* : حفل غنائى من إذاعة الأغانى (الكاتـب : د.حسن - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 10h38 - التاريخ: 14/09/2025)           »          محمّد أفندي نور (الكاتـب : auditt05 - آخر مشاركة : هادي العمارتلي - - الوقت: 10h07 - التاريخ: 14/09/2025)           »          أحمد الحفناوي - 14 جوان 2016- 1 أوت 1990 (الكاتـب : mokhtar haider - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 10h07 - التاريخ: 14/09/2025)           »          قاسم كافي- 5 أوت 1945 - 15 نوفمبر 2018 (الكاتـب : رضا المحمدي - آخر مشاركة : غريب محمد - - الوقت: 09h02 - التاريخ: 14/09/2025)           »          الذكري الخمسون [50] لرحيل سيده الغناء العربي (الكاتـب : عبدالرحيم رضوان - آخر مشاركة : محمد عمر الجحش - - الوقت: 07h55 - التاريخ: 14/09/2025)           »          مطرب مجهول الهوية .. من هو ؟ (الكاتـب : abo hamza - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 04h46 - التاريخ: 14/09/2025)           »          45 عاما في كواليس ماسبيرو (الكاتـب : الكرملي - آخر مشاركة : رضا المحمدي - - الوقت: 19h53 - التاريخ: 13/09/2025)           »          مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية و توزيعات منها (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : محمد عمر الجحش - - الوقت: 16h40 - التاريخ: 13/09/2025)           »          نعيمه عاكف- 7 أكتوبر 1929 - 23 إبريل 1966 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : محمد عمر الجحش - - الوقت: 14h14 - التاريخ: 13/09/2025)           »          أسمهان التونسية (الكاتـب : غريب محمد - - الوقت: 07h40 - التاريخ: 13/09/2025)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > صالون سماعي > ملتقى الشعر و الأدب > نتاج الأعضاء .. القصص والروايات

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 01/03/2009, 18h36
الصورة الرمزية د أنس البن
د أنس البن د أنس البن غير متصل  
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
 
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,310
افتراضي

سكت برهة ثم أشار لامرأته قائلا ..............
ــ أتذكرين حكاية أم شريك الثقفيه ؟.
ردت سعده قائلة .............
ــ أم شريك . آه .. أليست هى أرملة خليد بن مطرف ؟.
ــ بلى إنها هذه المسكينه , ألا زلت تذكرين حكايتها ؟.
ــ كيف لأحد أن ينساها هل مثلها تنسى حكايتها ؟. لقد ظلت مأساتها حديث نجران زمنا بعد أن مات زوجها وهى لا تزال حاملا فى شهرها الأخير فى ولدها الذى أنجبته بعد وفاته مباشرة . تركها تصارع قوى البغى وحدها فى بحر الحياة دون سند أو معين ..
ــ ولم يترك لها من متاع الدنيا إلا دارا صغيرة تأويها هى ووحيدها , يعيشان تحت سقفها فى دعة وسلام ..
ــ مع قطعة أرض تقوم على زراعتها ..
أكمل زيد قائلا .............
ــ إلى أن ظهر فى حياتها ذلك الرجل الظالم اللئيم , رأس الفتنة والفساد الوليد بن جبير المدانى . إستغل نفوذه وسطوته , وأنه سيد قومه , وضعف الأرملة ووحدتها , وحاول بأساليبه الدنيئة أن يستلبها أرضها التى تجاوره حتى يوسع داره ..
سألته بدر ...............
ــ سمعت يا أبت أنه عرض عليها أن يشتريها منها فى بادئ الأمر ؟.
ــ أجل يا ابنتى , إلا أنها أبت وبإصرار أن تبيعه إياها , مع أنه عرض عليها مبلغا كبيرا من المال هى فى أشد الحاجة إلى أقل القليل منه . لكنها أصرت على عدم البيع , والتفريط فى أرضها التى ورثتها عن زوجها ..
عادت تسأله .............
ــ لم لم تستجب له يا أبت , وتتقى بأسه ..
ــ منعها وفاؤها لذكرى زوجها , كانت حريصة على هذه الأرض التى يذكرها ترابها به , والتى ارتوت سنوات من قطرات عرقه , وبالأيام التى عاشتها معه فيها . كانت محبة له وفية لذكراه , حتى أن ذلك الظالم لما عرض عليها أن يعوضها أرضا غيرها , أبت ذلك أيضا ..
عقبت بدر قائلة ................
ــ بالطبع لما لم ينفع معها إغراء المال , لجأ لأساليبه الوضيعة التى يتقنها هو وأمثاله ..
أكملت سعده ...............
ــ أجل يا ابنتى رفع آنذاك دعوى ملكية لهذه الأرض , وقام بتزوير عقد من زوجها له مدعيا أنه باعها له قبل أن يموت . وجاء بشهود زور من أعوانه يشهدون لصالحه بصحة العقد وسلامة البيع ..
ــ هذه هو ما حدث تماما , وحكم القاضى وقتها بهذه البينة القاطعة بتمكين هذا الظالم من أرض الأرملة المسكينه . لم تفلح صرخاتها أو توسلاتها فى ردها إليها . وقتها لم يجرؤ أحد من أهل المدينة أن يتقدم للشهادة معها ..
قالت سعده ................
ــ من ذا الذى يجرؤ على مواجهة هذا الظالم ومناصبته العداء ..
ــ لكن ربك يمهل ولا يهمل , فما كان مستحيلا بالأمس حدث اليوم يا سعده ..
ــ كيف يا زيد ؟. إحكى لنا بالله عليك ..
ــ بعد أن طردت من أرضها لجأت للشكوى إلى الولاة والأمراء وطرقت جميع الأبواب دون جدوى . الرجل نفوذه كبير والكل يحسب حسابه , أخيرا فوضت أمرها إلى الله واستسلمت لقضائه . إلى أن سمعت بالقاضى محمد بن إدريس وأحكامه العادله وأنه لا يجامل ولا يصانع ولا يخشى من أحد ..
تساءلت بدر فى سعاده ..............
ــ هل تعنى أنها تقدمت بشكوى يا أبت ؟.
ــ أجل يا بدر , قامت بتجديد دعواها وتقدمت بها إلى ديوان القضاء منذ أيام , وفى التو أمر القاضى الشافعى قائد شرطة القضاء بإحضار المدعى عليه للمثول أمامه . واسمعوا ما حدث فى هذه الجلسة التى جرت صبيحة اليوم علانية على الملأ بعد أن طلب القاضى الشافعى مثولهما أمامه سألها ..................
………………
ــ أنت أم شريك الثقفيه ؟.
ــ أجل سيدى القاضى ..
ــ وأنت .. ألست الوليد بن جبير ؟.
ــ بلى أنا الوليد بن جبير المدانى سيد قومى بنو عبد المدان وكبيرهم ..
ــ هيه .. إرفعى إلينا دعواك يا أم شريك , أخبرينا بكل ما عندك ؟.
