الأن حـان وقـت العـرض
لا يمتاز الأشرار دائماً بالقوة العضلية ، أو بنية الجسم القوية ، بل كثير من الناس
عندما يسمعون كلمة شر أو شرير يبادر الى أذهانهم الجسم القوي والعضلات المفتولة ،
وملك الشر الثاني (محمود المليجي الأستاذ) استغل جسده المرن ، غير القوي في إتقان أدواره
معتمداً على قوة ذكاءه ليصبح صاحب مدرسة في مملكة الشر السينمائي .
المولد والنشأة
ولد محمود المليجي في 22 ديسمبر عام 1910،
في حي المغربلين بالقاهرة وسط أسرة مصرية مكونة من والده
ووالدته وشقيقته التي توفيت في سن مبكرة، وعاش طفولته وصباه في هذا الحي
الذي يتوسط مجموعة من الأحياء الشعبية القديمة، وكان والده حسين المليجي
من أبرز شخصيات هذا الحي، وكان يمارس تجارة الخيول العربية الأصيلة ،
وفي نفس الوقت كان يتاجر في السيارات أيضا، وكانت هوايته المفضلة
بالإضافة إلى ركوب الخيل، سماع الموسيقى والغناء.
المليجي صبياً
المطـرب .. محمود المليجي
وفي هذا الجو تفتحت عينا محمود حسين المليجي على آلات الموسيقى والطرب التي تملأ أرجاء البيت، وعلى مكتبة تضم أحدث اسطوانات عبده الحامولي وسيد الصفتي ومحمد عثمان. ومع تطوره في السن كبر الأمل في قلبه في أن يصبح يوما مطربا مثل أساطين الغناء العربي، إلى أن حدث ذات يوم أن جاء أحد أصدقاء والده من هواة الموسيقى والطرب لزيارته، وتصادف أن والده خارج المنزل، فأستقبله محمود المليجي وجلس معه في غرفة الضيافة يتبادلان الحديث حتى قال له الضيف: على ما يبدو يا محمود إنك طالع زي والدك هاوي موسيقى وطرب؟
فرد عليه بفرحة غامرة واعتزاز: أيوه، وبأغني كمان.
- طيب سمعني صوتك
وغنى محمود أغاني تناسب صوته.. أغاني المطربة (نعيمة المصرية) التي كانت حينذاك
أشهر المطربات ، والمونولوجست (سعدية الكمسارية) وغيرهما من أشهر المطربات وقتذاك.
وبالفعل أعجب الضيف بصوته ، ونصحه بأن يتعلم الموسيقى على أصولها ليؤهل نفسه ليكون
مطربا ، كما وعده بأن يقنع والده بأن يوافق على أن يدرس الموسيقى.
ووفى صديق والده بوعده، لكن النتيجة كانت (علقة ساخنة) من الأب
لأنه كان قد لاحظ اهتمام ابنه المتزايد بالفن وانصرافه عن واجباته المدرسية ،
لكن محمود المليجي لم يبال بما حدث ، وتوجه إلى أحد العازفين في الحي،
ليسمعه صوته، ويتلقى على يديه بعض الدروس التي تؤهله لاحتراف الغناء.
وانتهز هذا الموسيقي المغمور الفرصة بعد أن وجده مستعدا لإمداده بالمال
مقابل أن يشهد له بالبراعة في العزف والغناء، بل إن اسراف هذا الموسيقي في امتداح
مواهب محمود المليجي بالكذب، جعله يقول له يوما إنه أعظم
من المطرب الجديد محمد عبد الوهاب.
لكن يبدو أن محمود المليجي كان متخبطا في بداية حياته،
لكنه كان يريد اثبات أنه موهوب ومتفوق في أي مجال، فأقام
حفلا خاصا دعا إليه اصدقاءه، وطلب منهم أن يقولوا رأيهم في مواهبه الغنائية بصراحة.
وكانت النتيجة خيبة أمل نطقت بها وجوههم، وصاح فيه أحدهم :
عاوز الصراحة يا محمود.. أنت صوتك يشبه إلى حد بعيد مدفع رمضان..
ومن يومها (صام) عن الغناء، وقرر أن يتجه إلى الملاكمة،
وسرعان ما هجرها أيضا بسبب اللكمات والكدمات التي انهالت
عليه وأصابته وجعلته يتوب عن الملاكمة إلى غير رجعة.