* : أصوات متفرقة (الكاتـب : د أنس البن - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 20h40 - التاريخ: 11/09/2025)           »          مديحة عبد الحليم (الكاتـب : الباشا - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 20h17 - التاريخ: 11/09/2025)           »          السيره الهلاليه بصوت الشاعر محمد اليمنى (الكاتـب : احمد عبدالهادى - آخر مشاركة : محمدابوضيف - - الوقت: 19h08 - التاريخ: 11/09/2025)           »          يوسف الرشيدي (الكاتـب : tarab - - الوقت: 18h15 - التاريخ: 11/09/2025)           »          أسطوانة " أغاني من اليمن" (الكاتـب : تيمورالجزائري - آخر مشاركة : ابن اليمن - - الوقت: 17h57 - التاريخ: 11/09/2025)           »          حفل غنائى من إذاعة الأغانى (الكاتـب : د.حسن - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 17h46 - التاريخ: 11/09/2025)           »          من تراث الموسقى اليمنيه (الكاتـب : هادي العمارتلي - آخر مشاركة : ابن اليمن - - الوقت: 17h37 - التاريخ: 11/09/2025)           »          فيصل علوي (الكاتـب : سيجمون - آخر مشاركة : ابن اليمن - - الوقت: 17h34 - التاريخ: 11/09/2025)           »          محمد حمود العوّامي (الكاتـب : Edriss - آخر مشاركة : ابن اليمن - - الوقت: 17h21 - التاريخ: 11/09/2025)           »          نجاة الصغيرة- 11 أغسطس 1938 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : د.حسن - - الوقت: 01h51 - التاريخ: 11/09/2025)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > صالون سماعي > ملتقى الشعر و الأدب > نتاج الأعضاء .. القصص والروايات

 
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 10/10/2009, 19h55
علاء قدرى علاء قدرى غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:416240
 
تاريخ التسجيل: April 2009
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 209
افتراضي فنان

رأيته على رصيف مقهى صغير؛ رجلا تعدى السبعون عاما؛ ممسكا عوده العتيق و قد التف حوله صبية صغار؛ ورجلان لهما نفس ما للصغار من عقل؛ تبدو على سحنتهيما قسوة الحياة؛ ومتعة البحث عن صيد ثمين يشعرهما أنهما من ظرفاء المدينة؛ رأيته يغنى لهم(ماما زمانها جاية) وهم يرددون فى سخف و يتمايلون على جنوبهم ؛ كأنهم فى حلقة ذكر؛ كان صوته أقرب لمن يجلده جلاد منه إلى الغناء؛ أما العود فلم أسمع منه ما يشير إلى أنه آلة عزف على الاطلاق؛ أحدثت حالة الهرج تلك فى نفوس المارة ؛ حالة متباينة ما بين استنكار لصوت عشوائى أجش؛ وشفقة لحالة هذا الرجل المسن؛ كانت عيناه الضيقتان تئنان وكأن بداخلهما كرتان صغيرتان تجريان داخل الحيز الضيق فى محاولة فاشله للهروب؛ كانتا لا تستقران؛ تارة للجوقة ؛ وتارة للماره؛وأخرى لى؛ وفى آخر المحاولات استقرت الكرتان نحوى؛ كأنهما يستنجدان بى لوقف هذا العذاب الذى لانهاية له؛ طالما حالة الذكر قائمة؛
ناديته بصوت يحمل قدر من الحدة :أوقف هذا العبث يا فنان وتعالى إلى طاولتى ؛
أجابنى بتلقائية غريبة : (معاك سجاير كفاية؟)
أجبته نعم ؛ وشاى و قهوة وكل ما تشاء ؛
هب على الفور من مقعده دافعا الصبية؛ مطيحا بكوب الماء الذى أمامه؛ فانسكب الماء على ملابسه؛ وسط هياج الصبيه؛ وضحك الرجلان الذى لم ينقطع مرددين (ماما زمانها جايه) ؛خاطبنى أحدهما مازحا بعدما نفذ آخر ما لديه من ضحك :لابد وأن تكون صاحب شركة (ماتوسيان ) لتلاحق ظمأ هذا الرجل؛ إكتفيت بابتسامة ساخرة لوقف المهزلة ؛ و استضافة رجل ظنه الناس مخرفا ؛ ورأيت فى قسمات وجهه توجع رجل غريب فقد جميع حقائبه فى عربة قطار مضى من زمن و لن يعود؛
أعطيته سيجارة ؛ ألقمها شفتاة بلهفة و شوق؛ سألنى بعد أن أشعلها و هو ينظر إلى نوعها : أنت لا تعرفنى...أليس كذلك؟ أنا كنت عازف عود زمان فى فرقة الست؛ثم صمت؛
تذكرت على الفور إعلانا رأيته من مده شوه جدران المنازل و أعمدة النور(على النجار..اشهر عازف عود فى الستينيات) وصورة قديمة للرجل تتصدر الاعلان ؛ قلت له و أنا فى حالة دهشة : أنا قرأت الاعلان؛
رد وهو منتشيا من الدخان و من إجابتى:أنا هو.. ياااه زمن جميل ؛مضى و مضيت على إثره؛ أنا الان كما ترى ...ببغان يردد ما يريده الاخرون منى ؛ ماذا أفعل غير ذلك ؟ أصل الفن شئ فى دمى؛ أحاول اسعد الناس؛ وهذا العود صاحبى يلازمنى كظلى ؛ لا يفارقنى حتى عند النوم ؛ أضمه بين ضلوعى عوضا عن زوجتى و ابنتى رحمهما الله؛
قلت له وقد قضى على السيجارة الاولى ؛ مقتنصا الثانية: الفن يا عم على له حرمته؛ لماذا تهينه مع هؤلاء الاوغاد؟
رد على بابتسامة :بس اشعل لى السيجارة وانا احكى لك أحلى تهريج فى الدنيا؛ شكوت لصديق لى حالتى ؛ وإفلاسى ؛ فقال لى بسيطة ؛ تعالى معى الكازينو الذى أعمل به فى الاسكندرية؛ وإن شاء الله تتعدل ؛ سافرت معه بالقطار وأنا أحلم بعودة أيام أعلم يقينا أنها ولت ولن تعود؛ لكنها تراودنى بين لحظة و أخرى؛ وحين وصلنا إلى الكازينو غاب عنى صديقى لحظات وكأنها دهر ؛ ثم عاد منتشيا ؛ وفى يده حقيبه قديمة أشبه بتابوت ؛ فتحها وهو يخبرنى بموافقة صاحبة الكازينو بأن أعمل لديها ؛ ثم استخرج من التابوت قناع لبابا نويل ؛ ألقاه على وجهى ؛ قائلا اتفضل عدة الشغل ؛ حافظ عليها دى عهدة؛ كل المطلوب منك أن ترتدى القناع ؛ وتداعب الاطفال حين يدخلون مع ذويهم إلى المسرح؛ حاجة بسيطة ؛ أليس كذلك ؟؛ أشرت الى العود وقد أخرستنى المفاجأة ؛ بادرنى وهو مقطب الجبين: إحرقه؛ يعنى جالك منه ايه؟ ولا أقول لك خليه معاك ؛ ممكن يعمل لك منظر؛ ثم أدار ظهره لى وهو يرتدى زى بلياتشو قديم ؛ وقال لى هازئا :هو ده الفن ؛ موش تقول لى سيكا و نهاوند؟ المهم الخمسة جنيه أتعاب آخر اليوم ؛

هنا ادركت أن للعود مأّرب أخرى غير العزف تتغير حسب حاجة الانسان ؛ ورغبة المعطى ؛ بعد أسبوع من ارتدائى للقناع رأتنى صاحبة الكازينو ؛ راقصة ؛ لكنها طيبة للغاية ؛ قالت لى : (حلو العود ده يا عم على ؛ برافوا عليك ؛ عاملك منظر) قلت لها : لا يا ست ؛ أنا فنان ؛ بعزف و اغنى ؛ انفجرت ضاحكة ؛ وقالت وهى تولينى ظهرها : الله يخيبك ...آل ..فنان...آل... الله يجازيك..
بعد اسبوع استدعتنى فى مكتبها ؛ وقالت لى وهى تنظر فى قلق : النهارده الواد شحته المنولوجست ماجاش ؛ إبسط يا عم ؛ حقدمك مكانه ؛ لو عجبت الزباين حثبتك ؛ واخليك نمرة على طول ؛ وضحكت و هى تكرر نيلك .. آل فنان آل..
فى أول ليله أمسكت بالعود و غنيت (بين شطين و ماييه) تحيه لجمهور اسكندرية ؛ حين بدأت الغناء ؛ضجت القاعة بضحك هيستيرى ؛ وهم يمسكون وجوههم من الضحك ؛ حتى ظننت أنى قد خرجت عليهم عاريا ؛ إحتبست داخل عينى دمعتان ؛ كنت قد نسيت البكاء منذ كنت طفلا ؛ هممت بالخروج لكن ازدادت داخل القاعة ضحكات الجمهور ؛ وندائهم الساخر أن أستمر وهم فى حالة من الضحك المجنون؛ تحاملت على نفسى ؛ رغم ما أصابنى من دوار ؛ كنت كمن تلاحقه المنية من كل جانب ؛ لا مفر ؛ قررت الاستمرار ؛ لم ينتهى الامر عند هذا الحد ؛ بل همس الشيطان فى أذن أحد الحاضرين وكأن ما حدث لم يوف ثمن الضحكات ؛ أخرج من جيبه (بمب و صواريخ) أشعلها وألقاها تحت قدمى ؛ فأحدثت فى نفسى هلعا ؛ وخلفت فى ملابسى ثقوبا كثيرة ؛ والناس فى سعادة و فرح ؛ أقسم أنهم لم يعرفوها حتى ليلة عرسهم ؛ شعرت بشياط فى شعر قدمى ؛ هرولت كمن مسه جن أبحث عن الباب و لا أراه ؛ جذبتنى الراقصة و أنا اجرى بتردد كفأر صغير ؛ قالت لى بصوت شفقة ؛(معلش يا عم على ؛ معلش يا فنان ؛ دول ناس حوش؛ ما يعرفوش يعنى إيه فن؛ يعرفوا المزاج و بس؛ ) دست فى جيبى خمسين جنيها و تركتنى ؛ وأخذت افتش عن الثقوب فى ملابسى ؛ وألملم بقاياي
قلت له وأنا انظر إلى وجهه الطفولى ؛ لا هذا زمانك ؛ ولا المكان مكانك ؛ دعك من هذا كله ؛ وأسمعنى شئ من فنك ؛ لكن أرجوك ؛ لحن فقط دون غناء ؛ إبتسم ابتسامة طفل شقى ؛ ثم اعتدل ؛ ونثر قطرات من الماء داخل ثقوب مفاتيح العود ؛ قائلا : قليل من الماء فى هذا المكان يشد أوتار العود ؛ ويجعل العزف أكثر دقه؛ ثم بدأ بلحن النهر الخالد ثم شكل تانى ؛ وختم بإنت عمرى ؛ كان العزف شديد الروعة ؛ بدا لى من عزفه كأنه شخص آخر غير الجالس أمامى ؛ وقف كثير من الماره ؛ وقد شدهم روعة ما يسمعون ؛ وقفوا وقد بدا على وجوههم دهشة لقدرة هذا المسن على إخراج تلك الأصوات من هذه الآلة الخشبية التى أخذت شكل نصف ثمرة كمثرى؛
فجأة نظر الرجل إلى ساعته ؛ وقال لى : الآن حان وقت عودتى لحبايبى فى دار المسنين (عشان اعكنن عليهم قبل ما يناموا)

صافحت الرجل بحرارة ؛ وقلت له شكرا يا فنان ؛ أخرج من جيبه كارت به رقم هاتفه ؛ وقال لى و قد شعر بقدر قليل من الدفء : أى خدمة ؛ زفاف ؛ طهور؛ سبوع كله ماشى
إرتطمت يدى بطفاية السجائر ....وجدت أعقابا منحنية...كانت قبل لحظات..علبة تبغ بكامل هيئتها .

التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 11/10/2009 الساعة 11h45
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 21h32.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd