* : اقتباسات فريد الأطرش الموسيقية مسموعةً (الكاتـب : أبوإلياس - آخر مشاركة : نور فتح الله - - الوقت: 15h53 - التاريخ: 16/09/2025)           »          الفنانه ليلى عبدالعزيز (الكاتـب : بوبنيان - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 12h07 - التاريخ: 16/09/2025)           »          المطربون والمطربات الغجر في الغناء العراقي (الكاتـب : بوبنيان - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 11h40 - التاريخ: 16/09/2025)           »          الفنان عبدالعزيز بورقبه 1915-1968 (الكاتـب : بو بشار - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 10h59 - التاريخ: 16/09/2025)           »          الفنان عنبر بن طرار (الكاتـب : بو بشار - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 10h52 - التاريخ: 16/09/2025)           »          الفنان علي خالد (الكاتـب : ابوحمد - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 09h32 - التاريخ: 16/09/2025)           »          الفنان الشعبى راشد الحملى (الكاتـب : زنجران - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 09h20 - التاريخ: 16/09/2025)           »          فن التوقيعات (الكاتـب : لؤي الصايم - - الوقت: 08h50 - التاريخ: 16/09/2025)           »          محمد سالم (الكاتـب : لؤي الصايم - - الوقت: 08h38 - التاريخ: 16/09/2025)           »          حروف الكلام (حلقات إذاعية)عبد الرحمن الأبنودي وسيد مكاوي (الكاتـب : Dr. Taha Mohammad - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 08h34 - التاريخ: 16/09/2025)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > الموروث الشعبي والتراث الغنائي العربي > العراق > الاغنية البغدادية و المنلوجات

الاغنية البغدادية و المنلوجات تطورها من من العشرينيات و حتى الثمانينيات و المربع البغدادي

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 21/03/2011, 21h58
د.نعمان د.نعمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380958
 
تاريخ التسجيل: January 2009
الجنسية: فرنسية
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 1,127
افتراضي رد: الاحتفالية الكبرى لمئوية ميلاد الفنان عزيز علي

اليكم هذا المقال الذي كتبه صادق الصائغ ابن اخت الفنان عزيز علي عام 1996:





خالي..عزيز علي






بعد أسابيع من وفاته تسلمت من قريبة لي مظروفاً فيه صورة لعزيز علي . كان واضحاً أنها من الصور الأخيرة ، إن لم تكن آخر صورة له. مثل هذه الصور تدفع الواحد الى التمعن . وأول ما يخطر بالبال انها صورة وداع أو تلويحة مشوبة بحس غريزي باحتمالات موت قادم ، ورغم انها ملونة ومرتَشة وملتقطة في ستوديو خاص . وحسب معرفتي به فانه لم يهتم بالصور ، لكنه هنا ، مقاداً بغريزة شائخة يجلس على كرسي ، وبجانبه ابنته (مي) واقفة ،وهي وأختاها آخر ما تبقى له من عائلة كبيرة . فأبناء وبنات أخيه الذين تُركوا برعايته ، بعد موت الأب ، تفرقوا بمصائر متباينة ، بعضهم توفي ، والبعض قتل ،والآخر استشهد ، ومن تبقى فرّ الى المنافي . أما ابنتاه الأخريان سوزان وايفون ، فتزوجتا وأنجبتا ، في حين استشهد عمر ، وكان في الثامنة عشرة في الحرب العراقية الايرانية ، حين انفجرت الحافلة التي أقلته بصاروخ أثناء عودته في اجازة . وكان الابن البكر ،علي، قد مات هو الآخر ، وعمره سنتان . ولست أستطيع محو هيئة عزيز علي ، يقطع دربونة (عكَد) النصارى الضيقة حاملاً بين ذراعيه ملاكه الصغير لينقله بالتاكسي الى مثواه الأخير.



انه وجه طفل ، رغم الضغون .



غمغمت وأنا أحدق في الصورة .بعض الطاعنين يراوغون الموت ، بشرتهم تنكمش ، وعيونهم تضيق ، وجمجمتهم تتقلص ، وشعرهم يشيب حتى آخره ، لكنهم يكمنون دائماً في ضحكة طفل , ولو تحدثوا لزاد اعتقادك بعبثية المفارقة . هلي مكر خالي اذن بضحكته هذه ، أم انها فلسفته الموسومة بالتحدي حتى وهو على عتبة الموت ؟



تذكرت إلماحتين :الأولى لسيدة تشيكية تأملته يوم كان في براغ والتفتت إليّ قائلة :



"ابتسامته ساحرة .من أين له مثل هذه الأسنان ؟ "



والثانية قول للروائي التشيكي ميلان كوندرا : "اوه الضحك .الضحك هو العيش بعمق لا نظير له ."



وأعتقد أن هذا ما أحسته المرأة التشيكية في عزيز علي ولم تستطيع التعبير عنه بدقة ، وهو أيضاً المضمون الذي يملأ مخيلتي كلما استذكرته.



وفي المشهد :الزمن يقصف والأطفال يولدون ويموتون وابتسامة عزيز علي هي :إنها تعيد الى الحياة شيئاً ظرورياً ،شيئاً لا تعثر عليه حتى في الوجوه المتفائلة. انها بتركيز أكبر :متحدية وعميقة وتهتز لحساسية العصر .لذا ،فان لا ينتكس عزيز علي هو انتصار شخصي لي ،انتصار للعائلة ،لمخيلتي الشعرية وللزمن العراقي ككل.



*******



متى أحسست بوجوده لأول مرة ؟



كان يوماً ربيعياً على ما أذكر ،وكنت أنا في رحلة طفولة أو حلم . أمي سحبتني من يدي وقالت :



-سنذهب لنرى خالك في السجن .



هكذا وجدت نفسي الى جانبه نجلس على بطانية فُرشت في باحة السجن ،وحولنا أناس يروحون ويجيئون وكأنهم في "كَسْلَه" .كانت أمي مشبوحة تسأله عن المصير وهو يلهو بصماغي الحليق درجة الصفر ،مطلقاً في حناياي نزوة الضحك الكبيرة .وأنا من ناحيتي كنت سعيداً لأن صماغي وأذنيّ الكبيرتين كانوا ،من ناحية ،مادة الضحك ،ومن ناحية ثانية ،غطاءً لاطفاء وسواس الوالدة .ولقد كان هذا المزاج هو "نوتة"عزيز علي الموسيقية وهو نعمته الكبرى في قراءة الأحداث والنوازل .وأنا كنت منحازاً له ضد أمي .أما الألم فقد كان راكداً في القاع ،وكلما تقدم بي العمر زادت معرفتي بمساحته ،وزاد اعتقادي بأنه الطاقة الأقوى التي أنارت طريقنا جميعاً.



أنا واثق أن في ضحكته أصلاً من الألم العميق لم يكن يريه لأحد. وكلما أدرت شريط "أمان أمان" و "بغداد" – وهما من أوائل اطلاقاته الغنائية في 1939 – أمسك بي ذلك الوجع الداكن . ولو تمعنا فيهما مجدداً لوجدنا أنفسنا قريبين من قلبه ،وعدا الألم فانهما ظل جمالي أزرق ،فيهما يتبدى السبك الموسيقي لرهافة الغزيرة :



يا هل العرب / كل شي انكَلب / شفنا العجب /



من هالزمان



بس يا زمن / شفنا المحن / غازي اندفن /



جوّه اللحود



دنطينا حكَنا / وتجفى شرنا / مشكل أمرنا



ولك يا زمان



وبفضلهما نتوصل الى فجائعية أوزان موسيقية يندر وجودها في الألحان المشابهة . "أمان أمان" كانت عن مقتل الملك غازي ، وهو كما نعرف – ما أقل ما نعرف عنه – مغدور على يد الانكليز ، متمرد ومُساق بضرامات الشباب. ويبدو لي انهم قطعوا نفس العراقيين عندما أعدوا له ذلك الكمين الفاجع. ان تجربتنا في الحزن معروفة ، أغلبها بكائيات يائسة ومبتذلة ،يستوي في ذلك اللحن والكلام. لذا ، ففي هذا السياق تبدو "أمان أمان" رفعة تتعدى قصر النظر الموسيقي السائد في المجالين. انها جنائزية جليلة يُسلخ فيها الجسد ، لكن الروح تبقى معاندة ومتحدية حد القَسَم المغلض ، ويتم التعبير عن هذا بالموسيقى باعتبارها أداته الأساسية ، أداته الستراتيجية. هذا التأليف يجعل من عزيز علي أحد أرقى صعدات الموسيقى العراقية ، وبرأي ، وبصرف النظر عن المناسبة ، فان "أمان أمان" تجدر باعادة نظر اوركسترالي. فمساحة الحانها واسعة ومتعددة وضرباتها تصل الى القلب العراقي ، محيلةً أساه الى سمو ومغيرة يأسه الى ارادة عادلة.



********



انني أبحث في ذاكرتي عن عزيز علي الحقيقي فأرى الذكرى تتحول الى دوائر مائية. ويبدو لي في بعض الأحيان انه شخصية فانتازية تثير خيالي الطفولي. ولأني مسكون بشيطان التساؤل فقد كان همّي أن أراه كما يراه الآخرون ، ولا كما ينقله الوصف الخارجي لي. لقد كان وضعه الأخّاذ يملأني بالدهشة وتأتي النتيجة بلا شيء ، فأزعم أنني لم أره وبأن ما مضى هومجرد اضاءات غامضة مضت بسرعة.



ها اني التقط احدى الومضات : عزيز علي يحمل طفله الميت "علي" ، يقطع أفياء عقد النصارى في الصيف ووراءه جمع من النسوة ، بينهم أفراد العائلة وبعض المارة وأطفال ووجوه مستطلعة أخرى. بعدئذ يصعد عزيز علي درجات عقد النصارى ويدلف الى سيارة تاكسي.



وأين كنت أنا ؟ في حلم غامض بلاشك. وليتني أستطيع تحرير خيالي من بدلته البيضاء. لقد كان هذا الرجل مشعاً ضمن مساحة رؤياي ، مرة يأتيني على شكل موجة وأخرى على شكل قامة فارعة ، وأنا بقصر نظري حائر ومشدوه.



لكن لماذا أروي هذا ؟ لأقول انه يحضر من الفنتازيا الى الواقع بشكل حاد ، بشكل قامة فارعة كما قلت. لقد كانت قدرته على التعامل مع الفواجع مشهودة ، فهذا الرجل تعوّدها كأداء يومي يمر من الألم الى البهجة وبالعكس. وأظن انه لم تمضي فترة طويلة على ذلك الحادث الحزين حتى ظهر في خيالي ببدلته المشعة البيضاء على قاعة سينما غازي في الباب الشرجي ليغني أغانيه السياسية أمام جمهوره المشغوف فكأن لم يحصل في داخله سوى تبدّل فصول ، وسوى ان الجرح تحول الى غناء. أما انا فقد كنت محشوراً في طفولتي ، روحي تبكي فرحاً ، وفي داخلي رغبة مكبوتة هي أن أدور على مقاعد الجالسين لأخبرهم ، واحداً واحداً ، أن من يرونه على المنصة هو خالي .. خالي عزيز علي !



*******



لقد كانت تلك هي حفلته الأولى والأخيرة على مسرح مفتوح ، اذ لم أرَ أو أسمع بأنه فعل ذلك من قبل أو من بعد. كان يكره أن يوصف بأنه مغنٍ. وقد زاد نفوره بعد أن أشير اليه كمطرب في واحد من الأفلام المصرية-العراقية الملفقة. اسم الفيلم "ابن الشرق" قام ببطولته حقي الشبلي ومديحة يسري ، وظهر فيه بأدوار ثانوية فخري الزبيدي وعراقيون آخرون لا أذكرهم. وحسب تقاليد أفلام ذلك الزمن حُشر حضيري أبو عزيز في أغنية ترفيهية ، وظهر عزيز علي هو الآخر ليغني واحدة من أسوأ أغانيه ، كلماتها تقول : "ياعمامي ياخوالي / صارت الدنيا تحلالي." !



منذ وقت مبكر وأنا اسمع منه ، في مناسبة وأخرى ، انه ليس مغنياً بالمعنى الشائع للغناء ،وانه لا يحب ان يوصف بهذا الوصف الذي ليس له. اذاً ماذا هو ؟ وهل يتضمن الانكار احتقاراً لفن الغناء الذي يجري في دمه وقال انه "أسلوب رقيق للسمو الروحي" ؟ واضح أنه كان دقيقاً مع نفسه. فالطاقة التي فيه هي طاقة مركبة لها ، اذا اُطلقت ، مفعول التأسيس. وهو علانية ، مؤسس ، مسكون بفن جديد سينضج على يديه ، فن بعيد عن الابتذال والدنس اليومي وغباء الآلآت الآدمية.



في محاولة لرفع الالتباس توصل الى المونولوج – المنولوجست. لكن هنا معضلة اخرى ، أليس هذا هو التهريج بعينه ، أهو علي الدبو في بغداد ، أو شكوكو في مصر أو غيرهما هنا وهناك ؟



لقد دفعته ثقافة لغوية مشهودة الى البحث في القواميس الأجنبية : يقول في مقدمة دفتر أغانيه : "مونو- لوج" مصطلح يوناني لاتيني مركب من كلمتين : "مونو" تعني "واحد- فرد" و "لوج – لوجوس" تعني الكلام ، وتركيبهما مع بعضهما يعني "المقال الفردي – الخطاب" .



غير أن مضيّه في البحث عن التباس آخر كان غير ذي بال ، فما ورد في بال أحد أن يصنّف عزيز علي في خانة لا تسعه ، فاتساعه الحقيقي هو اتساع الشارع وايقاعه المجهول الاسم ، هو ايقاع الحياة العراقية بأعمق أشكالها حيوية ودفقاً. وليس يهم قطعاً ان ينشغل عزيز علي في البحث عن أوصاف لا تعني أحداً. فالأهم قطعاً انه أول عربي يستصلح أرضاً جديدة وينتج فناً سياسياً يتطابق والحياة المعاصرة ويترك أبلغ الأثر في حياة العراقيين. أما فيما يتعلق بموقفه من الغناء فقد كان مستثاراً بالرتابة ، والضحالة ، والحشرجة والتخلف والندب والنواح الخ ، وكان يردد قولاً محرفاً "اسمعني موسيقى شعب انبيك بمدى حضارته ، بل وحتى بموقعه الجغرافي" .



وفي رأي فان طلعاته في التلفزيون يهاجم فيها "الغناء المائع الشاذ" والمقام العراقي بصيغته الجامدة كانت محببة وذكية ، لكنها ليست دقيقة بما يكفي لان تسمو الى موقع الاختصاص. وهو لحسن الحظ ، انسحب تاركاً للزمن الادلاء بدلوه ، وكان واضحاً ان مارآه طيشاً كان تعبيراً عن انحطاط شمل الحياة العراقية ككل. ولعله أحسَ ان رومانتيكته النقدية تخنق طبيعته الأكثر حيوية ، فلماذا يهتم بأغاني الأربعة فلوس ، وهو ببشاشة فنّه الضاحكة يستطيع تحريك الحياة ؟



كانت بغداد ، حتى نهاية الخمسينات ، تزدهر على سجيتها ، في الرصافة وفي امتداد شارع أبو نواس اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. الطبقة المتوسطة كانت تقاوم تسلط العادات ، وتحاول طرد الضجر والرتابة في الأندية والبارات والملاهي الليلية ، حيث تتمرد الأحزاب بطرق جارحة وتظهر الراقصات والمغنيات بأزياء بغايا وبالعكس. وفي الليل تظهر اختلالات المدينة بشكل سافر ، ويظهر الجمهور المشاغب بمظهر المستمع الأمين لفن الغناء. ومن لواحق هذه الألعاب أن تعلق صور الراقصات والمغنيات على ابواب الأندية والملاهي على انهن فنانات ، أما في الداخل فالأسرار تنبجس بدون قناع. ومن هناك يجري تسريب بعضهن الى دار الاذاعة التي كانت ، بالنسبة الى ذلك الزمن ، القمر الصناعي الوحيد الذي يبث تقاليد الغناء الى أقاصي البلاد. ولم يكن عزيز علي الا أخلاقياً فيما يتعلق بثقافة الغناء البغدادي الذي يبدو ان صياغاته وتشكيلاته كانت تجري هناك. فمن منطقة البؤس هذه ، حيث تجري عمليات العرض والتأجير تولدت أسواق عامة للأغاني ، لكن الى جانبها ، وربما من كمّها العددي ظهر النوع الثاني ، ذلك الذي قدمته المجموعة اليهودية ، وزكية جورج على الخصوص ، بالاضافة الى شوارد الفولكلور والصياغات التي تتشكل على يد أهل الله ، بالصدفة أو بالغواية أو بفعل مواهب بدائية ، لقد كان عزيز علي يحب هولاء ويستسلم لألحانهم كما لو كانت من قلبه.



أذكر انه غنى أغنية "تاذيني" في السفارة العراقية في براغ عام 1962 أمام وفد عسكري زار البلد برئاسة وصفي طاهر ، وكان عزيز علي يعمل دبلوماسياً في السفارة ، ولشد ما تمنى عليه قاسم حسن ، السفير آنذاك ان يغني واحدة من أغانيه ، لكنه ، ولسبب ما لم يفعل ، وبدلاً من ذلك فاجأ الحاضرين بأغنيته المفضلة : "تاذيني" لزكية جورج. كان شيئاً غريباً أن تتحول معاني الأغنية البسيطة ، بأدائه وعلى فمه وبدون موسيقى ، الى كلمات لؤلؤية ، فكأنك تسمعها لأول مرة. والسبب في رأي هو ان عزيز علي لم يكن يغني فحسب بل كان يشعر ويشرح ويتهدج. وهذا ، في رأي أيضاً ، هو الاضافة التي تنسب لما أسميه بالغناء التعبيري.



سألته بعد انفضاض المدعوين لماذا غنى تلك الأغنية فقال : لست أعرف. لكني شعرت بحزن جارف ، فالبلد يحتدم والدنيا تكفهر والمستقبل يتوعد ببدء الصدام المدوي. لقد أحسست بعمق الجرح فما وجدت غير تلك الأغنية على لساني . وكان احساسي عميقاً بأنها ستوحدنا في تلك اللحظة.



لقد كان مصيباً في تعرفه على دفين تلك الأغنية. والأغرب انه كان بمخيلته المرهفة يحول هذه الأغنية الى رمز وطني. وهو بتلقائية وبحنجرة تعرف الألم حول مخيلة الحاضرين معه ، دافعاً اياهم في غير الوجهة التقليدية التي يعرفها الناس عن تلك الأغنية.



*******



عند منطقة الوادي في كربلاء ، وقريباً من بيت المتصرف كان بيت عزيز علي. وكان هذا ، بالنسبة لي أنا الطفل الذي يأتي في العطلة الصيفية من بغداد الى كربلاء بمثابة عالم ما قبل الهبوط الى الجنة. البيت بناء شرقي تقليدي مؤلف من باحة وحديقة وغرف ذات أعمدة خشبية ومكامن لأعشاش السنونو وسرداب خالد موصول بباب الجنة ، وهواء بارد ، وظلمة ظهيرة ساحرة وأحلام تورق لتهبط بالروح الى مهاوي النوم وغفو الطفولة. في هذا المكان كان عزيز علي يحرث مكامنه. أعني في الباحة ذات الطابوق الفرشي المرشوش. عند العصر يحضر عبد الوهاب أيضاً ، كل صور أفلامة وبطلاته معلقة على الحيطان : "رصاصة في القلب" مع راقية ابراهيم "يحيا الحب" مع ليلى مراد ، "لست ملاكاً" مع نور الهدى ، كذا مع رجاء عبدو الخ. أما هو فيجلس على التخت وبيده العود. خلال أسبوع يتوجب أن يولد هنا مخلوق كامل يتألف من كلمات ولحن وأداء ، خلال أسبوع يتوجب عليه الذهاب الى بغداد لاجراء التمرينات مع الكورس والعازفين ثم اطلاق الحركة الأخيرة أمام المايكروفون ببث حي. هل يحصل هذا في بلد آخر ؟ وهل يعتبر ضغط الزمن آفة أم ضمانة للخصوبة المكثفة ؟ هل يذكر الناس حرقة الترقب والاثارة التي تشتعل في عيونهم عندما تعلن ساعة اذاعة بغداد السابعة عصر كل أربعاء ؟ هل يتذكرون كيف الشوارع تخلو والحركة تهدأ ، والكل نساءً ورجالاً وشيوخاً ، لصق الراديو ، الى ان ينبجس صوته ليفرض الصمت المتلهف في العيون والأحداق ، وليتسلّط على الوطن الكبير بهبوبه المجنح ؟



نعم على ذلك التخت كنت أرقبه ، العب في الباحة وهو يعزف ويدندن ، يكتب ويشطب ويعيد التصحيح ، الى ان تفلت منه صرخته الشهيرة : "ابن الكلب !" ثم يقبل عند ذاك نحوي فيحملني بين يديه ، أو يدور بي في الباحة ممسكاً بيدي ، أو يقذفني في الفضاء ، فأهبط ، غاصاً ، الى ذراعيه. أما "ابن الكلب" فهو المعادل ل "وجدتها" يقولها لي ، ويطلقها في وجهي ، بعد استعصاء لحن أو بيت. وهو في تعبيره الأثير هذا يمنحني أقصى حبه لأنه آنذاك كان بلا ذرية وكنت أنا عنده الأحب ، أو على الأقل ثلثاي منه وعليه ، كما يقول المثل الشعبي.



*******



يوماً ما ، قلت له ، وكان يشرح لزائريه معنى المنلوج مصراً على انه "منشد" لا مغنياً :



-الناس يا خالي لا تهتم بفروقات الألقاب ، فما الضير في أن تكون مغنياً أو ملقياً أو منشداً أو مونولوجست ؟ أنت يا خالي عالم خاص. أنت تهز البلد ، فما لك مشغول بما لا يقنع أحدا ؟



التفت الى زواره وقال :



-شوف الابن الكلب. دائماً أقول :لو تكسر عظمه يطلع شيوعي !



أما أنا فأردفت :



-هناك يا خالي غناء تعبيري لا يأبه بالتطريب ، وأنت ضمن ندرة ، منهم أرمسترونغ مثلاً ، لست تطريبياً. صوتك طيف عريض يغطي مساحة حياة كاملة. وامتيازك أن أي انسان يستطيع أن يغنيك بمشاعره دون أن يحتاج الى صوت جميل.



كان هو يستمع بذكاء يمنعه من أن ينخدع بشيء. وعندما يتمنع عن المداخلة يلجأ الى جملته الأثيرة.



-ابن كلب. الم أقل ذلك ؟!



*******



نفس "ابن الكلب" تلك يهش بها ويبش من الباب عندما يزورني في المواقف. في العام 1956 أيام العدوان الثلاثي على مصر وقف وراء القضبان في باحة موقف الدوريين وأطل على مجموعة الموقوفين المحشورين في مساحة ضيقة. هم بدورهم ما صدقوا أنهم أمام عزيز علي المتظاهر بأنه غير معني بغير ابن أخته وبأن السجن لم يكن يوماً ما مسقط رأسه. غير أنه ، هو المعمّد بالضحك ، أطل من قناعه ليخاطب الجميع :



-ستغيرون العالم مو ؟



كانت جملته تلك فسحة للتنفس ، ولم تمض دقائق حتى شاع الاسترخاء المعاتب وتتالت ضحكات رنانة ومؤنسة :



قال :



-مع ذلك فستلتهمكم الكبرياء.



وأضاف بضحكة عريضة :



-اعلموا يا جماعة. هنا لا تنبت شيوعية. في أحسن الأحوال ينبت هنا زعرور !



وفي الوداع قال :



-لا أحب ابن الكلب هذا لأنه يسبب لي مشاكل كثيرة ، كما لا أحب شيوعيتكم ، مع ذلك "فما العمل" كما يقول المعلم لينين اذا كنت أنا احب الأصالة ؟



*******



يجب الرجوع إلى أخلاقيته التي تكره التناقض ، وفي أخلاقياته طرح الصراع على أرض مكشوفة ، ولقد تسبب رفضه لأن يحشر ضمن الطائفة اشكالات اضافية حتى بين المقربيين اليه ، خاصة وانه يترجم تحدياته الى سلوك يومي. فأسماء أبنائه مثلاً تدرجت كالتالي : علي , عمر ، ايفون ، سوزان ، مي . أي تجمع لحبال الروح العراقية في وحدة تتجاوز الطائفة والعشيرة والدين والعصبيات الأخرى ، وتبدو اليوم وكأنها رد على ما يعصف بالعراق من رياح تتقصد فصله عن جذوره وتقطعه الى أوصال. حتى أنا عجبت لما سمى اسم ابنه الثاني عمر ، وقد عبرت ، بتردد ، لزوجته نورية عن حيرة كظيمة ، فكأني نسيت انها هي الأخرى يهودية أسلمت بعد الزواج. وأذكر انه ، بعد ان نقلت له حيرتي ، خرج من السرداب بالبجاما ليقرص اذني قائلاً :



-عليك أن تقرأ كثيراً لتعرف من هو عمر. لقد كانت تلك نقلتي الى رحاب معرفية أخرى ، وعرفت بعد تنقيب في المكتبات ، كيف يفسر الدين الواحد بعدة السنة غريبة وشاذة وجاهلة ، وكيف يتوجب النظر الى الاصالات بدون أية شروط مسبقة. والآن أنا أعرف أنه من أجل خاصيته تلك ولكونه يحمل وجه المفكر الذي يهبط ويصعد في مجرى زمنه الحقيقي ، فقد تعين عليه ان يدفع ثمن ماضيه وحاضره. لقد وجدت وأنا أراجع مقاطع الزمن اننا تشردنا لأسباب متشابهة. كلانا ذاق طعم الاعتقال وتهافت السياسة ، لكنه هو وحده الذي واجه الموت ، وهو من قضى أكثر من تسع سنين من مجموع خمسة عشرة وراء القضبان ، وهو وحده التقى بوجه موت مجاني. فلا أحد يرى ولا أحد يسمع أو يسأل ، فالجميع في جبهة وطنية وأنت وحدك في اتجاه آخر. أفليس عجيباً أن يختصر كل تراث عزيز علي ، كل حضوره الأصيل ، كل فضائه الممتد على سقف العراق ، بزنزانة ؟ أي مجد اُبقي لسارق النار ، وأي عراق غريب هذا الذي تحول على يد صدام حسين الى سجن له.



*******



يمكن لمن يعرف كيف يقرأ عزيز علي جيداً أن يتوصل الى ان منظومة أفكاره قلبت العراق صفحة صفحة ، اذ لا تفصيل أو سياق تاريخي حبك بهذه المهارة وعولج بمعرفة صادقة للبلاد وبنبض انساني يمهد لعصر التعدديات والجماعات الانسانية العريقة. لكنه ، كأي متحرر مُنوِّر وممتنع أكل من داخله في زمن الجبهة الوطنية ، أكله تخلف العشيرة والمؤسسة والدولة وبالتالي سحق صوته مع صوت الجمهور بصرير الآلة الصدامية.



لقد زرته في سجن أبي غريب بعد أن حكم عليه بخمسة عشر عاماً. لم تدم المحاكمة أكثر من خمس دقائق ، ذكر فيها الاسم والعنوان وأشياء روتينية أخرى ، ثم صدر الحكم الذي أُعد مسبقاً. كنت أفكر وانا أعبر ممرات السجن الشاسع وأمعائي تكاد تفرغ ما فيها من شدة الألم ، كيف ستفكر هذه الروح بما أعطت وما أخذت ؟ كيف وهي التي حرثت الأرض وقلبتها من أجل الزراعة ؟ أكانت اذن حمقاء عندما نابت عن شعب كامل ؟ هل يمكن أن تتفكك المعاني الى هذا الحد فتصبح مضحكة من شدة فجائعيتها ومن شدة استعصائها على التصديق ؟



عندما التقينا تعثرت التمتمات وامحت الجمل وغاب عن ذهني ما يمكن ان يقال. رفعت بصري مرات ، ثم غضضت الطرف مرات أخرى ثم سكت لكي لا أتخبط في الحديث عن لا شيء.



هو ، بنبرة ما تزال تحمل في طياتها شيئاً من البشاشة القديمة تساءل :



-هل ستكتب هذا في الجريدة ؟



لا شك انه يسخر مني. أية كتابة ، وأية جريدة ، في "الف باء" التي كنت أعمل فيها موظفاً أم في "طريق الشعب" التي كنت فيها محرراً ، وكانت مورطة في طيرانها عن آفاق التحالف ، بعيداً عن فحيح الواقع وعبثيته ؟



كنت في داخلي أعرف أن لا شيء يجدي. لقد تُرك عزيز علي لعزلة لها ألف موت ، وفي غياب الجرأة ، وغياب الحيلة ، وغياب حساسية الاحتجاج ، يمكن أن يحدث أي شيء ، يمكن ان تتحول المعاني آنذاك الى حروف ساكنة لا تعني أحداً ولا يحتاج اليها أحد.



للحق لاشيء يدحر ضحكته الحكيمة ، ضحكته المبطنة الذكية.كان يعرف طبعاً ان الجبهة مسخرة وان أحداً لا يستطيع شيئاً ، وان عليه ، كالسابق ، ان يواجه مصيره لوحده ، أو أن يكتب ، لصدام ، كما فعل ويفعل الآخرون.



وهو في السجن اُخبر بموت زوجته نورية بالسرطان ، وكان قبل موتها بأيام طلب من ادارة السجن أن تسمح له بالقاء نظرة وداع أخيرة ، لكن طلبه رفض. وبعدها استشهد ابنه عمر.



*******



هنا في المنفى أسمع عنه حكايات كثيرة ، أمٍّ عجوز لأولاد خمسة قالت لي : شريط عزيز علي انتقل معي الى أربعة منافي باعتباره جزءاً من الضرورات القليلة التي آخذها معي أينما ارتحلت. طبيب قال أن أغانيه تقلب الزمن ، فكأن ما قاله بالأمس عنى به اللحظة التي نعيشها الآن. آخر قال ان له موهبة اجتياز الأزمان دون عائق.






مجلة الثقافة الجديدة ، العدد 266 ، عام 1996






اتقدم بجزيل الشكر لرئيس وهيئة تحرير مجلة الثقافة الجديدة العراقية للسماح لي باعادة نشر المقال.






نعمان
__________________
يا دجلة الخير : ما يُغليكِ من حنَقٍ .. يُغلي فؤادي ، وما يُشجيكِ يشجيني
يا دجلة الخير : أدري بالذي طفحت ....... به مجاريك من فوقٍ إلى دوُن
أدري بأنكِ منْ ألفٍ مضتْ هَدَراً .......... للان تَهْزَين من حكم السلاطين

الجواهري

التعديل الأخير تم بواسطة : وسام الشالجي بتاريخ 23/03/2011 الساعة 03h27
  #2  
قديم 22/03/2011, 00h59
الصورة الرمزية نهاد عسكر
نهاد عسكر نهاد عسكر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:550503
 
تاريخ التسجيل: October 2010
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 304
افتراضي رد: الاحتفالية الكبرى لمئوية ميلاد الفنان عزيز علي

الاخ العزيز د. نعمان
الشكر والامتنان قليل بحقكم ويكفي أن نقول مجرد أعادتكم لنشر مقال الكاتب والشاعر المبدع صادق الصائغ , ينم عن المسؤلية والوفاء الى شخص عزيز علي الفنان الانسان,الوطني الغيور,المبدئي,الذي لم يحني رأسه يوما للطغاة. وأنا أقرأ بل ألتهم الكلمات وأكابد الالم حد البكاء لاعرف مدى صبره ومجالدته . رموز أحبته يرحلون بدءا بزوجته و ولده عمر واولاد اخيه المرحوم . لله درك ياسيدي كيف استطعت ان تقاوم وتكابد كل هذا الكم الهائل من سنوات الحزن الليلي ؟ ورغم أنك غصن طمرته الريح , لكنك بقيت رغم الريح , رغم البرد أخضر , تبتسم عند الشفاه وفي القلب دمعة ولوعة مكبوتة . تحية حب و وفاء لكل الجاعلين الحتوف جسرا الى الموكب العابر , والى مجلة الثقافة الجديدة لان هذا العدد لم نستطع قرأته في الزمن الغابر . شكرا مرة ثانية للأخ نعمان على موضوعه الرائع .
نهاد عسكر / أبو ياسر
  #3  
قديم 22/03/2011, 22h23
د.نعمان د.نعمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380958
 
تاريخ التسجيل: January 2009
الجنسية: فرنسية
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 1,127
افتراضي رد: الاحتفالية الكبرى لمئوية ميلاد الفنان عزيز علي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهاد عسكر مشاهدة المشاركة
الاخ العزيز د. نعمان
الشكر والامتنان قليل بحقكم ويكفي أن نقول مجرد أعادتكم لنشر مقال الكاتب والشاعر المبدع صادق الصائغ , ينم عن المسؤلية والوفاء الى شخص عزيز علي الفنان الانسان,الوطني الغيور,المبدئي,الذي لم يحني رأسه يوما للطغاة. وأنا أقرأ بل ألتهم الكلمات وأكابد الالم حد البكاء لاعرف مدى صبره ومجالدته . رموز أحبته يرحلون بدءا بزوجته و ولده عمر واولاد اخيه المرحوم . لله درك ياسيدي كيف استطعت ان تقاوم وتكابد كل هذا الكم الهائل من سنوات الحزن الليلي ؟ ورغم أنك غصن طمرته الريح , لكنك بقيت رغم الريح , رغم البرد أخضر , تبتسم عند الشفاه وفي القلب دمعة ولوعة مكبوتة . تحية حب و وفاء لكل الجاعلين الحتوف جسرا الى الموكب العابر , والى مجلة الثقافة الجديدة لان هذا العدد لم نستطع قرأته في الزمن الغابر . شكرا مرة ثانية للأخ نعمان على موضوعه الرائع .
نهاد عسكر / أبو ياسر
الأخ العزيز الأستاذ نهاد عسكر

اشكرك على كلمتك الرقيقة ومضمونها العميق. كان الكاتب والشاعر صادق الصائغ متأثراً بخاله الفنان عزيز علي وقد شارك بندوات عديدة تناولت سيرة الفنان الكبير. وعندما أقام المنتدى الثقافي العراقي في دمشق يوم الأثنين المصادف 8-7-1996 أمسية ، تحدث فيها الشاعر صادق الصائغ عن خاله الفنان (المونولوجست) عزيز علي ، تناول فيها ولادة الفنان عام 1911 ببغداد وفترة تألقه التي ناهزت الربع قرن وقال كان عزيز علي ذو اتجاه قومي ليبرالي ممزوج بالوطنية وشعاره (لا للشرق ولا للغرب) ولكنه لم ينتمي الى اية حركة أو حزب سياسي. وتحدث في تلك الندوة الكاتب والناقد العراقي هادي العلوي عن مكانة الفنان الراحل ومدى تأثيره في المجتمع العراقي فقال:
ان تأثير عزيز علي كان يوازي تأثير الشاعر الجواهري وأضاف ، الا ان الفنان عزيز علي قد أصيب في آخر أيامه باليأس مثلما اصيب الشاعر الجواهري.
__________________
يا دجلة الخير : ما يُغليكِ من حنَقٍ .. يُغلي فؤادي ، وما يُشجيكِ يشجيني
يا دجلة الخير : أدري بالذي طفحت ....... به مجاريك من فوقٍ إلى دوُن
أدري بأنكِ منْ ألفٍ مضتْ هَدَراً .......... للان تَهْزَين من حكم السلاطين

الجواهري

التعديل الأخير تم بواسطة : د.نعمان بتاريخ 22/03/2011 الساعة 23h39
  #4  
قديم 22/03/2011, 23h58
الصورة الرمزية نور عسكر
نور عسكر نور عسكر غير متصل  
طاقـم الإشـراف
رقم العضوية:348516
 
تاريخ التسجيل: December 2008
الجنسية: .
الإقامة: .
المشاركات: 15,411
افتراضي رد: الاحتفالية الكبرى لمئوية ميلاد الفنان عزيز علي

( اليوم الثالث للأحتفالية )


ورد في مثبت الفنان عـزيز عـلي ولمشاركة سابقة من أحد الأخوان الأعزاء ،الكتابة عن قصة الباشا والفن ، وهي مغايرة بعض الشيء وغير مرتبة حسب تسلسلها وروايتها ،وبالأذن وبمناسبة الأحتفالية ،أرفع حكاية (مونولوج الباشا & الفن ) والذي مازال الخطأ الشائع في تسميته ب ( ألعن أبو الفن !!) وهنا الفنان عزيز علي ،لم يلعن الفن أبداً ،بل لعن وأنتقد الباشا نوري السعيد وسياسة حكومته آنذاك من خلال هذا (المقال ) أو (القول) و(الگول بلهجتنا الدراجة كما سماه الفنان في أحد اللقاءات الأذاعية معه ) ، لذا أرفع هنا وماذكره الفنان عزيز علي نفسه في كتابه ( عزيز علي -أقواله - سيرته - فنه) الطبعة الأولى 1989-1990 بغداد ،ولغرض التوثيق والفائدة للجميع ،تحياتي .






---------------------------------------------------------------------
ملاحظة : فقط أستعرت خط كلمة( الباشا والفن ) من كتاب عزيز علي-ط2 والذي رفعه أخي العزيز قصي الفرضي في الصفحة الأولى بصيغة بي دي أف ،والصقتها هنا وبالأذن منه والشكر والسبق له .
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg الباشا والفن.JPG‏ (53.1 كيلوبايت, المشاهدات 168)
نوع الملف: jpg IMG.jpg‏ (77.8 كيلوبايت, المشاهدات 172)
نوع الملف: jpg IMG_0001.jpg‏ (61.9 كيلوبايت, المشاهدات 170)
نوع الملف: jpg IMG_0002.jpg‏ (71.4 كيلوبايت, المشاهدات 170)
نوع الملف: jpg IMG_0003.jpg‏ (72.7 كيلوبايت, المشاهدات 14)
نوع الملف: jpg IMG_0004.jpg‏ (95.3 كيلوبايت, المشاهدات 14)
نوع الملف: jpg IMG_0005.jpg‏ (49.5 كيلوبايت, المشاهدات 15)
نوع الملف: jpg IMG_0006.jpg‏ (71.1 كيلوبايت, المشاهدات 15)
نوع الملف: jpg IMG_0007.jpg‏ (69.5 كيلوبايت, المشاهدات 15)
  #5  
قديم 23/03/2011, 02h11
الصورة الرمزية حسن كشك
حسن كشك حسن كشك غير متصل  
أسد الإسماعيلية
رقم العضوية:27222
 
تاريخ التسجيل: May 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 2,046
افتراضي رد: الاحتفالية الكبرى لمئوية ميلاد الفنان عزيز علي

الفنان الراحل
عزيز على

فى شبابه مع مجموعة من الاصدقاء
عزيز على هو الواقف بينهم فى الخلف



الصور المرفقة
نوع الملف: jpg SINGER_AZIZ_ALI_STANDING_BA.jpg‏ (23.3 كيلوبايت, المشاهدات 159)
  #6  
قديم 23/03/2011, 03h31
الصورة الرمزية وسام الشالجي
وسام الشالجي وسام الشالجي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:109869
 
تاريخ التسجيل: November 2007
الجنسية: عراقية
الإقامة: الأردن
المشاركات: 771
افتراضي رد: الاحتفالية الكبرى لمئوية ميلاد الفنان عزيز علي

من صور الفنان عزيز علي





عزيز علي في اواخر ايامه
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg عزيز علي 6-2.jpg‏ (49.4 كيلوبايت, المشاهدات 158)
__________________
  #7  
قديم 23/03/2011, 03h32
الصورة الرمزية وسام الشالجي
وسام الشالجي وسام الشالجي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:109869
 
تاريخ التسجيل: November 2007
الجنسية: عراقية
الإقامة: الأردن
المشاركات: 771
افتراضي رد: الاحتفالية الكبرى لمئوية ميلاد الفنان عزيز علي

من صور الفنان عزيز علي







الصور المرفقة
نوع الملف: jpg عزيز علي 9-2.jpg‏ (50.4 كيلوبايت, المشاهدات 159)
__________________
  #8  
قديم 23/03/2011, 03h35
الصورة الرمزية وسام الشالجي
وسام الشالجي وسام الشالجي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:109869
 
تاريخ التسجيل: November 2007
الجنسية: عراقية
الإقامة: الأردن
المشاركات: 771
افتراضي رد: الاحتفالية الكبرى لمئوية ميلاد الفنان عزيز علي

من صور الفنان عزيز علي






عزيز علي لدى تسجيله احدى مونولوجاته في استديوهات تلفزيون الكويت عام 1964



الصور المرفقة
نوع الملف: jpg عزيز علي 8-2.jpg‏ (48.3 كيلوبايت, المشاهدات 154)
__________________
  #9  
قديم 23/03/2011, 03h41
الصورة الرمزية وسام الشالجي
وسام الشالجي وسام الشالجي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:109869
 
تاريخ التسجيل: November 2007
الجنسية: عراقية
الإقامة: الأردن
المشاركات: 771
افتراضي رد: الاحتفالية الكبرى لمئوية ميلاد الفنان عزيز علي

الحقيقة وراء انتماء الفنان عزيز علي


للحركة الماسونية



بقلم – وسام الشالجي





في عام 1975 تم فتح احد الصناديق الخاصة بمصرف الرافدين ممن مر عليها 30 عاما دون فتح فوجد في داخلها وثائق تعود الى احد المحافل الماسونية تضم قائمة باسماءالمنتمين للمحفل , وكان من بينهم الفنان الراحل (عزيز علي) . سلمت الوثائق الى مديرية الامن العامة فجرى على الفور القبض على الافراد الاحياء من تلك الاسماء استنادا الى قرار لمجلس قيادة الثورة كان قد صدر في بداية ذلك العام اعتبر فيه الماسونية حركة معادية ومؤيد للصهيونية وحظر الانتماء اليها او الى الكيانات التي تعود اليها . قبض على (عزيز علي) ووجهت اليه تهمة الانتماء الى منظمة محظورة ستنادا الى القرار المذكور وبأثر رجعي بالرغم من ان تاريخ الوثائق التي كشف عنها تعود الى عقد الاربعينات . وقد حوكم الفنان بجلسة لم تدم اكثر من خمس دقائق سئل فيها عن اسمه وعمره وعنوانه تلي بعدها قرار الحكم الذي يبدوا انه اعد مسبقا وحكم عليه بالسجن لمدة خمسة عشر عاما قضى منها حوالي تسع سنوات في سجن ابو غريب ثم اطلق سراحه لكبر سنه وسوء حالته الصحية . وخلال تلك الفترة ماتت زوجته واستشهد ابنه الوحيد في الحرب العراقية الايرانية . ولألقاء الضوء على حقيقة انتماء عزيز علي لهذه الحركة

من عدمه يتعين اولا معرفة بعض الشيء عن هذه المنظمة واهدافها وطبيعة تنظيماتها وكيف استطاعت ان تضم في تنظيماتها شخصيات عالمية كثيرة . ولاجل تدارس واقع هذه الحركة بعيدا عن الخلفية الفكرية التي يمكن ان تترك اثرها على التحليل , سيتم تناول هذا الموضوع بنظرة حيادية بعيدة عن اي تأثير وبعيدة عن اي غرض .

الماسونية (Mason or Free Mason) كلمة تعني بناء (1)وتقرأ بالانكليزية ميسون وليس ماسون , لكنها عرفت إعلاميا وثقافيا باللغة العربية من خلال قرائتها بماسون بدلا من ميسون . وقد أختلف المؤرخون حول وقت تأسيس الماسونية , فمنهم من يرجعها إلى عهود قديمة جدا تعود الى عهد النبي إبراهيم او لعهد النبي سليمان , بل هناك أساطير ترجعها حتى إلى ما قبل طوفان نوح . ومنهم من يرجعها لبضعة مئات من السنين خلت وبالذات الى تنظيم عسكري منقرض اسمه فرسان الهيكل ظهر في نهاية الحملة الصليبية الأولى على المشرق العربي عام 1099 م . الا انه من المتفق عليه تقريبا هو أن التأسيس القديم للماسونية تم على يد هيرودس أكريبا الذي كان حاكم القدس في عهد الإمبراطورية الرومانية في عام 43 ميلادي بمعاونة اثنين من مستشاريه اليهود هما حيران أبيود و موآب لامي . وكان الهدف الأساسي من تأسيس الحركة الماسونية في البداية (المرحلة الاولى) هو التنكيل بالنصارى واغتيالهم وتشريدهم لمنع انتشار الدين المسيحي , وكانت تسمى حينها بالقوة الخفية . ومع مرور الوقت وانتشار المسيحية اضمحلت الحركة حتى اختفت تقريبا .

وفي العصر الحديث , وبالذات في عام 1770 ميلادي جرى إعادة بعث الحركة الماسونية من جديد (المرحلة الثانية ) حيث تغير المفهوم العام لها واظهرت نفسها على انها حركة تهدف لخلق جمهورية ديمقراطية لا دينيةعالمية , واتخذت لنفسها شعارات براقة مثل: حرية ، أخاء ، مساواة ، إنسانية . وقد عقد الاجتماع الأول لها في نفس ذلك العام في لندن حيث تم تغيير اسم الحركة من (القوة الخفية) إلى (البناءون الأحرار) التي تهدف الى نشر المبادئ الإصلاحية والاجتماعية على مستوى العالم . كما تم تبديل اسم منظماتها من فرسان الهيكل إلى المحفل الماسوني , حيث تم إطلاق اسم محفل إنجلترا الأعظم على محفل لندن . ويستند التنظيم الماسوني العالمي على اقامة تنظيمات محلية تسمى بالمحافل للتجمع والتخطيط والتكليف بالمهام وتضم اعضاء بدرجات مختلفة . ويبلغ مستويات درجات اعضاء التنظيم ثلاثة وثلاثون مرتبة من الادنى الى الاعلى .وقد اتخذت الحركة لنفسها شعار يتكون من فرجار صغير ومثل زاوية لكونهما الأداتان الأساسيتان اللتان تستعملان في البناء .




اخذ الماسونيين يبثون افكار حركتهم على انها حركة تهتم بنشر المساواة وحب الإنسان لأخيه الإنسان ومساعدة المحتاجين والقيام بأعمال الخير , وان منظماتهم أقرب ما تكون الى نوادي اجتماعية يدخلها الناس للمتعة والفائدة لانفسهم وللغير . وكدليل على أعمالهم الخيرية كانت الحركة تتبرع بسخاء للمنكوبين من جراء الحوادث , فقد بعثت الحركة الماسونية البريطانية على سبيل المثال الهبات والمساعدات بملايين الجنيهات لضحايا زلزال المحيط الهندي وضحايا إعصار كاترينا في الولايات المتحدة . ونتيجة لهذا اخذت الحركة تستقطب الكثير من الناس وتتوسع وتمتد بشكل افقي الى معظم البلدان . ويحمل كل ماسوني شعار الحركة بشكل ظاهر كأحدى الوسائل للتعريف عن نفسه او لمعرفة بعضهم البعض , او قد يحمل فرجار حقيقي ومثلث زاوية بدلا من الشعار نفسه . من الناحية العقائدية لا تؤمن الحركة الماسونية بالاديان , بل تعتبر كل ما جاء في الاديان على انه خزعبلات وخرافات , وكثيرا ما يردد الماسونيون كلمة "المهندس الأعظم للكون" كتعبير للدلالة به على الخالق بدلا من التسميات الدينية التقليدية . اما من الناحية السياسية فتنادي الحركة باسقاط الحكومات الشرعية وإلغاء أنظمة الحكم القائمة في البلدان المختلفة واقامة حكومات بديلة تسيطر عليها من خلال رجالها لتتمكن بذلك من نشر مبادئها ومعتقداتها . لذلك كانت الحركة الماسونية وراء العديد من الثورات وحركات التغيير الكبرى التي حصلت في العالم مثل الثورة الفرنسية (1,2) , ولا يستبعد ان تكون ايضا وراء بعض الثورات التي حصلت في وطننا العربي . ومن الناحية الاخلاقية فان الحركة لا تؤمن ابدا بالروابط والقيود الاجتماعية بل تنادي بالاباحية , كما انها تستخدم المرأة والجنس كوسائل لتحقيق غاياتها واهدافها وكسب الاشخاص اليها .

ولا تكشف الحركة الماسونية لأتباعها حقيقة اهدافها إلا بالتدريج وحسب سلم هرمها التنظيمي , اي كلما ارتقى العضو مرتبة أعلى عرف عن حقائق الحركة شيء أكثر . وحين تبدأ بالتحرك في وسط جديد فانها لا تبث عقائدها الالحادية وافكارها المعادية للاديان وتوجهاتها الاباحية مباشرة وبسرعة في ذلك الوسط , بل بالعكس فأن الافكار الذي تبثها في البداية تبدوا براقة وسامية وذات جاذبية للكثير من الناس مما يدفع الكثيرين الى الانخراط بصفوفها دون تردد . وبناء على ذلك استطاعت الحركة ان تؤسس محافل لها في جميع البلدان المتقدمة في اوربا واميركا وان تستقطب الكثير من الشخصيات العالمية ذات الفكر المتوافق مع توجهاتها مثل كارل ماركس صاحب النظرية الاشتراكية وجان جاك روسو وفولتير وغيرهم (2) . وقد امتدت الحركة الماسونية شيئا فشيئا الى العالم الاسلامي من خلال الدولة العثمانية (تركيا) فاستطاعت ان تؤسس محفل لها في اسطنبول العاصمة باسم (الشورى العثمانية العالية) وتضم الى صفوفها السلطان العثماني مراد الخامس حين كان وليا للعهد . وقد احتضنت الحركة فيما بعد حركة الاتحاد والترقي حين كانت في المعارضة وساهمت من خلالها مساهمة فعالة في خلع السلطان عبد الحميد . ثم امتدت الحركة بتنظيماتها الى ممتلكات الدولة العثمانية , وبالذات الى سوريا فاستطاعت ان تؤسس محفل لها في دمشق سمي محفل نور دمشق . وبعد سوريا امتدت الى لبنان فاسست محفل (الحجر الخام) , والى فلسطين فاسست محفل (ابناء العهد) في مدينة القدس . وفي مصر فقد دخلت الحركة الماسونية اليها مع الحملة التي قادها نابليون بونابرت واحتلاله لمصر عام 1798, حيث قام احد جنرالاته ويدعى (كليبر) بتأسيس محفل (ايزيس) كأول محفل ما سوني في مصر . بعد ذلك توالى انشاء المحافل الماسونية في القاهرة والاسكندرية حتى وصل عددها الى 59 محفلا , وقد انتمى اليها الكثير من الشخصيات البارزة المصرية ومن اهمه الخديوي محمد توفيق باشا وجمال الدين الافغاني(3).

أما في العراق فقد تأسس أول محفل ماسوني في البصرة عام 1839 م عن طريق شركة الهند الشرقية ومن قبل شخص أسمه )المستر مور) (3) . وفي مطلع القرن الماضي ساعد الشيخ خزعل أمير المحمرة في تسريب المفاهيم الماسونية الى المجتمع العراقي من خلال صلاته الوثيقة بالانكليز من جهة ونشاطه البارز على المستوى السياسي في العراق من جهة اخرى خصوصا اثناء فترة ترشحه كملك على العراق مما اسفر عن تأسيس محفل (ما بين النهرين) في بغداد عام 1918 م . وبعد منح شركة نفط العراق امتياز التنقيب عن النفط في كركوك عام 1928 تأسس هناك محفل ماسوني ضم كبار موظفي تلك الشركة (3) . وخلال العهد الملكي انتشرت الحركة الماسونية في العراق واسست لها العديد من المحافل في مختلف المدن العراقية , ويظهر ان مجموعة كبيرة من الوزراء والنواب والشخصيات البارزة وكبار الضباط قد انتموا اليها وانضموا الى محافلها . وقد اشير في بعض المصادر الى ان الملك فيصل الاول ونوري السعيد رئيس وزراء العراق في العهد الملكي قد انتميا الى الحركة الماسونية في بعض مراحل عمرهما الا ان ذلك لم يجري تأكيده من مصدر موثوق . اما محمد فاضل الجمالي الذي شغل منصب ووزير الخارجية لعدة مرات وكان رئيسا للوزارء عند حدوث ثورة 14 تموز عام 1958 , فقد اعلن بنفسه اثناء محاكمته في محكمة الشعب بانه كان من المنتمين الى هذه الحركة .

لم تعرف حقيقة الحركة الماسونية واهدافها المؤيدة للحركة الصهيونية ومفاهيمها الهدامة الا بعد وصول بعض أعضائها العرب الى مواقع متقدمة فيها . وفي الواقع فان هذا لم يحصل الا في النصف الثاني من القرن العشرين ,وبالذات في الفترة التي عاصرت تأسيس الكيان الصهيوني , فاخذت الكتابات تنشر عن مباديء هذه الحركة وتتناول بوضوح عقائدها الهدامة والمعادية للامة العربية والدين الاسلامي واهدافها التي تنصب في دعم اسرائيل . ونتيجة لذلك فقد انسحب الكثير من اعضاء الحركة الماسونية العرب منها كما صدرت التشريعات القانونية التي تحضر التنظيمات الماسونية في معظم البلدان العربية . وفي العراق فقد حصل الشيء ذاته اذ اغلقت الكثير من المحافل الماسونية في اواخر الاربعينات بعد انسحاب اعضائها منها . وبعد حصول ثورة 14 تموز عام 1958 تم حل جميع المحافل الماسونية , وحتى ان النية كانت تتجه لمحاكمة المنتمين اليها الا ان رغبة الزعيم عبد الكريم قاسم حالت دون ذلك لشعوره بان الكثير من الناس قد غرر بهم وجرى خداعهم بالمفاهيم البراقة المعلنة لتلك الحركة . وفي عام 1975 صدر قرار من مجلس قيادة الثورة في حينه اعتبر الحركة الماسونية حركة معادية ومؤيدة للصهيونية وقرر ايقاع عقوبة الاعدام على كل من ينتمي اليها .

وعن موضوع انتماء الفنان عزيز علي الى الحركة الماسونية , ونظرا لقلة المعلومات المتوفرة عن هذا الموضوع سيتم تناوله من خلال التحليل والاستنتاج المنطقي عن طريق فرضيتين ممكنتين . الفرضية الاولى , وهي المرجحة , هي في ان يكون موضوع ضبط وثائق سرية للحركة فيها اسم الفنان هو برمته قصة مفبركة الغرض منها الايقاع ببعض الشخصيات الوطنية ذات الماضي الوطني العريق ومن بينها الفنان عزيز علي . ومما يؤيد هذا الرأي هو ان محاكمة اشخاص عن تهمة مر عليها اكثر من ثلاثين عاما وبموجب قرار صدر بعد الجريمة بمثل هذه المدة هو امر يصعب الاقتناع به وبسهولة . كما ان وقائع المحاكمة وخلوها من اي عرض للادلة التي تؤكد مثل هذا الادعاء وأقتصار جلستها على مجرد توجيه الاتهام وانتهائها بسرعة فائقة هو امر اضافي يمكن ان يدفع الى الاقتناع بوهمية هذه القصة تماما . لقد كان الفنان عزيز علي شخصا وطنيا محبا لبلده ومعاديا للاستعمار , كما انه كان غير راضيا عن الحكم الملكي وطريقة ادارته للبلاد ووقوع معظم شرائح المجتمع في ظله تحت طائلة الفقر والجهل والمرض . وكدليل على وطنية هذا الفنان هو تعرضه للاعتقال مرات عديدة , بل انه كان يلعب مع السلطة لعبة القط والفأر اذ كان يتخفى ويبتعد عن الانظار بعد كل منلوج وطني يقدمه . كما ان تهجمه على الشخصيات المتنفذة في ذلك الحكم والتي يعتقد بانها أيضا منتمية للحركة الماسونية ومن اهمها نوري السعيد كان دليلا قويا على وطنيته المخلصة اولا وبعده عن مثل هذه الحركة ثانيا , اذ كيف يمكن له ان يهاجم اشخاص يشاركونه بالانتماء لنفس التنظيم . واخيرا فان احتواء بعض منلوجات الفنان عزيز علي على عبارات هاجم فيها قيام اسرائيل بقوة ومهاجمته ايضا لبعض الانظمة العربية التي تواطئت وساعدت في تأسيس ذلك الكيان هو دليل اضافي على عدم انتمائه لتلك الحركة , والا كيف يمكن له ان يكون منتميا لحركة تاسست من اجل اقامة دولة اسرائيل وهو في نفس الوقت يهاجم هذا الكيان بكل ما اوتي من قوة .

اما الفرضية الثانية , وهي الاقل ترجيحا , فهي في ان يكون الفنان عزيز علي قد انتمى فعلا للحركة الماسونية وان الوثائق التي ضبطت كانت موجودة فعلا . ان التبرير الوحيد لهذه الفرضية هو ان يكون الفنان عزيز علي قد انخدع بالمفاهيم البراقة المعلنة لتلك المنظمة والتي ربما وجدها تتطابق الى حد ما مع افكاره الوطنية . قد يكون الفنان قد تصور في البداية بان مثل هذه المنظمة يمكن ان تساعد في تغيير نظام الحكم الملكي وبالتالي تخليص الناس من الاوضاع السيئة التي يعيشون بها . وبالتأكيد ان ما دفع الفنان عزيز علي لمثل هذا التصور هو تطلعه لأن يتحرر العراق من نير الاستعمار وتتحرر طبقات الشعب الفقيرة من الظلم وتمضي في دروب التقدم والتحضر والتطور والوصول الى مصاف المجتمعات المتقدمة . كل ذلك كان يتضح من اشعاره واغانيه ومنلوجاته التي كان يؤلف كلماتها ويلحنها بنفسه . لذلك فلابد وان عزيز علي ظن بان الحركة الماسونية وعلى ضوء شعاراتها البراقة ربما تملك الامكانية لتحقيق ما يتمناه فانخدع بها كما انخدع المئات غيره . وحتى لو كانت هذه الفرضية صحيحة فان من الواضح معها بان عزيز علي قد تدارك الامر وانفصل عن الحركة الماسونية في اواسط الاربعينات بدليل ان وثائق المحفل الذي كان منتميا اليه والتي ضبطت عام 1975 كما ادعي بينت بان المحفل اغلق وتوقف عن مزاولة نشاطه قبل اكثر من ثلاثين عاما من ذلك الوقت . ان اقرب تفسير لهذا هو ان المنتمين لذلك المحفل عرفوا حقيقة اهداف الحركة الماسونية وتأييدها للصهيونية العالمية بعد دخول المساعي لاقامة دولة اسرائيل موضع التنفيذ بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية , وانهم قد انسحبوا من المحفل وتوقفوا عن اي نشاط لصالح الحركة الماسونية بعدها . وحتى في ظل هذا الاحتمال فان الحكم على الفنان عزيز علي بالسجن لمدة 15 سنة بعد مضي اكثر من ثلاثين عاما على تركه تلك المنظمة هو في الواقع ظلم كبير له واساءة الى ماضيه الوطني العريق .

ان الميزان يميل بقوة الى ترجيح فكرة عدم انتماء عزيز علي للماسونية ابدا للاسباب المبينة اعلاه , وان اتهامه بتلك التهمة كانت على الاغلب مفبركة للاساءة اليه والى تاريخه الوطني . لذا فنحن نرى من هذا المنبر بان من الضروري ان يعاد الاعتبار للفنان الكبير عزيز علي على المستوى الرسمي في العراق , وان تدحض تلك التهمة عنه وترفع من سجله وتاريخه الوطني المشرف . نحن واثقين بان السلطات المعنية ستولي مثل هذا الامر اهتمامها الكبير وتعيد نصاعة صورته البيضاء في الوسط الفني العراقي . رحم الله فنانا الراحل الذي كانت حياته صفحة لامعة من سجل العراق الفني والوطني , والذي كانت منلوجاته بكلماتها الرائعة والمعبرة تنطبق على كل زمان وعلى كل مرحلة من مراحل تاريخ بلدنا .

المصادر
(1) الماسونية – محمد الحداد – الحوار المتمدن
(2) اللادينيون العرب لادينيون فعلا أم عملاء للماسونية – عبد الله المنشد – منتدى التوحيد
(3) الماسونية في الشرق العربي – ميشال سبع - سلسلة اعرف عدوك
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg عزيز علي 10-2.jpg‏ (62.6 كيلوبايت, المشاهدات 156)
نوع الملف: jpg شعار الماسونية.jpg‏ (20.2 كيلوبايت, المشاهدات 155)
__________________
  #10  
قديم 23/03/2011, 04h03
الصورة الرمزية وسام الشالجي
وسام الشالجي وسام الشالجي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:109869
 
تاريخ التسجيل: November 2007
الجنسية: عراقية
الإقامة: الأردن
المشاركات: 771
افتراضي رد: الاحتفالية الكبرى لمئوية ميلاد الفنان عزيز علي

اخوتي الاحبة من اعضاء المنتدى وزواره

باسم منتدى سماعي للطرب العربي الاصيل وباسمي وباسم لجنة احتفالية مئوية ميلاد الفنان عزيز علي اشكركم جميعا على ما ترفعونه من مساهمات ومشاركات وتعقيبات .

نحن مدعوين جميعا لكي نرفع كل ما يتوفر تحت ايدينا من

كلمات او مقالات او صور او تسجيلات او افلام

عن فنان الشعب الساخر

عزيز علي

لكي نحول هذه الاحتفالية الى شيئين , الاول هو جعلها مناسبة لتخليد ذكرى هذه الفنان في مئوية ميلاده , والثاني ان نجعل من هذه الاحتفالية موسوعة تضم كل ما يراد ان يعرف عن هذا الفنان . ارجو عدم الاكتراث اذا تكررت المشاركات من دون قصد لاننا لن نتجه الى حذفها أبدا خلال ايام الاحتفالية , اما بعدها فسنقوم نحن كمشرفين باعادة ترتيبها وتنسيقها لكي تتحول بالفعل الى تسمية

(موسوعة الفنان عزيز علي في ذكرى ميلاده المئوية)

اشكركم مرة اخرى , ودمتم للمنتدى ولنا ولوطنكم العزيز

(العراق)
__________________
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 16h03.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd