الأستاذ قصي الفرضي
السلام عليكم
سلمت يداك على موضوع الكرخي وشعره الشعبي والذي بقى في ذاكرة الشعب ,لقربه في شعره آنذاك من الأحداث والسلطة والأحتلال ,وأستخدامه الكثير من الأمثال الشعبية في شعره ,وقد عد العلامة محمد بهجت الأثري ,شعره فناً من فنون الأدب وبه يمكن من فهم مكونات ثقافة الشعب .
وياأخ قصي لقد قربتنا مرة أخرى من الشاعر الكرخي الحاضر في ذاكرتنا دائماً,وأسمح لي أن أحضر معك هذا الذكر.
- في الثلاثينات كانت هناك شركة الكهرباء الأهلية ,وقامت برفع أسعار أستهلاك الوحدة الكهربائية ,ونظم الكرخي أبيات شعر بذلك :
لاتلقلق يحبسوك ويلعنون أمك وأبوك
لاتگول الكهرباء غالي ياملة عزاء
يصلخونك أبهاالشتاء
وللشمال يسفروك بالك وأياك غلطة
تغلط وخليها سنطة ,صير عاقل مع السلطة
شوية أستعمل سلوك ,الكهرباء
رخيص أكتب بالجريدة ولوتكذب
ودائماً للسطرة علب يارجل من يضربوك
وشبع الشعب العراقي سطرات حتى يومنا هذا ,ولم يشبع يوماً من الكهرباء .
وعنده أيضاً أبيات أخرى عن الكهرباء:
( هذه غير متأكد منه ,ربما المشؤوم الكربلائي ) فمعذرة لذلك.
- في الخمسينات والستينات كان أخي المرحوم الأكبر يقرأ لنا دائماًأبياتاً من شعر الكرخي من ديوانه الأول ونحن جالسين نستمع له ,وخاصة أن الديوان الشعري ( أغلب الكلمات الثخينةعند الطبع قد وضع بدلاً عنها نقاط..نقاط )والتي وردت في معظم قصائده تقريباً ,أبن..!! أسمع به...!! وهكذا ولكنه كان يكملها لنا ,وحفظنا الكثير من شعره ,ولشدة ولعه قرأ لنا أبياتاً وربما هي نتيجة تأثره بالكرخي ,تشبه قصيدة نظمها الكرخي : عرش بلقيس هدد خربه.......وزرفت السد مأرب فارة حقيرة , وأذكر بعض الأبيات منها:
تاريخ أصله قرطبة.. مأرب جريدي خربه
فرعون للموسى عذبه.. للنيل دزله جيشين
فرحان آنا كلش زين. والصف أعيده سنتين
ماأعرف أكتب أملاء أسمي أكتبه بدالين
رحم الله شاعرنا الكبير الملا عبود الكرخي ور حم كل من كان في ذكره ,تحياتي لك أخ فيصل ولكل الأعزاء, والسلام عليكم .
شكرا لهذه المداخلة والملاحظات القيمة حول الشاعر ملا عبود الكرخي .
ويرى الكثيرون ان الكرخي هو امير الشعر العامي العراقي بلامنازع وانا اعشق شعره عشقا وفي فترة الشباب كنت اقرأ له كثيرا وبدون مبالغة اقول اني قد حفظت نصف ديوانه الاول ونصف ديوانه من الادب المكشوف لانه حينها لم يكن لدي غير هذين الديوانين ثم حصلت على الديوان الثاني (مستنسخ) وبصعوبه شديدة لاانه اصبح من الكتب النادرة ومن ثم الثالث والرابع وحين تتطلع اي ديوان من دواوينه تجد تاريخ العراق بين صفحاته وشعرا شعبيا ببلاغة قل نظيرها ولن تتكرر مطلقا .
رحم الله الشاعر عبود الكرخي واسكنه فسيح جناته ...
الاخ العزيز قصي والاخ العزيز نور شكرا على هذا الموضوع القيم جدا . انا من المعجبين جدا بالشاعر الشعبي الملا عبود الكرخي , خصوصا بقصيدته المستحيلات (او المحالات) . ومن الابيات التي تستوقفني في هذه القصيدة بيت صغير يقول فيه الشاعر
يصير بدبي يفتحون كلية حربية
وقد قال الشاعر هذا البيت تعبيرا عن ما في دبي من تأخر حتى ان الناس فيها كانوا يتنقلون على الدواب , بينما كان العراق في وقتها دولة كبيرة متطورة ومتحضرة . وقد استوقفني هذا البيت بعد ان رأيت ما ألت اليه دبي من تقدم وازدهار في عصرنا الراهن وما أل اليه حال بلدنا من تدهور ورجوع الى الخلف .
قرأت ديوان الادب المكشوف بعد ان اقتنيته من شارع المتنبي , وقد شككت كثيرا في ان جميع ما جاء به من قصائد تعود للشاعر الكرخي لشدة ما فيها من كلمات فاضحة , خصوصا وان الديوان لم يكن مطبوعا بصورة رسمية . ومن المفارقات التي يمكن ان تذكر هنا هو ان احد اصدقائي استعار مني الديوان لقرائته , وبعد مدة توفي هذا الصديق بحادث دهس لكني لم اجرؤ ان اطلب من زوجته التي هي صديقة زوجتي بان تعيد لي الديوان لفضاحة ما مكتوب به .
التعديل الأخير تم بواسطة : وسام الشالجي بتاريخ 14/08/2010 الساعة 00h24
مرة أخرى سرني جداً موضوع شاعرنا الكبير الملا عبود الكرخي ,والمداخلة القيمة للأستاذ الشالجي والحديث عن الأدب المكشوف ,فعلاً أن أكثرها صحيح ويمكن المقارنة مع الطبعة الأولى لديوان الكرخي مثلاً ,وأنا حذفت بيتين من القصيدة خجلاً ,ولكن سأذكرها للفائدة:
لاتلقلق يحبسوك ويلعنون أمك وأبوك
لاتگول الكهرباء غالي ياملا عزاء
يصلخونك أبها الشتاء
وعلى زمال يركّبوك
وذيله بيدك رشمة يسلموك
وللشمال يسفروك ...ألخ
هذا من ذاكرتي الباقية ,وطبعاً هناك أضافات أخرى نسبت للكرخي أو لغيره ,أو حذفت في الطبعات اللآحقة ولشعراء آخرين.و لوطنية الشاعر الكرخي كان يذكر زميله الشاعر معروف الرصافي عند حبسه أو سجنه أو نفيه ومن أبياته:
يامعافي يامشافي هم رجع طاري الرصافي
وكان الكرخي والرصافي يعبران دائماً عن مايعانيه الشعب ومن أستبداد المستعمر الأنكليزي ,وكانا عنوان التقارب وكانا عنواناً لوحدة الشعب العراقي ,وتقارب تأريخ وفاتهم ,الرصافي في العام 1945 والكرخي 1946 ,رحمهم الله وبقت اشعارهم ومواقفهم الوطنية خالدة ليومنا هذا. ومن محالات الكرخي , تذكرت بأنه كان في دبي في العام 1964 فندق واحد فقط ,وهنيئاً لهم الأستقرار والعمران ,تحياتي والسلام عليكم .
التعديل الأخير تم بواسطة : نور عسكر بتاريخ 25/01/2014 الساعة 16h24
السبب: تصحيح كلمة يلعنون
الاخ العزيز وسام الشالجي
الاخ العزيز نور عسكر
السلام عليكم
شكرا لكم على هذه الاضافات والملاحظات والتعليقات القيمة على موضوع الملا عبود الكرخي .
تصفحت ديوان الادب المكشوف اليوم مرة ثانية وعجبت لهذه القابلية الشعرية لدى المرحوم الكرخي وهذه القابلية في الهجاء وخصوصا مع الشاعر عباس العبدلي ويظهر من القصيدة ان هنالك خصومة كبيرة واختلاف في الاراء على موضوع ما والحق يقال اني لم اقرأ هجاءا بهذه القوة وبهذه الكلمات من اي شاعر سواء كان بالعامية او الشعر الفصيح ويبدو ان عباس العبدلي (مجفص قليلا) مع الملا مما اضطره لهحائه بهذه القوة .
اعتقد ان مجمل قصائد الديوان تحمل بصمات شعر الكرخي وقد تكون ثلاث او اربع قصائد ليست له والله اعلم .
مَن منا نحن العراقيون (من عاش أربعينات وخمسينات وستينات القرن الماضي) لا يعرف الفنان الشعبي الموهوب(غازي عبدالله الرسام)الذي لفـّه النسيان بسبب التعتيم الذي أحيط به بعد انقلاب عام 1963 بسبب الظروف السياسية التي مر بها العراق .
ولد في بغداد عام 1925..وكان غازي الوحيد لأمه الأرملة وكانت حالته الاقتصادية تلفـّها الفاقة والحرمان كباقي الكثير من الناس حينذاك وقد تخرج من الدراسة المتوسطة عام 1949 والتحق بالدراسة الإعدادية صباحاً وفي معهد الفنون الجميلة مساءاً ..كما أقام عدة معارض خلال دراسته في المعهد وكان يحوّل أعماله إلى دار المعلمين العالية حيث يعرضها هناك ثم يتركها للآخرين وكانت موضوعاتها هي من الأغاني والأمثال الشعبية .
وفي السنة الثانية للمعهد ترك غازي الدراسة فيه وتخرج من الإعدادية ..بعدها تمّ تعيينه في وزارة الدفاع بصفة رسام هندسي وهناك تعرف على الخطاط (صبري الهلالي) الذي تعلّم على يده فن الخط العربي كما تعلم رسم خرائط المباني والطرق .
قام غازي بفتح مكتب للدعاية والإعلان بالاشتراك مع الفنان (خليل العزاوي) وعندما سافر إلى مصر تم تكليفه بالرسم في مجلة (العراق الحديث) التي كانت تصدر في مصر .
كانت لدى غازي هواية كرة القدم حيث اشترك مع المنتخب الوطني العراقي في مسابقات دولية في مصر وتركيا وسوريا .....حتى رسوماته الرياضية كانت متميزة جداً .
كانت رسومات غازي الساخرة والساحرة بأفكارها اللاذعة وأسلوبها الفكه على مدى مسيرته الفنية الطويلة التي بدأها في الصحافة العراقية في مجلة (قرندل) الأسبوعية عام 1947بالأضافة إلى مجلات أخرى مثل (قزموز, الحصون ابن البلد , العدالة , جفجير البلد, العصا, الآراء , المصور, جريدة الجريدة , لواء الأستقلال) وحتى لحظة لفظ أنفاسه الأخيرة .
غازي الرسام والخطاط كما كان يطلق عليه ..فهو يجيد ممارسة الإبداعين معاً..قد حمل كل روحية ومادية وأنفاس بيئته الاجتماعية البغدادية وظروفها السياسية السائدة, بتقاليدها وعاداتها, بتراثها وفلكلورها سخريتها وحزنها، بأجناس أناسها المتنوعة..فكانت شخصيات رسوماته التعبيرية اللاذعة من صميم الواقع العراقي حصراً ,فأبتكر شخصية ابن البلد صاحب الجراوية البغدادية المعروفة ودشداشته وسترته..ونكاته مثلما كانت تشاركه شخصية الكردي ببزته الفلكلورية المتميز وبيئته الشمالية .
لقد كانت مفردات أعماله تعتمد بالأساس على رسم الشخصيات الرئيسية وحواراتها الطويلة المستنبطة عادة من كلمات الأغاني والبستات والأمثال الشعبية والنكات الفكهه السائدة في المجتمع العراقي .
في مجموعته الكاريكاتيرية الأولى التي أصدرها عام 1958 يستذكر الفنان غازي تجربته مع الرسم قائلاً: لم يدرْ بخلدي وأنا تلميذ بالصف الثاني الإبتدائي أن أكون يوماً ما كما يقال عني رساماً سواء كان كاريكاتيرياً أم غير ذلك .
كان ولعه بفن الرسم بالذات في الصف الثاني..كانت له عادة رديئة كما يقول فهو يرسم ويشخبط بمناسبة وبغير مناسبة سواء على الباب أو الحائط أو الأرض..كان معلم نفسه..لقد صنع نفسه..صنعته موهبته..كانت رسوماته تمثل الواقع العراقي المضحك المبكي..واقعنا بمرارته وحلاوته.
كانت هناك نية لإعداد وكتابة ملف شامل عن حياته لكن المنية كانت أسرع.. حيث وافاه الأجل يوم 12/2/1999 .
رحم الله الفنان غازي واسكنه فسيح جناته فقد كان فنانا اصيلا وموهوبا .
الأستاذ قصي الفرضي المحترم
السلام عليكم
مواضيع شيقة ومن تأريخنا الفني المعاصر تسطره بقلمك الفذ لهؤلاء العمالقة والذين أرسوا لمباديء وأصول وتراث فني للأجيال اللآحقة ,فتحية كبيرة لك أخي قصي في جعل الذاكرة العراقية وفي مختلف المواضيع تحت متناول القاريء هنا.
- عندما عمل الفنان غازي رحمه الله كرسام هندسي في وزارة الدفاع ,أذكر من بعض كراساته "التدريب الأساسي لصنف المشاة " أو هكذا تقريباً كان فيها رسوم توضيحية ,( لاحقاً أصبحت صور فوتوغرافية في كراسات التدريب لمختلف الصنوف ) ولأن أسلوب الفنان (غازي) كان واضحاً في الصحف والمجلات والكتب ,أذكر منه ( ديوان الشاعر الملا عبود الكرخي) والذي فيه رسومات كاريكاتور لبعض القصائد والنقد الأجتماعي للشاعر الكرخي .
- كان الرسام غازي أيضاً ,ينتقد وينبه الناس الى بعض الذين يمارسون الدجل وغيره من خلال رسوماته في الصحف آنذاك ,أذكر كان هناك مجموعة غير قليلة من الدجالين ومايسمون ب( فتاح الفال ) وكانوا يفترشون الأرض بجانب سياج الحضرة القادرية في باب الشيخ ومقابله أيضاً ونسوة يجلسن أمام فتاح الفال !! ليعرفن عن طالعهن ومستقبلهن !! من خلال هذا الدجل ولكن السلطات آنذاك أصدرت أمراً بمنع هذه الظواهر 1962 تقريباً .
من كراساته التي صدرت في العام 1958 كما ذكرت حضرتك ,وكنت أحتفظ بنسخة منه سابقاً ,صورة رجل وهو أبطرگ الصديري !! ذكر الرسام والخطاط غازي في اسفل الصورة كلمات من الأغنية العراقية القديمة(يادشر يالله ) :
بطرگ الصديري يابة....بطرگ الصديري واگف على العشار ....بطرگ الصديري
شكراً مرة أخرى أخي قصي لأنعاش الذاكرة المخضرمةفي الزمن الذي مضى ,تحياتي .
التعديل الأخير تم بواسطة : نور عسكر بتاريخ 21/08/2010 الساعة 12h27
ان موضوع الفنان غازي هو بالفعل شيق و قيم. انا شخصياً اتذكر من حين الى حين هذا الرسام و الخطاط المبدع من خلال رسم بقي عالقاً في ذهني منذ كنت تلميذا في المدرسة الابتدائية. الرسم التخطيطي يبين رجلاً فقيراً على ظهر جمل يمر بجوار احد البيوت و يعضه كلباً تصادف وجوده على سطح ذلك البيت. وتحت الرسم المثل الشعبي الشهير "الفقير على الجمل و عضه الجلب". كلما اتذكر المثل الشعبي يخطر على بالي الرسم و اسم الفنان غازي.
تحياتي
نعمان