* : فاطمة نوري (الكاتـب : غريب محمد - - الوقت: 20h06 - التاريخ: 07/11/2025)           »          برلنتي حسن- 1932 - 5 مايو 1959 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : Omar Saleh - - الوقت: 19h47 - التاريخ: 07/11/2025)           »          حفل اذاعة الاغانى النادر فى الخميس الأول من كل شهر (الكاتـب : حازم فودة - آخر مشاركة : محمد عمر الجحش - - الوقت: 18h30 - التاريخ: 07/11/2025)           »          أحمد شيخ (الكاتـب : لؤي الصايم - - الوقت: 11h03 - التاريخ: 07/11/2025)           »          أغاني منوعة بأصوات لبنانية (الكاتـب : esb_a - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 08h45 - التاريخ: 07/11/2025)           »          محمد زين (الكاتـب : عـابر سبيل - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 08h27 - التاريخ: 07/11/2025)           »          مصطفى كريديه (الكاتـب : Talab - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 08h24 - التاريخ: 07/11/2025)           »          خليل المير (الكاتـب : غريب محمد - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 08h20 - التاريخ: 07/11/2025)           »          مطرب مجهول الهوية .. من هو ؟ (الكاتـب : abo hamza - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 08h14 - التاريخ: 07/11/2025)           »          وداد (بهية وهبي) (الكاتـب : hamzeh_r - آخر مشاركة : عطية لزهر - - الوقت: 07h21 - التاريخ: 07/11/2025)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > الموروث الشعبي والتراث الغنائي العربي > المغرب العربي الكبير > المغرب الأقصى > الدراسات والبحوث في الموسيقى المغربية

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 11/01/2011, 02h37
kamalkirfa kamalkirfa غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:458439
 
تاريخ التسجيل: September 2009
الجنسية: مغربية
الإقامة: كند
المشاركات: 31
افتراضي رد: مجموعة جيل جيلالة

كانت لجيل جيلالة مشاركات دولية عدة في مختلف القارات الخمس تمكنت خلالها هذه
الفرقة من التعريف بالغناء التراثي المغربي من جهة ، ومن إبراز نمط تفكيرجيل السبعينات من بلاد المغرب الاقصى، الذي أخذ يعبر عن همومه وتطلعاته، سواء بواسطة الغناء او غيره من الابداعات الفنية الاخرى.
من بين المشاركات التي ظلت راسخة في ذاكرة مولاي الطاهر الاصبهاني، كما يروي في هذه السلسلة، تلك التي قادت الفرقة الى العربية السعودية سنة 1979 حين نظمت وزارة الثقافة الاسبوع الثقافي المغربي هناك والذي شارك فيه ، الى جانبهم، عدد من نجوم الاغنية المغربية كمحمد الحياني وعبد الهادي بلخياط والدكالي ومحمود الادريسي، بالاضافة الى الجوق الاندلسي والفنان المرحوم ابو الصواب وغيرهم... و كان على الوفد الفني المغربي ان يقدم أربعة عروض في كل من الدمام والظهران وجدة الرياض.
كنت شعبية بلخياط والحياني والدكالي تسبقهم في السعودية، اما بالنسبة لنا ، يقول مولاي الطاهر، فرغم ان السعوديين كانوا يسمعون عنا الا ان اي لقاء مباشر لم يجمعنا معهم... أذكر ان مستوى التجاوب مع اعمالنا كان بحجم التجاوب مع الفنانين الآخرين، لكن في الرياض سيزداد التجاوب اكثر، خصوصا حينما أدينا اغنية القدس لكاتبها الصحفي المرحوم بنعيسي الفاسي:
«يا الخالقني صار كل عربي في ارضك مشطون
وكل كلامك عدل وإحسان
لين بهاد القهرة طغى سكين الصهيون
ومن بلاهم فانياني شلا أحزان
العربي خويا جيل واحد
قاهراه الغربة
العربي خويا وقلب و احد
دامياه الحربة
العربي خويا وشحال من عربي ساكن خربة» .
كان جمهور الرياض يتألف من مسؤولين سياسيين ومثقفين وفنانين لم يتحرك طيلة
أدائنا للأغنية وبعد انتهائنا سيظل صامتا برهة قبل ان تنطلق موجة من التصفيق تلتها المطالبة بإعادة الاغنية. وبعد السهرة طلب منا تسجيلها مع اغان أخرى للتلفزة السعودية .أكثر من هذا فإن الامير فهد بن سلطان ، أمير الرياض انذاك، دعانا إلى قصره، حيث جاء من ابلغنا بأن الامير يريد ان يلتقي بجيل جيلالة لوحدها. اعتقدنا أنه سيطلب منا أن نغني في قصره، لكن عكس ذلك الاعتقاد، فقد كانت دعوة للنقاش، وتبادل الآراء والدردشة . سألنا عن المدن التي ننتمي اليها، وعن السر في جعل الشباب المغربي يتعاطى مثل هذه الالوان الغنائية وما الى هذا. و قد كان على إلمام كبير بتفاصيل
الحياة المغربية.
رحلة اخرى ظلت موشومة في ذاكرة الاصبهاني وهي رحلة طوكيو، فقد تمت دعوة
جيل جيلالة في سنة 1986 للمشاركة في فعاليات المهرجان الافريقي بطوكيو وسيرافقهم في هذه الرحلة الفريدة أحمد الشريف الادريسي عازف «الساكسو»
بالجوق الوطني وعمارعازف «السانتيتيزور» وبلخياط عازف «الطرومبيت»، وهي
الرحلة التي سيغيب عنها عبد الكريم قسبجي صاحب الصوت الرائع داخل المجموعة. فكيف غاب هذا الصوت عن هذه الرحلة الهامة، خصوصا وان الاختيار وقع على جيل جيلالة دون غيرها لتمثيل المغرب والمغرب العربي؟
يروي مولاي الطاهر، وهو يستجمع شتات ضحكه، بأن سبب غياب عبد الكريم كان
بسيطا جدا، فالرجل لم يصدق ان الطائرة قد تصل الى اليابان وبأنه لابد وأن
تسقط في اي مكان من الكرة الارضية ! فعند بلوغنا المطار، يقول مولاي الطاهر، لركوب الطائرة التي ستقلنا الى باريس ومن هناك الى طوكيو، علم عبد الكريم أن الرحلة المتجهة من باريس الى طوكيو ستكون مباشرة وتستغرق ازيد من 12 ساعة، وبعد قيامنا بالاجراءات الادارية داخل المطار سيتركنا في قاعة الانتظار ويطلب من أحد رجال الامن السماح له للعودة الى البهو ، لأنه نسي شيئا مهما. وهو ما تم ، لكن منذ تلك اللحظة لم نره!! كنا نعلم بطبيعة الحال تخوفه من مثل هذه الرحلات، لذلك لم نستغرب، غير أن الجميل انه لما عاد الى بيته وجالس والده الذي كان يتفرج على التلفزة، أذيع خبر مشاركة جيل جيلالة بطوكيو، فالتفت اليه والده مستغربا «اش بارك كادير حدايا ؟!»
بطوكيو ، يسترسل مولاي الطاهر، سأفاجأ بتنظيم عجيب لم اشهده من قبل سواء من حيث دقته أو طريقة تسطيره، فلدى وصولنا الى الفندق سيوزع علينا البرنامج الذي يجب ان نلتزم به ، وهو برنامج مكثف يسطر لقاءاتنا مع الصحافة اليابانية يوميا ، والاماكن التي سنؤدي فيها عملنا وتوقيتها والندوات التي سنحضرها واللقاءات الهامشية للمهرجان. وكان علينا ان نلتزم بكل ذلك، وهو الشيء الذي لم نكن متعودين عليه ففي الثامنة صباحا مثلا يجب ان نجيب عن اسئلة مختلف المنابر الاعلامية. وفي العاشرة علينا ان نغني في
الاماكن المخصصة الى ذلك، وبعد الزوال المشاركة في اوراش، و في الليل نعود الى خشبة الغناء.

