* : 45 عاما في كواليس ماسبيرو (الكاتـب : الكرملي - آخر مشاركة : توفيق العقابي - - الوقت: 08h05 - التاريخ: 15/09/2025)           »          سينما قصر النيل * ليلي ونهاري * اروح لمين *حب ايه (الكاتـب : tarab - آخر مشاركة : احمد خليل ا - - الوقت: 08h02 - التاريخ: 15/09/2025)           »          سعيد الحلو (الكاتـب : لؤي الصايم - - الوقت: 07h55 - التاريخ: 15/09/2025)           »          نجوم التمثيل في الزمن الجميل (الكاتـب : auditt05 - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 06h37 - التاريخ: 15/09/2025)           »          فيصل صعب (الكاتـب : لؤي الصايم - - الوقت: 05h58 - التاريخ: 15/09/2025)           »          فى يوم .. فى شهر .. فى سنة (الكاتـب : د.حسن - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 02h53 - التاريخ: 15/09/2025)           »          محمد رشدي- 20 يوليو 1928 - 2 مايو 2005 (الكاتـب : الباشا - آخر مشاركة : Omar Saleh - - الوقت: 20h27 - التاريخ: 14/09/2025)           »          طلبات نوتة أ / عادل صموئيل الجزء الثانى (الكاتـب : عادل صموئيل - آخر مشاركة : wahidfarid - - الوقت: 20h19 - التاريخ: 14/09/2025)           »          مطرب مجهول الهوية .. من هو ؟ (الكاتـب : abo hamza - آخر مشاركة : Omar Saleh - - الوقت: 19h44 - التاريخ: 14/09/2025)           »          وردة الجزائرية- 22 يوليو 1939 - 17 مايو 2012 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : عاصم المغربي - - الوقت: 16h42 - التاريخ: 14/09/2025)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > صالون سماعي > ملتقى الشعر و الأدب > نتاج الأعضاء .. القصص والروايات

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 30/04/2009, 07h48
الصورة الرمزية د أنس البن
د أنس البن د أنس البن غير متصل  
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
 
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,310
افتراضي

@ عاد الشافعى يحكى لمن حوله .............
ــ وفى اليوم التالى أخذونى مرة ثانية للقاء الرشيد ليستكمل المحاكمه ..
سأله سليم .........
ــ ماذا حدث فى ذلك اليوم ؟.
ــ لما قلت للرشيد أنى قد نلت حظا من العلم وأن القاضى يعرفنى , ورد عليه مؤيدا كلامى كما سمعتم , هز رأسه وأخذ ينظر إلى طويلا مدققا متفرسا , ثم أشار إلى أن أقترب منه , وأمرنى بالقعود وانبرى يسأل : ………………
ــ قل لنا يا ابن إدريس , كيف بصرك بكتاب الله عز وجل , فإنه أولى الأشياء أن يبتدأ الكلام به ؟.
ــ عن أى كتاب تسألنى ؟. فإن الله أنزل ثلاثا وسبعين كتابا على خمسة أنبياء , وأنزل كتابا موعظة لنبى وحده وكان سادسا ..
ــ وما هذه الكتب , هل تعلمها ؟.
ــ أولهم آدم عليه السلام وعليه أنزل ثلاثين صحيفة كلها أمثال , وأنزل على إدريس عليه السلام ست عشرة صحيفة كلها حكم وفيها علم الملكوت الأعلى . وأنزل على إبراهيم عليه السلام ثمانية صحف كلها حكم مفصله وفيها فرائض ونذر . وأنزل على موسى عليه السلام التوراة كلها تخويف وموعظه . وأنزل على عيسى عليه السلام الإنجيل ليبين لبنى إسرائيل ما اختلفوا فيه من التوراة . وأنزل على داود عليه السلام كتابا كله دعاء وموعظة لنفسه وحكم فيه لنا واتعاظ لداود وأقاربه من بعده . وأنزل على محمد "صلى الله عليه وسلم" الفرقان وجمع فيه سائر الكتب , فقال عز وجل "تبيانا لكل شئ وهدى وموعظة" وقـال تعالـى "أحكمت آياته ثم فصلت" ..
ــ قد أحسنت فى تفصيلك . كل هذا علمته ؟.
ــ أجل يا أمير المؤمنين , عن أى كتاب تسألنى ؟.
ــ قصدى كتاب الله الذى أنزله على إبن عمومتنا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" الذى دعانا إلى قبوله وأمرنا بالعمل بمحكمه والإيمان بمتشابهه ؟.
ــ جمعه الله تعالى فى صدرى وجعل روعى دفتيه ..
ــ كيف علمك به ؟.
ــ عن أى علم تسأل يا أمير المؤمنين ؟. أعلم تنزيله أم علم تأويله أم علم محكمه أم علم متشابهه أم ناسخه أم منسوخه أم أخباره أم أحكامه أم مكيه أم مدنيه . أم ليليه أم نهاريه أم سفريه أم حضريه . أم وجوه قراءته أم حروفه أم معانى لغاته أم حدوده . أم عدد آياته أم نظائره أم إعرابه ؟.
ــ أتعرف أحكام القرآن هذه كلها ؟.
ــ أستطيع بإذن الله تعالى أن أتكلم الآن حول ثلاثة وسبعين حكما فى القرآن تفصيلا ..
ــ كيف ذلك ؟.
ــ مثلا فى القرآن ما ثبتت تلاوته وارتفع حكمه , وفيه ما ضربه الله مثلا وفيه ما ضربه الله اعتبارا . وفيه ما أحصى الله فعال الأمم السابقه , وفيه ما قصدنا الله من فعله تحذيرا وفيه ......
قاطعه الرشيد مدهوشا .............
ــ ويحك أيهاالشافعى , عجيب ما أسمع والله منك . لقد ادعيت من القرآن علما عظيما . كل هذا يحيط به علمك وفهمك ؟.
ــ المحنة يا أمير المؤمنين تنبئ عن صدق دعواى . والمحنة على القائل كالنار على الفضة تخرج جودتها من رداءتها . هأنذا أقف أمامك فامتحن إن شئت ؟.
ــ فى الغد إن شاء الله أسألك عن تفصيله . لكن أخبرنى كيف علمك بالأحكام ؟.
ــ فى العتاق أم فى المناكحات أم فى السير والمحاربات أم فى الحدود والديات أم فى الأشربة والأطعمة والبياعات . وحلال ذلك من حرامه والحكم فيه ؟.
ــ وكيف بصرك بسنة رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ؟.
ــ إنى لأعرف منها ما يخرج على وجه الإيجاب ولا يجوز تركه تماما . كما لا يجوز ترك ما أوجبه الله تعالى فى القرآن . وما خرج على وجه التأديب وما خرج على وجه الخاص لا يشرك فيه العام , وما خرج على وجه العموم يدخل فيه الخصوص . وما خرج جوابا عن سؤال سائل ليس لغيره استعماله , وما خرج منه ابتداء لازدحام العلوم فى صدره . وما فعله فى خاصة نفسه واقتدى به الخاصة والعامه , وما خص به نفسه دون الناس كلهم , مع ما لا ينبغى ذكره لأنه أسقطه عليه السلام عن الناس وسنه ذكرا ..
ــ أخذت الترتيب يا شافعى لسنة رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فأحسنت موضعها لوصفها . فما حاجتنا إلى التكرار عليك ونحن نعلم ومن حضرنا من أهل العلم أنك حامل نصابها ..
ــ ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ..
ــ وكيف بصرك بالعربيه ؟.
ــ هى مبدأنا وبها قومت طباعنا وجرت ألسنتنا فصارت كالحياة لا تتم إلا بالسلامه وكذلك العربية لا تسلم إلا لأهلها . لقد ولدت وما أعرف اللحن فكنت كمن سلم من الداء ما سلم له الدواء وعاش بكامل الهناء وبذلك شهد لى القرآن ..
ــ تقول شهد لك القرآن ؟. كيف ؟.
ــ قال تعالى "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه" يعنى قريشا وأنت وأنا منهم يا أمير المؤمنين . العنصر نظيف والدوحة منيعة شامخه وأنت أصل ونحن فرع وهو "صلى الله عليه وسلم" مفسر ومبين به اجتمعت أحسابنا . فنحن بنو الإسلام وبذلك ندعى وننسب ..
ــ صدقت بارك الله فيك . هيه كيف علمك بالنجوم ؟.
ــ أعرف الفلك الدائر والنجم السائر والقطب الثابت والمائى والنارى وما كانت العرب تسميه الأنواء . ومنازل النيرين الشمس والقمر والإستقامه والرجوع والنحوس والسعود وهيئاتها وطبائعها . وما أهتدى به فى برى وبحرى وما أستدل به على أوقات صلواتى وأعرف ما مضى من الأوقات فى كل ممسى ومصبح وظعنى فى أسفارى ..
ــ فكيف علمك بالطب ؟.
ــ أعرف ما قالت الروم بلغاتها مثل أرسطاطاليس وجالينوس وبقراط وأبوقيليس وأعرف ما نقله أطباء العرب وما قننه فلاسفة الهند ونمقه علماء الفرس مثل شاهم دويهم وبزرجمهر وغيرهم ..
ــ حسن حسن وكيف معرفتك بالشعر ؟.
ــ أعرف منه الجاهلى والمخضرم والمحدث وأعرف معاريضه وبحوره وأوزانه وأعرف طويله وكامله وسريعه ومجتثه وهزجه ورجزه وحكمه وغزله ..
ــ كيف حفظك له ؟.
ــ أروى الشاهد والشاذ ومانبه للمكارم وشحذ بصيرة الصارم . وما قيل فيه على الأمثال تبيانا للأخبار وما قصد به العشاق رجاء التلاق وما رثى به الأوائل ليتأدب به الأواخر وما امتدح به المكثرون لإمرائهم زورا وبهتانا . وما تكلم به الشاعر فصار حكمة لمستمعه ..
ــ ما ظننت أحدا يعرف هذا ويزيد على الخليل حرفا ولقد زدت وأفضلت فكيف علمك بالعرب والأنساب ؟.
ــ يا أمير المؤمنين ذلك علم لم يسعنا جهله فى الجاهلية مع ظهور الكفر وجحود الحق ليكون عونا على التعارف وبصيرة بالأكفاء . فألفيت أوائلنا أفخاذا وعمائر وفصائل وجملته قبائل وعشائر حتى ورثه الأصاغر عن الأكابر وعمل به الخلف إقتداء بالسلف . وإنى لأعرف جماهير الأقوام ونسب الكرام ومآثر الأيام وفيها نسبة أمير المؤمنين ونسبتى ومآثر أمير المؤمنين ومآثر آبائه وآبائى ..
ــ لولا أنك قرشى لقلت إنك ممن لين له الحديد . فما تقول فى الخلافة والإمامه ؟.
ــ كل من غلب على الخلافة بالسيف حتى يسمى خليفه ويجتمع الناس عليه , فهو خليفه ..
ــ ومن أولى الناس بها ..
ــ أولى الناس بها قريشا ..
ــ ما هو دليلك ؟.
ــ قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لقتاده بن النعمان لما وقع فى قريش ونال منهم [ مهلا يا قتاده لا تشتم قريشا فإنك لعلك ترى منها رجالا أو يأتى منها رجال تحتقر عملك مع أعمالهم وفعلك مع أفعالهم وتغبطهم إذا رأيتهم . ولولا أن تطغى قريشا لأخبرتها بالذى لها عند الله ] ..
ــ فما تقول فى خلافة الراشدين ؟.
ــ أراهم على الترتيب كما جاءوا . أبا بكر فعمر فعثمان فعلى . وعمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين ..
ــ عجيب والله يا ابن إدريس ما أسمعه منك ..
ــ ما وجه العجب يا أمير المؤمنين ؟.
ــ ما رأيت هاشميا يقدم أبا بكر وعمر وعثمان على على غيرك ..
ــ شهـدت بأن الله لا شئ غيره .. وأشهد أن البعث حق وأخلـص ..
وأن عرى الإيمان قول محسن .. وفعل زكى قد يزيـد وينقـص ..
وأن أبا بكـر خليفة أحمد .. وكان أبو حفص على الخير يحرص ..
وأشهد ربى أن عثمان فاضل .. وأن عليـا فضله متخصـص ..
أئمة قـوم يقتـدى بفعالهم .. لحا الله مـن إياهـم يتنقـص ..
فما لغـواة يشتمـون سفاهة .. وما لسفيه لا يجـاب فيحرص ..
ــ زدنى أيها المطلبى ..
ــ أتت إمرأة يا أمير المؤمنين إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم" تسأله عن مسألة فأمرها أن ترجع . قالت : يا رسول الله إن رجعت فلم أجدك فمن أسأل . كأنها تعنى الموت فقال لها النبى "صلى الله عليه وسلم" : [ فأتى أبا بكر ] فتلك إشارة منه "صلى الله عليه وسلم" إلى أن القائم بعده أبا بكر ………………

------------------------------------------

ــ الله الله . كل هذه العلوم يا ابن إدريس .
هكذا عقب عبد العزيز أكبر أخواله وهو يستمع مأخوذا مع الآخرين إلى الشافعى وهو يواصل حديثه عن محنته ..
رد شقيقه على معقبا ............
ــ أنسيت أنه جمع علوم مكة والمدينة واليمن قبل أن يجمع علوم العراق ؟.
أضاف سليم ...........
ــ ورحلته صبيا إلى الباديه أنسيتها هى الأخرى ؟.
أجاب عبد العزيز قائلا ...............
ــ على رسلكم إخوتى لم أنس شيئا من هذا غير أنى فى عجب أن يجمع كل هذه العلوم فى رأسه . ليس هذا فحسب بل ويعلن عنها وهو فى هذا الموقف العصيب بين السيف والنطع ..
رد الشافعى مبتسما فى تواضع بينما امرأته حميده تختلس النظر إليه فى إعجاب وحياء بعد أن هدأت واطمأنت وعادت البسمة تزين شفتيها ............
ــ ليس هذا بالأمر العجيب يا خال ..
ــ وهل هناك ما هو أعجب من هذا ؟.
ــ الأعجب من هذا يا خالى العزيز ما حدث بعد ذلك من أمير المؤمنين ..
بادرت أم حبيبه متسائلة فى لهفة وفضول ................
ــ خيرا يا ولدى ؟.
ــ ما كدت أنتهى من كلامى هذا والرشيد يستمع لى متكأ على مرفقه الأيمن حتى اعتدل ثم استوى جالسا وقال : ………………
ــ يا ابن إدريس لقد ملأت صدرى وعظمت فى عينى فعظنى موعظة أعرف فيها مقدار علمك وكنه فهمك ..
ــ على شريطة يا أمير المؤمنين ؟.
ــ هى لك فما هى ؟.
ــ طرح الحشمه ورفع الهيبه وإلقاء رداء الكبر عن منكبيك , وقبول النصيحه وإعظام حق الموعظة والإصاخة لها ..
ــ لك هذا , تكلم يا ابن إدريس , هات ما عندك من موعظه ..
كان الفضل بن الربيع يرقب صديقه الشافعى من ركن قريب وقد تنفس الصعداء وانبسطت أساريره بعد أن زال عنه الخوف والإشفاق . سرت الطمأنينة إلى قلبه على مصير صاحبه وتأكده من نجاته ورضا أمير المؤمنين عليه . أخذ يتابع صاحبه بعينيه وهو يجثو على ركبتيه ويمد يده غير مكترث ولا هياب ولا محتشم مشيرا إلى الرشيد قائلا فى حدة وثبات ...............
ــ يا ذا الرجل , إعلم أنه من أطال عنان الأمن فى الغره طوى عذار الحذر فى المهله . ومن لم يعول على طرق النجاة كان بمنزلة قلة الإكتراث من الله مقيما , وصار فى أمنه المحذور مثل نسج العنكبوت لا يأمن عليها نفسه ولا يضئ له ما أظلم عليه من نسبه ..
سأل الرشيد واجفا .................
ــ وكيف الخلاص من ذلك يوم القيامه ؟.
ــ لو اعتبرت بما سلف ونظرت ليومك وقدمت لغدك وقصرت أملك وصورت بين عينيك إقتراب أجلك واستقصرت مدة الدنيا ولم تغتر بالمهله . لو فعلت ذلك لما امتدت إليك يد الندامه ولابتدرتك الحسرات غدا فى القيامه ولكن ضرب عليك الهوى رواق الحيرة فتركك وإذا بدت لك يد موعظة لم تكد تراها . ومن لم يجعل الله له نورا فما له مـن نور ..
أصابت كلمات الشيخ هدفها تماما ونزلت عند الرشيد بمكان فأخذه البكاء والنحيب وهو يجفف دمعه بمنديل فى يده وعلا شهيقه وانتحابه . عندئذ انبرى أحد الواقفين من خلفه من رجاله المقربين القائمين على خدمته صارخا فى وجه الشافعى ...........
ــ على رسلك يا هذا . أبكيت عينى أمير المؤمنين ..
مواقف دائما نراها فى مجالس الملوك والأمراء يظن أصحابها أنهم أكثر شفقة عليهم من ناصحيهم يحاولون بها إظهار محبتهم واهتمامهم والتقرب بها والزلفى من ملوكهم . كان درسا قاسيا تلقاه قائل هذه الكلمات من فم الشافعى , الذى نظر إليه غاضبا , وزجر أشباهه كلهم فى شخصه قائلا له , وهو يزأر كالأسد الهصور فى وجهه ..........
ــ يا عبيد الرفعة وأعوان الظلمه وعدة الأئمه الذين باعوا أنفسهم بمحبوب الدنيا الفانيه واشتروا عذاب الآخرة الباقيه . أما رأيتم من كان قبلكم كيف استدرجوا بالإملاء ورفهوا بتواتر النعماء ثم أخذوا أخذ عزيز مقتدر ؟. أما رأيتم الله كيف فضح مستورهم وأمطر بواكر الهوان عليهم فأصبحوا بعد سكنى القصور والنعمة والحبور بين الجنادل والصخور والقبور ؟. ومن وراء ذلك وقوف بين يدى الله عز وجل ومساءلته عن الخطره وماهو أخف من الذره وهم فى ذلك نهبة للخوف والروع ..
قال هارون الرشيد .............
ــ يا ابن إدريس قد سللت علينا لسانك وهو أمضى من سيفك ..
ــ هو لك يا أمير المؤمنين إن قبلت ولا عليك ..
ــ فكيف السبيل إلى الخلاص من ذلك ؟.
ــ أما الثانيه أن ......
قاطعه الرشيد ......
ــ أين الأولى يا رجل ؟.
ــ لا أستطيع قولها ..
ــ هيه .... فهمت .. أكمل يرحمك الله ..
ــ أما الثانيه أن تتفقد بالعمارة حرم الله تعالى وحرم رسوله "صلى الله عليه وسلم" وتؤمن السبل وتنظر فى أمر الأمه ..
ــ وكيف ذاك أفصح ؟.
ــ أن تعطى أولاد المهاجرين والأنصار حقهم من الفئ لئلا تزعجهم الحاجة عن أوطانهم . وتنظر فى أمور العامة والثغور وتبذل العدل والنصفه وأن لا تجعل دونها سترا . وتتخذ أهل العلم والورع شعارا وتشاورهم فيما ينوب . وتعصى أهل الريب ومن يزين لك أن تقطع ما أمر الله به أن يوصل ..
ــ ومن يطيق ذلك ؟.
ــ من تسمى بإسمك وقعد مثل مقعدك ..
ــ يا شافعى ألك من حاجة خاصة بعد العامة فتقضى أو مسألـة فتمضى ؟.
ــ أتأمرنى بعد بذل مكنون النصيحة وتقديم الموعظه أن أسود وجهى بالمسألة وأذل للحاجه ؟.
أطرق الرشيد ثم رفع رأسه ونظر للقاضى قائلا ............
ــ يا محمد بن الحسن سله عن مسأله ؟.
تنحنح القاضى هامسا للرشيد .............