ـ سيدى القاضى , لى قطعة أرض ورثتها عن زوجى الراحل , كنت أزرعها وأعيش أنا وصغيرى هذا على ما أجنيه من محصولها القليل من قمح أو شعير أو بقل . أبيعه وأشترى بثمنه ما نحتاجه من طعام أو كساء , وندفع ما علينا من خراج أو غير ذلك , إلى أن أتى هذا الرجل , الظالم , الكذاب , الذى لا يخاف الله , الذى .......
قاطعها الشافعى ..............
ــ على رسلك يا امرأه , تكلمى فى دعواك فحسب , لا تعرضى بخصمك فإن هذا مما لا يجوز فعله فى مجالس القضاء , إياك أن تعودى لمثل ذلك , أفهمت ؟.
ــ عفوا سيدى القاضى , لا تؤاخذنى , إنما دفعنى لما قلت ما لاقيته من عنت وهوان . إن هذا الرجل دأب على تهديدى والتحرش بى , يريدنى أن أبيعه رغما عنى أرضى التى ورثتها عن زوجى وأعيش على خراجها . فلما أبيت وأصررت على عدم بيعها له , لجأ إلى الحيلة والكذب وادعى ظلما أن زوجى باعها له قبل موته , وجاء بمن يشهدون معه زورا وبهتانا , حتى أمكنه أن يحصل على حكم باطل ظالم بأحقيته فى الأرض ..
قاطعها بحزم للمرة الثانية ................
ــ حسبك أيتها المرأه , لتعلموا جميعا أيها الناس أن قضاء الإمام لا يحل حراما ولا يحرم حلالا . قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" [ إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلى ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضى له على نحو ما أسمع منه . فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئا فإنما أقطع له قطعة من نار ] صدق رسول الله "صلى الله عليه وسلم" هل أدركتم ما يعنيه رسولنا العظيم أيها القوم ؟.
همهم الحاضرون فعقب فى الحال ..............
ــ هذا الحديث , يدل على أن الأئمه إنما كلفوا القضاء على الظاهر , والحكم على الناس يجئ على نحو ما يسمع منهم مما لفظوا به , لا بما غاب عنه منهم , فأمر هذا موكول لأنفسهم . ولو كان الأمر على غير ذلك لكان أولى الناس به رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أفهمت يا امرأه . أسمعتم أيها الناس ؟.
إنتهى من كلامه الذى وقع فى نفوس الحاضرين موقعا عظيما ثم التفت للمدعى عليه وسأله .............
ــ ما قولك أيها الرجل , فى هذه الدعوى ؟.
أجاب فى نعومة وخبث محاولا التطف والتجمل فى منطقه .............
ــ سيدى القاضى كل ما تقوله هذه الأرملة محض اختلاق وكذب من أوله إلى آخره . والأرض التى تدعى كذبا أنها ورثتها عن زوجها إنما هى أرضى أنا , وصارت ملكا لى بعد أن اشتريتها من زوجها خليد بن مطرف رحمه الله ودفعت له ثمنها كاملا ..
قاطعه الشافعى متسائلا ..............
ــ وهل تسلمت الأرض منه ؟.
ــ سيدى القاضى , لقد أدرك الموت زوجها قبل أن يسلمها لى . ما ذنبى أنا فى أنه مات قبل أن أتسلمها منه ..
ــ هيه , ثم ماذا ؟.
ــ لما ذهبت إليها أطالب بما هو حق لى , إدعت عدم معرفتها بأمر هذا البيع وأبت كل محاولة منى ومن غيرى أن تمكننى من العين موضع النزاع , إضطررت لمقاضاتها وجاء الحكم لصالحى واستلمت الأرض فعلا وأقمت عليها بناء . غير أنها عادت لمزاعمها مرة ثانية وأخذت تردد من جديد أوهامها الباطلة وتطعن فى صحة البيع ..
ــ كم أعطيت زوجها ثمنا للأرض ؟.
ــ مائتى دينار كامله , سلمتها له فى يده أمام الشهود , عدا ونقدا ..
ــ تحلف اليمين على صحة روايتك وصدق قولك ؟.
ــ لم أحلف , ومعى البينة والدليل على صدق ما أقول ..
ــ أين هى هذه البينه ؟.
ــ إليك يا سيدى القاضى العقد الذى اشتريت بموجبه أرض خليد بن مطرف وعليه توقيعه وأسماء الشهود . والبيع متحقق فى هذا العقد بالإيجاب والقبول ..
ــ ما تقولين فى هذه البينة يا أم شريك ؟.
ــ حسبى الله ونعم الوكيل , العقد مزور . كم من مرات صرخت حتى بح صوتى أن العقد مزور ..
ــ هل لديك بينة أو شهود على ما تقولين ؟.
ــ سيدى القاضى , كل الناس يعلمون أنى صادقة فيما أقول وأن هذا العقد باطل وأن زوجى مات ولم يبع أرضه لأى أحد ..
ــ وهؤلاء الشهود الذين شهدوا على العقد ؟.
