الفنان علي القبرون في لقاء صحفي قديم
أويا* .. في* بيت الفنان علي* القبرون*
لقاء وتصوير* : عبد الرؤوف خولة* الثلاثاء, 22 سبتمبر 2009
******
وجدناه* يتكئ على عكازه الذي* لايفارقه وهو الرفيق الوحيد له في* هذه الدنيا* يعينه على عثرات الزمن* .. وجدناه باسم المحيا كعادته دائماً* متألقاً* رغم سنوات العمر ومرارة العيش ولمسات التألق والتأنق مازالت تلفه ضاحكاً* للزمن رغم الغصة التي* بحلقه* *.. استقبلنا في* قبو أوحجرة الغفير أو* " البدروم* " رسمها ماشئت بأسفل أحد عمارات مدينة طرابلس* يمكث فنان أفنى* 45 سنة من عمره في* خدمة الفن* :- ظروف اجتماعية قاهرة وخارجة عن إرادته أوصلته إلى ماوصل إليه سألناه عن الفن والحب أجاب* " وين عدى وين* ياعيوني* " سألناه عن الرفيق أجاب* " الليل قاسي* يابعيد الحيرة* " سألناه عن الحبيب أجاب* " راحلة* ياراحلة* " سألناه عن العون والمساعد أجاب* " مستنيك* " سألناه عن الوفاء أجاب* " لانسيت ولاخليت من* ينساهم* " أنهكه المرض ومزقته الوحدة تمنى أن* يعود الزمن إلى الخلف ليعيد ترتيب أوراقه من جديد* .. قدم العديد من الأعمال فاقت المائة عمل بأرشيف الإذاعة كُرم في* أكثر من محفل* .. تخلى عنه الكثيرون ووقف معه عدد من رفاق الدرب* يعيش وحيداً* داخل هذا القبو الخالي* تماماً* من أبسط الشروط الصحية الهواء والشمس* يعاني* من روماتيزم حاد جداً* جراء الرطوبة داخل هذا القبو،* بمجرد أن بدأنا معه الحديث اغرورقت عيناه بالدمع لأنه فنان حساس ويحتاج لكل لمسة وفاء محتاج لمن* يسأل عنه قال* : أحلم بمنزل به شرفه أتنسم فيها الهواء وأرعى بها الزهور والورود أحلم بسيارة أتنقل بها لأن راتبي* كله* يذهب للمواصلات* .. أحتاج للعلاج فإنى أشكو* عديد الأمراض بداية من الضغط والسكر مروراً* بالرماتيزيم ونهاية بمشاكل في* القلب ولن نطيل عليكم
ونترك الفنان علي* القبرون* يتحدث* ...لا أطلب إلا سكناً* لائقاً* وعلاجاً* .. وتستطيع الرجوع إلى مجلة الإذاعة قديماً* وتقرأ عناوينها أبرزها* . الفنان علي* القبرون أغانيه التي* عانقت الثورة منذ قيامها حيث أنني* في* الأسبوع الأول للثورة تغنيت بها في* أربع أعمال وأشرقت شمس الثورة علينا* . كلمات* بشير أحمد وألحان عبد اللطيف حويل وكذلك فجر جديد مع ثورتنا كلمات محمد فتحي* وألحان أبو عجيلة محمد وأغنية سجل* ياتاريخ الثورة ألحان الشيخ أحمد شاهين وأغنية أجيال بعد أجيال كلمات أحمد الحريري* وألحان وحيد خالد* . هذا في* الأسبوع الأول للثورة فقط* 4 أعمال وطنية عمري* 66 عاماً* ولا أستطيع المشي* على قدمي* إلا بمساعدة نصف راتبي* أصرفه على المواصلات وما أجبرني* للحديث إلى الغصة والمرارة التي* أتذوقها في* حياتي* اليومية* . في* الفترة الأخيرة سمع الأستاذ نوري* ضوء الحميدي* بحالتي* فأصدر قراراً* بعلاجي* في* تونس وذلك سيكون بمشيئة الله بعد عيد الفطر مباشرة وكذلك لاأنسى أفضال الأستاذ عبد الله منصور حيث أنه* يتذكرني* بين الفترة والأخرى* ..
أويا* : حاولنا أن نخرج به من هذه الأجواء مذكرينه بأيامه الفنية والبدايات فعلت ابتسامة خفيفة على محياه متذكراً* تلك الأيام قائلاً* :
علي* القبرون* البداية كانت سنة* 1955 بالتحاقي* بمدرسة الفنون والصنائع التي* يشرف عليها الأستاذ رمضان الأسود وتعلمت الموسيقى وتعلمت العديد من الأمور إلا أنني* وجدت نفسي* في* الموسيقى في* تلك الفترة كان الفنان المرحوم كاظم نديم* يقوم بزيارات متتالية إلى المدرسة وكان* يعلمنا الموسيقى والأناشيد منها* .. رفعنا اللواء* .. بالعزم الأكيد وفي* سنة* 58 غنيت عديد الأغاني* الخاصة بالأطفال وعديد الأناشيد الوطنية* .. إلى أن تخرجت من مدرسة الفنون والصنائع والتحقت بمدرسة الزواية الثانوية بمدينة الزاوية وكنت أحي* عديد الحفلات في* تلك المدينة الجميلة وكنت افتتح الحفلات والمهرجانات بقراءة القرآن الكريم* .. بعدها وبالتحديد سنة* 1962 التحقت بركن الهواء بالإذاعة* . الذي* كان* يشرف عليه الأستاذ كاظم نديم وكنت متأثراً* جداً* بالموسيقار فريد الأطرش وأتقن كل أغانيه بمهارة فائقة* .. وكنت أكثر من سنتين في* ركن الهواء سنة* 1964 شكلت لجنة لاختياري* كمطرب واعتمادي* بالإذاعة وكانت اللجنة مشكلة من الأساتذة بشير فهمي* ومحمد الدهماني* ومحمد الكعبازي* وكاظم نديم وفائق بن سلطان وسكرتير اللجنة وقتها كان حيدر الجعراني* .. ونجحت والحمد لله وبتفوق وكان العمل الأول لي* كمطرب حيث طلبت منّي* اللجنة حفظ اللحن الموجود لدى بشير فهمي* لأغنية بمناسبة* معرض طرابلس الدولي* تقول كلماتها* .. معرض بلادي* جاد في* تياره ويعجب بنظامه كل من زاره* .. تلك هي* البداية* .. بعدها* غنيت لعبد اللطيف حويل وحسن عريبي* في* نفس الوقت* .. كان أغنية حسن عريبي* عنوانها* " روحين في* جسم واحد* ... ... وأغنية حويل بعنوان* " لوكان توزن بالوقـــية حنيني* " كلمات أحمد الحريري* .
أويا* : ماحكاية أغنية الليل قاسي* يابعيد الجيرة التي* لم تأخذ حقها إعلامياً* ..؟
علي* القبرون* :هي* من كلمات الشاعر المبدع أحمد الحريري* وكنا نلتقي* في* المقهى التجاري* بشارع أحمد المقريف شلة من الفنانين وكان كل الفنانين* يستعرضون مالديهم من كلمات وألحان فسألني* الفنان أحمد الحريري* عن هذا العمل الليلي* قاسي* فأعجبني* جداً* وكان بجانبي* صديقي* الدائم عبد اللطيف حويل وسألته مارأيك فأخذه ولحنه وظهر بهذا الشكل الجميل الذي* في* الحقيقة لم* يأخذ حقه إعلامياً* رغم جمال العمل وروعته لحناً* وكلمات ولا أعرف سبب عدم انتشار هذا العمل* .. ربما سبقه عمل لي* بعنوان* .. بعنوان عدى وين* ياعيوني* ونال نجاحاً* منقطع النظير الشيء الذي* لم* ينجح بعده الليل قاسي* حيث تمتعت أغنية وين عدى باإيقاع القوي* والسريع والزكرة* . عمل الليل قاسي* كان هادئاً* جداً* وبالتالي* لم* ينل حظه كسابقه*
أويا* : على ذكر وين عدى وين* ياعيوني* ودخول الزكرة لأول مرة في* الأعمال الحديثة حدثنا عن هذا العمل ؟*
علي* القبرون* : هذا العمل وراءه قصة* .. أتذكر سنة* 1973 كانت فرقة الإذاعة في* رحلة إلى الجنوب وتحديداً* إلى سبها وذلك لتسجيل مجموعة أعمال* .. في* هذه الأثناء تعرفنا على شاب من المدينة اسمه عثمان القاضي* الله أمسيه بالخير لاأعرف أخباره حالياً* .. المهم كنا مدعوين لدى هذا الفنان فأخذ الطبل وبدأ* يدندن بهذا اللحن إلا أن الكلمات مختلفة حيث كانت كلماتها* " عندكش دواء* ياطبيبة* .. للجرح اللي* يقطر بدماه* " فارتسخ هذا اللحن في* مخيلتي* ولم* يفارقني* طيلة الرحلة وبحت لصديقي* الفنان عبد اللطيف حويل برغبتي* في* هذا العمل والبحث له عن كلمات* .. فأشار لي* بالذهاب إلى الفنان علي* السني* وذهبنا إليه وبمجرد سماعه للحن قال لي* كلمات هذا العمل جاهزة فأحضر رزمة ورق وأخرج منها أبيات شعر* " وين عدى وين* ياعيوني* .. رانا لشبحه مشتاقين* ياعيوني* " فقلت هذا ما أبحث عنه* .. وأهتم بها جاهداً* الفنان عبد اللطيف حويل وعمل لها مقدمة موسيقية بسيطة وجميلة* .. بعدها طلبت منه إدخال الزكرة على هذا العمل فذهبنا إلى محمود الشريف رحمة الله عليه الذي* يعتبر من أشهر وأقوى عازفي* الإيقاع في* ليبيا فأشار إليّ* بالذهاب إلى بشير الشعتاني* الذي* يعتبر من أقوى عازفي* الزكرة في* تلك الفترة أما فيما* يخص الإيقاع المصاحب فهذا أمره سهل واجتمعنا جميعاً* وعملنا تدريبات مع الفرقة الموسيقية* .. ونجح العمل والحمد لله منذ سنة* 1974 إلى حد الآن* ...
أويا*: ما سر ابتعادك المبكر عن الوسط الفني*..؟
علي* القبرون*: في* البداية كان الإصابة بداء السكر اللعين الذي* أثر كثيراً* في* عملية النظر وتساقط الأسنان وكذلك خلل في* السمع وأيضاً* الظروف الاجتماعية القاهرة التي* مرت بي* كل هذه العوامل جعلتني* ابتعد قليلاً* ولم انقطع نهائياً* حيث سجلت آخر عمل عاطفي* بعنوان* "دنيا وما تبنا على* غالينا ولاعين صبرت بعد وقت* يجينا*" وكان ذلك سنة* 1987 بعد ذلك تغنيت ببعض القصائد الدينية في* برنامج عطية محمد نور أسماء الله الحسنى وسجلت معه ملحمة أعطاني* فيها بيت أغنية سنة* 1988 بعدها اتجهت للمألوف والموشحات بعد تأسيس فرقة الشروق التي* نجحت نجاحاً* كبيراً* وشاركنا في* عديد الدول والمهرجانات وكانت الفرقة بقيادة الفنان مفتاح علي* وتضم الفنانين عبداللطيف حويل وراسم فخري* ومحمد رشيد ولطفي* العارف ومحمد فتحي* وأبو عجيلة الشريف* يونس دانو،* محمد الزويبك،* خالد عبدالله،* فاروق السويح كل هؤلاء الفنانين هم مؤسسون لفرقة الشروق للمألوف والموشحات ومنذ سنوات فارقت هذه الفرقة حيث صحتي* لم تعد تسمح لي* بممارسة أي* عمل فني* فقررت أن استريح داخل* "البدروم*" الخاص بي* والحمد لله رب العالمين وتقاعدت من الإذاعة وأنا اتقاضى حالياً* معاش تقاعدي* يعينني* على الحياة إن كان مازال في* العمر بقية*..
أويا*: هل مازلت متواصلاً* مع الوسط الفني*...؟
علي* القبرون*: نعم* هناك مجموعة من الأصدقاء المخلصين الذين لم* ينقطعوا عني* سواء بالزيارات أو الاتصال الهاتفي* أذكر منهم وأرجو أن لاتخونني* الذاكرة*.. الفنان لطفي* العارف،* حسن فرحات،* محمد شعيب،* عبداللطيف دويل،* راسم فخري،* ولا أنسى الأستاذ عبدالله منصور والأستاذ نوري* الحميدي* والأستاذ محمود البوسيفي* الذي* ساعدني* أكثر من مرة ولم* يبخل عني* بشيء وكذلك الفنان محمد كرازة المصور وكذلك البدري* كلباش*..
أويا*: كلمة أخيرة أستاذ علي* القبرون
علي* القبرون*: الفنان لدينا* يقدم عديد التضحيات منها التفرغ* التام لِفنّه دون التفاتة إلى حياته الخاصة ونظرة المجتمع الدونية إليه ومع كل هذا لايجد من* يقف معه في* نهاية عمره الذي* افناه في* الفن ولا أطلب في* هذا اللقاء إلا قليلاً* من الإهتمام من المسؤولين في* سكن لائق وعلاج وأتمنى التوفيق من* عند الله وشكر خاص لأويا ورئيس تحريرها على المجهودات التي* تبذل وعلى هذه اللفتة الكريمة من حضرتكم في* هذا الشهر الكريم*..
[/B][/SIZE]
__________________
لو تؤمريني فوق نسمة انطير*** ونجيبلك حزمة نجوم تنير
تضوي طريق الحب للانسان***يا ليبيا و تزرع ترابك خير
أبوعاصم
|