كانت الصحافة اليابانية التي كتبت عنا كثيرا في هذا المهرجان، تسألنا عن الآلات التي نستعملها وهل غناؤنا يشكل معارضة في البلاد؟ ومن اين نستوحي تلك الانغام؟... لم تكن صحافتهم مشدوهة، بل كانت تريد ان تعرف كل كبيرة وصغيرة عنا وعن الاغاني التي نؤديها.
وللتاريخ ، يقول مولاي الطاهر، لأول مرة في تجربتنا نحس اننا بالفعل نعامل كفنانين ليس فقط من جانب اليابانيين، بل ايضا من طرف الجانب المغربي، فسفير المغرب بطوكيو آنذاك السيد عبد العزيز بنجلون خصنا باستقبال رفيع، بحيث وجدنا وفدا من السفارة يستقبلنا في المطار ويرحب بنا ، وضع رهن اشارتنا كل ما نحتاج اليه. اكثر من هذا فمعظم الايام التي قضيناها هناك كان يدعونا الى منزله وكنا نحس اننا في بلدنا ومع اقاربنا ،بل اكثر من هذا أننا فنانون نمثل بلدنا فعلا.
هذه السنّة سنقف عليها ايضا في سنة 1993 بواشنطن من طرف السفير محمد بلخياط، وايضا في 2003 من قبل سفير المغرب بالجزائر سعيد بريان، دون أن ننسى السفير المغربي في سوريا قبل ذلك .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11/01/2011, 02h44
kamalkirfa kamalkirfa غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:458439
 
تاريخ التسجيل: September 2009
الجنسية: مغربية
الإقامة: كند
المشاركات: 31
افتراضي رد: مجموعة جيل جيلالة

كانت مسيرة جيل جيلالة حافلة بالمشاركات الدولية، بعضها يظل موشوما في ذاكرة هذه الفرقة التي أتحفت ـ ولاتزال ـ المغاربة لثلاثة عقود، ففي سنة 1994 ستكون لجيل جيلالة رحلة استثنائية إلى لبنان، هذه المرة ليس للمشاركة في حفلات ، كما جرت العادة بذلك، ولكن من أجل إنجاز عمل فني كبير مع الفنان عبد الحليم كركلا وفرقة الرحباني الموسيقية.
يتذكر مولاي الطاهر الأصبهاني أن أول لقاء مع الفنان عبد الحليم كركلا كان في أواخر الثمانينات بتونس ، حيث لم تكن الفرقة تعرف الرجل، يقول مولاي الطاهر: كنا في قرطاج نشارك في فعاليات المهرجان هناك، كانت مشاركتنا ، كما هو معتاد، في هذه المناسبة تلقى إقبالا كبيرا، بعد انتهائنا سيتقدم نحونا رجل، أذكر أنه كان مصابا بكسر في يده، كانت لهجته مشرقية، أبدى إعجابه بأغانينا قبل أن يقدم لنا نفسه بالقول: «أنا اسمي عبد الحليم كركلا
من لبنان وأود أن تشاركوني في عمل أنجزه ». رحبنا بفكرته وأبلغناه أننا على استعداد للتعاون. أخذ أرقام هواتفنا المنزلية، ثم افترقنا.. في سنة 1994 سيتصل بنا شخص من لبنان ويخبرنا أنه يريد أن نلتحق ببيروت لتسجيل بعض الاغاني، رحلنا الى هناك، وبينما نحن في الاستوديو ، سيدخل علينا عبد الحليم كركلا، كنا إذاك قد عرفنا انه أخصائي بـ «الكوريغرافي» وأنه من الفنانين الكبار ببلاد الأرز، وأنه يتلقى دعما ماليا كبيرا من رفيق
الحريري لإنجاز أعماله المتميزة وتعمل معه فرقة موسيقية تتشكل من عشرات العازفين. بعد واجب الترحاب أسر لنا أنه يود توظيف بعض اغانينا في أحد اعماله الكبرى التي سيعرضها في عواصم العالم ومدنها الأثرية، وجدنا انه أعد كل شيء وتصوره واضح للعمل، بل أكثر من ذلك أنه اختار اغاني جيل جيلالة التي يريد توظيفها... كان اختياره قد وقع على اغاني «الكلام المرصع» و«الدورة» و«الحمد والشكر» . رحبنا بمقترحه ودخلنا للاستوديو قصد الشروع في التسجيل، وكنا نفاجأ بحضور منصور الرحباني الذي علمنا فيما بعد انه هو من سيقوم بالتوزيع الموسيقي للعمل.

سجلنا اغنيتي «الكلام المرصع والدورة» أما «الحمد والشكر» فلم نسجلها إلا بعد ان عدلنا كلماتها.. مكثنا هناك 15 يوما توطدت خلالها علاقاتنا بكركلا، الذي أصبح يجالسنا يوميا ويستمع الى اغانينا ، وكلما استمع لأغنية لم يكن قد أنصت إليها من قبل، الا وطلب منا ان نسجلها للعمل، فكنت أرد عليه مازحا «خاصك تألف» ، و كان هويستغرب لهذا الجواب فاستفسرني في احدى المرات «كيف تقول لي خاصني نألف والاغاني مؤلفة أصلا؟» ، فأجبته «تألّف» أي أن تسخى للفرقة ب«ألف دولار ، ألفين... وهكذا، لأن حد التعاون هو ثلاث أغان ، وقد منحناها لك» ! فدخلنا جميعا في هيستيريا من الضحك.
كان الرجل بسيطا وودودا خلق معنا علاقة صداقة متينة حتى أننا لم نأخذ شريط العمل الى أن سمعنا الناس هنا في المغرب يتحدثون عن عرض قُدم بمدينة وليلي وكانت فيه جيل جيلالة رائعة، واشترينا الشريط كسائر خلق الله.
إن كنه هذا العمل، يتابع مولاي الطاهر، هو أداؤنا لأغانينا بالشكل الذي نقدمه بها ويقوم الجوق الموسيقى بالعزف وتتوزع الجمل الموسيقية والكلمات بشكل سانفوني جميل واحتفظ أيضا بأصواتنا التي أعجبته كثيرا ووظفت في هذه المقطوعات.. قبل عودتنا الى المغرب بأيام قليلة، أُبلغنا بأننا مدعوون الى بيت إحدى الشخصيات البارزة في لبنان ، ويتعلق الأمر برفيق الحريري.
يقول مولاي الطاهر، لم أكن أتوقع اننا سنستقبل في بيت هذا الرجل ذي المكانة المتميزة عربيا ودوليا، بتلك الحفاوة، لم يكن رفيق الحريري موجودا، كان أبناؤه وزوجته وشخصيات سياسية منهم وزراء ومسؤولون في الاحزاب اللبنانية بالاضافة الى فنانين، تصور أنه لدى دخولنا ، وقف الجميع من مكانه، «صُعقت» فعلا من هذه اللباقة والمستوى الرفيع من تقدير الآخر...
«مْعلوم»، يضيف مولاي الطاهر، فهكذا هو تصرف الطبقة المتنورة حقا لاادعاء ، وخبرت ساعتها ما معنى مصطلح «التحضر».. ومع ان الدعوة كانت ترحابية فقط للفرقة قررنا ان نغني لهؤلاء الناس، وقد أعجبتهم أغنية «الشمعة» كثيرا ، خصوصا زوجة رفيق الحريري ، كما أدينا أغاني أخرى... المهم أنني وقفت على حقيقة هذه العائلة ، فهي بالفعل عائلة راقية وتشكل
البورجوازية الوطنية الحقة، تعشق الفنون والثقافات ، وتدعمها ماديا ومعنويا ، وليس هاجسها هو الاسمنت والترامي على الصفقات، وفهمت لماذا تعد بيروت عاصمة الفنون والثقافة لأن فيها مثل تلك العائلات التي تدفع بكل ماهو جميل إلى الأمام، وبكل ما يجعل بلدها نقطة جذب للعالم.
قبل رحلة لبنان كان لجيل جيلالة موعد مع الجمهور الامريكي بثلاث مدن وهي نيويورك، بوسطن وواشنطن، حيث اتخذ أحد المنظمين يسمى حسن، مبادرة إقامة عروض لجيل جيلالة في هذه المدن الامريكية، اعتقد أعضاء الفرقة انهم سيغنون للجالية العربية هناك، لكنهم في الحفلات الثلاث سيجدون أمامهم حتى الجمهور الامريكي ، ولكثرة إعجاب المستضيفين بأغاني جيل جيلالة، سيمنحونهم حتى مداخيل تذاكر المسرح بواشنطن، رغم أن جيل جيلالة اخذت مستحقاتها عن عروضها الثلاثة في المغرب!
ما أعجب مولاي الطاهر خلال هذه الرحلة التي سيستقبلهم فيها السفير المغربي بلخياط والتقوا عنده بالفنان محمد جبران، هو المنظم حسن الذي يعشق المغرب ويريد ابراز مؤهلاته .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11/01/2011, 02h48
kamalkirfa kamalkirfa غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:458439
 
تاريخ التسجيل: September 2009
الجنسية: مغربية
الإقامة: كند
المشاركات: 31
افتراضي رد: مجموعة جيل جيلالة

حين ظهرت جيل جيلالة في سنة 1972، كثر الحديث عن علاقتها بناس الغيوان وفُتح باب التأويل والتحليل على مصراعيه، هناك من ذهب به التفكير إلى أن هذه الفرقة خرجت للوجود لمنافسة ناس الغيوان التي كانت في أوجها وتمردت على المحيطين بأبيها الروحي، الذي كان أعضاء «ناس الغيوان » تلامذة في مسرحه، ومنهم من ذهب أبعد من ذلك واعتبر ان جيل جيلالة هي صناعة مخزنية محضة الهدف من تأسيسها التشويش على تجربة الغيوان، باعتبار أن هذه الأخيرة فرقة «ثورية» أرادت قول شيء وهناك من لايرضيه توجهها! فهل فعلا يعد كلام الغيوان الذي ظهرت به في الوهلة الأولى ثوريا؟!
أدت هذه المجموعة عند ظهورها أغاني: الصينية وقطتي صغيرة والله يا مولانا، وكولو ليامنا تاتيني... أي أنها اعتمدت كلاما صوفيا لكنه رائع المعنى، وكانت «ثورة» الفرقة تتجسد في «التمرد» على النمط الغنائي السائد المستوحى من الشرق العربي، واستعمالها لايقاعات من عمق التراث المغربي ، وهو الذي هز الجميع.

تتضارب الآراء حول هذه النقطة، لكن كلما نوقش هذا الموضوع مع مهتم تجد أنه لا يحفظ كلمات أغاني الغيوان عن ظهر قلب ولا حتى جيل جيلالة، فقط يردد شذرات ، وغالبا يرددها خاطئة لفظا ولحنا وحتى على المستوى الدلالي ، الذي غالبا ما يطبعه التكلف! وأتحدث دائما عن الاغاني الأولى لناس الغيوان...
إذن كيف ستوظف جهة ما المجموعة الوليدة بهدف التضييق على الأولى ، ومن ثم التشويش على صورة البداية الأولى؟!
يحكي مولاي الطاهر بأن تأسيس المجموعة لم يكن مدروسا، فقد اتصل به حميد الزوغي وطرح عليه الفكرة فأعجبته ولم يكن أعضاء الفرقة يعرفون بعضهم حتى يتفقوا على «مؤامرة» معينة.
في الوهلة الأولى عقد حميد الزوغي ، كما أشرنا إلى ذلك في حلقة سابقة، لقاء بين سكينة ومحمود السعدي ومولاي الطاهر ولم يكن أي منهم على معرفة بالآخر، واقترح مولاي الطاهر على الزوغي بأن يأتي بمحمد الدرهم الذي لم يكن الزوغي على معرفة به بعدما أبلغه مولاي الطاهر بأنه زجال ويعمل مع محمدعفيفي بالمسرح البلدي لمدينة الجديدة .

هكذا تم اللقاء وهكذا كانت البداية وكان محمد شهرمان أول ناظم للفرقة ، وهو من كتب أغنية «الكلام المرصع» وأتمها محمد الدرهم، وتمت المناداة على عبد الرحمان باكو الذي كان يبحر في عوالم «كناوة» بمدينة الصويرة ... هذا التجميع يطرح سؤالا بديهيا مفاده : كيف لأشخاص لاعلاقة قبلية بينهم أن يتآمروا للتشويش على أي كان ؟
كان ظهورالفرقة قويا ، بحيث كانت أكثر تنظيما وأكثر تنسيقا ، سواء على مستوى الإيقاع، حيث تم الاعتماد في أول أغنية للفرقة «الكلام لمرصع» على إيقاع أقلال وهو من أصعب الايقاعات المغربية، هذا الايقاع الذي لم تستعمله فرقة ناس الغيوان إلا في أواسط الثمانينات فى أغنية «زاد الهم» ، أي بعد حوالي خمس عشرة سنة عن التأسيس، وكان ضمن المجموعة طبعا الكناوي عبد الرحمان باكو.
كان ظهور جيل جيلالة قويا وجلب إليه الجمهور، لكن ظهورها ظل تكميليا للغيوان وليس مضادا.. نفس المعاني في الكلمات ونفس الاجتهادات على مستوى الايقاعات والأنغام.
يقول مولاي الطاهر لابد من الإشارة إلى أن موضوع التنافس أو غيره مع مجموعة ناس الغيوان لم يكن يطرح بتاتا بيننا، فقد كنت صديقا لبوجميع وكنت أعاشره أكثر مما يعاشره زملاؤه في الفرقة وأكثر ما كنت أعاشر زملائي في فرقة جيل جيلالة، فنحن أبناء المسرح ولم تكن الضغائن من شيم أي مسرحي..

لقد تقاسمت مع بوجميع الفقر والغناء في المسرح والتمارين والسهر وكل شيء، كذلك الشأن بالنسبة للعربي باطما .. كنا أصدقاء نجتمع ـ صحبة أصدقاء مشتركين ـ في منزله أو في منزلي أو في بيت أي صديق ولم يسبق ان طرح أي إشكال من هذا النوع بين أعضاء الفرقتين، وأعتقد أن أمر الخلاف ، كان مجرد وهم في أذهان البعض ممن يحبون الاصطياد في الماء العكر، فنحن والغيوان «أولاد باب الله» ولم يكن سننا يتجاوز العشرينات، كنا شبابا نعبر عما نحس به سواء عبر المسرح أو من خلال الموسيقى، كما أن معظمنا كان يغني في المسرح أو مع كناوة ، كما هو الشأن بالنسبة لي وللدرهم وباقبو وعبد الكريم وعبد الرحمان باكو، وعبد العزيز الطاهري، والأمر ذاته ينطبق على العربي باطما وبوجميع وعمر السيد.
كنا نحترم الغيوان ويبادلوننا نفس الاحترام، وإذا لم تكن ذاكرة المتتبع قصيرة، فإنني أذكر أننا والغيوان قمنا بأعمال مشتركة أداوا فيها أغانينا وأدينا أغانيهم ، كان ذلك في أواسط الثمانينات ، كما غنينا خارج أرض الوطن مجتمعين، حيث كان أول غناء مشترك بيننا في سنة 1974 في حياة بوجميع ، رحمه الله، إذ غنينا في الملعب الشرفي آنذاك بالدار البيضاء عدة أغاني رحب بها الجمهور كثيرا، وذلك بمناسبة ذكرى تأسيس الأمن الوطني.
من هذا الأحمق، يتساءل مولاي الطاهر، الذي يفكر في أن يعادي بوجميع؟ لقد كان الرجل يحمل كل معاني «الانسان»، كان متسامحا إلى أبعد الحدود وفنانا «مجنونا » وصوته أجمل أصوات المجموعات، أضف إلى ذلك أنه ممثل كبير وله تقدير خاص عند الجميع، ومن يعرف بوجميع يعلم أنه كان أكبر من أن يدخل في ترهات الإشاعة...
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11/01/2011, 02h55
kamalkirfa kamalkirfa غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:458439
 
تاريخ التسجيل: September 2009
الجنسية: مغربية
الإقامة: كند
المشاركات: 31
افتراضي رد: مجموعة جيل جيلالة

استطاع فنان المسرح الطيب الصديقي ان يقلب حياة مولاي الطاهر الاصبهاني راسا على عقب. فهذا الشاب القادم من مراكش الى ادغال الدار البيضاء في اوائل السبعينات، كان يمارس المسرح في مسقط رأسه كهاو. وكسائر خلق الله تمكن من الحصول على وظيفة بوزارة الفلاحة.
كان ينفق مدخوله منها على اعضاء الفرق التي يشتغل معها بمراكش ويوزع ماتبقى على العائلة، ومع ذلك كايشيط الخير كما يقول مولاي الطاهر.
الولع بالمسرح والعشق له جعل مولاي الطاهر يشارك، يتعقب اي تكوين في هذا الباب كي يصقل موهبته. يذكر مولاي الطاهر انه منذ الصغر كن مولعا بل مسكونا بالمسرح والخشبة. لم يكن يتجاوز عمره السبع سنوات عندما صعد الى الخشبة امام المهدي بن بركة وعبد الله ابراهيم ووطنيين اخرين، ليشبعهم ضحكا، كان ذلك في اطار مخيمات الكشفية.
كان المنظمون قد اقاموا حفلا ترحابا بالضيوف، شارك فيه اليافعون والشباب، لكن مولاي الطاهر اصران يؤدي شيئا لم يكن في تلك اللحظة على معرفة بالحاضرين. وصعد ليغني احدى اغاني محمد عبد الوهاب، ليشرع في تمزيق الاغنية و «يتبرع» في تمزيقها على مسمع من الجميع، الذين لم يتوقفوا عن الضحك. عندما كبر مولاي الطاهر سيخبره. المناضل احمد بوخريس احد قياديي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ورفيق المرحوم عمر بنجلون في تأسيس الصحافة الجادة (جريدتي الهدف وفلسطين) بان بنبركة وعبد الله ابراهيم حضرا هذا المشهد.
في سنة 1971 كان الصديقي يشرف على تكوين بالمعمورة بمعية الطيب لعلج. وكان
على معرفة سابقة بمولاي الطاهر،حيث كان يراه خلال مهرجانات مسرح الهواة. فطلب منه ترك الوظيفة والالتحاق بالمسرح البلدي بالدار البيضاء كما اشرنا الي ذلك في حلقة سابقة منذ تلك الفترة يقول مولاي الطاهر اصبحت لصيقا بالاستاذ الصديقي وشاركت معه في اروع الاعمال التي ابدعها، ومنها مقامات بديع الزمان الهمداني التي صنع الصديقي ديكورها بحروف عنوان المسرحية. ومنها جنيت اول مبلغ مالي مهم مكنني من الحصول على شقة في حق العنق بالدارالبيضاء، كان ذلك بالقصر الملكي، حيث عرضنا هذا العمل ودخل الملك الحسن الثاني رحمه الله في الرواية. وتبادل مع الممثلين الحوار، وبعد انتهائنا من العرض، حرص ان نسلم مستحقاتنا في الحال، لانه كان على سابق علم ان بعض من كانوا يكلفون من الحاشية بالقيام بهذه المهمة كانوا يضعون ايديهم على
اموال الفنانين.