يتبع.. إن شاء الله............................

__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها

التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 19/05/2011 الساعة 17h37
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30/04/2009, 12h12
الصورة الرمزية Tarek Elemary
Tarek Elemary Tarek Elemary غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:260181
 
تاريخ التسجيل: July 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 59
المشاركات: 1,294
افتراضي رد: عالـم قـريش ـ السـيرة الشافعـيه ـ أنس البن

و الله يا سيدى لقد أدخلتنا فو جوٍ مفعم بالإيمان و التقوى و درس عميق فى كل شىء
قوة الإيمان ... فصاحة اللسان ... قوة الحجة و البيان ... قدر العلم و العلماء ... شهوة الملك و سطوة الحكم ... نفاق الحاشية و الجوقة ... الخوف من الله مهما غرك الملك الزائل
هذا عملٌ كبير لا يتصدى له إلا كبير
وفقك الله و دامت لنا إتحافاتك
__________________
دى فضفضة من قلم رغم الألم ... حسَّاس
مهموم بِهَمْ الناس
يمكن تضيئ كلمته ... العقل جوة الراس
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02/05/2009, 14h52
الصورة الرمزية عفاف سليمان
عفاف سليمان عفاف سليمان غير متصل  
اخـتـكـم
رقم العضوية:384752
 
تاريخ التسجيل: February 2009
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 1,424
Smile رد: عالـم قـريش ـ السـيرة الشافعـيه ـ أنس البن

د أنس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا اطلت علينا الغيبةِ فى سرد هذه القصه الجميله
ماشاء الله على الامام الشافعى رحمُه الله وبارك لنا فى اعمالِه
وسيرته العطره الجميله
ما احب الله عبدا الا فقهه فى الدين وفى امورٍ كثيره من العلم والطب والفلك والشعر والعروض
والنصيحه والحكمه
د أنس
السرد للسيره العطره اصبح فى قمة الجمال
فى كل مره يزداد جمالا
من افعال الامام الشافعى
لم يُرسل الشافعى للقصاص منهُ عند امير المؤمنين
بل ارسلهُ الله ليعلم الامير امورا كثيره
منها المشاوره والحكمه واقامة العماره والسؤال على الناس حتى لا يحتاجوا او حتى لا يطلبوا المسأله
امورا كثيره حباها الله بامامنا الشافعى
وحضرتك قمت بتوضيحها لنا (د انس) عن السيره العطره لهذا الامام الجليل
كم اتمنى من الله عز وجل ان ينعم على ولو بقليل القليل مما انعم الله على امامنا الجليل
ويحسن خاتمة اعمالنا
اللهم امين
لك ولجميع مواطنى سماعى
كل التقدير والاحترام
اختكم عفاف
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02/05/2009, 18h19
الصورة الرمزية د أنس البن
د أنس البن د أنس البن غير متصل  
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
 
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,310
افتراضي رد: عالـم قـريش ـ السـيرة الشافعـيه ـ أنس البن

أطرق الرشيد ثم رفع رأسه ونظر للقاضى قائلا ............
ــ يا محمد بن الحسن سله عن مسأله ؟.
تنحنح القاضى هامسا للرشيد .............
ــ يا أمير المؤمنين إن كان أحدا من أهل العلم يخالفنا ويثبت خلافه علينا فهذا الرجل الشافعى ..
رد الرشيد بصوت خفيض ..............
ــ لم يا ابن الحسن ؟.
أجابه ابن الحسن وهو يخفض من صوته .................
ــ سعة علمه يا مولاى وتأتيه وتدقيقه فى المسائل . والله لو أن الناس ألقوا فى عقله لغرقوا فيه ..
ــ كيف عرفت ؟.
ــ لا أعرف بهذا الحجازى منى يا أمير المؤمنين ..
ــ تقول ذلك يا ابن الحسن وقد حملت ما حملت من علوم العراقيين كلهم ؟.
ــ أجل يا مولاى أمام هذا الحجازى لا يسعنى إلا أن أقول ذلك . لقد ملك زمام الحديث والسنه ولم يناظرنا أحدا من أهل الحديث وثبت أمامنا غيره ..
ــ لا تزرى من قدرك يا ابن الحسن , هيا سله واشدد عليه ..
أسلم أمره لله ثم التفت ناحية الشافعى مخاطبا ...............
ــ يا ابن إدريس ما تقول فى رجل عنده أربع نسوة فأصاب الأولى عمة الثانيه , وأصاب الثالثة خالة الرابعه ؟.
ــ ينزل عن الثانية والرابعه ..
ــ ما الحجة فى ذلك ؟.
ــ أخبرنا مالك عن أبى الزناد عن أبى هريره قال . قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" [ لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ] ..
أطرق ابن الحسن مفكرا ففاجأه الشافعى متحديا ليثير حماسه وغيرته ويرفع عنه الحرج الذى استشعره منه وهو يسأله ...............
ــ قل لى أنت يا محمد بن الحسن . كيف استقبل رسول الله "صلى الله عليه وسلم" القبلة يوم النحر وكبر ؟.
وجم محمد بن الحسن وتتعتع ولم يحر جوابا فالتفت الشافعى للرشيد قائلا ...........
ــ يا أمير المؤمنين يسألنى عن الحلال والحرام فأجيبه , وأسأله عن سنة من سنن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فيتتعتع . والله لو سألته كيف فعل أبو حنيفة لأجابنى ..
نجح الشافعى فى إثارة حماسه وطرح رداء الحرج والحياء منه تجاهه . لم يشأ ابن الحسن بدوره أن يعلن استسلامه , رفع رأسه وسأل الشافعى متحديا .............
ــ ما تقول فى رجل غصب من رجل ساحة فبنى عليها بناء أنفق فيه ألف دينار . ثم جاء صاحبها أثبت بشاهدين عدلين أن هذا إغتصبه هذه الساحه وبنى عليها هذا البناء كيف تحكم بينهما ؟.
ــ أقول لصاحب الساحه يجب أن تأخذ قيمتها فإن رضى حكمت له بالقيمه وإن أبى إلا ساحته قلعت البناء ورددت ساحته إليه ..
إبتسم فى دهاء متسائلا .............
ــ فما تقول يا أبا عبد الله فى رجل إغتصب من رجل خيط إبريسم فخاط به بطنه , فجاء صاحب الخيط فأثبت بشهادة عدلين أن هذا اغتصبه هذا الخيط . أكنت تنزع الخيط من بطنه ؟.
ــ لا . ما يكون لى ذلك أبدا ..
تهلل وجه ابن الحسن ظنا منه أنه أوقع الشافعى فى حبائله .........
ــ الله أكبر , تركت قولك .
ــ لا تعجل أيها القاضى , أخبرنى أنت . لو أن هذا الرجل لم يغتصب الساحة من أحد وأراد أن يقلع عنها هذا البناء , أمباح له ذلك أم محرم عليه ؟.
ــ بل مباح ..
ــ عظيم , أفرأيت لو كان الخيط الذى خاط به بطنه خيط نفسه لم يغتصبه من أحد وأراد أن ينزعه من بطنه . مباح له فعل ذلك أم محرم عليه ؟.
ــ بل محرم عليه , أفى ذلك شك ؟.
ــ فكيف بالله عليك تقيس مباحا على محرم ؟.
أطرق القاضى قليلا وقد اعتراه بعض الوجوم . أخذ يفكر فى مخرج من هذا الفخ الذى أوقع نفسه فى حبائله ثم رفع رأسه قائلا ...........
ــ فما تقول فى رجل غصب لوحا من خشب فأدخله فى سفينة ووصلت السفينة إلى لجة البحر ثم أتى صاحب اللوح بشاهدين عدلين أنه له أكنت تنزعه من السفينه وترده لصاحبه ؟.
رد الشافعى من فوره .............
ــ لا . ما يكون لى أن أفعل ذلك ..
ــ فكيف تصنع إذن بصاحب السفينه ؟.
ــ آمره أن يقترب بسفينته إلى أقرب ساحل ثم أطلب إليه أن ينزع اللوح من مكانه ويرده فى الحال لصاحبه ..
ــ كيف تحكم بذلك ورسول الله يقول [ لا ضرر ولا ضرار فى الإسلام ] ..
ــ ومن الذى ضره ؟. هو أضر بنفسه ولم يضره أحد ..
ران على المكان سكون كسكون المقابر لم يقطعه إلا صوت الشافعى وهو يقول .......
ــ قل لى أيها القاضى . ما تقول فى رجل من الأشراف غصب جارية من رجل من أراذل الرجال ثم أولدها عشرة كلهم قرأوا القرآن وخطبوا على المنابر وحكموا بين الناس . ثم جاء صاحب الجارية أم هؤلاء الأولاد العشره وأثبت بشاهدين عدلين أن هذا اغتصبها منه وأنها مملوكة له , أخبرنى كيف تحكم له ؟.
ــ أحكم بأن أولاد هذه الجاريه أرقاء لهذا الرجل ..
ــ بالله عليك , أى هذين أعظم ضررا , أن تقلع البناء وترد الساحة إلى صاحبها أو تحكم برق هؤلاء الأولاد ؟.
جلس القاضى واجما بعد أن غطه العرق واكتسى وجهه بمسحة من ضيق وغم , وران على المكان صمت عميق كأنه صمت العدم . لم يستطع منع الضيق عن نفسه فتلك طبيعة البشر رغم حبه للشافعى ومعرفته بعلمه وتقديره له . لكن طبيعته السمحاء لم تكن تخل أحيانا من بعض القلق . منذ اللحظة الأولى عندما طلب إليه الرشيد أن يسأل الشافعى ويناظره وهو يعلم أنه وضع فى مأزق لا نجاة له منه . لم تنسه السنين قدر الشافعى وسعة علمه مذ كانا معا قبل سنوات فى مدرسة مالك بالمدينه ..
لم ينس ذكاءه ودقة فهمه للمسائل وقدرته الفائقة لى استنباط الأحكام والفتاوى منها وأنه لا قبل لأحد بمجاراته فى هذا المضمار مهما أوتى من العلم . فى تلك اللحظة ذاتها كان الرشيد غارقا فى تأملاته وهو يردد النظر بين قاضى الخلافة الأكبر قطب الفتاوى والأحكام فى بغداد الذى بدا زائغ العينين لا يجد ما يرد به على حججه القاطعه . وبين ذلك الرجل القرشى الأسمر النحيل الضامر العود الذى يجلس أمامه ساكنا واثقا من نفسه رغم علمه أن رأسه قد تهوى فى أية لحظة وأنه من الممكن أن يلحق بمن سبقوه ..
فوجئ الرشيد بسعة علمه ونباهته وتوقد ذهنه وفصاحة لسانه وثقته البالغة بنفسه وقدراته الفذة على المناظرة والجدال . أخذ يحدث نفسه ............ هذا الرجل القرشى نسيج وحده والله لم تر عيناى مثله ..
وبينما هو كذلك إذ نظر عن يمينه فلمح وزيره الفضل بن الربيع . تذكر أيام كانا فى المدينة المنوره فى رحلة الحج سويا قبل سنوات وأخذ يستحضر فى ذهنه ذلك الحوار الذى دار بينهما وهو يخبره بقصة لقائه بصديقه الشافعى وكيف حكى له يومها عن المناظرة التى كان هو فارسها . نظر إلى الفضل بن الربيع نظرة تحمل سؤالا صامتا كأنه يقول له هذا هو صاحبك الذى حدثتنى عنه . فهم الفضل ما يريده أمير المؤمنين فهز رأسه مرتين كأنه يقول له ........... أجل إنه هو يا مولاى ..
تذكر أنه قال لوزيره فى ذلك اليوم ............ لا تعجب يا أبا إسحق فإن عقل الرجل من قريش يعدل عقل رجلين . تذكر أيضا أنه تمنى ساعتها أن يلتقى بهذا الرجل وها هى الأقدار تسوقه إليه ويعاين بنفسه سعة علمه . إنه إذن هذا الرجل الذى أراد الله بعلمه فرفعه الله . أخذ يردد فى نفسه ............ لله درك يا شافعى ما أفطنك لقد قاتل الله عدوك فصار وليا لك ..
وكأنما شعر الشافعى بما أصاب القاضى محمد بن الحسن من الضيق والحرج فتنحنح قائلا .............
ــ يا أمير المؤمنين , إنما هو كلام نتكلم به فى المناظرات , لكنى لا أعلم أحدا أخذ من العلم ما أخذه محمد بن الحسن . إنه حامل فقه العراقيين وإليه يرجع الفضل فى جمع ما قاله أبو حنيفه وأبو يوسف ونشره على الكافه . إننى لا أدعى باطلا إذا قلت إنه أعظم أهل الأرض علما فى هذا الزمان بعد وفاة أبى حنيفه ومالك بن أنس والقاضى أبو يوسف . وما يكون لمثلى أن يناظر عالما جليلا مثله . الله يعلم يا أمير المؤمنين أنى ما ناظرته إلا عن أمرك ..
هز الرشيد رأسه مبتسما , معجبا بتواضع الشافعى وفطنته وأخيرا شق صوته أرجاء المكان قائلا وهو يهم بالقيام إيذانا بانتهاء المجلس .............
ــ قد علمت أن الله عز وجل لا يدع هذه الأمة حتى يبعث عليهم قرشيا فلقا يرد عليهم ما هم فيه من الضلاله . إذهب الآن أيها الشيخ الحجازى القرشى فى ضيافة .......
وقبل أن يتم عبارته تنحنح محمد بن الحسن . نظر إليه الرشيد متسائلا ..........
ــ مالك يا ابن الحسن ؟.
ــ معذرة يا أمير المؤمنين إسمح لى أن يكون الشافعى ضيفى ؟.
نظر للشافعى مبتسما كأنه يسأله فأجابه من فوره ............
ــ لو لم يقلها هو لقلتها أنا يا أمير المؤمنين ولفرضت نفسى ضيفا عليه ..
ــ ما السبب ؟.
ــ الحقيقة يا مولاى أنى كنت أتمنى منذ زمن أن أجلس إليه وأسمع منه سماعا ما دونه فى فقه أبى حنيفه قبل أن أقرأ كتب الخلاف بين العراقيين ..
ــ آه تقصد ما كتبه القاضى أبو يوسف رحمه الله فى أوجه الإختلاف بين أبى حنيفه وابن أبى ليلى أليس كذلك ؟.
ــ بلى يا أمير المؤمنين ..
ــ على بركة الله أنت إذن فى ضيافة القاضى ولا تغادر أرض العراق حتى آذن لك ..

يتبع.. إن شاء الله............................
__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها

التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 19/05/2011 الساعة 17h36
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02/05/2009, 18h43
الصورة الرمزية أبو مروان
أبو مروان أبو مروان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:256008
 
تاريخ التسجيل: July 2008
الجنسية: عربي
الإقامة: سماعي
المشاركات: 457
افتراضي رد: عالـم قـريش ـ السـيرة الشافعـيه ـ أنس البن

نفحات إيمانية ,تقوى وورع ,معرفة وعلم ...الله يكرمك أيها ألأخ العزيز كما أكرمتنا بهذه االنفحات الروحانية وزاد الله من أمثالك ومتعك الله بالصحة والعافية ,,,
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 08/05/2009, 09h02
الصورة الرمزية د أنس البن
د أنس البن د أنس البن غير متصل  
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
 
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,310
افتراضي رد: عالـم قـريش ـ السـيرة الشافعـيه ـ أنس البن

مناظـرات ومحـاورات

@ تسابق أهل الدار جميعهم فى همة ونشاط إلى رفع صحاف الطعام وتنظيف المكان من بقاياه حيث ذبحت شاة وأعدت وليمة كبيرة ابتهاجا بنجاة الشافعى . كان القوم فى عجلة من أمرهم وهم يعيدون ترتيب المكان وإعداده , كل واحد منهم يعمل يديه فى همة لمواصلة حديث مثير قطعه طعام العشاء . لم تمض غير لحظات حتى عاد المكان مرتبا منسقا كما كان ..

جلس فى صدارته الفارس العائد المحتفى به وجمع كبير من قرابته وذوى رحمه وجيرانه , يتحلقونه فى شوق وفضول بعد أن اتخذ كل واحد منهم مكانه شاخصين إليه أبصارا إمتزج فيها القلق والترقب بفرحة اللقاء . مرهفين آذانا مشتاقة لسماع بقية حكايته المثيرة بأحداثها المتلاحقه وما كان من أمره فى الأشهر الماضية التى أمضاها فى أرض العراق , إلى أن عاد إليهم مرة أخرى سالما غانما مرفوع الهامه . بعد أن كتبت له النجاة وبرأه الله من كيد أعدائه ومكرهم الكبار , وما حاولوا إلصاقه به من إفك وبهتان حسدا من عند أنفسهم للإيقاع به وإيراده موارد الهلاك بعد أن أعيتهم الحيل والدسائس ..

بادر خاله سليم الأزدى متسائلا فى لهفة وقد بدا على ملامحه أنه أكثر القوم فضولا وشوقا لمعرفة باقى حكايته . بعد أن فرغ من إرواء عطشه مسح فمه بكمه ثم وضع آنية الماء جانبا وهو يسأل متلهفا ..............

ــ هيه وماذا بعد يا ابن إدريس , ألن تسمعنا الآن بقية حكايتك وما حدث لك فى أرض الخلافه بعد انتهاء المحاكمه ..

نظر إليه الشافعى ثم إلى من حوله متسائلا وهو يضع راحته على جبهته كمن يحاول أن يتذكر ...............

ــ أين توقفنا يا قوم فقد أنسانا شهى طعامكم آخر الحديث ؟.

إنبرى عبد العزيز مجيبا فى الحال ............

ــ وقفت بنا فى حكايتك عند اللحظة التى خرجت فيها من القصر بعد انتهاء المحاكمه فى صحبة القاضى محمد بن الحسن الشيبانى لما طلب إلى الرشيد أن تكون فى ضيافته , أليس كذلك ؟.

ــ بلى أيها الخال العزيز لقد تذكرت , يا لها من أحداث .

هز رأسه قليلا وهو يتنهد قائلا ...................

ــ إيه .... ما أعظم هذا الرجل وما أكثر فقهه وغزارة علمه وما أعذب تلاوته للقرآن . أقولها شهادة صدق مع اختلافنا كثيرا فى الرأى وفى منابع الفكر وقاعدة الفتوى وأصولها . ما رأيت فى حياتى كلها أو فى أى بلد حللت فيه أحدا يحسن تلاوة القرآن مثله , وما رأيت أخف روحا ولا أفصح لسانا ولا أرجح عقلا من هذا الحبر العراقى البدين ..

بعد لحظات صمت جليل ران السكون خلالها وخيم أرجاء المكان أردف قائلا وهو يهز رأسه ...................

ــ كنت أظن وأنا أسمعه يتلو آى الذكر فى خشوع أن القرآن نزل بلغته . إيه .... أيام رائعة مكثتها فى صحبته لم أفارقه خلالها إلا لضروره . المهم أننا بعد أن خرجنا سويا من دار الملك فى الرقه أخذنا الحديث ونحن فى الطريق إلى داره فى أمور شتى ومسالك متشعبه . كان ساخطا أشد السخط من مسلك صاحبه حماد البربرى ناقما عليه بعد أن علم أنه كان وراء هذه المؤامرة اللعينة التى أتقن صنعها ..

سألته امرأته ...........

ــ ماذا قال لك ؟.

ــ قال لى كلاما كثيرا مبديا دهشته وامتعاضه من مكره وكيده أذكر منه قوله فى هذا الحوار الذى دار بيننا : ………………

ــ والله إنى لفى عجب شديد ودهشة من أمر هذا الكوفى الذى صاحبته زمنا كنت أعلم مذ كنا معا فى الحلقة المالكية فى المدينه أنه يكن لك فى قلبه قدرا من الكراهية والحقد . لكنى لم أتصور يوما أن يتردى إلى هذا الدرك الأسفل من الخسة والنذاله . لا أدرى كيف ظل طوال هذه السنين الماضية وهو يحمل لك فى باطنه الأسود كل هذا الكم الكبير من الحقد والغل . ظننت آنذاك أنها أمورا عابرة كتلك التى تحدثها المنافسة أحيانا بين الزملاء ورفقاء العلم لا تلبث أن تمضى لحالها وتنطوى فى غياهب الزمن وسراديب النسيان ..

ــ ليتها كانت كذلك . غير أنى لا أجد ما أقوله أيها الشيخ الجليل إلا أن أدعو الله تعالى أن يسامحه ويغفر له ما سلف من أمره معى . لم يكتف بما فعله معى بالمدينة قبل سنوات من إيذاء ومهانة بل حاول مرات كثيرة بعد أن صارت له الإمارة وملك زمام الأمور فى اليمن أن يتحرش بى عن طريق بعض أتباعه والعاملين تحت إمرته ..

ــ يتحرش بك . كيف ذلك وما الذى فعله معك هذا الوغد المغرور الأحمق ؟.

إغرورقت عيناه بالدمع وهو يقول فى صوت متهدج حزين ...............

ــ لجأ إلى بعض السفهاء وضعاف النفوس من أذنابه وأطلقهم من ورائى فى كل مكان أغدو أو أروح فيه . يطلقون ألسنتهم مرات بالأذى والسباب والسخريه ومرات بإطلاق الشائعات والروايات الكاذبة الملفقة الباطلة التى تسئ إلى سمعتى وتنال منها وأساليب وضيعة أخرى لا أحب أن أتذكرها أو أذكرها لك ..

ــ عجيب والله ما أسمع . كل ذلك بسبب ما كان بينكما فى المدينة منذ سنوات . حقا لا أكاد أصدق ؟.

ــ لا يا سيدى ليس لهذا فحسب ..

ــ وما الدافع له إذن على هذا اللدد المتصل وذلك العداء وتلك الكراهيـه ؟.

تنهد قائلا ................

ــ إيـه ليس دافعا واحدا إنما أسباب كثيره . منها أننى حاولت مرارا وأنا قاض للبلاد أثناء ولايته إمارة مكة واليمن أن أمنع ظلمه وظلم أتباعه الذين طغوا فى البلاد أن يصل إلى ضعاف القوم ممن هم تحت إمرته . قمت بالفعل برد ما سلبوه وانتهبوه من حقوق إليهم . كان لسانى سيفا مسلطا على ظلمه للناس وطغيانه فى البلاد , فشق ذلك على نفسه وبعث كوامن الغضب فيه , وزاده حقدا وكراهية على ما كان يحمله فى باطنه ..

ــ إعلم يا أبا عبد الله أنه لا يقيم ميزان العدل ولا يركب هذا المركب الصعب إلا أولو العزم من الرجال . يفعلون ذلك وهم يعلمون أنهم سيتعرضون لخشونة الزمان وأذاه . وإنى لأظنك يا صاحبى من أولئك الرجال الذين لا يخافون فى الله لومة لائم ..

ــ لقد بلغ به السفه والحقد الأعمى أن يسلط بعضا من أتباعه ليقطعوا الطريق على مرات ومحاولة إيذائى أحيانا بالضرب وبالسب أخرى . كان ذلك قبل أن يشى بى عند أمير المؤمنين ويلفق لى تلك التهم الشنيعه ..

صمت برهة ثم قال فى صوت متهدج ونبرات حزينه ...............

ــ أخذ يشيع بين الناس من غير حجة أو سند سواء فى المدينة أيام كنا معا أو بعد ذلك فى اليمن عن طريق أذنابه أن قومى من الموالى , وأننى لست قرشيا بالنسب بل بالولاء ..

ــ أجل صدقت والله . أذكر أنى سمعته مرات بالمدينه قبل سنوات يزعم أن جدك شافعا كان مولى لأبى لهب ولم يلحقه عمر بموالى قريش ثم ألحقه عثمان بن عفان من بعد عمر بهم . أجل قال ذلك وأشياء من هذا القبيل لا زلت أتذكر طرفا منها لكن الأمر العجيب حقا وأكثر ما أدهشنى أن يكون الخلاف فى أمور العلم مدعاة لكل هذا الحقد وتلك الكراهيه . لدرجة تلفيق تهم باطلة شنيعة كتلك التهم التى لفقها لك أخيرا وهو يعلم يقينا أنه لا عقاب لها ولا جزاء عليها إلا الموت . أمر عجيب ومحير حقا ..

ــ والله ما ناظرت أحدا يا سيدى وأنت تعلم هذا إلا ولم أبال بين الله الحق على لسانى أو لسانه . فلا بغية لنا من وراء ذلك ولا أرب إلا النصيحة وبيان الحق ومعرفته لا الجدال العقيم أو الحجاج السقيم أو التعصب الأعمى للرأى . وما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها إلا عظم فى عينى وهبته واعتقدت مودته . ولا كابرنى أحد على الحق ودفع الحجة الصحيحة إلا سقط من عينى ورفضته ..

ــ ذلك هو نهجنا أيضا المهم عندنا هو الوصول إلى الحقيقة سواء كانت فى كلامنا أم كلام غيرنا ..

مرت لحظات صمت وهما يسيران بخطوات رتيبة عاد بعدها ابن الحسن يواصل سابق حديثه قائلا ...............

ــ يذكرنى كلامك هذا بما سمعته قبل سنوات طوال من إمامنا وشيخنا أبى حنيفه فى أخريات أيامه . إن كلماته لا تزال ترن فى أذنى إلى هذه اللحظة كأنما سمعتها منه بالأمس القريب ..

سأله فى لهفة ............

ــ حدثنى بالله عليك بما سمعته من حكم هذا الشيخ الجليل ودعنا من حكايات وذكريات أليمه ؟.

ــ كنت غلاما وقتذاك فى الثانية عشر من عمرى وسمعته ذات مرة وهو يقول موجها كلامه لجماعة من المشتغلين بعلم الكلام ............ “ كنا نناظر أيها القوم وكأن على رؤوسنا الطير مخافة أن يزل صاحبنا مع مخالفته لنا فى الرأى . وأنتم تناظرون وتريدون زلة صاحبكم وهمة أحدكم أن يظفر من صاحبه بشنعة يشنع بها عليه “ ..

ــ ما أعظمه من إمام وما أتقاه سمعت أنه نهى ولده حماد عن الإشتغال بهذا العلم أو تعاطيه ..

ــ أجل لقد وجهه حينا لدراسة علم الكلام ثم عاد ونهاه عنه . ولما سأله ولده عن ذلك وكان له هوى به قال له ............ “ يا بنى إن هؤلاء المختلفين فى أبواب الكلام ممن ترى كانوا على قول واحد ودين واحد حتى نزغ الشيطان بينهم فألقى بينهم العداوة والإختلاف “ ..

ــ صدق الشيخ الإمام فإن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال [ لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم الحديث ] صدق رسول الله "صلى الله عليه وسلم" . أجل لأن يلقى الله عبده بكل ذنب ما خلا الشرك بالله خير من أن يلقاه بشئ من هذه الأهواء ………

يتبع.. إن شاء الله............................
__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها

التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 19/05/2011 الساعة 17h40
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 08h23.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd