حفل 7 مايو 1970 لأم كلثوم   تذكار بدلالات  الإبداع  آخر المشوار
			 
			 
			
		
		
		
			
			حفل  7 --  مايو  --  1970   لأم  كلثوم...........تذكار بدلالات   الإبداع  آ خر  المشوار 
 
                                                                                                             بقلم  الدكتور  عبد  الحميد  القيسي  -بغداد-- العراق  --7 --  مايو  -- 2017  
 
     بعد   أحداث   5  يونيو   1967    إنقطعت    أم   كلثوم   عن    إقامة     حفلاتها   الدورية  في أول   خميس   من   كل    شهر   بموسمها     عاما     واحدا     ثم   عادت   وقدمت  آخر   خمسة   مواسم    غنائية    في   حياتها    وأقتصرت     كل   حفل  على   وصلتين   فقط              
     ولقد  أحيتها  جميعا    في    دار   سينما   قصر  النيل    بالقاهرة   وحفلنا   الشهري    هذا   هو   السادس    تواليا   وختام   لموسمها   الغنائي   الثاني  الذي    كان    الموسم    الوحيد  المستمر  والأكثر    بعدد  حفلاته     عن   البقية   فالموسم   الأول   والثالث   حوى   كل   منهما    
     على  أربع   حفلات  متقطعة  والموسم   الرابع   على  ثلاث  متقطعة   والخامس   على   حفلين  متتالين  آخرهما   في  4  يناير  1973   وهو آخر   غناء   لها  في   حياتها   على   المسرح  .ويمكن   للمتابع  أن   يلاحظ   في    مسيرة   أم   كلثوم    الفنية    في   هذه   المرحلة 
     الأخيرة    التأثير   الكبير  الذي   أوقعته  الأحداث  والأوضاع   العامة   داخل  نفسها    وتقدمها  بالسن   وتردي   صحتها   وظهور  التعب   عليها  وعلى  نبرات  صوتها   وخصوصا  في   الموسمين  الاخيرين 
     لقد  قدر  لحفل  7-5-1970  أن   يكون   تذكارا   دافقا   بالابداع   وآخر    حفل  التقى   به   الأساطين   الذين   رافقوا   و  صنعوا    الكثير  من   المجد   لها  ولهم    عبر   مسيرتها  الجبارة   وكما  سيتبين 
  1--   كان  هذا  الحفل  الأخير   لمحمد   عبده   صالح   عازف   القانون  ا لأكبر   ورئيس  الفرقة   الموسيقية   لأم   كلثوم   بعد  أن   صاحبها   تواصلا   مدة   ثلث   قرن    منذ   عام   1937 حيث   ضمته   إ لى   تختها   بعد   سابقيه   محمد   العقاد   الذي   عزف  على 
              القانون  للفترة  من   1926 - 1929    ثم   إبراهيم   العريان   للفترة   من   1929 - 1937    ومحمد  عبده   صالح   من   مواليد   عام    1912   وهو   من   عائلة   فنية   فأبوه   وجده   عازفي   ناي  وقد  تعلق   ببداية  شبابه   بعزف 
              وتسجيلات محمد  العقاد    وحفظ   العديد   من   السماعيات   والبشارف   التركية  المشهورة   والمعزوفات   المصرية   متأثرا  بأستاذه  إبراهيم   العريان  وقيل أن    صالح    جمع   بين  براعة   العقاد   والعريان معا                            
             إستطاع   محمد   عبده   صالح   أن   يلفت   الأنظار  إليه   ويتجه   نحو   الشهرة   وذلك   لمهارة  عزفه   وإسلوبه   الجذاب   بالأداء   وإمتيازه   بدقة   ضبط    أوتار   آلة   القانون   (   الدوزان  )   بما   يتفق   مع   روح   المقام   ودرايته   بالمساحة   الصوتية  للمطرب 
             جعلته   يتقن   المصاحبة   الغنائية   كما   إمتاز  بقوة    إستخدام    يده   اليسرى   وبرشاقة   وأصبحت   لديه   خبرة   كبيرة    بإستخدام   الحليات   والزخارف   وبدأ   العمل   مع   كبار   المطربين   آنذاك   مثل   منيرة   المهدية   وصالح   عبد   الحي   وفتحية    أحمد 
             واختاره   محمد   عبد   الوهاب  عازفا  للقانون  بفرقته   وظهر   في  فلم   الوردة  البيضاء  عام   1933  وكان  يعزف  أحيانا  مع  فرقة  أم  كلثوم   وعندما  وقعت  عقد  حفلاتها   الحية  مع  الإذاعة   عام   1937  صار  عضوا  ثابتا   فيها  واستمر  حتى  غدا   بعد 
             القصبجي   في  الخمسينات   رئيسا   لفرقتها   الموسيقية   إلى   نهاية   حياته   حيث   لازمها   في   تدريباتها   وفي   جلساتها   الخاصة   وفي   تسجيلاتها   الصوتية   وكان   له   الدور   الكبير   الذي   يصاحبها   أثناء    الإرتجالات    والتصرفات   والتقاسيم   المفردة 
             التي    يقدمها   داخل   اللحن    والتي  لا  تسمح   بها   الست  إلا  له   وللقصبجي   على  العود   وللحفناوي   على  الكمان  وإبداعات   صالح   وتقاسبمه  وترنيمات  عزف  قانونه   جلية   القوة  والصفاء  والتصحاب  الألمعي.        
             ظل  محمد  عبده  صالح   علامة   بارزة    للعزف   ومصاحبا   رائعا    لغناء   أم   كلثوم    بصورة   يصعب   تكرارها   ولقد   تيقن   الملحنون   الكبار   لمزيته  وبراعته   ودوره   فكانوا   يخصصون   عزفا   منفردا   لقانونه  الخلاب  في  ألحانهم   وأكثرهم   في   ذلك 
             رياض   السنباطي    ثم   محمد   عبد  الوهاب   فبليغ    حمدي   وأصدق   مثال   أن  يكون   هذا   الحفل   الأخير  في   حياته   خير  شاهد  عن   سالف   القول   ففي  الوصلة  الأولى   بقصيدة  ( أقبل  الليل  ) كان   السنباطي   قد   خصص   له   العزف   المنفرد   الجميل 
             قبل   مقطع  ( تقبل   الدنبا   على   أهل  الهوى ) ورغم  أن  أم   كلثوم   كانت   تغني  أقبل   الليل   للمرة   الرابعة   ذاك  الموسم  فإن  الجمهور  كان  يقابل  عزفه   المنفرد   في   كل   مرة   بالتصفيق  والتحية  ويطلب  الإعادة   وتكرر  الحال  في   الوصلة  الثانية  بأغنية 
           ( ومرت  الأيام  ) التي   قدمتها  أم   كلثوم   لأول  مرة   قبل  شهرين  ولم   يشارك   محمد  عبده   صالح  في  عزفها  لإصابته   بحادث   مرور   واستمع   إليها   وهو   على   السرير   في   المستشفى   لكن  عبد  الوهاب   أضاف  عزف  منفرد  باهر  للقانون إلى  اللحن  في 
             الموسيقى  التي   تسبق   كوبليه  ( قابلني   والاشواق   في عينيه ) فعزفه   محمد  عبده  صالح   في  الحفل  الثاني  للأغنية  وفي  الحفل  الخيري   و الأن   يعزفه   في  هذا  الحفل   ثلاث  مرات  ببراعته  التي   تقابل  بالتصفيق   الحاد  وتسمع  أيضا  نبرات أوتار  قانونه 
             تتداعب و كذلك   نغمات   الكمان  للحفناوي   مع  صوت أم  كلثوم   وهي   تتصرف   في  الكوبليه  الأخير  (ودارت  الأيام    ومرت  ا لأيام  )   (وهل  الفجر  بعد  الهجر  ) وبعدها  بدقائق  تنتهي  الأغنية  والحفل  وآخر عزف و مصاحبة  كبرى  مع   أم  كلثوم  لهذا العملاق 
             محمد  عبده  صالح   الذي  توفي   نهاية  الشهر  التالي  لهذا  الحفل   في  30  يونىو   1970   وقد  كان  له  في   حياته  إضافة  للعزف  بعض  المؤلفات  الموسيقية  مثل  سماعي  هزام   وسماعي  حجازكار    وقطع   موسىيقية    مثل ( أمل   و  شكوى   و   مفاجأة    
             و  شرقيات   و  دعاء .)  . 
 
  2-  غنت  أم  كلثوم   في  الوصلة  الأولى   قصيدة  ( أقبل  الليل ) من  شعر  أحمد  رامي  وتلحين  رياض  السنباطي  وهي  خاتمة  الأعمال  للثالوث  الفذ  والأشهر  والأكثر  والأطول  عطاءا  وإبهارا   في  مسيرة   كوكب  الشرق   ان  لم  يكن  في  مسيرة  الموسيقى  والغناء   
             العربي   وهي  بالوقت   ذاته    الوصلة  الأخيرة   والحفل  الأخير  لهم  في  مصر    بعد  مشوار  حافل  وهائل   إستمر  يجمعهم  طوال   34  عاما   بدءا  من  طقطوقة ( على  بلد  المحبوب  وديني )  عام   1935  وإنتهاءا  بهذه  الرائعة  التي  غنتها  أول  مرة  في 
            افتتاح  موسمها  الغنائي  قبل  خمسة  أشهر  بحفل  4 ديسمبر   1969  والحديث  عن   هذا  الثالوث  وإبداعهم  الثر  ودورهم  وتأثيرهم   يتطلب  إسهاب  مقالات  مفصلة  ومجمل  القول  أنهم  قدموا  وبلغوا  قمة  كتبوا  ثلاثتهم  رفعتها  وحققوا  سفر  أعمال  متنوعة 
             عالية  المستوى   بقيمتها  الفنية  ورقيها    فالكلمة  العامية  التي  ألف  بها  أحمد رامي  وجعلها  قريبة  او   كأنها   الفصحى  التي  ينظم   وعرف  وسمي  بها  (شاعر  الشباب )  ورقة  ألفاظه  وجمال  صوره   وأحاسيسه  الفياضة     بالعاطفة   التي  وجدت  موسيقيا  نابغا 
            كان   أقدر من  عبر  عنها  فصاغها  وجسدها  ألحانا  خالدات  هو  رياض  السنباطي  الذي  آثرته  أم  كلثوم  بين  سائر  ملحنيها  بلقب  العبقري  وتقول  انه  أفضل من  يتذوق  الكلمة  بل  الحروف   فيلحنها  ومن  غير  صوتها  وشدوها  الأسار النابض  بكل  هذا الجمال 
            في  الأغاني  والقصائد   التي  أعلنت  جدارة   هذا  الثلاثي  الشامح  و  لسوف  تظل  تسمعها  الملايين  عبر الزمان  والتحفة  الأخيرة ( أقبل  الليل ) القصيدة  العاطفية  التي  يعتبرها  السنباطي  من  أعز  ألحانه  وكانت آخر  عمل  تقدمه  كوكب  الشرق  في  حقبة الستينات  
            التي  إمتازت  بتنوع  مؤلفي  أغانيها  ودخول  بليغ  حمدي  منذ   ديسمبر  1960  وعودة  محمد الموجي   منذ  يناير  1964  بالحانهما  معها  ثم  دخول   محمد  عبد  الوهاب  منذ  فبراير   1964  بأغنية ( أنت  عمري --لقاء   السحاب-- )  والألحان  التي   تلتها 
             فكانت  مرحلة  جديدة  لأم  كلثوم   من حيث  لون  الغناء وأسلوب  الألحان   التي  دخلت  فيها  الألات   الغربية  والأيقاعات  البارزة  والسريعة  والانغام  الراقصة   وبشكل  جلب  لها  جمهورا  جديدا  وعريضا  وخصوصا  من  الشباب  الذي  كان  تواقا   وشغوفا  الى   
            ألحان  عبد  الوهاب  وبليغ   لأم  كلثوم  لأنهم  كانوا  يرونها ويسمعوها  مليئة  بالروح  والطابع  الشبابي  لذلك  لم  تلق ( أقبل  الليل  ) الإستقبال المأمول  مقارنة  مثلا  مع  سابقتيها ( هذه  ليلتي ) و (ألف  ليلة  وليلة )  في الموسم  السابق  أو من ظهرت بعدها   في  نفس  
             موسمها  مثل  أغنية ( ومرت  الأيام..) .  
            إستتغرق  السنباطي  في  تلحين ( أقبل  الليل ) وقتا  طويلا  وبعد أن  ظل  مكان  القصبجي  وعوده  المذهل  شاغرا  برحيله  منذ  حفل( الأطلال )  الأول في  أبريل  1966   وافقت  أم  كلثوم   على  دخول  عازف  العود  عبد  الفتاح  صبري  لفرقتها  فاشترك  منذ  الحفل   
            الأول  لهذه  القصيدة  التي إستخدم  وأدخل  فيها   السنباطي ايضا  لأول  مرة  آلة  الأورج  وعزف  عليه  جمال  سلامة  وبإعتقادي  الشخصي  فإن ( أقبل  الليل  ) من  أفضل  الأعمال  التي  قدمتها  كوكب  الشرق  بعد  حرب  1967  ومن اكثر  الألحان  التعبيرية 
            للنص  الشعري  فالمقدمة  الموسيقية  تطل   هادئة   طويلة  النغمات  مفردة  منذ  البدء  صولو  الناي  الطافح  شجوا  ثم  مجلية  الجملة  الموسيقية  الى  الأورج  بنغماته  وصداه   لوحده  ومع  الفرقة  مشيعين  جوا  يوحي  فعلا  إلى  إقبال  الليل  وحلوله  وسكونه  وخلوته 
            وإستهلال  الغناء  لأم كلثوم  في   هذه  المناجاة   إلى  الحبيب  والتي  يتسم    مطلعها   (  أقبل  الليل  يا  حبيبي  وناداني  حنيني )   بتكرار وإضافة  الجزء  في  المقطع  حيثما  إقتضاه  إحساس  السنباطي  فغنته  الست  بالشكل  التالي  {  أقبل  الليل   --  أقبل  الليل  -- 
            - أقبل  الليل  يا  حبيبي  --  يا  حبيبي -- أقبل  الليل  وناداني   حنيني  يا  حبيببي  يا  حبيبي  ) يرافقها  ويجاوبها  النغم  بإهتزازته  وصعوده  وركو زه  على  موسيقى  نهابة  المقدمة  وتشدو  والذكريات  تجول  عندها  كما  في (  وسرت  ذكراك  طيفا--هام  في  بحر  ظنوني )                               
            و (  ينشر  الماضي  ظلالا  --  كن  أنسا  وجمالا )  ثم   بإنتقالة   يسرع  اللحن  بدخول  الإيقاع  ومع  صوتها  الفريد  والأورج   يناغم  في  ( فإذا  قلبي  يشتاق  إلى  عهد  شجوني  )  ( وإذا  دمعي  ينهل على  رجع  أنيني )   ويمضي   مع   لوعة  ندائها  في   المقطعين                    
            (  يا  هدى  الحيران  في  ليل  الضنى  )  ( أين  أنت  الأن  بل  أين  أنا  ) و   تبيان  ماهيتها  المغرمة  في  (  أنا  قلب  خفاق  في  دنيا  الأشواق  ) (  أنا  روح  هيمان  في  وادي  الأشجان ) وتيهها  ومناها وتسآل  نفسها  في  (  تاه  فكري  بين  أوهامي  و أطياف  المنى  )    
            و ( لست  أدري  يا  حبيبي   من  أنا  اين  أنا  )    وإبراز    كل   تلك  المضامين   الشعرية  وتتابعها   البديع    وتصويرها    ومحاكاتها   لحنيا  بروعة  متناهية !  في  الكوبليه  الأول   من  القصيدة   والذي  بعد  الأنتهاء  منه  وللطلب  الحاد  من  الجمهور  الحاضر  يعاد 
            من   بدايته   مرتين  تاليتين. 
            وتسري  الموسيفى  لاهجة  وجدا  والأورج   متناغما  معها  وبنقلة  تغدو  وكأنها  فيض  نغم  هائم  يتوالى  يداخله  خافقا  إيقاع  رق  ظاهر  وبالتالي   يحدر  العزف  حيث  تبدأ  كوكب  الشرق  غناء  الكوبليه  الثاني   ( يا  بعيد  الدار  عن  عيني  ومن  قلبي  قريبا )  و بعده 
            ( كم  أناديك  بأشواقي  و ولا  ألقى  مجيبا )  بإحساس  وأداء  عال   فتردد  ( كم  أناديك )  مرتين  ثم  خمس  مرات  تصاعديا  يناوبها  جواب  الموسيقى  ومحيلة  طول  صدحها  (مجيبا ) ينبث  صدى  دلالة  عن  اللوعة  والأشواق  التي  ما أنفك   نداؤها  والني  لا تلقى  مجيبا 
            بعدها  تنطلق  الموسيقى   سابحة   عامرة   ممهدة    بصنعة  لحنية  مذهلة  للسنباطي  لصولو  قانون  محمد  عبده  صالح  الفاخر  والمعبر  عن  فحوى   البيتين  التاليين    بجمالية  فائقة  ففي  ( تقبل  الدنيا  على  أهل  الهوى  أنسا و  طيبا )  وكناية  عنه  تترنم  أوتار  القانون 
            بكل  رقة  وحلاوة  وفتون  ثم   تصير  الأوتار  دفاقة  النغم  الجياش   المتسارع  النبرات  وبالتالي  إلى  الخفوت  والإختفاء  ( الذوبان !  )  بإنتهاء  الصولو   وكأنه  حال  قلب  المحبة  هذه  في   (  وفؤادي  كاد  من  فرط  حنيني  أن  يذوبا  )   الذي  يكرره  صالح   والمتلو  في 
             المرتين  بإعجاب  وتصفيق  الجمهور  وفي  كلا  البيتين   تمثل  الغناء  والنغم  المجاوب  للفرقة  تطريبا و تطلق  الست الأه   و  يرجع  صالح  ليعزف  من  الصولو  الجزء  الثاني  المعبر  عن  ( و فؤادي.كاد  . ...الخ    .)  وتغني  المقطعين  ثانية  لتنتقل  إلى  البيتين  التاليين     
             (  لو  عدت  لي  رد  الزمان  إلي  سالف  بهجتي  ) و  (نسيت  ما  لاقيت  منه  في  ليالي  وحدتي ) لتغنيها  بنفحة  التمني  لعودة  الحبيب  وكما بالنغمة  الموسيقية  المتبوعة  ثم  ذلك  الغناء  الممزوج  شجنا  وحيرة  وتساؤلا  يتبعها  إهتزازات  النغم  بعد  (ليالي  وحدتي ) 
             وتقطيع  المناداة  والمناجاة  (--يا هدى الحيران---في ليل الضنى--اين أنت الأن---بل أين أنا--  )  بشكل  يغاير  غناء  المقطع  ذاته  في  الكوبليه  الأول  ثم   تمضي   مسترسلة    غناء   البيتين   في   نهاية  كل  كوبليه  (  تاه  فكري  بين  أوهامي  وأطياف  المنى  )  و 
             (-لست  أدري  يا  حبيبي  من  أنا  أين  أنا )    ولطلب  الجمهور  تعيد  الست  كل  الكوبليه  الثاني   وتطبع   تصرفها  في  مقطع  تفبل  الدنيا  وتمضي   منهية  غنائها  بنفس  الروعة..   
             يستمر  الثلاثي  ومعهم  الفرقة  الموسيقية  في  إبهارنا   حيث   يجعل  السنباطي   موسيقاه   منسرحة   النغمات    توهب  الإبهار  عبر   كل  الألات    والمزدانة    بآهات   أم  كلثوم   في  المقدمة  التي  تسبق  الكوبليه  الثالث  والذي  صاغه  رامي  بخمسة  أوزان  من                                                                 لخلاب  والأورج  وما  صيغ  له  من { (عزف  مع   
