وقف كالعادة كل أسبوع ، وفي هذا الوقت من الليل ، ينتظر وصول صحف اليوم التالي ، والتي أعتاد على شرائها. ومن خلفه انتصب كشك الصحف الخشبي ، يزينه بعض وريقات الصحف والمجلات الرخيصة ، وبعض الأعلانات لمشروبات غازية ، مستوردة بغلاف محليّ. طال الإنتظار....العربات تمر أمامه رائحة ،غادية....أناس يتوافدون من حوله ، يبتاعون بعض المرطبات ، لتخفف من حرارة الجو في هذا الوقت من العام ، وآخرون يطالعون بعض الصحف والمجلات ،والمعروضة بجوار الكشك. مضي وقتا آخر وهو لا يزال ينتظر ، حتى بدأ الملل يداعبه ، الناس الجالسون أمامه على العشب وسط الطريق أخذوا بالأنصراف ، وحتى أعضاء النادي الشهير بدأوا بالمغادرة بسياراتهم الفارهه ، يمرون من أمامه ، وهو يحدق بالمشهد ليطرد عنه الملل والذى بدأ يصيبه. لابد أن يأخذ الجريدة التي أعتاد شرائها ، شد أنتباهه سيارة فارهة توقفت أمامه تماماً ، بداخلها شاب وفتاة في مقتبل العمر، ترجل الشاب وابتاع مجلتان فنيتان مصورتان من المجلات التي لاتهتم بالفن ولكن بشيء آخر، ناولها المجلتان من شباك العربة ، فنظرت اليه متسآئلة وقالت: (مفيش ميكي ماوس؟) انتابت صاحبنا الدهشة وهو يسمع ويرى الذي أمامه... الهذا الحد وصلنا؟! تمتم لنفسه قائلا: نعم علية القوم ...وما الضير في ذلك؟؟ ، من أراد أن يكون عنوانا في المجتمع فليفعل مثلهم ،وما الغريب( ميكي ماوس ، كاوبوي ،فرند،جيرل فرند ....الخ)،تذكر منذ فترة ليست ببعيدة ما طالعه في إحدي الصحف المحترمة والشهيرة وكم كان غريبا ما طالع،....؟! وظائف خالية .. تعلن مؤسسة كبري عن وظيفة شاغرة ... وظيفة شاعر متعدد المواهب!! وبراتب مجزي..
تمتم لنفسه : نعم في هذه اللحظة من الزمن كل شيء بكم ؟.... ولكن حتى المشاعر؟! ، ربما ...؟!، أليس هو زمن العولمة ، الحرية، الأنفتاح على الآخر،؟ همس لنفسه :يبدوا أننا أنفتحنا حتى أصبحنا لا نستطيع الإنغلاق وكذا وصلنا الى القمة ، لم يخرج من لحظة ٍ تاه فيها الا صوت صاحب الكشك...يا أستاذ ...ياأستاذ الجريدة ،تناولها وأنقدة النقود ومضـــى......
تمت
القاهرة الخميس 22/6/1995
محمد ماضي
__________________
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حذار من الفتنة
وممن يحيكونها
ــــــــــــــــــــــــــــــ