القصيدة الكاملة لابتهال الشيخ سيد النقشبندي رحمه الله ( يا من رأى عمراً )
ما لي و للنجم يرعاني يرعاني و أرعاهُ = أمسى كلانا يعاف الغمض جفناهُ
لي فيك يا ليل آهات أرددها = أواه لو أجدت المحزون أواه
لا تحسبني محباً يشتكي وصباً = أهون بما في سبيل الحب ألقاه
إني تذكرت و الذكرى مؤرقة = مجداً تليداً بأيدينا أضعناه
أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد = تجده كالطير مقصوصاً جناحاه
ويح العروبة كان الكون مسرحها = فأصبحت تتوارى في زواياه
كم صرفتنا يد كنا نصرفها = و بات يملكنا شعب ملكناه
كم بالعراق و كم بالهند ذو شجن = شكا فرددت الأهرام شكواه
بني العمومة إن القرح مسكم = و مسنا نحن بالألام أشباه
يا أهل يثرب أدمت مقلتي يد = بدرية تسأل المصري جدواه
الدين والضاد من مغناكم انبعثا = فطبقا الشرق أقصاه و أدناه
لسنا نمد لكم أيماننا صلة = لكنما هو دين ما قضيناه
هل كان دين ابن عدنان سوى فلق = شق الوجود و ليل الجهل يغشاه
سل الحضارة ماضيها و حاضرها = هل كان يتصل العهدان لولاه
هي الحنيفة عين الله تكلؤها = فكلما حاولوا تشويهها شاهوا
هل تطلبون من المختار معجزة = يكفيه شعب من الأجداث أحياه
من وحد العرب حتى كان واترهم = إذا رأى ولد الموتور آخاه
و كيف كانوا يداً في الحرب واحدة = من خاضها باع دنياه بأخراه
و كيف ساس رعاة الإبل مملكة = ما ساسها قيصر من قبل أو شاه
و كيف كان لهم علم و فلسفة = و كيف كانت لهم سفن و أمواه
سنوا المساواة لا عرب ولا عجم = ما لامرئ شرف إلا بتقواه
و قررت مبدأ الشورى حكومتهم = فليس للفرد فيها ما تمناه
و رحب الناس بالإسلام حين رأوا = أن السلام و أن العدل مغزاه
يا من رأى عمراً تكسوه بردته = و الزيت أدم له و الكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً = من بأسه و ملوك الروم تخشاه
سل المعالي عنا إننا عرب = شعارنا المجد يهوانا و نهواه
هي العروبة لفظ إن نطقت به = فالشرق و الضاد و الإسلام معناه
استرشد الغرب بالماضي فأرشده = و نحن كان لنا ماض نسيناه
بالله سل خلف بحر الروم عن عرب = بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا
فإن تراءت لك الحمراء عن كثب = فسائل الصرح : أين المجد و الجاه
و انزل دمشق و سائل صخر مسجدها = عمن بناه لعل الصخر ينعاه
و طف ببغداد و ابحث في مقابرها = عل امرأ من العباس تلقاه
هذي معالم خرس كل واحدة = منهن قامت خطيباً فاغراً فاه
إني لأشعر إذ أغشى معالمهم = كأنني راهب يغشى مصلاه
ألله يعلم ما قلبت سيرتهم = يوما فأخطأ دمع العين مجراه
أين الرشيد و قد طاف الغمام به = فحين جاوز بغداداً تحداه
ملك كملك بني التاميز ما غربت = شمس عليه و لا يرق تخطاه
ماض نعيش على أنقاضه أمماً = و نستمد القوى من وحي ذكراه
لا در در امرئ يطري أوائله = فخراً ، و يطرق إن ساءلته : ما هو
ما بال شمل بني قحطان منصدعاً ؟ = رباه أدرك بني قحطان رباه
عهد الخلافة في البسفور قد درست = آثاره ، طيب الرحمن مثواه
عرش عتيد على الأتراك نعرضه = ما بالنا نجد الأتراك تأباه
ألم يروا كيف فداه معاوية = و كيف راح علي من ضحاياه
غال ابن بنت رسول الله ثم عدا = على ابن بنت أبي بكر فأرداه
لما ابتغى يدها السفاح أمهرها = نهراً من الدم فوق الأرض أجراه
ما للخلافة ذنب عند شانئها = قد يظلم السيف من خانته كفاه
الحكم يسلس باسم الدين جامحه = و من يرمه بحد السيف أعياه
يا رُبَّ مولىً له الأعناق خاضعة = و راهب الدير باسم الدين مولاه
إني لأعتبر الإسلام جامعة = للشرق لا محض دين سنه الله
أرواحنا تتلاقى فيه خافقة = كالنحل إذ يتلاقى في خلاياه
دستوره الوحي و المختار عاهله = و المسلمون و إن شتوا رعاياه
لاهم قد أصبحت أهواؤنا شيعاً = فامنن علينا براع أنت ترضاه
راع يعيد إلى الإسلام سيرته = يرعى بنيه و عين الله ترعاه
ا
لقصيدة بعنوان وقفة على طلل للشاعر محمود غنيم. من كتاب ( سر تأخر العرب و المسلمين ) للشيخ محمد الغزالي ص113