من هناك ذهبت الى صديق كان قد وعدني بان يجد لي شقة مقابل مبلغ مالي معين، فمنحته ما وهبني اياه الملك لتصبح لي شقة بعد طول تسكع في احياء الدار البيضاء.
شاركت ايضا مع الصديقي في مسرحية الحراز عندما سجعلها للتلفزة وقد اعطاني الدور الذي لعبته قفزة في حياتي الفنية. كما شاركت معه في «النور والديجور» وغيرها من الاعمال.
في سنة 1991 سيطلبني الطيب من جديد للمشاركة في عمل ابداعي اخر وهو »الشامات السبع« التي اسميها انا «الشامات الثمان» لان خلالها، سأرزق بابني جواد.
استغرق ديكور هذا العمل من الصديقي ازيد من خمسة اشهر . فالمسرحية كانت تتحدث عن حضارات دول البحر الابيض المتوسط. وكلما عرجنا على حضارة معينة كانت تنزل لوحة مرسومة باليد تعبر عن ذلك البلد. وقد اختار الصديقي من المغرب مدينة الصويرة وطيور النورس بها وكذلك الولي الصالح سيدي مكدول، شارك في هذا العمل كل من الفنانين مصطفى سلمات وخليلي وعبد الرزاق الصديقي والزياني وقمت بمعية الملحن عبد الرفيق الشنكيطي رحمه الله باعداد وتلحين اغاني المسرحية. بشراكة مع المركز الثقافي الفرنسي قمنا بجولة في ربوع المغرب. كان من ضمنها الدار البيضاء حيث قدمنا عرضا بمركب محمد زفزاف بالمعاريف، وبينما كنا نؤدي التحية للجمهور، بدت لي اخت زوجتي في حالة غير طبيعية، كان الانزعاج باديا عليها، كانت تلوح لي بيديها كي انزل من الخشبة وهو ما قمت به، لتخبرني بان زوجتي اشتد عليها المخاض، وقد نقلت على وجه السرعة الى المصحة وعلى ان الحق بها خرجت من هناك مباشرة الى المصحة،مكثت بجانبها الي ان وضعت طفلنا جواد، ذهبت الي ادارة المصحة، وعلمت ان ما علي دفعه كواجب الولادة هو 700 درهم، لم اكن اكسب منها درهما، ذهبت الى بيت الصديقي، سألني عن احوال زوجتي والطفل وحكيت له القصة، فاتصل باحد المسؤولين الذي يعرفه جيدا، فاعفاني الاخير من اداء المبلغ المذكور.
من هنا سنحمل عملنا الى باريس وبالضبط مسرح «لوفر» حيث سنقدم 15 عرضا بشكل يومي.

كان الصديقي في اوج عطائه. فقد كان يصول في الخشبة لوحده واقتصر دورنا على الغناء وبعض الحوارات القصيرة جدا. لقي العمل اقبالا من طرف الفرنسيين. فنظمت ادارة المسرح في الأخير حفلا كبيرا تكريما للصديقي حضره مسؤولون سياسيون فرنسيون وفنانون بينهم جون لونورمان» و «جون مازيل» احدلمختصين في الافلام الوثائقية والتي تهم المغرب أساسا.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11/01/2011, 03h01
kamalkirfa kamalkirfa غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:458439
 
تاريخ التسجيل: September 2009
الجنسية: مغربية
الإقامة: كند
المشاركات: 31
افتراضي رد: مجموعة جيل جيلالة

رغم أن فرقة جيل جيلالة كانت تبدو أكثر تنظيما من غيرها من المجموعات الغنائية الاخرى ، وكان يطبع سلوكها الهدوء، إلا أن الحقيقة عكس ذلك، فهي الفرقة التي عانت من انقسامات عديدة، كما أن البعض فيها كان يكرس مفهوم التباين ومفهوم الأفضلية، ويرى أن هناك المنشدين وهناك صناع الأغنية ، وللفريق الأخير الأفضلية في كل شيء.
مولاي الطاهر الاصبهاني، كما يصرح بذلك دائما ، يعتبر جيل جيلالة «زاوية» وأن سر نجاحها يكمن في التعاون الجماعي.

يقول الاصبهاني، منذ تأسيس جيل جيلالة وأنا أدافع عن مفهوم الفريق، ليس فقط الفريق الذي يظهر للجمهور بالإنشاد، ولكن الفريق الكبير الذي يضم كتاب الأغاني والملحنين والإداريين.. أجمل كاتب كلمات عرفته المجموعة هو الشاعر محمد شهرمان ، الذي أبدع روائع جيل جيلالة وأعطى لأغانيها أبعادا ذات عمق روحاني، لكني مع ذلك اقترحت على حميد الزوغي أن يجلب محمد الدرهم الى المجموعة لكي يفيدها أولا بأزجاله، فأنا أعرف أنه زجال متميز، وله «درب» آخر لايشبه ما يبحر فيه شهرمان، وكنت أعلم أن تنوع الازجال سيكون في صالح المجموعة.
وكذلك فعلت مع عبد العزيز الطاهري، فبمجرد ما غادر الغيوان اقترحت ضمه للمجموعة، لأنني كنت أدري أن أشعاره ستضفى جمالية أخرى على أداء جيل جيلالة، وكذلك كان.
كنت أيضا متشبثا بالصحفي المرحوم بنعيسى الفاسي، الذي كان يبدع في الزجل القومي، وهو من كتب قصيدة «القدس»، التي منحت لجيل جيلالة إشعاعا في الشرق العربي.. لم أكن أفكر في الإقصاء ، حيث كنت أومن أنه لايمكن أن يكون هناك نجاح للفرقة دون أن يكون وراءها «سطاف» داعم على مستوى البحث في التراث والكتابة والتلحين.
الاهتزازات التي عرفها مسار المجموعة ، يؤكد مولاي الطاهر، لم أكن في يوم من الأيام وراءها، ففي 1975 ، كما ذكرت ذلك في حلقات سالفة، اختار الدرهم والزوغي ومحمود السعدي أن يتعاملوا معنا بمنطق آخر، لم نقتنع به ، وهو أن هناك «نخبة» داخل المجموعة وتتشكل منهم، وهناك فئة ثانية تضم «مستضعفين» على رأسهم عبد ربه والطاهري وسكينة وعبد الكريم، فرُحنا الى حال سبيلنا ننبش في المخزون التراثي لإنجاز أغان جديدة للجمهور، إذ لم يكن مسموحا لنا بالتوقف.
بين1975 و1984 سنعيش أيضا «غضبات» أخرى لمحمد الدرهم الذي كان يعتبر أنه يعمل أكثر منا وأنه الأفيد فينا.. لم نكن نجادله، يذهب إلى حال سبيله ثم يعود ويطلب أن يستأنف العمل معنا، ولم يكن يجد منا ، دائما، إلا الترحاب.
في سنة 1984، يفاجئنا عبد العزيز الطاهري بقرار اعتزاله الغناء مع جيل جيلالة، لم نعاتبه، رغم أنه غادرنا في منتصف الطريق، فاستقدمنا مصطفى باقبو الذي لايزال يعمل مع الفرقة الى الآن.. في سنة 1994، كنا في مهرجان الرباط حين قدم إلي الدرهم، في غرفتي بالفندق، ليقول لي: «الشريف المسامحة»، ليغادر قطار المجموعة إلى الآن.
فترات عصيبة مرت على الفرقة كنت دائما، يواصل مولاي الطاهر، أتحمل تبعاتها بمعية عبد الكريم ، فالطاهري والدرهم كانت لهما مشاريع أخرى ومصادر دخل إضافية، الاول يلحن الاغاني ويكتب للمسرح وما الى ذلك، فيما كان الدرهم يؤلف الوصلات الاشهارية مع إحدى الشركات، وكلما تخليا عنا كنت بمعية عبد الكريم ، نبحث عن سبل أخرى لتجاوز الأزمة / المأزق.

لحسن الحظ كنت ممثلا وكانت الفرق المسرحية تدعوني للعمل معها.
منطق الأفضلية الذي كان يود البعض التعامل به أنهك الفرقة، فما أصعب أن يحاول الآخر جعلك تحس بأنه أهم منك!! ومع ذلك كنت أتحمل ذلك. لقد عانينا كثيرا نحن «المستضعفين» في الفرقة، كان يمارس علينا حتى «لغنان» وكنا نتقبله، ففي كل مرة يخرج مقترح معين ليس في صالح المجموعة كاملة ، نتقبله على مضض ، مرة جاءني عبد العزيز الطاهري وأبلغني، أنه والدرهم يعدان عملا جديدا للمجموعة وأنه لا داعي أن أتدخل أنا وباقي أعضاء الفرقة في هذا الامر. كان ذلك في سنة 1981 أعد الطاهري الأغاني واتفق هو والدرهم على تلحينها. بعد أيام سيتصل بي الطاهري ليخبرني بأن له مشاكل مع الدرهم ولم يعدا متفقين حول إعداد الأغاني، فقدم لي العمل والذي يضم غاني: «ضاق بي أمرك»، «داو يوه» «كلاع الضيم» و«انت زيان حالك».. وكان يربط الفرقة عقد التزام مع إحدى دور الانتاج، وكان موعد التسجيل في العقد قريبا جدا، لحنا تلك الاغاني في ظرف أربعة أيام ، وبعد أن أعددنا العمل سيعود الدرهم من جديد إلى الفرقة!
بعد هذا الحادث بسنتين سيبلغني عبد العزيز الطاهري والدرهم ، ونحن في الجزائر هذه المرة ، أن لكل عضو في الفرقة الحق بأن يؤلف أغاني ويسجلها لنفسه مع من يريد وليس بالضرورة مع أعضاء الفرقة. كان جوابي ، كما هي العادة ، بالإيجاب، فلم أكن أقوى على المجادلة.. عدنا الى المغرب والتقيت بالمرحوم الحسين التولالي وقلت له بأن جيل جيلالة قررت القرار السالف ذكره، فاتفق معي على إنجاز عمل مشترك ننجزه أنا وهو وعبد الكريم قسبجي، وبالفعل أعددنا مجموعة من أغاني الملحون وقدمناها للمستمع على شكل تلقين للملحون، فالشريط تتخلله حوارات بيننا وبين الحاج التولالي، نسأله مثلا عن معنى «السرابة»؟ ويشرح هو للمتلقي بأنها مقدمة الملحون وبأن من يؤدي قصائد الملحون بدون «سرابة» لايمكن نعته بـ«المعلم». ونغني جميعا «السرابة». أدينا اثنتين منها بالاضافة الى قصائد «الديجور»، «المحبوب» «القلب»، »التوسل« و«ارفق يا مالكي».
وقد كان هذا العمل من أجمل «ريبيرتوارات» خزينة الملحون في المغرب ، حيث لايزال يُتداول في «السوق» الى الآن.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11/01/2011, 03h05
kamalkirfa kamalkirfa غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:458439
 
تاريخ التسجيل: September 2009
الجنسية: مغربية
الإقامة: كند
المشاركات: 31
افتراضي رد: مجموعة جيل جيلالة

لم تكن طفولة مولاي الطاهرالأصبهاني طفولة عادية، فقد عرف مساره الحياتي تشتتا عاطفيا منذ الصبى.
كان مولاي الطاهر يعيش وسط عائلة ميسورة فتح عينيه على والدته للا فاطنة بوستة، وهي تنتمي لعائلة القائد الاستقلالي امحمد بوستة، وعلى والده عباس القداوي الذي كان يتحدث اللغتين الفرنسية والعربية بشكل جيد، وضع خول للأب أن يشغل منصب ترجمان في المحافظة العقارية لمراكش. يقول مولاي الطاهر ، كنت أنال كل ما أريد، كانت والدتي تلبي رغباتي المختلفة كتوفير اللعب والخروج للترفيه، والحصول على النقود، وكان والدي عباس، الذي كان رجلا مرحا ومتحضرا ومتفتحا الى أقصى الحدود، يأخذني معه إلى الصيد و«النزاهة »، وفي الصيف نقصد إحدى المدن الشاطئية للاستجمام والهروب من حر مراكش، وهو الأمر الذي لم يكن متاحا لغالبية الأسر المراكشية آنذاك.
كنا نقطن بـ«أزبزست ـ درب الفران». هناك تعلمت كل أنواع اللّعب. طيلة فترة الطفولة هذه ، لم أكتشف أو ألمس أن والدي يخفي داخله شخصية «فنان » يعشق الموسيقى والطرب وجميل الإبداعات.. لم أدرك هذا الجانب الثاوي عند الوالد إلا بعد أن تأسست فرقة جيل جيلالة.
كان لنا عرض في مراكش حين زرته في المنزل، كما أذكر، فتوجه لي بالقول : «حتى أنا راني فنان»! فأخرج عودا وأخذ يعزف مقاطع من الملحون والطرب الاندلسي! كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لي ، إذ كيف أنني كنت قريبا منه ولم أتمكن من اكتشاف ولعه بالفن والموسيقى!؟
خلال المناسبات والأعياد كان والدي عباس يحرص على أن يأخذني معه الى منزل ابنة أخته «للا خيتي»، التي كان زوجها صارما، عكس والدي، ومتشددا مع أبنائه، كانت هذه العائلة تفرح بي كثيرا رغم أنها عائلة بسيطة وتعيش على «قد الحال» ..اعتدت على زيارة عائلة للا خيتي في كل مناسبة ، وكنت أحس أن أمر زيارتي يزعج والدتي للافاطنة، التي كانت تسألني عند عودتي عن مضمون الزيارة والكلام الذي دار بيني وبين أفراد هذه العائلة وطبيعة معاملتها لي؟ كنت أستغرب من هذه الاستفسارات، لكنني لم أعلم سببها إلا حين بلغت 12 سنة...
ضمتني للا خيتي إليها وأبلغتني بأنها أمي الحقيقية وأن مولاي أحمد صاحب محل النحاس الصغير بالعطارين والصارم مع أبنائه هو والدي الحقيقي، مضيفة بأن سي عباس هو خالها، وقد اقترح عليها تربيتي منذ أن بلغت الستة أشهر من عمري، معللا مقترحه بأن لديها أطفالا آخرين ولن تستطيع تربيتهم جميعا! هكذا أخذني الى منزله وعوملت معاملة الإبن ، حيث لم أشعر في أي يوم من الأيام بأي تصنع أو إشارة تجعلني أشك في الأمر، بل لقد كنت أنا مدلل العائلة برمتها.
علمت أيضا في ما بعد بأن والدي مولاي أحمد كان بين الفينة والاخرى يتردد على والدي بالتبني سي عباس ليستعطفه كي لا يسجلني في كناش الحالة المدنية الخاص بعائلته. كنت أحس بالجفاء الحاصل بين العائلتين وسألت أمي الحقيقية (للاخيتي) عن سببه ، فأجابتني «خفناهم يقيدوك في الكارني»!
هاجس التسجيل في كناش الحالة المدنية دفع بوالدي مولاي احمد الى شراء كبش وقصد به بيت سي عباس وذبحه أمام العتبة، أي أنه «رمى عليه العار» . فسمح سي عباس بأن أسجل في كناش الحالة المدنية لعائلتي الأصلية... تمزقت عواطفي بين الجهتين، كنت أحاول الاعتياد على العائلة الأصلية وأبدي أمامها الاحترام، لكن كيف لي التخلص مما يشدني من عواطف دفينة تجاه للا فاطنة وسي عباس؟! ظل هذا الامر يؤرقني ويهز دواخلي حتى عندما بلغت مرحلة النضج، ورغم أنني عدت الى عائلتي الاصلية إلا أنني كنت كثير التردد على أسرة سي عباس، وكان علي أن أبدي الحب للجميع حتى لا يغضب أحد، خصوصا وأن الجفاء بين العائلتين بلغ ذروته .
من الدروس التي استخلصتها خلال هذه المعاناة العاطفية، هي قيمة فلذة الكبد عند الإنسان، فوالدي مولاي احمد ووالدتي للاخيتي، كانا فقيرين ويعيشان حياة بسيطة، وكان لهما عدد من الاولاد، ومع ذلك ظلا مصممين على ألا تأخذني منهما عائلة سي عباس الذي لم يكن يبخل بأي شيء علي، خصوصا من حيث العواطف والحب، ورغم أن مولاي احمد وللا خيتي يعلمان أن سي عباس ميسور جدا وإن سُجلت تحت اسمهه فسأرث ما يعود علي بالخير العميم، وعليهما أيضا، فمع ذلك أصرا على أن أعود الى حضنهما وهما لا يعلمان إن كان باستطاعتهما توفير لقمة لي إلى جانب إخوتي؟!
إنها العواطف الفطرية العميقة التي تنتصر في الأخير ، ولاتستطيع أية ماديات ، كيفما كانت طبيعتها ، الصمود أمامها، فالإحساس «الروحاني» تجاه فلذة الكبد لا يساويه أو يعادله أي إحساس آخر بأي لون تلون!
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11/01/2011, 03h09
kamalkirfa kamalkirfa غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:458439
 
تاريخ التسجيل: September 2009
الجنسية: مغربية
الإقامة: كند
المشاركات: 31
افتراضي رد: مجموعة جيل جيلالة

بدرب الفران كان الطفل مولاي الطاهر الأصبهاني يمارس شغبه الطفولي مع أقرانه، يتنقل من لُعبة الى أخرى ، من «البي إلى الطرومبية إلى حابة».. كان من بين أصدقاء طفولته عبد العزيز الطاهري الذي ينتمي الى نفس الحي.. بعد العياء من اللعب ينطلق «جيش» الأطفال الى اكتشاف الأماكن المؤثثة لعاصمة النخيل..
من بين الاماكن التي ترددوا عليها كثيرا دار الشباب بباب أكناو.. يقول مولاي الطاهر، كانت هذه الدار تبدو لنا كبناية مليئة بالألغاز، وكنا نأمل أن نلجها ونعرف ما يجري بداخلها. كنا نقترب منها بين الفينة والأخرى، وكلما ظهر لنا مسؤول نطلق سيقاننا للريح. كالعادة، توجهنا نحوها في أحد الايام فوجدنا مجموعة من الأشخاص يقفون بالقرب من بوابتها.. سألنا أحدهم: هل تريدون الدخول؟ قلنا له بشكل تلقائي :نعم . فطلب منا الدخول.. في هذه اللحظة فسروا لنا أن أطفالا في أعمارنا يمارسون بهذا الفضاء المسرح والرسم ولعبة «كرة الطاولة» مع القيام برحلات وغيرها. واقترح علينا أحدهم اختيار ما نود فعله ..استهواني المسرح، ولم يكن عمري يتجاوز 14 سنة، أذكر أن قسم المسرح كان مسؤولا عنه الفنان التشكيلي عبد اللطيف الجواي، الذي يعد معلمة حقيقية. فرغم عصاميته، له بيداغوجية خاصة لتلقين أدبيات المسرح.
لقد كان مهووسا بهذا اللون الفني إلى جانب السينما، كان يأتينا بقصة من إبداع خياله يرويها لنا ، وفي النهاية يطلب منا تجسيد شخوصها ارتجالا دون أن يكون هناك نص مكتوب أو رواية موثقة.. كنا نحن الاطفال المتحلقين حوله نجتهد لإبلاغ فكرته، و كلما أعجبه حوار يطلب من صاحبه حفظه وترديده. بهذه الطريقة تعلمنا تقمص الشخوص.. كل ما يفعله أنه يساعدك على كيفية إبداء الإحساس، بهذه الطريقة حولنا إلى مؤلفين شفاهيين، وعند انتهائنا من الارتجال، وتكراره، يقوم في الأخير بتنقيح القصة والحوار، قبل عرضها أمام رواد دار الشباب.. كان الرجل يفهم في مختلف تقنيات المسرح، فهو من يضع الديكور و الماكياج، وكل ما يحتاج إليه عمل مسرحي.. من الأعمال التي أبدعها معنا، كما أذكر، «فوال بغداد»، وتصور أن اطفالا «يؤلفون» رواية حول «فوال» في العراق ، رغم أنهم لايدركون حتى جغرافية بلادهم!
وايضا «الدكتور ويل دجاجة»، وهو عبارة عن سكيتش يحكي عن طبيب يشبه اينشطاين ، ثم «الميمون»..
كان من بين الممثلين المتميزين شخص اسمه «تاكموت» من أصول أمازيغية وله شخصية غريبة لم أر مثلها طيلة مسيرتي المسرحية. هذا الشخص، منذ ذلك الحين، انقطعت عني أخباره إلى اليوم. وكان هناك شخص آخر اسمه العربي منار، حين انتقلت الى الدار البيضاء صادفته مرارا في شوارعها ، وقد توفي رحمة الله عليه قبل ثلاث سنوات، ومن بين الذين كانوا يشاركوننا في تشخيص هذه الأعمال محمد الدرهم.
الأعمال التي أنجزناها بمعية الفنان عبد اللطيف الجواي لقيت صدى طيبا عند المتلقين، ولم نعد نقتصر على عرضها بدار الشباب، ولكن خرجنا بها الى عدة فضاءات أخرى بعاصمة النخيل، منها دور السينما والمركز الثقافي الفرنسي و برنامج «بستان الأطفال».
بعد كل هذه «الأعمال» ذاع صيت فرقة عبد اللطيف الجواي في مختلف أنحاء جهة مراكش، وأصبح معها اسمي متداولا بين المهتمين بالمسرح... دار الشباب التي أتحدث عنها ، والتي كان من روادها عشرات المبدعين، تحولت الآن، للأسف، الى قيسارية!!
في سنة 1966 اتصل بي أحد المؤلفين المسرحيين اسمه ابراهيم اوجباير، واقترح علي القيام بأحد الادوار في مسرحية كتبها تحمل عنوان «إنسانيات فنان».. كان يريد ان يشارك بهذه المسرحية في إقصائيات المهرجان الوطني لمسرح الهواة، قبلت عرضه فكلفني بلعب دور شخصية إنسان يبدي للناس أنه يفهم في كل شيء ، والحقيقة خلاف ذلك ، إذ أن الخواء كان عنوان خزّانه المعرفي.. اسم الشخصية «الزويون». هذه المسرحية شارك فيها ممثلون كانت لهم مكانة فنية داخل مراكش وعلى صعيد المغرب ، منهم مليكة الخالدي، وعبد الحق باجدي ، بالاضافة الى المطرب الفنان عبد الواحد التطواني، كنت في تلك الشخصية أقلد الممثل المصري النابولسي.. وقد نجح الدور بشكل لافت، حسب العديد من النقاد، وازداد الحديث عن مولاي الطاهر في الوسط الفني المراكشي... خضنا الاقصائيات وتمكنا من المرور الى المنافسات النهائية بالرباط، حيث حصلنا على الجائزة الثالثة.
في سنة 1967، يتابع الأصبهاني سبر أغوار طفولته البعيدة، سألتحق بجمعية «شبيبة الحمراء» التي كانت تضم عبد اللطيف الملاخ ابن عم الفنان عبد الحي الملاخ، و مولاي احمد بنمشيش ومخرج الفرقة كان هو عبد الكريم بناني.. كانت «شبيبة الحمراء» أكثر احترافية من الفرق السابقة التي كنت معها، في تلك السنة لم ينظم المهرجان الوطني للمسرح بسبب النكسة التي حلت بالعرب في حربها مع إسرائيل.
في العام الموالي ستشارك هذه الفرقة في المهرجان بمسرحية اسمها «عويشة» لكاتبها الأستاذ الطيب العلج، لم نتجاوز الاقصائيات المحلية، وأصبنا بخيبة أمل كبيرة.. سنجتمع من جديد في سنة 1969 وسنتفق فيما بيننا حول الهدف من نوعية المشاركة ، إذا كنا فقط سنكون من منشطي المهرجان فلا داعي للعمل، وإن كنا سنشارك بعمل قوي فما علينا إلا أن نشمر عن سواعد الجد والمثابرة ونبحث عن أعمال جيدة.. لحسن حظنا سيتصل بنا الكاتب الغالي الصقلي عارضا علينا نصا متميزا اختار له كعنوان «اقريقعة».. قام الاستاذ عبد الكريم بناني بإخراجه، وعلى ذكر هذا الأخير، فقد كان شخصا مبدعا، كيف لا والرجل ذو ثقافة واسعة، حيث كان يدرس الترجمة في السلك الثاني، كما أنه يعد خزانا ثقافيا في المدينة، يعشق المسرح بشكل جنوني ويمارسه بعقلية احترافية...
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 01h56.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd