ألجمنى الموقف للحظات ، و بمجرد أن أفقت ، اندفعت ( غير
عابىء ) بين كُتل من اللحم الآدمى ، و هرعت الى الشارع متنفسا
الصعداء ، لأشارك فى مشهد الزفة عن كثب !
كانت السيارات من مختلف الأحجام و الأنواع ، و التى لم يتوقف
هدير أبواقها ، قد بدأت تقذف ما فى جوفها من بشر ، بما فيها
عربات ( النصف نقل ) التى حملت المدعوين من جماعة ( أبو
طور ) و أتباعهم من عزوة و جيران و معارف ، جميعهم كان
يرتدى الجلباب ، باستثناء البعض الذى تميز بالعباية و اللاسة و
( العصاة ) التى تمنح وجاهة و رهبة لحاملها فى آن !!
فى ثوان ، كان الشارع قد ( انبدر ) بالوجوه الغليظة المتجهمة
لذوى ( أبو طور) ببشرتهم السمراء الكابية ، و عيونهم الضفعدية
الجاحظة ، و أخذوا يتصايحون ، رافعين العصىّ و الشوم فى الجو
كأن معركة سوف تدور ، مما أضفى على مشهد الزفة بعدا
ارهابيا ..
و طغى وقع لهجتهم الريفية الغريبة على أذنى ، والتى تشبه ثغاء
الخراف ، و تنتهى فيها الكلمات جميعها ملحونة و منتهية ( بعلامة
الجر ) كأنما خارجة من فم كهفى كسول !!
استوقنى منظر العريس الذى بدا و كأنه يرتدى ( بدلة ) لأول مرة
، اذ ( انشطح ) الجاكيت الى الوراء محدثا فجوة واسعة بين القفا
وأعلى الظهر ، كما أنه ظل ممسكا بفردة ( رجل البنطلون )
اليمنى ، رافعا اياها لأعلى كأنما يرتدى جلبابا !!
أما العروس ( أنوسة ) ، فلم أعرفها من الوهلة الأولى .. وقفتُ
مبهوتا أحملق فى وجهها الملطخ بطبقة سميكة من الدهانات الملونة
، و الذى بدا كوجه مستعار من أفلام الرسوم المتحركة .. و لاحت
عيناها ( بدون النظارات ) كخطين أفقيين تتوسطهما نقطتان
لامعتان ،و قد وقفت راسخة و شامخة كتمثال مهيب ، و على
وجهها ظل ابتسامة ثابتة عند درجة بعينها ..
كانت ترتدى فستان سواريه من الساتان ( الكرنبى ) ، مغطى
بطبقة من الشيفون ، و مطرزا عند الصدر باللؤلؤ الأبيض ، بينما
انتثرت دوائر ( الترتر ) البراقة عند خصرها ، و انتفخ نصفها
الأسفل فى ( الجيبون ) الفخيم ، فبدت مثل خيمة مستديرة كرنبية ،
تأوى تحتها أسرة بكاملها !
و قد شغل الفستان و صاحبته حيزا كبيرا من الفراغ ، مما جعل
بينها و بين العريس فجوة غير يسيرة ، أعجزت العريس عن
احتواء ذراعها ، فاكتفى ( بدلدلة )
كفه اليسرى فى محيط ذراعها المكتنز !!
..
__________________
شاء اللي شاء ،، و اللي داء ،، مِـن وَردِة الشـِّفة
نـَـهَـل نـبـيـذ لاِشـْـتِيـاء ،، نهـــرِين ،، و لـَم كـَـفـَّىَ
شـَـهَـقْ شـُعاع خِصرَهَا ،، سَرْسِـب نـَدَى مَصْهـور
وِ فْ كلّ سَـرسوب شُـعاع ،، مَـلايكة مُصْـطـَـفـَّــة
يا تـراب و مخلوط بماء ،، إزاى غـَوِيـت النـُّـــور
يـِفـُــــــــــور علـى سِحــرَها ،، و فِــيها يـِتخـَـفـَّـىَ
كمال