رد: فن الغنايا في أفراح الساحل التونسي
إخواني الأعزّاء، أعتذر لمن لم يتمكّن من تحميل من أنزل من ملفّي الوورد، وها أنا أنزل ما يمكن قراءته مباشرة وهي عبارة عن عرفين يتبعان ما أنزلته سابقا من قصيد علي الكيلو من كيفي يحمل و يقاسي:
من كيفي يحمل ويقاســــــي على مدّة الأيّـــام
متغرّب خارج من نـــاســـي مدّيني تخمــــــام
……………………
………………………
من كيفي متغرّب جالي جالي البر ذليـــــــل
نرقد نـومي لا يحلى لي مساهر طول اللّيــــــل
نبكي بالغصّات آمالـــــي و دمع العين تسيـــــل
نتضاور من كثر ميالــــي نرادع و يميــــــــل
و انّوح بالصّوت العالــــي ناقل حمل ثقيـــــــل
كثرت أمراضي و اعلالي من تايهة الجيـــــــل
قلت لها يا زهوة بالـــي راه الوقت طويــــــل
ظنّي ما شفّكشي حالي و لا تشوفي بجميـــــل
قالت لي و اصبر يا خالي حتّى يجيك رسيــــــل
كي بعثت مرسول لفى لي خبّرني بتحييـــــــل )3(
خلّط لي غزلي في خبالي رمى عليّ مثاقيــــــــل
متسوهم و كثر هبالــــي من بو قد طويــــــــل
مشطت سالف طاح لتالي مدكّن مثل اللّيــــــــل
شتله بيدي تقوّى عالـــي مفتّق للتّسبيــــــــل )4(
جبينـك بـرق يبان يشالــي يلعج عقب اللّيــــــــل
الحواجب تنزيل هـــلالِ عيونك ضرب ثقيـــــل
منقار الطّير بو جلجــالِ الخـدود قنـاديـــــــل
شفايف سلتات الفيلالي أمّا نفسك كـونيــــــل
يا رقبة جدي العـــــرّادي في جليبة الأريـــــــام
مشيت منّك مغروم ندادي لا نرقد لا انّــــــــام
++++++++++++++++++++++
من كيفي متغرّب سايــح في عقاب السّيّـــــــاح
في قلبي غصّه و قرايــح نتبكّى قـــــــــرواح
نحس الرّيق في فمّي شايح يمـرار و يمـــــــلاح
في عقاب ام سخاب الفايح مكحولة الاشبــــــــاح
خطمت غشمتني بروايـح يا ما اذكاه افّــــــــاح
قعدت مسوهم عقلي سارح نتهوهى لطــيـــــــاح
مرقت بالقبقاب تصافح الحنّه للضّبّـــــــــاح
عضاها عنبر قيز النّاضح وجرايد تنضــــــــاح
الاخوات عرص ال في صالح شيخ من الصّـــــــلاّح
حلقه نقش يهودي ناصح زقلولك طلفـــــــــاح
حزام نواويره تتراجـح)ع( احداشن ليّه صحــــــاح
جوفك خاوي شاحب سابح عابر في اول قــــــراح )5(
و زنودك بالات)ف( النّافح وصوابع تسمــــــــاح
القد مركب في غريق المالح متشرّب لاريــــــــاح
تلبس من ملبوس الفامه)ف( يغلى على السّـــــــوّام
و الْ حازك ساعه قدّامــه زدتي عمره عــــــــام
+++++++++
هذه قصيد من أجمل ما سمعت في الشعر الشعبي، وقد سمعت الكثير،تأمل أخي القارئ دقة وصف حاله في الستة أبيات الأولى، ثم لاحظ سلاسة المرور لحواره مع حبيبته، يكاد إلى يتفطن استماع إلى انتقال الموضوع من الوصف إلى الحوار، وبنفس السلاسة تجده يشتكي من المرسول الذي لفى له وأخبره بالتحيّل، فأخلط له الغزل في الخبال، وهو متسوهم منها أي شريد الذهن هائما على وجهه ممن قدها طويل ويتمادى في وصفها بكل دقة، يا للرّوعة ولتمكّن الشاعر من تقنيّاته، يصل به الوصف إلى الرقبة حيث نصل لنهاية العرف مع عمق معنى ندادي التي لن أفسرها ومن يعرف معناها يمكن أن يتبين عمق الكلمة وبلاغتها.
يمر إلى العرف الثاني ليستهله بأربعة أبيات يشكو فيها حاله، وبنباهة وبراعة Astuce خلبت عقله وكيانه بذكاء ريحها ليتخذ من ذلك سبيلا ويتم وصفها، ويبدأ من " القبقاب" حتى يصل تحت الرقبة فيمر إلى القوام واللباس، ويختم بأبلغ ما يكون: من كسبها ساعة أطالت عمره سنة. No more comments
|