يسعدني للغاية ، أن يتفضلَّ إنسانٌ على هذه الدرجة من الوعى و الرُّقِىّ ، بمطالعة عَمَل ٍ لي ، بل و التعليق عليه ، بل و إبداء الإعجاب به ،،
فتلك مرتبةٌ أخلاقية و أدبية أُثـَمِّنـُها غالياً ،،
و الودُ ( بين ناضجين ) ، مهما احتدمَ نِقاش ٌ أو تباينت وجهاتُ نظر ٍ ، لا ينقطع ،، و لن
فقط يا أخي العزيز ، أثارَ حنقي أن يُصَبَّ جامُ الغضب كله على الحكومة المصرية ، و التي أتفق معك أنها تتحملُ نصيباً وافراً من ( الوِزر ) ، و لكن ليس كله ،،
و لستُ بصدد الدفاع عن حكومة ، آخذُ منها موقف ( الضد ) ،
و لكن ( و بدون تسمية ) ، أليست هناك حكومات أكثر خذلاناً ،
و منها مَن يزايدُ على القضية و يستخدمها كمعادلة ٍ سياسية تغطي على نكباتِهِ الداخلية !
أليست هناك حكومات عربية ، تمثل لها مجزرة غزة ، إنجازاً سياسياً عظيماً ،
و كلما زاد عدد الضحايا ، اتسعت ابتسامة حاكمها !
أليست هناك حكومات ، تملك أوراق ضغط ( إقتصادية ) ، و تستطيع ( دون مؤتمرات ) أن تتخذ قراراً ، يحرِّكُ مؤسسات الغرب السياسية و الإقتصادية !
أليست هناك حكومات ، جعلت من أرضها قاعدةً عسكرية للقوات الأمريكية ، و تقود الحملة ( الكبرى ) للدعوة لقمة عربية !
هل من موقفٍ يدعو للسخرية أكثر من هذا !
ليذهبوا جميعاً إلى الجحيم ، و لكن لا يصح أن يشيرَ قـَتـَلةُ القيصر جميعهم إلى بروتـَس ، باعتباره القاتل الوحيد ، أما هم ، فأياديهم غير ملطخة بالدماء !
أما عن مقال د. محمد السيد السعيد ، فلن أعلق عليه ( لستُ أهلاً لذلك )،
و يكفي أن أقول لك يا أخي أنني من المفتونين بتحليلاته السياسية ، و أعتزُّ بأنَ واحداً من أعز أصدقائي ( الصحفي النابغ محمد أبو الفضل ) الذي يعمل في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية ، تتلمذ على يد هذا العملاق ، و يعمَل معه ،،
و كان من حظي عندما كنت أزور صديقي أبو الفضل في مبنى الأهرام ، أن جلستُ في حضرة د. محمد السيد السعيد عدة مرات ،
مصغياً و منبهراً بأفكاره و آرائه ،،
و ربما جانبني الصواب في لفظة ( زج ) ،،
فهأنا ( انزَجَجْتُ ) مثلك ، و جلستُ على طاولة ( السياسة ) ، مما يجعلُ ( الموضوعية َ) في مرتبةٍ تالية ، أمام وَجَع ٍ يتملكنا ، و غضبٍ يعترينا
أشكرك جزيلاً يا دكتور هشام
أخي العزيز الاستاذ الأديب كمال (وهو بالمناسبة اسم على مسمّى)
اعتز بردك الطيب و بكلماتك المخلصة الصادرة من القلب الواصلة اليه بلا استئذان. و اعتز بزمالتك في هذا العالم الذي انعدم فيه العدل و الانصاف على كل المستويات. و ادعو الله لك بكل خير و بالتوفيق و الثبات على الحق.
و أرى - و لو ان رؤيتي قاصرة و علمي محدود - ان مشكلتنا تتلخص في كلمة واحدة الا و هي " العدل " الذي اختفى من بيننا فأصابنا ما نعانيه الان. و لو ساد بيننا العدل لرفع الله عنا هذه اللعنة التي نرى اثارها علينا في جميع مناحي حياتنا.
كما اود ان اغتنم هذه المناسبة الحزينة بما يجري على ارضنا الحبيبة و شعبنا الصامد و اشقائنا المسحوقين في غزة بالتذكير بحديث المصطفى صلى الله عليه و اله و سلم:
قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم : "يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تداعى الأكلة على قصعتها فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذٍ قال : بل أنتم يومئذٍ كثير ولكنكم غثاءٍ كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة لكم و ليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن قال : حب الدنيا وكراهية الموت " .
و لكن الاهل الاحباب في غزة هو وحدهم اليوم من يحبون الموت و يكرهون الحياة من هذا النوع الذي يريد الجميع - الا قلة مؤمنة صابرة متضامنة معهم- ان يحيوها كعبيد في ارضهم.
وتقبل منى اخي الحبيب الغالي اطيب الأمنيات و صادق الدعوات بالعافية التامة الدائمة و السعادة في الدارين.