و كنا قد رتبنا للقاء كل الحبايب فى مقرنا الدائم ديليس محطة الرمل , مررت على استاذ جمال و حرمه لأخذهم لديليس لنجد أستاذ محمد الالاتى و م. رؤوف المسيرى و د أنس و مدام ناهد و د حسن و عم سعد الشرقاوى ثم د. ثروت غنيم و غازى الضبع ,
و أستاذنا و حبيبنا و أخونا كبير المقام د. عادل العتبانى , السكندرى الذى لم أنعم بمقابلته من قبل ,
ما أخف ظله و ما ألذع قفشاته , سميع من ثقال الوزن و متابع جيد لكل ما هو أصيل , و مثقف واعى لكل ما يدور حوله , و متكلم بارع يعرف كيف يستقطب الآذان و كيف يتكلم فيما يهتم به الآخرون و بكل رزانة مغموسة بخفة دم الاسكندرانية,
و على كرم خلق د عادل و ذوقه العالى إلا أنه شحيح الوقت و كأن يومه أقل من 24 ساعة مثل باقى خلق الله , فلم يستطع أن يمضى يومه كاملا معنا.
ثم جاء عريس سماعى أخونا و حبيبنا إسلام , الذى لم تتح لنا فرصة مقابلته قبل ذلك برغم مكالمتنا الكثيرة سويا ,
إسلام لم يختلف كثيرا فى شخصيته عما توقعناه فهو هادئ الطباع أخلاقه عالية مسالم جدا و كأن الدنيا لا تحمل أى شرور ينبغى الحرص منها , يجيد الرد بالدعابة إذا نكشه أحدهم ,
و لأنى و الحمد لله " أحدهم " فقد استمتعت كثيرا بنكش اسلام و استمتعت أكثر بردوده ,
و الغريبة إن اسلام يبدو و كأنه خواجة ابن خواجة و ليس مصريا أبدا فهو أحمر الشعر أخضر العينين أبيض البشرة ,
سألته يا ابنى هو لويس التاسع و لا نابليون بونابرت و لا حتى اللورد كرومر عدّوا من حتتكوا قبل كدة ؟؟؟
قالى أبدا.
قلت سبحان الله.
و زان مجلسنا استاذنا و أخونا الكبير كمال عبد الرحمن و ظل الجميع يتكلم و يتحدث و يرحب بأستاذ جمال و زوجته التى اندمجت مع الجو المصرى الذى لا يخلو من المرح و النكت و أعلنت لنا بكل صراحة أنها كانت تعتبر منتدى سماعى ضرّة لها فى بيت الاستاذ جمال لانه يأخذ معظم وقته فى البيت , إلا أنها عذرته فى ذلك بل و أحبت هذا الجو كثيرا .
كان جميلا أن نقابل د.أنس و مدام ناهد بعد رحلة أوروبا ليحدثونا عنها باستفاضة , و عن روعة لوكسمبورج و معالم باريس و المانيا و عن كرم مضيفيهم هناك .
و لم تنسى مدام ناهد الدعاء لفقيدنا المغفور له ان شاء الله محمود رزق , و دعت الجميع للدعاء له و تذكرناه جميعا بكل خير و تمنينا أن تكون منزلته الآن الفردوس الأعلى.
و بعد التقاط الصور أردنا الانتقال لمكان آخر خصوصا و إن استاذ جمال ظل يخرج إلى حديقة محطة الرمل المحيطة بسعد باشا زغلول , و يعود مرة أخرى
و كأنه يعلن بذوق رفضه لأن يضيع يوما غاليا فى الاسكندرية و فى يوم شتوى مشمس و هو جالس فى مكان مغلق ,
و بصراحة كان عنده حق فانطلقنا الى نادى هيئة التدريس فى الانفوشى لنجلس فى التراس الرائع المطل على مارينا نادى اليخت , و على الخليج الشرقى للاسكندرية كاشفا كورنيش اسكندرية كله ,
و استمتعت مع غازى فى حوار استاذ جمال باللغة الفرنسية السليمة من ناحيته و المصابة بكساح و شلل أطفال من ناحيتنا ,
و التقطنا الصور قبل غياب الشمس و ألح غازى على كل من يتولى التصوير أن يحاول أن يظهره و كأنه عنده شعر مستغلا الظلال و الخدع
. دارت الأحاديث الثنائية و الثلاثية و الجماعية بيننا جميعا , ما بين فن و سياسة و أدب و شعر وحتى طب و علوم ,
و أعلنت مدام ناهد أنها لن تترك لنا استاذ جمال و حرمه فى اسكندرية ليوم آخر كما كان مخطط بل ستستضيفهم فى بيت الجمالية و ستدبر فسحة أخرى فى جانب أخر من مصر كما سلف و ذكر استاذ جمال.
تمنيت من القلب فى مجلسنا هذا أن يكون معنا أخى الأكبر سيد المشاعلى , فهو ما كان ليفوته هذا المجلس إن كان مقيما بمصر خصوصا و أن طباعه و خلقه كانت لتلتحم بطباع أستاذ جمال , أسأل الله أن يكون حاضرا فى اللقاء القادم إن شاء الله , و أن يكون فى خير حال فى تشاد الآن.
تمنيت أيضا أن يكون حاضرا بها أستاذ حسن كشك الذى كان مشغولا جدا فى هذا اليوم و كان عذره مقبولا .
استمرت جلستنا فى نادى أعضاء هيئة التدريس فترة خرجت خلالها مع استاذ جمال إلى أحد المقاهى فى بحرى لرغبته فى تدخين الشيشة المميزة هناك برغم رفضى لذلك لعلمى أنه أقلع تماما عن التدخين إلا أنه أصر على ذلك بحجة أننا فى إجازة !!!, و لا أعرف ما علاقة الأجازة بالتدخين إلا أنى وافقت.
و حالفنى الحظ بحديث فردى جانبى معه ثم عدنا إلى الجمع السعيد و قد أوشكوا على المغادرة ,
و انتهى اليوم الجميل بوداع الأحباب و الأصدقاء و توصيل د.أنس و ضيوفه إلى الفندق المقيم به استاذ جمال ,
ثم السير معهم و توصيلهم إلى الطريق الزراعى الذى لم يعرفه سائق د.أنس ,
حقيقة و من قلبى غالبت حزنا شديدا و أنا أودع أستاذ جمال و قد أخفيته بالمزاح و الابتسامات , وقد ترك فى نفسى طابعا خاصا و أثرا مميزا لنوع خاص جدا من البشر , نوعية فريدة متحضرة متفتحة العقل قادرة على استيعاب الغير و امتصاصهم و تطبيعهم بطابع الرقى و الذوق ,
أتمنى يا استاذ جمال أن تفى بوعدك و أن تعود لزيارتنا فى الصيف , لأنك حقيقى آنستنا و نورتنا و أسعدتنا و شرفتنا بزيارتك الكريمة حضرتك و المدام ,
و الله لسة فى حاجات كتيرة نفسنا تشوفوها فى اسكندرية ما لحقنا نشوفها معاكم , و فيه جولات ريفية هايلة المرة القادمة بإذن الله ,
نشوفكم دايما على خير