             بحور  شعرية  ثلاثة  (  المنسرح  والكامل  والرمل  )   وهذا  دأبه  في  نظم  القصائد  الغنائية  ولكنه  ناشد  للتجديد   فالبيتين  الأولين  للكوبليه  وكلاهما  من  بحر  المنسرح  ( أواه  يا  ليل  طال  بي  سهري  --وساءلتني  النجوم  عن  خبري )  و  ( ما  زلت   في  وحدتي    
             أسامرها  --  حتى  سرت  فيك  نسمة  السحر  )  تمثل  فيهما  روعة  اللفظ  والمعنى  والتشبيه  والمسايرة  نغما  وشدوا   والإنتقالة  الموسيقية  الخلابة  عقب  البيت  الأول  والتي  يشذبها  الأورج  بعزف  مميز  وتسبح  مع رؤاها   (  وأنا  أسبح  في  دنيا  تراءت  لعيوني ) 
             ( قصة أقر  فيها --  صفحات  من شجوني  )  وكلاهما  من  مجزوء  بحر  الرمل   و  مع   الذكرى الباقية  وأماني  اللقاء  (  بين  ماض  لم  يدع  لي  غير  ذكرى  عن  خيالي  لا  تغيب  ) و ( أمان  صورت  لي  في  غد  لقيا  حبيب  وحبيب  )  وكلاهما  خماسي  التفاعيل  
              ل ( فاعلاتن )   الخاصة  ببحر  الرمل  ثم  تحويلة  موسيقية   بلا  إيقاع   تترك  الأورج  لوحده   مع  صداه   تعبيرا   عن  ( النو م  ودع  مقلتي  - والليل  ردد  أنتي  )  و  ( الفجر   من  غير  إبتسامك  لا  يبدد  وحشتي  )   وكلاهما   من  مجزوء   بحر  الكامل  وحيرتها 
             وليلها  المعذب (  يا  هدى  الحيران  في  ليل  الضنى  -- أين أنت  الأن  بل  أين  أنا )  ومقطعي  نهاية  الكوبليه  ( تاه   فكري  بين  أوهامي  وأطياف  المنى ) ( لست  أدري  يا  حبيبي -- من  أنا  أين أنا  )  وهذي  جميعا  من   أوزان  بحر  الرمل 
             وأخيرا  يطلق  السنباطي  لحنه  في  رحاب   عالم الأماني  وطيب  الزمان المنعم  بالتداني  مع  الحبيب   فتنساب  الأنغام    فياضة  تليح  البشر  والسرور   وتطلق  الست  آهات  الفرح  هذه  المرة   وتتغنى  بالأبيات  الأربعة  الأولى  للكوبليه  الرابع  للقصيدة  إبتداءا  من 
             (يا  قلب لو  طاب  لي  زماني ) و  إنتهاء  في.(..والليل  يروي  الحديث  عني )  غناءا  تطريبيا  تجاوبه الجمل  الموسيقية  وسط  كل  بيت  وبعده   بالتطريب  أيضا   معلنين   تبسم  الفجر  بعد  أن   ظل  موحشا  لعيون  الحبيبة  و  صارت  تغرد  كالطير  ولم   تعد   تسامر  
             في  الليل   وحدتها   وشجونها   ورد  أنتها  بل  باتت  الأن   في  نشوة   تغني   ويردد   حديثها   الليل  ثم  تأتي  أم  كلثوم  لتغني  مناجية  ( يا  هدى  الحيران  في  ليل  الضنى   --- قد  غدوت  الأن  أدري  من  أنا  )  فتتبعها  الجملة  الموسيقية  المزدوجة  التعبير  لفحوى  
             كل  ذتك  وما سيأتي   بصنعة  يارعة  للسنباطي  حيث  جعلها   بدءا  وكأنها  نداء  ينبعث  من  روح  التي  بعد  العناء  والحيرة  والضنى  قد  غدت  تدرك  الأن  ذاتها   عبر أنغام  العزف  المشترك  وانفراد  الأورج   والأجابة  الوترية   المنسابة  جميعها  كنبض  الأحاسيس          
             والعاطفة  المرهفة  ثم  تلك  الأنتقالة  إلى  غمرة  الفرح  والأنغام  الراقصة  والغناء  الجذلان  للست  وتكراره    في   البيتين  ( أنا  طير  رنام  --  -في  دنيا  الأحلام  ) و ( أنا  ثغر  بسام  --  في  صفو  الأيام )   وتفاعل  الجمهور  ثم  وبنقلة  سريعة  تشدو  خلاصة  حالها  
             السابق   في  البيت  ( كنت  وحدي  بين  أوها --- م ----   مي  و أطياف  المنى  )  ثم   معلنة   ما  أصبحت  عليه  متغنية  بالبيت  الشعري  الخماسي  التفاعيل  من  الرمل  والختامي   للقصيدة   (  وألتقينا  فبدا  لي  يا  حبيبي  من  أنا  أين  أنا )   وحيث  يطبع  السنباطي 
            آخر  نفحات  لحنه  وأستاذيته  فيكرر  ( وألتقينا )  مرتين  و   ( يا  حبيبي )  ثلاث  مرات   في  أشكال  حس  عميق  ولما  أنتهت  أم  كلثوم   من  غنائها  إستمر  تصفيق  وطلب  الجمهور   بالأعادة   فرجعت  تشدو   من  مقطع   ( أنا  طير  رنام ---  إلى  نهاية  القصيدة   
             مختتمة  ما قارب ساعة و نصف  في  غناء  هذه  التحفة  الفنية  وإنتهاء  وصلتها  الأولى. في  الحفل.    
 
  3-  في  وصلتها  الثانية  غنت  أم  كلثوم  للمرة  الرابعة  تواليا  أحدث  أغاني  موسمها  ( ومرت  الأيام  ) وهي  اللقاء  الثامن  مع  محمد  عبد  الوهاب  والأول  للشاعر   مأمون  الشناوي  معهما  والرابع معها  حيث  ألف  لها  في  المرات  الثلاث  السابفات  الأغنيات { أنساك- 
            --   كل  ليلة  وكل  يوم (بتفكر  في  مين) --- بعيد  عنك }  من  تلحين  بليغ  حمدي  .ومأمون   من  كبار  شعراء  الأغنيه  في  مصر  ومن  جيل  الرواد  ولد  في  المنصورة  عام   1914  وتخرج  من  مدرسة  التجارة  العليا  لكنه  بدأ  كتابة  الشعر  والعمل  بالصحافة  
            مبكرا  و   تمكنت  لغته   المبدعة  إرضاء  الأذواق  المتنوعة  وتغنى  كبار  المطربين  والمطربات  بكلماته  التي  مثلت  أشهر  أغانيهم  وكان  له  الفضل  في  إعادة  صياغة  أغاني  الفلاحين  والأغاني  الشعبية  الفلكلورية  المصرية  وعرف  عنه  مساعدته    وتشجيعه  
            للمطربين  والموسيفيين  الجدد  وتقديم  مؤلفاته  لهم   وإبرازهم  بالساحة  الفنية  وهو  أخ   الشاعر  كامل  الشناوي  وتشاء  الظروف  أن  تغني  أم  كلثوم  للشاعرين  الأخوين  وتشاء  أيضا  أن  تلتقي  هي  وعبد  الوهاب  مع   كل   واحد   من   الأخوين   في  عمل  وحيد     
            فيؤلف  كامل  شاعر  الفصحى  قصيدته  الوطنية ( على  باب  مصر )  لتغنيها  بنادي  الضباط  باحتفالات  الثورة  في  23 يوليو   1964  ولم  تدم  حياته  طويلا  إذ  توفي  في  العام  التالي  1965  أما  مأمون  شاعر  العامية  فألف ( ومرت  الأيام ) التي  غنتها   
            الست  لأول  مرة  في  5  مارس   1970    وصارت  أخر  عمل  يجمعها  بمأمون  الشناوي  الذي  بيقى  علما  من  العلامات  البارزة   في  تأليف  الأغنية   وقد  توفي  في  عام  1994. 
            يستمر  عبد  الوهاب  في إسلوبه  التلحيني  وبإضطراد  في  إضفاء  وإبراز  بصمته  الموسيقية  بأعماله  مع  أم  كلثوم    وبعد  ستة  أعوام  من  لقاءه  الأول  في ( أنت  عمري )  والظروف  التي  حلت بعد  يونيو  67  و  وعصر  السرعة  وأزدياد  تأثير  الموسيقى  الغربية 
            خصوصا   على    الأجيال  الشابة   ودخول  الست سبعينات  عمرها   ها  هو   يغدق  تماما  في   موسيقاه  عبر  أغنية ( ومرت  الأيام  )  ويريدك  أن  تتذكره  في  كل  اللحظات فالمطربة هنا  كوكب  الشرق  وإذا  كان  قد  جعل  من  المقدمات  الموسيفية  او تلك  التي  بين 
           الكوبليهات  في كافة أعماله  معها   وكأتها  قطع  موسيقية  بحد  ذاتها  قامت  بعزفها  الفرق  الموسيقية  ولم  تزل..فإنه  هنا يقدم  مقدمة  موسيقية  مفعمة  بالجمال  ومليئة  بالإنتقالات  وإبراز  العزف  المنفرد  والمزدوج  والمشترك   للألات  بشكل  مبهر  واستخدام  الإيقاعات 
           بشكل  نافذ  والمزج   بين  شرقية  وغربية  النغمات  بحرفنة  وإعطاء  دور  كبير  لغيتار  عمر  خورشيد  الماهر  الذي  دخل  وأصبح  عضوا  بفرقة  أم  كلثوم   مع  إطلالة  هذه  الأغنية  قبل  شهرين. 
           تبدأ  المقدمة بنغمة  عذبة  قصيرة من  اوكورديون  فاروق  سلامة  يتلوها  مجاوبا  صولو  الجيتار  المنساب  بهدوء  إستتذكارا  ورقة  وعاطفة   ثم  منطلقا  بعد  الجملة الموسيقية  للفرقة و إجابات بينهما  تؤدي  إلى  عزف  راقص  مزدوج   للأكورديون  والناي  فإنتقالة  أخرى 
           للفرقة وإجابات  أخرى   للجيتار  بينها  تتبعه نغمات  متسارعة  منه  يناوبها  إيقاع  جميل  مستمر  بالرق  من  عازفه  حسين  معوض  وجملة  موسيقيية  للفرقة  يتبعها   منفردا  الأكورديون  بنغمة  مزدوجة  بالصدى  فجملة  الفرقة  ثانية  ثم   ينبري   كمان  الحفتاوي  ليعزفها 
           بشكل  تطريبي  يقابل  بالتصفيق  ثم  انتقالة  موسيقية  يتبعها   صولو  شجي  أطول  بديع   لكمان  الحفناوي  يؤدي  الى  الجملة  الموسيقية  للفرقة  الزاخرة  رونقا  والممهدة   لاستهلال  الغناء  تاركة  في  آخرها  ديباجة  عزف رباعي  مشترك للعود  والناي  والقانون  والرق 
           تردفها  نغمة  ختام  المقدمة المتنوعة  الحسن  والبهاء  والتي  بلغت  مدتها  ربع  ساعة  بعد  طلب  إعلدتها  بهذا  الحفل. 
           تغنت  أم  كلثوم  بالكوبليه  الأول  بصورة  تفيض  إحساسا  مع  الكلمات   ويروح  وثابة  مع   إنسيابية  اللحن  الناضر  ومنذ  البدء  تليح   الست  لسامعيها  وسميعها  أنها  ستغني  (  ومرت  الأيام  )   هذه  الليلة  بسلطنة  تبتغيها   فهي  تمضي  غناءا  ثم  ما  تلبث  عائدة   
           إلى  البداية  و تشدو  بكل  جمالية  لنهاية  الكوبليه  الأول  ثم   طالبها  الجمهور  بالإعادة  مرتين  فلبت  طلبهم  بعدها  يدخلنا  عبد  الوهاب  إلى  أجواء  مقابلة  الحبيبين  التي  يحكيها  الكوبليه  الثاني  عبر موسيقى  تزخر فرحا  ونشوة  تعبيرا  عن  ذلك  بدءا  بعزف  ثنائي 
           لعود  عبد  الفتاح  صبري  وكمان  الحفناوي  ثم  الجملة  اللحنية الدفاقة  عاطفة  للفرقة  يتلوها  تنغيم  راقص  بأكورديون  سلامة  فإجابة  للفرقة  ثم  ذاك  الناي  النافح  طربا  بعزف  سيد  سالم   والجيتار  والرق  كلاهما  إيقاع  معه  و إجابة  للفرقة  وعودة  أخرى   لنغمة   
           البداية  معزوفة بالكمان  ثم  دخول   محمد  عبده  صالح  بالقانون  وأوتاره  المترنمة  كأنها  لغة  الحب  وخفقات  القلب  المتيم  الذي  قوبل  بالتصفيق   وطلب  الأعادة  وقد   (أشرنا  مسبقا  في  1- تفصيل ذلك )  ثم  تعود  الجملة  اللحنية  وما  تلاها  لترافق  عبر  الأنتقالات  
            مع  غناء أم  كلثوم   الملآن  مشاعرا  اعلنها   لقاء  الحبيب  (  شوقا  وسلاما  وهمسا  وحنانا  وإبتساما  و الذي  أنسى  دموع  العين  في  ليالي  البعاد  وان  عذاب  الحب  هذا  هو أمر  وأحلى   عذاب )  ببداعة  ثم  تأتي  إلى  مقطعي  لازمة  نهاية  الكوبليه   فتغني  الأول 
           (  ما  أقدرتش  أصبر  يوم  على  بعده  ---دا  الصبر عايز  صبر  لوحده  )  بنغمة  إفصاح  منطلق  تختلف  عن  تلك  التي عندما  تعود  لتغنيه  بنغمة  إقرار  راسخ   تفضي  للمقطع  الثاني   والأخير  لللازمة   ( ما  قدرش  على  بعد  حبيبي----انا   لي  مين   إلا  حبيبي )   
           وإنتهاء  الكوبليه  وطلبا  من الجمهور   يعاد  من  بداية  موسيقاه  وتغنيه  ثانية  كوكب  الشرق .       
           إذا  كانت   ( ومرت  الأيام )  من  أكثر الأغاني  العاطفية  بهجة  وانتشاءا  في  المرحلة  الأخيرة  لأم  كلثوم   فإن  ما  صاغه  عبد  الوهاب  لحنا   للكوبليه  الثالث  وما  تغنت  به  أم  كلثوم  و  ما قدم  من  عزف  أعتبره  بلا  مبالغة   علامة   مضيئة  لفن  خلاق  تنور  مهما 
            يمر  الزمان   .   تبدأ  موسيقى   المقدمة  شاعرية   النغمات   يداعبها  برقة  جيتار   عمر  خورشيد   الذي   ينطلق  عزفه   سريعا   يواكبه  الرق  وتتبعه  الفرقة  بالنغمات  في   هذا   الفالس  المدهش   إيقاعا   و  يترنم   خلاله   الأكورديون  طروبا   وينفرد  الجيتار  مجاوبا      
           بحلة   جذابة  أخرى   تم   تعاد  متوالية   العزف  بالفرقة  والأكورديون   وإنفراد  الجيتار  تتبعها  جملة  نغمية  مختلفة   رائعة  على  نفس  إيقاع   الفالس  وحيث  تقف  فجأة  ليبدأ  الغناء  محلقين  في  عالم  السحر  والجمال  !!  و  لما  أثبتت  الفرقة  علو  كعب  عازفيها  فإن 
            ثلاثة  منهم   حققوا   في  ( ومرت  الأيام  )  أداءا  مذهلا   أولهم   عمر  خورشيد  الذي  أكد  بجيتاره  رصانة  نبرات  عزفه   وحسنها  الملفت   وحسه  التوافقي   العالي  مع  الألات  والغناء   مبرهنا  جدارة   مثلى  في   هذا  العمل   لا تفوقها  براعته  العزفية  المستمرة 
            في  المواسم  التالية  وثانيهم   فاروق  سلامة   عازف   الأكورديون  الذي  أراد  أن  تطبع   عائلة   سلامة  إسمها  وعطاءها   في  هذا  الحفل   فبعد  أن  أبدع  أخوه  الأصغر   جمال  سلامة   عزفا  على  الأورج  في  قصيدة  ( أقبل  الليل )  بالوصلة  الأولى  والوصلة 
            الأن  هي  الثانية  والأخيرة  و فاروق  قد  أطلق  العنان  لموهبته   وأستغل  كل  مساحة  عزف  أتاحها  له  عبد  الوهاب  بأنغام   متعددة   الألوان   والأوان   ومثلما  بان  وظهر   منذ  اللحظة  الأولى  لبداية   الأغنية   وحتى   النهاية   و أصابع   فاروق  تتلاعب   بمفاتيح  
           وأزرار  أوكرديونه  عازفا   عليه   بروعة  وسلطنة   لا  يدانيها  سابقا  ولا  تاليا  عزف  له  وثالثهم  حسين  معوض   المحامي  الذي  ترك  مهنته  وأصبح  عازفا  للرق  في  الفرقة  الموسيقية  عقب وفاة  إبراهيم  عفيفي  ثم  غدا  المدير الإداري  قيها  وعازف  هذه الأيقاعات  
          الفذة  المتنوعة  الأنماط   والمتنقلة  تواليا  منذ  البداية  لنهاية  الأغنية  بحلاوة  رافدة  وإتقان  بالغ   مضبفا  بعدا  موسيقيا  وغنائيا  متداخلا  فهو  يبقى  مصاحبا  حتى  أثناء  الصولوهات أو  أثناء  الغناء  ليزيدهما  أناقة وتأثيرا وأعتقد  أن  ما  قدمه  حسين  معوض  عزفا  في 
          ( ومرت  الأيام ) هو  الأفضل  والأجمل  له  طوال  حياته  الفنية  مع  أم  كلثوم  ولقد  كرست  الموسيقى  والمقاطع  الغنائية  الثلاث  للكوبليه  السائرة  في  أفاق  أنغام  هذا  الفالس  الأخاذ   ( إبتداءا  من  وصفولي  الصبر  لقيته  خيال --وإنتهاءا ب-- وملينا  الدنيا أمل  وحنان )  
         نهج  وثقافة  مدرسة  عبد  الوهاب المتجددة   والمنفتحة  على  الموسيقى  العالمية   وبحسها  وذكائها  وخبرتها  الطويلة  ورغم  أنها  في  سبعينات  عمرها   تنطلق  أم  كلثوم   شادية  بروحية  كلمات  الشناوي  المليئة  حبا  وحنانا  واللحن  الزاهي  شبابا   ونضارة  ولأنها سيدة 
          الغناء  ها هي  تبتدع  بعبقرية  تجليا  غنائيا  حين  جعلت من الآه  تسمو  لوحدها  مع  النغم  ثم  تجعل  من  النهنهة  في  مرة  أخرى  هي  التي  تسمو  مع  النغم  في  فتون  يأسر  السمع  والوجدان   ولعمري  فإنه  من  التجليات  الأكثر  إشراقا  و ديمومة  في  الذاكرة  !  ويظهر  
          جليا إنبهار  الجمهور الحاضر  حينها  وتفاعله  والأعادات  ثم  تأتي  تلك  الإنتقالة  المقتدرة  إلى  صميم  النغم  الشرقي  وغناء  الست  النشوان  والساري   بالمقاطع  (  عيني  عيني  ع  العاشقين   --حيارى  مظلومين-- ع  الصبر  مش  قادرين  )   إمتاعا  و تطريبا  و  عيني	 
          يا عيني  يا  عين ! ! !  ثم  إلى  مقطعي  نهاية  الكوبليه  بعده  وتلبية  للطلب  يعاد  مع  مقدمة  موسيقاه  ثانية.   ولا بد  من  التذكير  أن  أم  كلثوم   عارضت  في  بادئ  الأمر  لحن  الكوبليه  الثالث  خصوصا  قطعة  عيني  ع العاشقين  وطالبت  عبد  الوهاب  بتبديله  كما  لم 
          توافق  على  بعض  مفردات  النص  الأصلي  ولأن  عبد  الوهاب  لا  يريد  تبديلا  للحنه   فحاول  بدبلوماسيته  إقناعها   حتى  إنه   جعل  الفرقة  الموسيقية  حكما  والتي   صوتت  لصالحه  وازدادت  هي  تشبثا  ثم  أقترح  عبد  الوهاب  بدعابة  حلا  أن  تستمر  هي  بالغناء  
         وحين  وصولها  إلى  ما  ترفضه  يطلع  هو   إلى  المسرح  ليغنيه  ثم  يرجع !!  وأخيرا وافقت  ولكي  لا  تكسر  موقفها أصرت  على حذف  كلمة  ( ليلي )  التي  تسبق  (  عيني ) وجعلتها  مكررة  (  عيني عيني .) و أبدلت  المقطع  التالي  وهو  بالأصل  ( ليل  نهار  صابرين )    
         إلى  (  حيارى  مظلومين  ) الأجمل  والأبلغ  معنى 
          في الكوبليه  الرابع  والأخير  تعلن  كلمات  مأمون  الشناوي  الشاعرية  ذروتها  مصاغة  بعامية  زاهية  خاتمة  تنطق الحب  إحساسا  و فرحا  وهناءا  بصور  فائقة  الحسن وصفا  وجرسا  { ( ودارت الأيام  ومرت الأيام )  و  ( هل الفجر يعد  الهجر )  وتوالي  حرف  الحاء  
         العجيب  فى ( بلونه  الوردي  بيصبح  ) و  ( نور  الصبح  صحى الفرح  ) و (  وقال للحب  قوم  نفرح  )  و ( من  فرحتي  تهت  مع  الفرحة ) و ( من  فرحتي  لا بنام  ولا  باصحى )  مؤكدا  للحاء  قيمته  كأحد  حرفين  من ( حب )  أجمل  كلمة  واحساس  في  الوجود  !! وكذلك 
         المعبر  عن   وصالهما  بمقطعين  ولا أبدع  ( ولقيتني  معاه  بعيش ---- في  ربيع  ميش  كده ) ( بين  شوق مبينتهيش ----وشوق  تاني  إبتدا )  و من  كل  هذا  نتبثق  موسيقى  الكوبليه  تهامسا  بين  دقات  أوتار الجيتار  و الكمان  وكأنها  خفقات  القلبين  للحبيبين  ثم  ترنيمة 
         جيتارية  تتبعها  الجملة   الموسيفية التي  ما  تلبث  أن تغدو    محاورة   أنغام   سريعة  راقصة  فرحا  وإنطلاقا  ما  بين  جيتار  عمر  خورشيد  والفرقة  مع  إيقاعات  الرق  والبنجز  الساحرة  ثم  إنتقالة   موسيقية  حالمة   تتخللها  ترنيمات  أوكورديون  حالمة  حتى  تركن     
         بهدوء  لمصاحبة  غناء  الست  التي  أبت  إلا  أن  تغني  بكلثوميتها  في   الحديقة  الموسيقية  لعبد  الوهاب  !!  فنغني  مقطع  ( ودارت  الأيام  ومرت  الأيام )  بلحنه الأصلي  ثم  تدور  به  إرتجالا  وتصرفا   بما طاب  لها   ويطيب  له  السمع  تترنم  من ورائها  أوتار  كمان 
         الحفناوي  وقانون  محمد  عبده  صالح  في لحظاته  الأخيرة  معها  وتمضي  باللحن  غناءا  وحين  تصل  المقطع  ( من فرحتي ......ولا باصحى )  تشدوه  بنغمتين  مختلفتين   ولما  تنتهي  من. مقطع  ( بين  شوق .....وتاني  إبتدا  ) تجري  الموسيقى  بهجة  وحبورا  ثم  تعود 
         الست  لتغني  الكوبليه  من  البداية  وتتصرف  هذه  المرة  بالمقاطع  من ( وهل  الفجر... ..قوم  نفرح ) حتى  تصل  ( إبتدا )  حيث  تغييها  بإنتقالة   قرار   إلى  مقطعي  النهاية   ومختتمة ب ( أنا  لي  مين  إلا  حبيبي )  هذه  الأغنية  الباسمة  التي  جاوزت  مدتها  الساعة   
         والنصف  وإنتهاء  هذا  الحفل  والموسم  الغنائي  لأم  كلثوم   
 
  4- للمعطيات  التي  تم  ذكرها  وللقيمة  الفنية  الكبيرة  لحفل   7  مايو    1970   الذي   أحسبه   أميز  حفلات  السبعبنات  لكوكب  الشرق  بما  تضمنه  من  مقومات  العمل  الفني  الراقي  المتكامل  على  مستوى  الكلام  (  أحمد رامي  و  مأمون  الشناوي  )  و  اللحن                       
          ( محمد  عبد  الوهاب  ورياض  السنباطي  )   و  العزف   ( أعضاء  الفرقة  الموسيقية )  و  الغناء   (  أم  كلثوم  )   و لتسليط   الضوء   على  كل  ذلك  بدلالات  الأبداع   للحفل  في  آخر   المشوار  لسيدة  الغناء   وتزامنا  مع  ذكراه   ولتحقيق  الفائدة   كتبت  هذا  المقال  
                                                 
                --------------------------------------------------------------------------------- 
                        --------------------------------------------------------------------[/SIZE][/SIZE][/SIZE][/SIZE][/SIZE][/SIZE][/SIZE]
		 
		
		
		
		
		
		 
		
		
			
			
			
			
				 
			
			
			
			
			
			
			
				
			
			
			
		 
	
	 |