان يسافر للبحرين لتسجيل اسطواناته عند الفنان عبدالله فضاله ومن ثم استقر بصفة دائمة في البحرين وعلى مدى أكثر من عشرين عاما ابتداء من العام 1950م حيث أصبح الصوري علامة بارزة في الساحة الغنائية الخليجية وأسس شركته الخاصة للإنتاج الفني شركة سالم فون وكثر إنتاجه وظهرت في تلك الفترة الأعمال المشهورة مثل يا مركب الهند للشاعر اليمني يحيى عمر وحبيب القلب وغيرها هذا بخلاف أنه بدأت تتشكل ثقافة موسيقية جديدة رائدها هذا الفنان العماني الموهوب تجمع بين الفنون التقليدية العمانية التي اكتسبها في صور وبين الاحتكاك مع رواد الغناء الخليجي وفي المزج بين الإيقاعات العمانية والهندية والخليجية مما ساهم في إثراء الساحة الفنية الخليجية وريادة سالم الصوري على المستوى الإقليمي قبل المحلي .
يا مركب الهند يا بو دقلين يا ليتني كنت ربانك
بعبر بك البر والبحرين وبنزل المال في خانك
يحيى عمر قال قف يا زين وسالك بمن كحل اعيانك
ومن علمك يا كحيل العين ومن الذي خضب ابنانك
حملت يحيى عمر حلمين وصرت تعبان من شانك
لي شهر في شهر في شهرين وأنا مناظر لبستانك
لك قسم في قسم في قسمين ولك قسم زايد عن اخوانك
والمصلحة بيننا نصفين لا ربح الله من خانك
وعندما بدأ العهد الجديد لدولة عمان الحديثة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان في 23 يوليو من العام 1970م وبدأت الطيور المهاجرة بالعودة إلى أرض الوطن كان الصوري من أوائل من لبى نداء القادة لبناء عمان الحديثة وعاد من البحرين في العام 1971م حيث استقر في منطقة دارسيت الساحلية بمسقط وفتح باب بيته للفنانين العمانيين ليستفيدوا من خبراته ومطالعاته في شتى الميادين .
يا قمر هليت نورت حارتنا
وعاد الفرح للبيت حتى بيت جارتنا
عمل الصوري في القسم الموسيقي بإذاعة سلطنة عمان حيث كان من المؤسسين الحقيقيين له بل وظهرت في تلك الفترة بالذات الألحان الموسيقية الحديثة من أغنياته المتنوعة أمثال يا عمان فاخري بين الأمم وحيوا معي حبيب الشعب وحبيبي اليوم ما اشوفه وغيرها من الألحان التي استفاد فيها من التقنيات الحديثة التي بدأت تغزو المنطقة في بداية السبعينيات والتي كان متواصلا مع المتطور منها بحكم زيارته لدول الخليج العربي ومن ثم إلى مصر عندما مكث لأكثر من ستة أشهر برفقة أعضاء فرقتي الإعلام الموسيقية والشعبية اللتين ذهبتا لدراسة الموسيقى في مصر .
حبيبي اليوم ما اشوفه ودرب الشوق ما يطوفه
قالوا محني كفوفه يمر جنبك ولا يسال
أسأل عنه الجارة اللي قريب من داره
قالت بس يا خسارة حبيبك ما يدير البال
حبيبك ما له وفاقه دايم عند عشاقه
لابس حجل في ساقه وتحت الحجل خلخال
وبعد أن ترك أكثر من مائة أغنية معروفة ومثلها تقريبا مفقودة رحل الفنان الكبير أو الطير المهاجر كما كان يطلق عليه وكما حملت إحدى المسرحيات التي تناولت سيرة حياته هذا الاسم رحل سالم بن راشد الصوريعن دنيانا في 16 نوفمبر 1979م ، يقول عنه الفنان الكويتي القدير يوسف المهنا : ألحان الصوري محببه جدا وكان يتعامل معها من عدة زوايا مختلفة وتحس بأنها متشبعة بالنفس الشعري وتركيبة اللحن فيها شجن في الأداء ومساحة بارزة لصوت المطرب هذا بخلاف أنه شاعر استعمل الكثير من المفردات الخليجية والإيقاعات الخليجية التي أثر وتأثر بها عندما كان في البحرين ، بينما يقول عنه المستشار الراحل عبدالله بن صخر العامري : أغنياته انتشرت وأحبها الناس لأنه امتد بفكره لموضوع الغناء الشعبي واستمد من الموروث الشعبي وطوره بطريقته التي عشقها الناس .
يا حلوة يا جارة يا اللي منورة الحارة
ليه قطعتي الزيارة وخليتي القلب محتار
هجرك ما إله عادة وصلك كف ميعاده
خبريني يا غادة وقولي شالذي صار
قولي شي بدا منه أو حد شاغلك عنا
ليتنا ما تعارفنا ولا صار الذي صار
================================================== ===
منقول من كتاب المجد ( الموسيقى العمانية ) 2006-2007
================================================== ===
|