ــ سيدى القاضى , إنهم من أعوانه وأتباعه . إنهم شهود زور وشهادتهم باطله والناس كلهم يعلمون ذلك ..
ــ ما الذى منع الناس إذن عن شهادتهم معك ؟.
ــ ليتك تسألهم بنفسك , ربما تنحل عقدة ألسنتهم وينزاح الخوف الذى خيم على نفوسهم وعشش فى قلوبهم وباض وفرخ . ألم تقم باختيار هؤلاء السبعه الذين يجلسون من حولك ليكونوا أعوانا لك . أليسوا هم أهل الرأى والصلاح فى الجماعه وعليهم تقع مهمة النظر فى أحوال الشهود . سلهم عن هؤلاء الشهود , وأنا راضية بما يحكمون به حتى لو جاء لغير صالحى ..
ــ بما أنك تنكرين البيع , عليك حلف اليمين على صدق دعواك ..
ــ أحلف يا سيدى , أحلف ..
ران على القاعة صمت عميق , حبس القوم أنفاسهم بينما عيونهم على الشافعى فى انتظار ما سيقوله . أخيرا أمر بإحضار الشهود الذين شهدوا على عقد البيع وكانوا ثلاثة . فلما مثلوا بين يديه التفت إلى الرجال الموكلين بمعرفة أحوال الشهود وسألهم .....
ــ أتعرفون هـؤلاء ؟.
إنبرى أوسطهم المتحدث باسمهم .........
ــ أجل نعرفهم ..
ــ ما تقولون فيهم ؟.
أخذوا يتشاورون فيما بينهم لحظات ثم قام أوسطهم واقفا وقال .............
ــ إنهم ليسوا عدولا ولا نطمئن لشهادتهم ..
حبس الجالسون أنفاسهم حتى جاءهم صوت الشافعى موجـها سؤاله للمدعى عليه ....
ــ ألديك شهودا آخرين ؟.
أجاب متململا متبرما ..........
ــ لا . هؤلاء هم شهودى ..
سرت همهمة فى القاعة لم يقطعها إلا صوت الشافعى الذى قال آمرا ............
ــ تخلى القاعه ولا يبقى فيها أحد إلا كاتب القضاء , ويفرق بين الشهود , ثم يدخلون على فرادى , كل فى دوره ………………
واصل زيد روايته لامرأته وابنته قائلا ...........................
ــ أخليت القاعة من الحاضرين , وتم التفريق بين الشهود , حيث جلس كل واحد منهم فى مكان وحده بعيدا عن الآخر ..
سألت سعده ..............
ــ ما الذى دعاه لأن يفعل ذلك بعدما شهد أهل الصلاح والمشوره وأخبروا برأيهم فى الشهود مبطلين شهادتهم ؟.
ــ لم يغب عنى بالطبع أن أسأله عن هذا الأمر ..
ــ كيف ؟.
ــ فى نهاية الجلسة سألته فى ذلك فأجابنى ………………
ــ فعلت ذلك يا زيد حتى أستيقن بنفسى من كونهم ليسوا عدولا , وأن شهادتهم كانت ملفقة . وما كنت لأفعل ما فعلت من التفريق بين الشهود وسؤالهم كل على حده , لو أن أهل الصلاح والمشورة أقروا بصحة شهادتهم وأنهم شهود عدول . وعلى أى قاض أن يفعل ذلك إذا ثبت أن الشهود مجرحين ودفع ببطلان شهادتهم ………………
عادت سعده تتساءل ............
ــ وكيف أمكنه أن يتحقق من بطلان شهادتهم بعد أن فرق بينهم . هل عرفت منه ذلك ؟.
ــ أجل عرفت , كان يسأل كل واحد منهم وحده عن شهادته واليوم الذى شهد فيه الواقعه والموضع الذى شهد فيه ومن حضره وهل جرى ثم كلام وأسئلة أخرى . فعل كل ذلك وهو يحاور كل واحد منهم ويناوره فى براعة كى يستدل إن كانت فى شهادته عورة أو أن هناك اختلافا بين أقواله وأقوال غيره من الشهود ..
ــ وما الذى انتهى إليه ؟.
ــ بعد أن ناقش الشهود فى براعة وذكاء كشف تضارب أقوالهم وفساد شهادتهم التى شهدوا بها من قبل وتأكد لديه صدق دعوى أم شريك ..
ــ وكيف جاء حكمه بعد كل هذا ؟.
ــ حكم بتعزير الشهود ورد الأرض إلى صاحبتها . لم يكتف بذلك بل أمر قائد شرطة القضاء بتنفيذ الأحكام فى الحال وتمكين الأرملة المسكينة من أرضها المغصوبه كما كانت بعد إزالة ما أقامه عليها من بنيان ..
ــ ياه .. بعد كل هذه السنين تعود أرضها إليها .. حقا ما ضاع حق وراءه مطالب . دولة الظلم ساعه ودولة الحق إلى قيام الساعه ..
إنبرت بدر للسؤال ............
ــ وما الذى فعله يا أبت , هذا الظالم الغاصب الوليد بن جبير ؟.
ضحك زيد قائلا ..............
ــ لم يجد أمامه يا ابنتى بدا من الإمتثال والرضوخ لحكم القاضى الشافعى . لكنه خرج من قاعة القضاء وهو يرغى ويزبد , ويهرف بكلام فارغ يحمل فى طياته معانى التهديد والوعيد ..

يتبع.. إن شاء الله ............................

__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها

التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 19/05/2011 الساعة 16h10
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03/03/2009, 12h37
الصورة الرمزية عفاف سليمان
عفاف سليمان عفاف سليمان غير متصل  
اخـتـكـم
رقم العضوية:384752
 
تاريخ التسجيل: February 2009
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 1,424
Cool رد: عالـم قـريش ـ السـيرة الشافعـيه ـ أنس البن

د أنس
ارجوا أن تقبل منى هذا الدعاء لشخص حضرتكم الكريم
وأن كان غلط وضع هذا الدعاء لانه يحمل توقيع اسم موقع
فحضرتك احذفه
ولكن قصدت به
ان اشكرك حضرتك على مجهوداتك الجميله
وادعوا لحضرتك بالسعاده وان تتحفنا دائما بما هو جميل
لك كل التقدير والاحترام
عفاف
الصور المرفقة
نوع الملف: gif 4168[1].gif‏ (312.4 كيلوبايت, المشاهدات 56)
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04/03/2009, 18h06
الصورة الرمزية د أنس البن
د أنس البن د أنس البن غير متصل  
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
 
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,310
افتراضي

183 هـجـريه .. أميــر اليـمـن

@ جلس الشافعى أمام عتبة داره تحت شجرة عتيقة ضخمة وارفة الظلال يتأمل وحده قرص الشمس الأصفر الذهبى وهى تميل إلى مغربها كأنها غريق فى بحر الأفق يبتلعه شيئا فشيئا , ويرقب الليل وهو يرخى أستاره الداكنة على أرجاء المكان رويدا رويدا ..
كان منظر غروب الشمس فى غموضه وروعته حافزا له كى يستعرض تاريخ السنوات التى غربت من عمره كهذا القرص الأصفر من الشمس , مذ كان طفلا صغيرا يخطو خطواته الأولى على أرض مكة الطاهره بعد رحيله مع أمه وجده من ديار غزه . تلك البلاد التى عاش فيها أيام عمره الأولى وليدا فى المهد ولم ينطبع فى ذاكرته أى شئ عنها ..
كثيرا ما حدثته أمه عنها وعن أهلها الطيبين , كيف عاشت بينهم فيها عشر سنوات مع أبيه الراحل قبل أن يرزقا به وترى عيناه نور الدنيا . كم حدثته عن أرضها وترابها الذى يضم رفات أبيه إدريس وجده هاشم بن عبد مناف . سرح بخياله بعيدا حتى غمره الشوق والوجد , أخذ يحدث نفسه مرتجلا فى شجن ولوعة وكأنه يرثى أباه الراحل :
وإنى لمشتاق إلى أرض غـزة .. وإن فاتنى بعـد التفـرق كتمانى ..
سقى الله أرضا لو ظفرت بتربها .. كحلت بها من شدة الشوق أجفانى ..
ثم طافت فى مخيلته صورة كتاب الشيخ إسماعيل فى ساحة الحرم العامره حيث استظهر القرآن فى صباه . تذكر هناك صديقه العراقى الفضل بن الربيع وما كان من أمره معه وقتئذ , إلى أن لقيه منذ سنوات قليلة فى المدينة بعد أن صار وزيرا فى بلاط الرشيد ..
تذكر البادية ومقامه فيها سنوات صباه بين الهذيليين , يستمع إلى أشعارهم وآدابهم فتنطبع فى ذاكرته انطباعا . كيف عاد من عندهم وقد أفاد فصاحة وأدبا وصار بفضلهم , آخذا بناصية اللغة العربية فى أصالتها ونقائها , وما تعلمه عندهم من فنون القتال والرماية والعدو ..
