إلى الآن ما أنزله أنزله في خانة الرد السريع، وأقترح عليكم عارفي التنزيل أن تعطوا مراحل التنزيل، الليلة مثلا أفتح القصيد على word ثم copier-coller في خانة الرد، اعطني يا أخي حكيمه ماذا أفعل بالتحديد.
تفضلوا أيها السادة بالإستمتاع بهذا القصيد وهو للشاعر علي الكيلو الذي غنى مع محمد الصغير، علي الجمل، علي بن اسماعيل، بالغضبان، وعدة شعراء معروفين بين 1950 و 1970 حيث قطن بسوسة. إنه شاعر غير مشهور لكن ما تركه من حسن صناعة ودقة وصف وبلاغة المعاني جعله يقف إلى جانب عبادة والبرغوثي والساسي والسماوي....أصيل سيدي خليف من سيدي بوزيد، فإن ألفاضه أصفى وأنقى من كثير غيره ةأكثر التصاقا بالبادية :
يابرق ال يلعج و يشالي رزم رعده في الميد تكلّــم
تعلّى خش الجو العالي فيه تحذي الاملاك تبــــرّم
برق ال يلعج يظهر يخفق يفجع و يخوّف و يشفّـــــق
الهوش هارب قدّامه يخفّق والطّائر من حسّه يحـــــوّم
كدّى غيمه و يبان أزرق وضبابه يسوادمغـــــــــرّم
ضبابه كالليل الدّامس و بروقه تلعج تتـغـامــز
الهوش هارب في المنعه يفارص والسّارح في سعيه ســـلّم
همّل غنمه عمل بناقص روّح متكوخر ومشـــرشــــم
همّل سعيه روّح يرقل في امّاليه يسب وينعـــــل
من سحاب اللّي حط و نزّل كثر حسّه والرّيح تنسّـــــم
رعده دوب الاّش يجلجل يرحي كالبكّوش يرمــــــرم
يرحي كالبكّوش ْلداخل وضبابه قدّامه راحـــــــل
جايبها من خيط السّاحل من هكّه على قفصه يرزم
حسّه كالزّرزور الجّـافـل فوق قناعاته متلثّــــم
حسّه دوب الاّش ملكّــن و ضبابه يسواد مدكّــــن
تْشوفه من البعدمدخّن القوّه للّه المُـعظـــــــم
موجّد بالسّيل مدحنن جاء داحم كاللّيل مظلّــــم(1)
جاء داحم كاللّيل مسوّد ومسهّم ع الأرض مهــوّد
يخضار و يسواد مرمّد يفجع يرعب يردع يشهــــم
قدّامه العجاج مكنّد يحفـر في الأعلاو ويردم
يردم في الأهواد ويحفر من عندالمولى متسخّــــر
نـزّل ع الأجبالاستحْدر والرّيح شراقي يتنسّــــم
تسمع صوت الرّعدينقمر ع الكلْ شيره بـروقه تخَدِّم
ع الكُل شيره بروقه تشالي متصنّع من عندالعالي
دفق سيله بالصّب المالي استحمدنا للخيرال تـــمّم
كي اعطاناالكريم العالي استحمدنا للّه المُـعْظم
أعطانا مطره على الكيف ف اول العامعقاب خريف
اولاد طلعت في لباس رهيف النّيـله والرّيحه تغشِـم
بتباديل لباس رهيف من السَّتان العالي الأفخم
من السَّتان العالي الأفخر وقماش من المَلف مُوَبَّــر
الأراضي صبحت في الأخضر حشيش زاهي نوَّار مختّــم
الفلاّحه بجمال القُدَّر صبحت تبــرِّج و تعلِّـم
الفلاّحه صبحت لغّاطه كل حد تصبّح في وطاته
كمل الزّرع طلع نباته فرّق جـدّر قسّل دكّــــم
فتّق سبّل يالشّوّاطه دخل عليه ابرير ونعّّــم
نعّم وجِّه للحصدان عاد ياكل منّه الجيعان
عرايف صبحت في الفدّان الفلاّحه في نوادر تلظم
كمّلناالزّرع بالامان واللّي عنده نادر لجّــم(2)
لجّم نادر بالتّوسيده و حضرت مذاري الجّبيده
زوز قادر جاروشه جديده ع الوسط و الأطراف يلــقّم
آخر طرحه ربّي يزيده درس وغيّز صفّى عـــــرّم
عرّم العرمه وزيّنـهـا جبد عباره وتمكّنهـــا
كيّـل مايكتب له منهـا يحفر في مطاميره ويردم
الكرفه القاعه لم تبنهـا ارتاح تهنّـى بعدان كـوّم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملزومه أو سوقه في البرق في المسدّس المربوع .
)1( مدحْنِن: مليئ، و تقال عادة في وصف ضرع البقره أوالعنزة، كما يمكن أن تصف ضرع النّاقةأوالشّاة، عندما يكون مملوءا حليبا.
)2( عرايف :عرافه هومفردها وتعني في الوسط التونسي ذلك الصف من الحصّادين،أمّاالقطعةأوالجزء الذي يسطّرونه للحصاد، فيسمّى "الخرجه"
رأيت في هذاالقصيد قوة بلاغة ودقة وصف نادرة سواء في العامية أوالفصحى، وأظهرالشاعرتمكنه من لغته وتحكمه في ألفاضه ومهارته في تطويعها لمقصده دون أن يمس بالقيمة الشعرية للقصيد، فقد استعمل الشاعر أقصر الكلمات لأكبر المعاني ولم يغفل عن الطباق والجناس الخ، فلعب بالألفاض بسلاسة مدهشة، وأبرز المعنى بوجه وبضده كقوله "يحفر في الاعلاو ويردم" ثم يردف بعدها"يردم في الاهواد ويحفر" أو وصفه لراعي الغنم:"همّل غلمه عمل بناقص" ثم "همّل سعيه روّح يرقلّ، وكمتمكن عارف بأسرار لغته يستعمل أفعالا متشابهة في المعنى مع اختلاف جزئيات صغيرة مثل: "يفجع ويخوّف ويشفّق" أو"متكوخر ومشرشم"،أو وصفه للسحاب"مدكّن، ثم، مدخّن، ثم ،مدحْنن وكذلك مرمّد"أو وصف الترهيب من قوة السحاب:"الهوش هارب في المنعه يفارص والسّارح في سعيه سـلّم"أو"يفجع، يرعب، يردع، يشهم"ومادمت ذكرت هذه الأفعال المتتالية فلن تفوتني تبيين معنى عجز البيت الرابع بعدالثلاثين "فرّق جدّر قسّل دكّم" الذي حمل في طيّات أربع أفعال مراحل من حياة النبتة لم يصفها غيره في ماسمعت (وقد سمعت الكثير) بهذه الدقة البليغة المدهشة : فحين قال "فرّق" ويقصدالزرع الذي "طلع نباته"، فإن هذاالزرع كبر إلى درجةأن ناظره يفرق بين نبتة القمح ونبتة الشعير وهذا لا يمكن الوصول له إلاّ في مرحلة مُعينة، ثم يكبر الزرع قيقول عنه "جدّر" وهو تحريفُ جذّر أي أصبح جذرا، ليصبح بعد ذلك قسيلا وهي مرحلة ثانية وحين يمتلأ هذا الجذر يصفه بأنّه "دكّم" أي علا و قوى وامتلأ وتفرع، فنرى إذا قوة البلاغة والقدرة الفائقة على تطويع الألفاض وحسن اختيارها ليكون وصفه على أدقّ ما يكون” كمل الزرع طلع نباته +++فرّق ـ جدّر ـ قسّل ـ دكّم“.