هذه المقالة نشرت في جريدة صوت الأحرار - جريدة يومية إخبارية جزائرية
بتاريخ الجمعة 25 مارس بعنوان (في وداع الزميل مختار حيدر)
في وداع الزميل، مختار حيدر
</B>Friday, March 25
الموضوع : أبجديات
كنت في مدينة بجاية عندما بلغني نعيه عبر الهاتف. مرت علي بضع دقائق قبل أن اصدق الخبر بالرغم من أن قلقا دهمني منذ بضعة أيام عن صحة الزميل الصحفي مختار حيدر، عليه رحمة الله الواسعة.
وكنت زرته قبل أكثر من عشرين يوما في بيته ففاجأني هزاله وشحوبه. اضطربت يومها وأنا اساعده على النهوض من الفراش لكي يجالسني في الصالون. تساءلت ساعتها في قرارة نفسي: أين هي القامة العملاقة التي تشارف مترا وتسعين سنتمترا؟ وأين هي البسمة الحلوة التي لا تقوى النظارتان على إخفائها في غور عينيه؟
عرفت الزميل مختار قبل أربعين عاما حين كنا نعمل في الصحافة بوكالة الأنباء الجزائرية، وهاأنذا آعزي نفسي فيه، فلقد كان من أطيب خلق الله، ومن أحسنهم معشرا. يتحدث في شؤون الاقتصاد وفي شؤون التقلبات في السوق البترولية حديث الخبير الدارس، أما إن خاض بالحديث في مجال الموسيقى العربية، فإنه لا يشق له غبار.
أجل، مختار حيدر من أقدر من عرف الموسيقى العربية، المشرقية منها والمغاربية. فهو ضليع في المقامات وفي الأغاني التي انتشرت منذ مطالع القرن العشرين إلى بدايات هذه الألفية الثالثة. ولم يكن من العجيب أن أعثر على اسمه في منتدى "سماعي" الخاص بالموسيقى العربية الذي كان واحدا من كبار منشطيه خلال السنوات الأخيرة.
الزملاء الصحفيون عرفوا الويل خلال العقدين الأخيرين، فلقد نالت منهم أيادي الإرهابيين، أو فتكت بهم الأمراض المختلفة التي لا تعشش إلا في الوسط الثقافي والصحافي بحكم التوتر الشديد الذي يعيشون على مدار اليوم والشهر والعام.
ومختار حيدر كان يدخن بنهم شديد لكي يواجه صدمات الحياة وصعوباتها. إذ على الرغم من هدوئه الكبير، كان يعيش الهم الجزائري في الاقتصاد وفي الصحافة وفي غيرهما من القطاعات الأخرى.
ولذلك، كنت أتمنى أن يعكف أهل المهنة على التفكير في إقامة ما يشبه ناد يتكفل بشؤونهم الصحية والاجتماعية بصورة عامة. وبالفعل، فليس هناك مكان يجمع شتاتهم بعد أن يفرغوا من أعمالهم اليومية القاتلة. لا مقهى، ولا منتدى رياضي يتبادلون فيه الأفكار ويكون بمثابة صمام أمان لهم جميعا.
بوفاة مختار حيدر يمضي جيل كبير أسس لهذه الصحافة الجزائرية، وناضل من أجل أن تظل واقفة بالرغم من جميع الضغوط السياسية والاجتماعية وغيرها. تمنياتي بأن تزداد هذه الصحافة رسوخا وأن يعلو كعبها في القادم من الأيام.
*********
للأسف لم يُذكر اسم كاتب هذه السطور ولم يكتب تاريخ العام
والأغلب أنها كتبت بعد وفاته مباشرة من أحد زملائه
الصحفيين بهذه الجريدة
***