فتح عينيه ليبصر خاله "على" جالسا على ركبتيه إلى جواره ينظر إليه باسما .. أخذ يحرك عينيه ويهز رأسه حتى يفيق من نعاسه متسائلا فى دهشه .....
ــ من .. خالى على ؟. معذرة . لم أدر ما حدث لى .. شعرت بدوار شديد والأرض تميد بى أسفل منى .. بعدها أخذتنى سنة من النوم .. لكن الحمد لله .. أنا الآن أحسن حالا ..
رد خاله ضاحكا .....
ــ ماذا تقول يا ابن إدريس !. سنة من النوم !. تقول سنة من النوم .. إنك كنت مستغرقا فى سبات عميق .. كأن فراش النوم خاصمك زمنا ..
أجاب وهو يجذب نفسا عميقا .....
ــ آه يا خال .. لعلك على حق .. لكنى رأيت فى تلك النومة ما شرح صدرى .. وأزال عنى هما كان جاثما على صدرى ..
ــ هم ؟!. أية هموم تلك التى تتحدث عنها .. أين أنت منها يا فتى ؟!.
حكى له الشافعى ما كان من أمر الأصمعى معه قبل أن يغلبه النعاس .. ثم أردف قائلا .....
فلما نمت .. رأيت فيما يرى النائم أنى أصلى صلاة الجماعة فى ساحة الحرم .. هناك إلى جوار المقام ......
وأشار إليه بيمناه .. ثم أردف متمما ....
ــ وأنا أنظر تجاه القبله .. رأيت رجلا لم أره من قبل .. لا أعرفه .. لكن يبدو من ملامح وجهه أنه من أهل مكه .. له مهابه .. وعلى صفحة وجهه سمات أهل التقوى والوقار .. تقدم وصلى بالناس إماما .. حتى إذا فرغ المصلون من صلاتهم .. أقبل الشيخ على الناس يعلمهم ....
ــ هيييييه .. وماذا بعد يا فتى ؟.
ــ دنوت منه وقلت له .... هل لك أن علمنى أيها الشيخ مما علمت رشدا .. لكنه حدجنى بنظرة فاحصة ولم يجبنى .. جلست مكانى لا أفتح فمى وأنا فى عجب من أمره .. إلا أنه فاجأنى بشئ عجيب ......
إستحثه خاله فى لهفة .....
ــ ماذا فعل ؟!.
ــ مد يده فى كمه وأخرج ميزانا .. ناوله لى وقال ..... أيها الفتى القرشى .. خذ .. إليك هذا الميزان .. إنه لك .. ثم مسح بيده على رأسى واختفى .. ثم صحوت من نومى لأراك جالسا أمامى تمسح بيدك على جبهتى ..
سأله على بعد أن مرت لحظات من الصمت كان ذهنه فيها شاردا ....
ــ هل تتذكر أوصاف هذا الشيخ الذى صلى بكم إماما وناولك الميزان ؟.
ــ نعم يا خال .. أتذكره جيدا .. مع أنها أول مرة ألقاه .. إن هيئته لم تفارق خيالى مذ وقعت عينى عليه فى المنام .. وكأنها محفورة فى رأسى .. إنه رجل نحيل فى حوالى الخمسين من عمره .. له لحية طويله .. وتحت عينه اليمنى شامة سوداء .. وتحيط بوجهه هالة من النور ..
إنتفض على واقفا كاللديغ وهو يقول .....
ــ أواثق مما تقول ؟!. تلك أوصافه حقا ؟!.. إن هذا شأن عجيب ..
لم يكد الشافعى يجيبه مؤكدا له القول .. حتى قال له فى عجلة وهو يشده من يده ....
ــ إذن .. هيا بنا ..
ــ إذن هيا بنا ..
سأله الشافعى مستغربا ....
ــ إلى أين ؟!.
ــ قلت لك هيا بنا .. بعد قليل تعرف كل شئ ..
وانطلقا ............................
يتبع إن شاء الله ................................
__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها