أخي الكريم ،
الأستاذ مصطفى
الأوفياءُ كـُثرٌ ، يعز حصرهم في هذا الزمان ، يراهم أمثالك من ذوي الأرواح الشفيفة
* * *
شاكرك ، شيخنا الجليل ، الأستاذ الوالد
امحمد شعبان
على إضاءاتك الرصينة
أقول ، أن هذه اللطيفة التي تفضلت بنقلها إلينا قد أثارت في نفسي سؤالاً ، و إن كان على هامش الموضوع ، إلا أنه تصدّر خاطري و أنا أقرأها - بعد عودتي من ميلودراما الأستاذ ياسين -
لماذا نحزن ؟
و لماذا الشرقيون أكثر مخلوقاتِ الله ، قدرة على الحزن ؟
فبينما نجد هذا الصديق الصدوق يلحق بصاحبه ، في تراجيديا ربّانيّة بليغة ، نجد الغربيين يدربون أبناءهم على تحمل صدمة الفقد ، باقتناء الحيوانات و الطيور - قصيرة العمر نسبياً - فيعتاد الطفل على فقد قطته أو ببغائه ، مرة تلو أخرى . حتى يكون موت أحد مقربيه حدثاً عادياً !
لماذا نحزن؟
لأننا قادرون على الحزن ، و هذه القدرة أعدّها من المواهب الربانية . نعم !
فهل يحزن إلا ذوو الأرواح الشفيفة؟
لكن الله بعدله ، قد منحنا - مع هذه القدرة – توأمتها ، وهي القدرة على الفرح . نحن نصل إلى مواطن الفرح بطرقٍ تعز على الملايين من ذوي الأرواح الصدئة البليدة . أولائك الـّذين ينفقون من المال و الوقت و الصحة ، ما يتصورون أنه يمنحهم السعادة . تلك السعادة البلاستيكية المعلبة ، المرهونة بلذةٍ زائفةٍ سرعان ما تزول .
هل يصل شارب خمرٍ إلى تلك النشوةِ التي تهدينها القصيدة أو الموسيقى ؟!
هل يعود من حانته بما نعود نحن به من متحفٍ أو مسرحٍ أو أمسية شعرية ؟!
إن ما نحصده من نشوةٍ متبتلة بقراءة ما قاله الأولون من فِكرٍ و فن ، لا يعود به خارجٌ من أحضانِ عشيقةٍ مؤقتة .
إذن فالأمر عبارة عن "باكج" – بتعطيش الجيم – علينا أن نقبله مكتملاً ، قدرة مزدوجة (ملك و كتابة) من نفس العملة : الإحساس .
و نحن لا نحب الحزن لهذا السبب ، لنواصل ادعاءنا رقة الروح ، و نحن لا نكره الحزن ، لأنه إحالة من البسطِ إلى القبض.
نحن قبلناه كما قبلنا أشكالنا ، هو سمة كلون العين و جرس الصوت ، هو قدرنا
حاجة كده زي الرزق . و "الأحزان بيد الله" !
أدعو الله لصديقي الوفاء ، بالرحمة و المغفرة
و للجميع بطول العمر و السعادة
أراك يا حبيبي - أبو زهدة - قد حلّقت بهذا الولد بعيدا بعيدا ...
ربما لي عودة لتبسيط هذه الفلسفة المتعدّدة الجوانب .
__________________
أستغفِرُ الله العظيم وهو التوّاب الرحيم