تلاقينا قبل وجود الزمان
و قبل التواريخِ قبل البشر
كطيرِ تناءى بشوقه عاد
يعانق وليفَه فوق الشجر
فأحببت صوتَك بين الغصون
يعزف فوف شَجىِّ الوتر
و أدمنتُ وجهك فى كل ليلٍ
حين تُطِلين يخبو القمر
فصرتِ الديارَ و صرتِ البلادَ
و صرت النصيبَ و حلوَ القدر
***
و هانحن بعد مئات السنين
تلاقينا وسط زمان الغضب
فلا الدهرُ ظَلَّ أليفُ الطباعِ
و لا الناس فهموا صحيح السبب
و أصبحنا بين الدروب حيارى
نعجَبُ من مفاهيمٍ عجب
فلا خِلُ يضحكُ فى وجه خلٍ
إلا و خلف النواجزِ أرَبْ
عجيبٌ أمرُ الزمان عجيب
أصابته كل صُنوف العَطَب
***
حول كلينا حريقٌ و نار
طال و لم يَسْتَحِلْ لثرى
غريبان نحن على كل دار
وحيدان بين جموع الورى
غزالان عاشا وسط الذئاب
فأنَّى يَحِسَا بطيبِ الكَرَى؟!
تَبَرَّأْتُ من مُعطَيات الزمان
فهيا لـنسموَ فوق الذرا
نُشَيِّدُ للحب صرحاً جميلاً
و من كُفَ بَصَرُه عسى أن يرى
***
دعينا نخطو نحو الكمال
و نرنو لكلِ عفيف الفضائل
نُعَلِّمُ الكونَ معنى الهوى
و نجزِلُ منه إلى كل سائِل
دعينى أسكن بين يديك
و بين الرموش و وسط الجدائل
ذوبى بقلبى أذوب بقلبكِ
فما عاد بينى و بينك حائل
تفشَّى غرامك مهما حرصتِ
و زاع و عمَّ جميع القبائل
***
تعالى بقلبٍ رقيق المشاعر
و ثغرٍ كواه لهيب الحنين
و شعرٍ طلاهُ سوادُ الليالى
و صوتٍ يصرخُ فيه الأنين
و عينٍ فيها التلهفُ بادٍ
و صدرٍ يفيضُ حنواً و لين
تعالى أضمكِ شوقاً و حباً
و أسعدُ بقربكِ كما تسعدين
تعالى أعانِقُ فيك الحياة
و فرْحاً جميلاً و حوراً و عين