فوق جناح الحب
كانت سلمى شابة في ربيعها التاسع عشر ، مرحة ، متفوّقة ، تحب الحياة و الناس ، مـُتفائلة و إيجابية ، تحاول تجربة كل الأشياء الجديدة التي تمرّ على حياتها ، لتملأ شخصيتها نضجا عن طريق اكتساب خبرات و تجارب تـُعلّمها المزيد من مدرسة الحياة ،فصل الشباب الغـَض ، مشهد العمر البـِكر .
كانت لها صديقة منذ براءة الطفولة، موضع ثقتها و كاتمة أسرارها، تبـُثـّها كل همومها و مشاكلها التي تضعها الظروف أمامها في طرقها المـُتشعبة و دروبها المختلفة.
كانت آية مثلها فتاة وحيدة، الأب مسافر للعمل، و الأم هي التي تقوم بالرعاية و تقديم المشورة، الدعم النفسي أو المعنوي أثناء غياب الأب السلطة القضائية، مرساة السلامة و صمام الأمان.
كانت الفتاتان تذهبان كثيرا للمبيت كلا منهما عند الأخرى،نظرا لثقة أمهاتهما في البيت الأخر و معرفتهما لبعضهما على مدار سنين مضت منذ أن كانت ابنتاهما طفلتان في مدرسة واحدة معا. ترقد سلمى على فراش آية في غرفتها تنظر إلى قطتيّها ، السيامي ذكر و أنثى ، كانا يرقدان على السجادة بجانب فراش الفتاتان ، يلعبان سويا ، يقوما بالقفز و المناوشة .
سلمى: حتى القطط تحتاج للعلاقات الثنائية ، الجري و اللعب معا ، نحن لا نستطيع الإجهار مع وليفنا إذا اخترناه ، فنفعل مثل ما تفعل القطط نعيش بحرية ، نحب بحرية ، نختار بعضنا بحرية.
تضحك آية في سلاسة من كلام صديقتها
آية: هل تريدين أن تقارني بين العلاقة الثنائية للشاب مع الفتاة بعلاقات الحيوانات الثنائية ؟ هم يستطيعون فعل ما يشتهون، وقتما يشاءون تحت سمع و بصر الكائنات كلها، بدون استئذان، في مكان مفتوح، يلـّتحفوا السماء، يفترشوا الأرض، يلّفحهم الهواء الطلّق من كل جانب، أتحسدينهم لأنهم دواب و نحن بشر!! كل مملكة و لها قواعدها لا نستطيع
تقليدهم عزيزتي.
تبتسم سلمى و هي تفكر في كلام آية !
سلمى: لم أقصد أن نـُطبّق قواعدهم بحذافيرها، تفهمين قصدي،نعدو بشبابنا و حيويتنا لأغتراف الحياة، تعرفين القيود و الأغلال تخنقني لا أريد عندما أجد توأمي الذكر أن تسجنني قائمة بالممنوعات.
تفتح آية شباك الغرفة المـُغلق ليدخل هواء الليل !
آية: أعتقد أن الليل و القطط لعبوا بأفكارك فحرّكوا اشتياقك لشريك الحياة، و فتحوا شهيتك على وجود النصف الأخر منك
مع أننا لسنا في موسم التزاوج عند القطط !!
تندهش سلمى لفتح صديقتها الشباك
بينما تستعدان للنوم!
سلمى: لماذا فتحت الشباك ؟ لقد بدّلنا ملابسنا و سنأوى للفراش ، سنصبح فريسة لهواء الليل البارد و أنظار الآخرين!
ترد آية في سخرية: أليست القيود تزعجك و الأغلال تخنقك؟أم أدركت أننا بشر و لنا فطرتنا المختلفة ، سبحانه له في خلقه شئون ، يعرف طبيعتنا و ما يتناسب معنا ، فعندما ننفذ أوامره و نمتثل لطاعته بما فرضه علينا ، نكون وصلنا بأنفسنا لأفضل حال!
ليست طاعتنا لفطرتنا السليمة أغلالا و لا قيودا، معرفة الخالق بطبيعة مخلوقاته و تركيبة كل ممالك خلقه على حدا مـُسبقا،
ليس بالضرورة قيد لنا و قهر لحرياتنا !
تظلّ سلمى طوال الليل تفكر في كلام صديقتها!
تتقلـّب سلمى على فراشها في حيرة من أمورها و أحوالها!
تهذي سلمى مع نفسها: أنا لا أريد أن أخرق الأوامر أو أقذفها عرض الحائط، فقط لا تخنـُقني هي بقيود سميكة تـُعيق حركتي و تحرمني الاستمتاع بالحياة مع من يختاره قلبي !
فلست مـُتمردة كـُلـّيا على القواعد و المنهج الذي وضعه ربي و يتّبعه مجتمعي، لكن بعض البشر يفرضون أسوارا ًعالية و سياجاً مرتفعة تـُعيق أبسط حقوق الحريات، لا تخرجي قبل الزواج أبدا،يجب أن يعلم الأهل بهذا الارتباط و يوافقون عليه كـُلياً،لا تجعلي المجتمع يراك مع شخص وحدكما في مكان عام،لا يجمعكما سويا ارتباط رسمي، سلسلة مـُتصلة من قيود و أغلال مكوّنة من حرفين لآم و ألف !هذان الحرفان يمكنهما إغلاق كل منافذ الحرية يشدّاني إلى الأرض، لا يرفعاني لأرفرف في السماء بين السحاب، مثل الطيور ! آه مالي و الحيوانات و الطيور الليلة !أأحسدهم فعلا على ما متّــعهم به الله سبحانه و تعالى !
عندما ألتقي بنصفي الأخر، سأطير مثلهم في عنان السماء فوق جناحيّ الحب سأطفو على رياح الشوق لأحلّق عاليا،لكن ماذا سيحدث إذا لفظّت عني كافة الأوامر و التكليفات،إذا تمردت على فطرتي و تكويني البشري و ضعفي الإنساني ماذا سيكون مصيري؟ لا يهم سأنمو مثل النباتات و الأزهار من التربة، سأركض مثل الحيوانات فوق الأرض، سأسبح في مياه البحار و المحيطات مثل الكائنات المائية، أو سأعود كالفراشة في دورة حياة أخرى! لكن سيظلّ الإنسان سيد الكون بلا استثناء، أفـّضلهم ، أرّقاهم ،أميـّزهم! لقد خصّه الله عن كافة المخلوقات فأعطاه الأمانة، فلماذا أريد أن أصبح كائنا أخر في مملكة أخرى تخدم نسل آدم خلفاء الأرض و وارثي جنة الرحمن !
__________________
http://youtu.be/dR2XQxWh5Ng
تكريم الوالد عن مُجمل مشواره الموسيقي
الــفــن الجــمــيل هو ما يسمو بالإنسان لأعلى
و لا يــشـُــــدّه للأســفــل بــِــحــجــة التــطــوّر
|