رد: موشح مشرقات الوجوه
في الحقيقة قبل تعليقي على ماستمعنا اليه من الاستاذ محمد علي بحري تبادر الى ذهني امران اثنان
اما الاول :
مالذي دعا بالاستاذ بحري الى تلحين خانة الى هذا الموشح بشكل خاص خاصة مع علمنابجود الكثير من الموشحات في التراث العربي القديم المجهول منها او الحديث ملحتة من غير خانات ؟؟؟ اذاُ في قناعة الاستاذ بحري ان هذا الموشح هو من عيون الموشحات البديعة التي قدمها المرحوم كامل الخلعي وعلى نغمة الجهاركاه الغير معمول بها كثيرا في التراث العربي وبعد ان استمعت اليه بصوت ابراهيم حمودة وهو الوحيد لحد علمي الذي غنى هذاالموشح ادركت سر اختيار الاستاذبحري .
ان هذا الموشح هو من التلاحين المتأخرة من عمر المرحوم كامل الخلعي ولم يذكره في كتابه الموسيقي الشرقي وقد وضع فيه خلاصة خبرته وحنكته اللحنية ويتفوق على موشحه الشهير اكواب المدام بعمق التاثير الموسيقي وتذوق نغمة الجهار كاه مع رسوخ ايقاع السماعي في النفس فهو ينبه الاذن اولا بمد مشرقاااااااااااات الوجوه ليعلن وصفه وتغزله بالوجوه ثم يمضي بالوصف مع التطريب لوجه المحبوب ليختم بمد الياء في قمري للتأكيد
وبرأيي ان عذر الخلعي في عدم وضعه للخانة هو استيفاء اللحن على مدة التطريب والنشوة
ان تلحين الخانة في موشحات هي بالاصل من غير خانة امر ليس بالسهل اطلاقا اذ تتطلب بالاضافة الى الخبرة والمقدرة اللحنية احساس الملحن العميق بالموشح وتقمص شخصية الملحن الاصلي مع مزج ذوقياته ومدرسته الشخصية ليخرج هذا العمل الصعب كامل متكامل و بابهى حلة وكمال ومن غير المساس بلحن الموشح الاصلي وهذا ما لمسناه عند الشيخ عمر البطش في موشحات سيد درويش وخاصة موشح ياعذيب المرشح فالخانة التي وضعها الشيخ عمر البطش (بالذي نظم عقد فيك الدري ) كانت كقالب واحد منسجم مع بقية ادوار الموشح ولم نكن لنعرف ابدا ان هذه الخانة هي من وضع البطش لو لم يقال لنا وكذلك موشح طف يادري وبقية الموشحات فيما نرى ان وضعه لخانة موشح يا شادي الالحان (هات اسمعنا نغمة الكردان )لم تكن موفقة بالرغم من قوة اللحن وعذوبته وتعبيره الا انها لاتنسجم كثيرا مع بقية الادوار ويمكن ان نحس انها لموشح اخر
نعود لموشح مشرقات الوجوه وخانة الاستاذ بحري :
لاعبات بالنهى مخجلات اقمر
مشبهات المها مسكرات النظر
مائسات القدود فاتنات البشر
نحن واشرب وجود واطربن من حضر
بين ناي وعود مع ذوات الخفر
لذة العمر
لو تطرقنا الى النص الشعري اولا لوجدنا ان الابيات المضافة وعلى بساطتها الشعرية واللغوية تتطابق تماما مع النص الاصلي وكأنها قصيدة واحدة كاملة وهنا نكتشف موهبة الاستاذ بحري الشعرية
لقد دخل الاستاذ بحري الى الخانة من منطقة الجواب المرنفعة مع محافظته على الايقاع الاصلي السماعي الثقيل وتللك طريقة من طرق تلحين الخانة للتميز بينها وبين الادوار والتنبيه لدخول الخانة وبدأيسترسل في محافظته على الطبقة الصوتية العالية لينزل بها بشكل احترفي بديع وحركة صوتية متماوجة في ( مائسات القدود ) للعودة الى الطبقة الصوتية الاصلية للموشح ثم يختم كغطاء للموشح في ( بين ناي وعود )
في الحقيقة ان تقمص الاستاذ يحري شخصية كامل الخلعي اللحنية وابتعاده قليلا عن اسلوبه الشخصي خلق لنا موشحا فريدا كاملا ومتكاملا مع خانته ولم يكن للاستاذ بحري ان يصل لما وصل اليه الابمثابرته وحفظه الجيد لموشحات الخلعي وكأني بالاستاذ كامل الخلعي يربت على كتف تلميذه محييا ومشجعا
الامر الثاني الذي استوقفني قليلا هو ماضر الاستاذ بحري في مرافقة غنائه لالة الايقاع وعود يضبط اللحن والوزن وقد تناقشنا قبلا في هذا الامر ولكن للاستاذ وجهته وقناعته
فالفنان المبدع عندما يقدم ابد اعه للناس يقدمه باحلى واجمل حلة وكذلك التاجر عندما يقدم بضاعته يقدمها كاحسن ماتكون والمهندس عندما يستعرض مخطاطاته المعمارية يقدمها بطريقة استعراضية فنية ليقنع بها
وعلى هذا وبرايي الشخصي على الاستا ذ بحري ان يلي هذا الامر المزيد من اهتمامه ودراسته فكيف اقنع مثلا الاستاذ حسن الحفار بغناء هذا الموشح كاملا !!!! على اية حال يجب ان يدرس هذا الموشح مع خانته دراسة مستفيضة وان يعرض على المختصين في المؤتمرات الموسيقية ليعتمد ويوثق كمرجعا هاما في دراسة الموشحات الاندلسية .
|