الشّيخ سلامه حجازي ــ رائد المسرح الغنائي

[tarab]

في بنسيون مدام ماركو
والبنسيون بالدور الأرضي من المنزل رقم 8 بشارع السلطان حسين في مصر الجديدة
عاش الشيخ سلامة حجازي السنوات الثلاث الاخيرة من حياته
***
كل شئ في الغرفة بسيط ومتواضع
ليس هناك سوى سرير نحاس بأربعة أعمدة علاها الصدأ
وناموسية إلي جوار الفونوغراف كوميدينو
فوق الكوميدينو مصحف مفتوح دائما علي سورة الرحمن
****
لم يكن هناك أحد يدرك الأحزان العميقة التي يعيشها سلطان الطرب
ولا الدموع التي كان يذرفها كل ليلة عندما يعود إلي هذه الغرفة وحيدا
بعد ان يملأ حياة الناس وليلهم بالبهجة
كان من عادتة في اخريات ايامه، قبل ان ينام، ان يدير الفونوغراف، ليسمع صوته ويبكي حتي يتعب وينام
****
٤ أكتوبر ١٩١٧
كان علي موعد في المنصورة، كانت فرقته قد سبقته إلي هناك
المفروض ان يلحق بها في هذا الصباح استعدادا لحفلة المساء
لكنه لا يستطيع ان يتحرك، في الثامنة صباحا جاء اخلص الناس وأحبهم إلي قلبه ليصحبه في رحلته إلي المنصورة، شاب في نحو العشرين من العمر،اسمه محمد فاضل
***
كان الشيخ يري فيه عوضا عن ابنه، رآه الشيخ فأحس بالارتياح
كأنه كان ينتظره، ملأت الابتسامة وجهه وهو يتطلع إليه طويلا
كأنه يودعه، وقال له: "كنت انتظرك،كنت اعلم انك ستجيء
،كنت اريد ان اراك قبل ان اغمض عيني
"، غامت عيناه بالدموع، جاء صوته باكيا حزينا وهو يقول : "
***
يافاضل،انت ابني واخي وصديقي،انت اخلص الناس الذين لقيتهم في حياتي "..
استند الشيخ سلامة علي كتف الشاب حتي وصل إلي المقعد،
طلب منه ان يسمعه" حديث قديم " وهي القصيدة
التي كتبها له شاعر القطرين خليل مطران بعد ان سقط مريضا،
لقد سجلها علي اسطوانة، كانت من احب القصائد إلي قلبه،
كانت كلماتها الحزينة تثير ذكرياته،
كان يغنيها علي المسرح فتمتليء عيناه بالدموع،
// ويــــلاه ما حيـــلتي ويــلاه ما عمــلي //
وضع محمد فاضل اسطوانة "حديث قديم " وأدار الفونوغراف،
انطلق صوت الكروان قويا عليا، شجيا، أضاءت الابتسامة وجه الشيخ،
لم يبك هذه المرة وهو يسمع صوته،انما اغمض عينيه ونام في هدوء.. لقد مات ....
****



http://akhbar.akhbarelyom.com/newdet...&g=6&id=282205