عبد القادر حسون
1910-1964
هذا بعض ماجاء في كتاب الأستاذ حسين الأعظمي عن قارئ المقام عبد القادر حسون وعن بعض قرائاته المرفوعة من قبل الأخ الفاضل نجم العيداني.
اْسلوبه الفني
افي كل يوم غربـة ونزوح
اما للنوى من غفلة فتبيح
لقد طلع..............................
فهل............يبـين وهو مليح
الا يا حمام النوح الفك حاضر
منصفك ميال وفيه.............
وذكرني في الحب نوح حمامة
ونحت والجرح القـديم ينوح
هذه الابيات الاربعة من القصيدة المغناة من قبل المطرب المقامي القدير عبد القادر حسون في مقام الاورفة التي نبدأ بها حديثنا عنه، حيث لم استطع تفهم مفردات ابيات القصيدة بصورة تفي بالغرض، رغم جهودي الكثيرة في كتابة كل الابيات، وهذا ما يدلنا من الوهلة الاولى على اهتمام المغني عبد القادر حسون بالمسارات اللحنية التقليدية اكثر من اهتمامه بتوضيح مفردات القصيدة، وهي ظاهرة ادائية موجودة لدى كل مغني الحقبة ولم تقتصر على اتباع الطريقة القندرجية كما يبدو، واعتقد ان من الاسباب التي لم ارتأي التطرق اليها في هذا الصدد، وهو سبب مضاف إلى الاسباب التي سبق ان تحدثنا بها، هو ان ضعف الثقافة الادبية لدى المغنين بصورة عامة امراً كان يؤدي الى خلق حالة من عدم الاهتمام في توضيح مفردات القصيدة يقابله اهتماما واضحا بالمسارات اللحنية والتلذذ بتعابيرها الواقعية عن همومهم ومعاناتهم ومشاكلهم الحياتية.. اذ يبدو ان المطرب عبد القادر حسون المولود عام 1910 في مدينة البصرة والمتوفى عام 1964 في بغداد، كان يتلذذ فعلاً في الاعلان من خلال ادائه لمقام الاورفة والمقامات الاخرى التي خلَّفها لنا مسجلة بصوته المؤثر، بأنه من اتباع الطريقة القندرجية مع سبق الاصرار، فقد تطرَّف في ذلك وكاد ان يكون مقلدا ببغاويا لاْستاذه رشيد القندرجي وليس لفحوى الطريقة القندرجية بالذات. ومع ذلك فان اتخاذه لهذا النهج في غنائه المقامي، كان اكثر اصالة من آخـرين غيره من المغنين نهجوا نفس هذا الاسلوب..
ان لجوء عبد القادر حسون إلى هذا المنحى الاسلوبي واتخاذه منهجا له، والذي اكتشف من خلاله كما يبدو، انه يستطيع ان يعبر عن الطريقة القندرجية باسلوبه الخاص هذا وحسب وجهة نظره.. أو باسلوب يختلف فيه عن معاصريه من الذين انضموا إلى هذه الطريقة..
مقام الجهاركَاه
الظاهر ان هذه الملاحظات وغيرها تستحق الاهتمام والقاء الضوء على شيء من التاريخ الغنائي الفني لمطرب مثل عبد القادر حسون، الذي يذكِّرنا غناؤه بتعابيره المؤثرة بقيم فنية جيدة، يمتلكها مغنون معاصرون له مثل احمد موسى وجميل الاعظمي وعبد الهادي البياتي ويونس يوسف والحاج هاشم الرجب وشهاب الاعظمي وغيرهم.. واليك عزيزي القاريء مقام الجهاركَاه بصوت عبد القادر حسون بالقصيدة الشهيرة لشاعر العصور ابو الطيب المتنبي
مالنا كلنا جو يا رسـول
.................انا اهوى وقلـبك المتبول
كلما عاد من بعثـت اليها
..............غار مني وخان فيمـا يقول
افسدت بيننا الامانات عينـاها
.................وخانت قلوبهن العـقول
تشتكي ما اشتبكت من الم الشوق
..................والـشوق حيث النحول
واذا خامر الهوى قلب صـب
....................فعليه لكل عين دليــل
زودينا من حسن وجهك ما دام
..............فحسن الوجوه حال تحـول
وصلينا نصلك في هذه الدنيا
..................فان المقام فيها قليـــل
من رآها بعينيها شامة القطان
................فيها كما تشوق الخمول
ان اْمثال المطرب عبد القادر حسون من معاصريه، هم كما اْشرت، ينتمي معظمهم الى الطريقة القندرجية في حقبة النصف الاول من القرن العشرين وما بعدها بقليل.. التي ينحدر فيها مغنون كثيرون امتازوا بعدة مقامات سجلوها باصواتهم في الاذاعة العراقية او في اسطوانات الكرامافون، حيث عبروا عنها بخصوصية شخصياتهم رغم انهم استقوا اسلوب ادائهم من الطرق القديمة مثل جميل البغدادي في مقام المنصوري، وهو التلميذ الاصيل للطريقة الزيدانية، ونجم الشيخلي في مقام السيكاه واحمد موسى في مقامي العريبون عجم وعرب – سلَّمهما الحجاز والبيات - ويوسف كربلائي في مقام البنجكاه – سلَّمه رست - وعبد الهادي البياتي في مقام البيات ويونس يوسف في مقام المخالف وعباس كمبير في مقام الخنبات – اصل سلَّمه بيات على درجة الدوكاه ويتنوع مع جنس النهاوند على درجة النوى - ومحمد العاشق في مقام البهيرزاوي – سلَّمه بيات - والحاج هاشم الرجب في مقام العجم عشيران وجميل الاعظمي في مقام الجهاركاه.. الخ
مقام الآوج
والآن الى مقام الآوج لعبد القادر حسون المغنى بهذه القصيدة وهي نفس القصيدة ونفس المقام الذي سـبق ان غناه استاذه رشيد القندرجي..
بها غير معذور فداو خمارها
.................وصل بعشيات الغبوق ابتكارها
فقم انت واحس كاسها غير صاغر
..................ولا تشـق الا خمرها وعقارها
فقام يكاد الكاس تحرق كفه
............من الشمس ام من وجنتيه استعارها
ظللنا بايدينا نتعتع روحها
..................فتأخذ من اقدامـنا الراح ثارها
موردة من كف ظبـي كانما
.................تناولهـــا من خــده فاْدارهـــا
ان غايات عبد القادر حسون، ان كانت بوعي منه او دون وعي، هي في الحقيقة اراد فيها ان يعبر عن تجربته الخاصة في الحياة وبصورة تبدو لنا مباشرة من الوهلة الاولى، فسمة الحزن والشجن بادية بصورة واضحة في اسلوبه الادائي، ونجد ذلك في كل مقاماته التي سجلها والتي كشف فيها عن تجربته ومعاناته الاجتماعية المريرة كما يبدو، باسلوب تعبيري لا يكمن في ادائه للمقامات فحسب، وانما في المجتمع الذي نشأ فيه.. فأصبحت هذه المقامات وسيلة لكشف العُللْ والمشاكل الاجتماعية الكامنة تحت المظاهر الخارجية، ومما لا شك فيه ان عبد القادر حسون لم يبلغ شهرته هذه من خلال مجتمع متزمت في نقده للاداء الغناقامي، ولم يكن من قبيل المصادفة ايضا، ان تسجل هذه السنوات الشهرة التي حصل عليها البعض من معاصريه المغنين الذين مر ذكرهم.. فشيوع شهرة عبد القادر حسون التي ازدادت بعد تسجيله المقامات العراقية من خلال الاذاعة يماثل شيوع شهرة معاصريه الجيدين مثل احمد موسى وجميل الاعظمي وحسن خيوكة وصديقة الملاية وغيرهم.. ولا شك في ان الخصائص التي رفعت نتاجات عبد القادر حسون الى مستوى اعمال ونتاجات معاصريه من الجيدين.. وهي خصائص ما تزال تبدو في ايقاع وموضوعات واساليب افضل مغني الحقبة.. ابتداءا من جميل البغدادي مرورا بعباس كمبيرالشيخلي ورشيد القندرجي ونجم الشيخلي ويوسف كربلائي وجميل الاعظمي واحمد موسى.. الخ وهي خصائص تنجح في الاعم الاغلب كما هو الحال في نتاجات رشيد القندرجي عندما تقترن بمحاولة صادقة في التعبير عن البيئة والمحيط او التعبير عن روح العصر..
مقام النوى
وهذا مقام اخر قلَّد فيه عبد القادر حسون استاذه رشيد القندرجي وهو مقام النوى المغنى من كليهما بهذه القصيدة لعبد الله ابن المعتز، ومطلعها..
(ومقرطق يسعى الى الندمـاء بعقـيقة في درة بيضـاء)
ان المغني عبد القادر حسون وامثاله من المعاصرين ، قد جمعوا في افضل نتاجاتهم.. بين غنائهم واسلوبهم وتعبيرهم النافذ عن تعقيدات الحياة العصرية، وهم في اسوأ نتاجاتهم قد فقدوا نواحي فنية يحتاجها الاداء الغنائي الناجح، مثل النطق بالكلمات والحروف واحكامها، ولكنهم خدموا هدفا محمودا في مجال محافظتهم على شكل ومضمون الغناء المقامي التقليدي، وفي مجال التعبير عن مرحلتهم الزمنية، ان مثل هذه المفاهيم على كل حال، تتعلق بالفن بصورة مباشرة، وفي حين يتبارى المؤدون في السباق، نجد ان موضوعات الاداء الغناقامي تختلف بمرور الزمن، إلا أن معالجتها بصورة عامة يجب ان لا تختلف، وقد اصبح في حكم من الحقيقة لاغلبية ابناء الجيل الحالي، ان الغناقامي بصورة عامة يمثل وسائله الخاصة في النظر الى مضامين واعماق البيئة.
اذاً اخي نجم ابو عبد الله الورد
توجد هناك قراءة لمقام الأورفة
عسى ان تكون متوفرة لديك ترفعها متفضلاً
تحياتي
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