تذكر ذلك المكان الذى اتخذه مجلسا فى ساحة الكعبة عاما كاملا , يحدث الناس فيه عن حكايات العرب وأشعارهم وآدابهم وبطولاتهم , إلى أن لقى الأصمعى عالم اللغة العربية وأستاذها الأكبر . ثم لقاءه الروحانى مع الشيخ الورع الزاهد الفضيل بن عياض صاحب الكرامات , الذى رآه فى المنام طيف خيال قبل أن يراه فى اليقظة واقعا ولم يكن له به معرفه من قبل . تذكر كلماته المنورة التى دفعته دفعا لاستكمال رحلة العلم والمعرفه ..
ثم طافت على مخيلته رحلته إلى المدينة المنوره وجلوسه إلى إمامها مالك بن أنس , وحلقته العامرة التى نهل منها الكثير , وصديقه الوفى القادم من أرض مصر عبد الله بن عبد الحكم . تعارفت روحاهما وائتلفتا حتى أن كل واحد منهما كان كأنه مرآة للآخر فى خصاله وأخلاقه . وبعد ذلك رحلته إلى اليمن , وما كان من أمر تلك المرأة التى افترت عليه بالباطل والبهتان بتحريض من خصومه . أخذ يتمتم داعيا ربه أن يسامحها ويسامحهم ..
أخيرا علت شفتيه إبتسامة عريضة وهو يتذكر ما جرى له منذ بضعة أشهر مع ذلك الرجل الفظ , الذى لقيه وهو فى طريقه إلى مكة لزيارة أمه , كانت تقيم عند خاله على فى ذى طوى . أول زيارة يقوم بها إليها بعد توليه قضاء نجران ..
وحكايته أن الشافعى وكان يرافقه فى رحلته غلاما يقوم على خدمته , لما أدركه التعب وأخذ منه الجهد مأخذا عظيما وهو فى طريقه الطويل , تمنى فى تلك الساعة أن لو استطاع أن يضع جنبيه على أى فراش ويستريح ليلته تلك قبل أن يواصل رحلة السفر . أخيرا شاهد على البعد دارا تقع وحيدة على مشارف إحدى القرى . حمد الله وهو يتنفس الصعداء أن وجد أخيرا مكانا يريح فيه بدنه المتعب بين جدرانه الأربعـه ..
إقترب من الدار ثم نزل من فوق دابته قاصدا صاحبها راجيا أن يضيفه هذه الليله . فإذا هو برجل أزرق العينين ناتئ الجبهة لم ينبت له شعر فى وجهه البته كان واقفا بفناء الدار . رآه الشافعى على البعد فقال فى نفسه ............. علم الفراسة يقول , هذا الرجل فيه خبث شديد , وقسماته تدل على وضاعة وخسه ..
وكان الشافعى قد درس علوم الفراسة فى اليمن على يد عالمها عمرو بن مسلمه , وهو علم يكشف ما يخفيه الإنسان فى باطن جسمه المادى من عادات وما يكتمه من طبائع مكتسبة أو موروثه . كانت نظرة فاحصة منه إلى وجه أى إنسان تجعله يقرأ فى ملامحه على الفور طباعه وأخلاقه وصنعته .. من ذلك مثلا أنه أثناء جلوسه مع أحد أصحابه إذ مر بهما رجل سأله جليسه أن يحزر صنعته . تفرس فيه الشافعى وقال له ........
ــ هذا الرجل إما أن يكون نجارا أو خياطا ..
فقام صاحبه إلى الرجل يسأله عن صنعته فقال له ..............
ــ كنت نجارا وأنا اليوم خياط .
هذه واحدة من نوادر الشافعى فى الفراسه وله فيها نوادر كثيرة منها حكاية هذا الرجل صاحب الدار .. أسلم أمره لله وتقدم على مضض ناحية الرجل ومن خلفه غلامه الذى يقوم على خدمته . خاطبه قائلا بعد أن ألقى عليه السلام .......
ــ هل من مكان أبيت فيه ليلتى أنا وغلامى هذا يا أخا العرب ؟.
فوجئ الشافعى بالرجل يبالغ فى الترحيب به قائلا .............
ــ أجل عندى مكان طيب بالداخل فيه من كل شئ تبغيه . تفضل أيها الغريب على الرحب والسعه كأنك فى دارك تماما وبين أهلك ..
ــ ودابتى تلك ؟.
ــ لا تحمل همها, تبيت مع دوابى فى الحظيرة المقامة خلف هذه الدار , تأكل من علفهم وتشرب من مائهم ..
دخل الشافعى دار الرجل على استحياء وهو يلوم نفسه شاعرا بالخجل من سوء ظنه به , وزاد عجبه أكثر عندما فوجئ بالرجل يدخل عليه بألوان الطعام والشراب والطيب ..

ظل الشافعى طوال الليل يحدث نفسه
وهو يتقلب فى فراشه منتظرا بفارغ الصبر طلوع النهار....... علم الفراسة الذى تعلمته فى اليمن دل على غاية دناءة هذا الرجل , وأنا لم أشاهد منه إلا كل خصال الخير والكرم . هذا العلم إذن باطل , أجل باطل , لا حول ولا قوة إلا بالله , ليتنى ما أسأت الظن به , ليتنى ما أوقعت نفسى فى هذا الذنب الكبير , سأصارحه فى الصباح بكل شئ أجل وسأطلب منه الصفح والسماح لعل الله عز وجل يغفر لى ويسامحنى ما جنيته على نفسى من إثم من سوء ظنى به ..

مكث الشافعى طوال الليل يؤنب نفسه ويلومها على سوء ظنه بالرجل الذى أدى واجب الضيافة على خير وجه , وفى اليوم التالى قام من نومه مبكرا وهو لا يزال مستاء من نفسه , لواما لها على خطئه فى حق مضيفه . أمر غلامه أن يسرج الدابة وأن يستعد لإكمال الرحلة , ثم نادى على صاحب الدار قائلا له وهو يهم بركوب دابته ...........
ــ أستودعك الله يا أخى ..
قاطعه مستنكرا فى دهشة لم يدر لها الشافعى سببا ...........
ــ إلى أين أنت ذاهب أنت وغلامك هكذا ؟.
ظن الشافعى أن الرجل يسأله عن بلده فأجابه فى براءة قائلا ...............
ــ ذاهب إلى مكه لزيارة أهلى , ليتك إذا نزلت بها ومررت بذى طوى أن تسأل عن دار محمد بن إدريس , لعلى حينئذ أستطيع رد جميل طوقت به عنقى . أود أن أخبرك عن مسألة أخرى ..........
كان بصدد أن يخبره عن سوء ظنه به طالبا منه أن يعفو عنه وأن يستحله من ذنبه , غير أنه فوجئ بالرجل يقاطعه صارخا فى وجهه فى غلظة وفظاظة وجفاء ...............
ــ أى كلام فارغ هذا الذى تقوله يا رجل . أمولى أبيك أنا ؟.
فزع الشافعى من لهجته فسأله وهو فى دهشة من أمره ...............
ــ خيرا يا أخا العرب . ما الذى أغضبك منى كل هذا الغضب ؟.
ــ أين ثمن الذى تكلفت لك البارحه ؟.
ــ عن أى شئ تسأل ؟.
ــ إشتريت لك بدرهمين طعاما وبأربعة دراهم إداما وطيبا بدرهم وعلفا لدابتك بدرهم ..
إلتفت الشافعى لغلامه قائلا .................
ــ أعطه يا غلام , هل بقى لك شئ فـى ذمـتى ؟.
ــ نعم كراء الدار والفراش واللحاف , لقد وسعت عليك وضيقت على نفسى ..
ــ بكم هذا ؟.
ــ خمسة دراهم .. إيه ؟! كثير على مثلى ؟.
ــ لا أبدا , ليس بكثير , أعطه يا غلام ..
قالها الشافعى وهو يتنفس الصعداء متمتما فى سره ...... أخزاك الله أيها الرجل ما رأيت شرا منك . الحمد لله أن صدق ظنى فيك ولم أتجن عليك , ما أصدق علم الفراسه ……
ذكريات كثيرة تزاحمت أمام عينيه , إلا أنها سرعان ما تلاشت كسحابة صيف وهو واقف فى مكانه ينظر إلى الأفق البعيد حتى غابت الشمس فى مغربها . لم يقطع عليه رحلة الذكريات على تتابعها إلا رؤيته لشبح قادم من بعيد . ظل يدقق النظر إليه ليتبين ملامحه حتى إذا صار قريبا منه عرفه , إنه كاتبه زيد بن عيسى ..
تعجب الشافعى من قدومه إليه فى ذلك الوقت الذى لم يتعود المجئ له فيه . كان له نظاما ثابتا فى عمله , يأتى مبكرا فى الصباح إلى دار القضاء ويظل ملازما للشافعى إلى أن يصلى صلاة الظهر , ثم يعكف على القضايا يدونها ويبوبها فى كراسة معه . بعد أن ينتهى من عمله يعود مرة ثانية إلى داره , ولا يرجع إلى عمله إلا فى صبيحة اليوم التالـى ..
لهذا كان عجب الشافعى من حضوره فى هذا الوقت المتأخر من اليوم على غير المألوف . كان يمشى فى خطوات متقاربة سريعة أقرب للعدو منها إلى السير . أمهله إلى أن التقط أنفاسه ثم سأله عن سبب قدومه المفاجئ فى هذا الوقت . مد يده فى جيبه دون أن يرد على سؤاله وأخرج لفافة ناولها إليه قائلا ..........
ــ هاك يا سيدى ما جاء بى ..
أخذها منه وقبل أن يفتحها سأله ..........
ــ ما هذه اللفافه ؟.
ــ بداخلها رسالة يا سيدى القاضى ؟.
ــ رسالة . ممن ؟. وما سبب حرصك على أن تأتى بها إلى فى هذه الساعه ؟.
ــ إنها رسالة أتى بها البريد من لدن قاضى القضاه مصعب بن عبد الله القرشى .. وقد أكد على رجل البريد أن أسلمها لك الليله ..
نظر إليه مستفسرا فأردف قائلا ...........
ــ تلك أوامر قاضى قضاة اليمن ..
فتح الشافعى الرسالة متوجسا ومر بعينيه على سطورها . كان لا يزال فى النهار خيط من الضوء يسمح له بقراءتها , بينما كاتبه ينظر إليه متلهفا لمعرفة ما جاء فيها وأخيرا طواها وراح فى تفكير عميق دون أن يتفوه بكلمة واحده . لما طال صمته تقدم كاتبه بضع خطوات ناحيته ثم سأله على استحياء .............
ــ خيرا يا سيدى القاضى مالى أراك مهموما ؟.
ــ لا شئ يا زيد , لا شئ ..
ــ سيدى هل تحمل هذه الرسالة أخبارا ......
قاطعه الشافعى قائلا ...........
ــ لا شئ يا زيد , لا شئ هاك الرساله ..
مد يده وطفق يمر على الرسالة بعينيه إلى أن فرغ منها نظر للشافعى قائلا .............
ــ حقا لا شئ فيها , إنها تحمل أسماء الأمراء الجدد الذين ولاهم أمير المؤمنين , وأن أمير اليمن قد نقل إلى مصر , وتولى بدلا منه واحد إسمه , إسمه ..
عاد وفتح الرسالة مرة ثانيه وأخذ يمر على سطورها ثم قال ...............
ــ وتولى أمر اليمن الأمير حماد بن عبد الله البربرى ..
رفع رأسه عن الرسالة وعاد يسأل ..............
ــ إنها أول مرة أسمع بهذا الإسم , يبدو أنه لك سابق معرفة بهذا الرجل يا سيدى ؟.
أجابه عابسا فى كلمات مقتضبة ...........
ــ أجل أجل أعرفه ..
قالها وغص بريقه ثم استدار داخلا داره بعد أن سلم على زيد مودعا ..

فى داخل الدار ألقى الشافعى بجسده المتعب المكدود على أقرب وسادة إليه , وراح يقلب وحده فى رأسه ما جاء فى رسالة قاضى القضاه . لم تكن بالقطع مصادفة أن يتولى أمر اليمن على وجه الخصوص , حماد البربرى زميل الحلقة المالكيه وغريمه الذى يناصبه العداء مذ كانا فى المدينه . نسى الشافعى أمره تماما ولم يعد يذكره إلا أن غريمه له بالمرصاد ويبدو أنه لم ينس بعد ما كان بينهما , يبدو أن الحقد لا يزال معششا داخل صدره . وها هو قد جاء إلى اليمن ليواصل رحلة الإنتقام منه . نعم من المؤكد أنه تعمد المجئ إلى اليمن بعد أن فشل قبل ذلك فى محاولاته الإنتقامية السابقه . لم يخرجه من أفكاره وهواجسه إلا صراخ ولده وأنينه المتواصل وهو يقرع أذنيه فى إلحاح . ترك ما كان فيه وانتبه لصراخ وليده وهو يحدث نفسه ............. ما كل هذا الصراخ والأنين , ما الذى دهاه يا ترى ؟.
كان ولده محمد قد دخل فى عامه الثالث , أول أبنائه من امرأته حميده وضعته بعد ستة أشهر من مقامهما باليمن , سماه محمدا على إسمه وكناه أبا عثمان تبركا بجده لأمه عثمان بن عفان . رفع رأسه ونادى على زوجته التى أتته مهرولة رغم معاناتها من حملها الثانى وسألها ..............
ــ ما بال أبى عثمان يصرخ صراخا متواصلا ؟.
أجابت قائلة وهى تحتضن صغيرها وتضمه فى حنان إلى صدرها وتهزه فى رفق هزات رتيبة متتابعه فى محاولة منها لتهدئته وإيقاف بكائه .............
ــ إنه على تلك الحال منذ البارحة لم يهدأ بكاؤه أبدا , لا أدرى ما الذى دهاه . ربما يعانى من بعض متاعب فى بطنه ..
هز الشافعى رأسه مفكرا ثم أشار إليها أن تقترب بوليدها منه . أخذ يمرر يده فى خفة على بطنه ثم نظر فى فمه وأخيرا قام من مكانه وأحضر بضع لفافات من خزانته وأخرج منها بعض الأعشاب . ناولها لامرأته قائلا لها وهو ينتزع ابتسامة باهتة من بين شفتيه رغم ما يعانيه من مرارة من رسالة قاضى القضاه وتوجسه من هذا الأمير القادم للبلاد ............
ــ لا تجزعى يا عثمانيه إنها آلام الأسنان , الولد بخير , إحدى أسنانه الجديدة فى طريقها للظهور . أنت تدركين طبعا ما يسببه بروز الأسنان من آلام ومتاعب إنها ليست أول مره ..
ــ ماذا أصنع بتلك الأعشاب ؟.
ــ ضعيها فى كوب من الماء واتركيها لتغلى على النار ثم اسقيه منها بضع رشفات بعد أن تبرد , لسوف يهدأ بعدها إن شاء الله ويكف عن بكائه هذا ..
كان الشافعى قد برع فى فنون الطب ومداواة الأبدان بعد أن تعلم فى الحولين الماضيين الكثير من علومه على يد علماء اليمن , وقرأ الكثير مما كتبه علماء الطب على اختلاف أجناسهم . كان يتلهف ويتحسر على ما ضيع المسلمون من عدم إقبالهم على هذا اللون من العلوم والمعارف , كثيـرا ما كـان يقـول " إثنان أغفلهما الناس الطب والعربيه " والطب فى رأى الشافعى يعدل ثلث العلم ..
مدت يدها فى لهفة , تناولت منه الأعشاب , وضعت ولدها جانبا وراحت تعد له الدواء فى همة وهى تقول ................
ــ الحمد لله أنك تحتفظ فى خزانتك بهذه الأعشاب النافعه . لقد أفدت كثيرا من دروس الطب هنا باليمن ..
إلتفت إليها متسائلا وقد بدا شاردا ............
ــ عفوا يا عثمانيه , ماذا قلت الآن لم أسمعك جيدا ؟.
توقفت لحظات عن تقليب الأعشاب ثم رفعت رأسها إليه متسائلة ............
ــ ماذا ألم بك يا أبا محمد .. أراك شاردا على غير عادتك ؟.
ــ صدقت يا عثمانيه تلك هى الحقيقه ..
ــ رأيت زيدا عندك منذ قليل هل أتى إليك بما يسوؤك من أخبار ؟.
سكت برهة ثم قال متباطئا ..............
ــهل تذكرين ذلك الرجل العراقى الذى قصصت حكايته عليك ذات مرة , وما كان من أمره معى فى يثرب قبل زواجنا ..
ــ من تعنى بكلامك هذا يا ترى وما خطبه ؟.
ــ حماد البربرى زميل الحلقة المالكيه ..
ــ حماد البربرى . آه تذكرته ما شأنه الآن . ألم تخبرنى أيامها أنه رجع إلى العراق بعد أن أجبره الإمام مالك على مغادرة المدينة مطرودا منها شر طردة , عندما علم بما فعله معك من ضرب وإيذاء ثم انقطعت أخباره بعد ذلك ..
ــ تماما هذا ما حدث , وذهبت إليه بعدها مع محمد بن الحسن رغم ما فعله معى وحاولت فى هذا اللقاء أن أطيب خاطره وأن أستميله إلى . لكن هيهات أبى واستكبر أن يضع يده فى يدى ..
ــ ما الذى جد فى الأمر إذن ؟.
ــ وصلنى اليوم كتاب من قاضى القضاه يعرفنى فيه أن أمير المؤمنين هارون الرشيد ولاه الإماره ..
ــ أى إماره ؟.
ــ إمارة اليمن ..
ــ من تقصد . حماد البربرى ؟.
ــ أجل هو بعينه حماد البربرى ليس هذا فحسب . بل طلب منى فى نهاية رسالته أن أتوجه إلى دار القضاء فى صنعاء ..
ــ لماذا ؟.
ــ لنذهب جميعا نحن قضاة أقاليم اليمن لتهنئته وتحيته ..
ــ وماذا أنت فاعل هل ستذهب للقائه ؟.
ــ لا أعرف يا حميده لم أقرر بعد ما سوف أفعله ..
ــ ما الذى تخشاه منه لقد مضى أكثر من عامين على ما كان منه معك فى المدينه وأظنها مدة كافية لنسيان مثل هذه الأمور ؟.
ــ لا أظن ذلك ياحميده لا أظن وما أحسب توليه إمارة اليمن من قبيل المصادفه ..
صمت برهة وقال ............
ــ يا حميده .... لا تأمنن امرءا أسكنت مهجته .. غيظا وإن قلت إن الغيظ يندمل ..
ــ تعنى أنه سعى إلى المجئ إلى هنا متعمدا كى ينتقم منك لا . لا أوافقك على هذا الظن أبدا . لقد مر وقت طويل على ما كان بينكما ولا أظن مثل هذه الأمور التى جرت فى المدينة تدفعه لأن يفعل كل هذا لكى ينتقم منك ..
ــ أتمنى أن يصدق ظنك يا عثمانيه , لكن هيهات , أنا أعلم جيدا حقيقة نوايا هذا الرجل وخبث طويته . إنه إنسان مريض النفس ملأ الحسد والحقد قلبه . حاولت مرات أن أداريه أو أتجنبه دون جدوى . باءت جميع محاولاتى بالفشل ..
قال ذلك ثم سكت برهة وقام من مكانه وهو يقول محدثا نفسه ............
داريت كل الناس لكن حاسدى .. مداراته عزت وعز منالها ..
وكيف يدارى المرء حاسد نعمة .. إذا كان لا يرضيه إلا زوالها ..

يتبع.. إن شاء الله ............................

__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها

التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 19/05/2011 الساعة 16h30
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 11h07.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd