علاقة الخط بالزخرفة
لا ننسى أن الخط فن من الفنون الجميلة لأنه قائم على بنية متميزة و قواعد هندسية و زخرفية لذلك هناك تظافر و علاقة بين الخط و الزخرفة. إلا أن أهمية الخط تكمن في اقترانه باللغة بينما تكمن أهمية الزخرفة في الكشف عن قوانين المادة نفسها أو الحقيقة الباطنية للوجود.
فحين يلتقي الخط بالزخرفة فكأنما يتوقف الخط عن الكلام لتكمل الزخرفة طاقته التعبيرية.
و قد كان الكتاب المقدس أول مادة تعرضت للزخرفة حيث زينت الصور القرآنية بالزخارف خصوصا الصفحتان اللتان تبتدآن القرآن، و استعمل لهذا الغرض نوعان من الزخارف، النوع الأول مصدره أشكال النباتات و الثاني مصدره الأشكال الهندسية. و لم يقتصر الأمر على توظيف الخط في المعمار و كذلك التحف المنقولة و المصنوعة من الفخار و الخزف و مواد النسيج و الخشب و العاج و الزجاج و الجلد والرق و الورق، بل أضيفت الزخرفة في النقوش، و هذا الاهتمام يدل على تطور و ازدهار الفن الإسلامي.
الخط و التصوير
هناك خطوط تتخذ أشكالا مستوحاة من الواقع الطبيعي أو البشري، فنجد تشابها مع الوجوه و الأقنعة و ربما اتخذ الخط تموجات ليرسم لنا الطبيعة فيبدو معبرا من النظرة الأولى إليه.
فبواسطة الخط يستطيع الخطاط و الفنان التشكيلي أن يرسم عدة أبعاد توحي برؤى متعددة لأن الحرف العربي قابل للامتداد و التقلص حسب رغبة الفنان الذي يخلق لنفسه لوحة رائعة تنطق بجمالية الحرف العربي. و هذه خاصية لا نجدها في الخطوط الأخرى.
فحينما يدخل الخط في إطار التصوير فإنه يبتعد عن الشكل التقليدي للحرف و بالتالي فهذه الأشكال التصويرية تحاول أن تقترب من الرسم أكثر فأكثر علما أن فن الرسم يلتقي بمنطلقات فن الخط و لكنهما يختلفان في طريقة إضفاء الحياة عليها.
و الخط معنى ساكن لكن الذي يضفي عليه الحركة هو اللفظ، و هو إن كان ساكنا فإنه يفعل فعل المتحرك لأنه يوصل كل ما تضمنه إلى الإفهام حيث أنه مستقر في حيزه قائم في مكانه. و هذه الحركة التي تكون في الحيز الساكن، أي في الحرف الساكن المجرد، هي التي استوعبها الفن و بالتالي أقام أصوله عليها و عند مفهومها بنى الفنان واقعية الشكل الخارجي و التزم التحرر في تناوله الفني للأشكال و إعادة رؤيتها من جديد في صورة تركيبية مختلفة عما هو قائم في الطبيعة الموضوعية، و من هنا أصبح مفهوم العمل الفني قائما على التجريد التصويري الذي لا سكون فيه بل حركة مستمرة متدفقة و هكذا ارتفع الخط إلى مستوى الكلمة المنطوقة.
__________________
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضـــه فكل رداء يرتديه جميـــــــــــــــــــل
و إن هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل