تـَغـَفـَّـلـْتُ الدُّجَى
 
 
معارضة لقصيدة أنادي أسمري
للشاعرة بلقيس الجنابي
 
 
 
تـَغـَفـَّـلـْتُ الدُّجَى غـَبـِشا ً دَجيّا 
وشـَوْقيْ للفـِـــــرارِ ِمَعيْ تـَهَيَّا
 
 
 
 
فقد نـَسَجَ الحنينُ لــه ُجـَنـاحا ً 
وزَقـْزقَ فــي فــــؤادي عَنـْدَليَّا
 
 
 
فـَمَا للبُعْـد ِ عِنـْدي من خيـــال ٍ 
أصُدُّ به خيــــــــالي المُخـْمَليَّا
 
 
 
 
رَمَيْتُ الذكريـات ِ على زمـاني 
وألـْقـَيْتُ التـَّصَبُّــــــرَ من يَدَيَّا
 
 
 
 
وعَلـَّقـْتُ التـَّمَنـِّيَ خـَلـْف َ بابيْ 
على حُلـُــم ٍ تَعَلـَّـــــقَ مُقـْلـَتـَيَّا
 
 
 
 
فما ليْ غيــرُ راحِلـَتـــيْ سَبوحٌ 
تـُبَلـِّغـُني المَـــرامَ بـــهِ رَضـِيَّا
 
 
 
 
أليسَتْ ناقتــي البَكْـــــرُ تَرَبَّتْ 
على الأشواق فامْتشقـَتْ مَر ِيَّا
 
 
 
 
تـُراهينيْ ومـــا خَـلأتْ بيــوم ٍ 
ولمْ يَكُن ِ الحِـــرانُ لديها غـَيّا
 
 
 
 
لـِناقة ِ صالــــــح ٍ أثـرٌ عليها 
وقد عَقـَروها طـُغيـــانا ً وغِيّا
 
 
 
 
جميـــلُ الصَّبـر زيّنَها خـَلاقا ً 
ومنها الصبرُ أخـــــلاقا ً تزيَّا
 
 
 
 
سليلة ُ بيــدِ قيسِ ٍ حِبِّ لـَيْلى
وقد نبـَتَ العـَفـــــافُ بها فـَتِيّا 
 
 
 
 
على أرض الحِجاز سَرَى أبوها 
بليلى العامِـريَّـــــــــة ِ أريحيّا
 
 
 
 
يُبَجِّلـُها الهــوى العُذريَُ طـُهْـرا ً 
ويحتشمُ الغـــــــرامُ لها وَفـِيَّا
 
 
 
 
لأجْـــل ِ رفـاةِ جَدَّتـِــها سَراب ٍ
ومن وَجْد البسوس ِلها حَمِيَّا
 
 
 
 
أطـاحَ برأس ِ مُبْغِضِها كـُلـَيْب ٍ
أميـــرُ القـــوم ِ جساسٌ رَمـِيَّا
 
 
 
 
فنالـَتْ من بَنيْ بَكْـــر ٍ وَغاها 
ولم تسْتـَقـْص ِ فيــــها تـَغـْلبيَّا
 
 
 
 
أنَخْتُ مَطيَّتــيْ وحَـزمْتُ رَحْليْ 
على أعْطـــــافهـا لـَفــا ًوطـَيَّا
 
 
 
 
وما فـَقِهَ الوداعَ شــرودُ حاليْ 
فما ودَّعْتُ أهـــــــلا ً أو صفيّا
 
 
 
 
وما حِمْليْ سوى التـَّحْنانُ ذخـْرا ً
عليها أخَـــفُّ من زَغَبـيْ حَبـِيّا
 
 
 
 
وباســم الله ِعَلــَّام ِ النـَّـــوايا 
عَلـَوْتُ سنامَهـــا وهـَتـَفـْتُ هَيّا
 
 
 
 
إلى مَن قد تـَحَرَّى الوَصْل َمثلي 
تـَحَرَّّيْنـــــاهُ مِنْ لـَهَف ٍ سَــويَّا
 
 
 
 
بَكـَرْتُ بها قـُبَيْل الفـَجْر كَيْ لا 
وداعُ الليـــــــل ِ يَحْسَبَنيْ عَديّا
 
 
 
 
بناجـِيـَتيْ سَلـَكْتُ الدَّرْبَ حَدْوا ً 
أ ُناجيْهـــا على هَـدْي الثـُّــرَيّا
 
 
 
 
إذا مـــا الدَّرْبُ دارتْ نـَلـْتويها 
لـِنَعْجلَ في المَسيـــر فـَتـُهْنا ليَّا
 
 
 
 
وقد لـَعِبَ الدُّوارُ بنـــا جَهـــارا ً 
ولـَــفَّ رؤوسَنـــا دَنـَفا ً وعَيّا
 
 
 
 
شمالَ الأرض ِ نـَحْسَبُهُ جَنـوبا ً 
ومَشـْرقـُهـــــا تـَبَـــدَّلَ مَغـْربيَّا
 
 
 
 
وفي بيـــداءَ قد ثـَكِلـَتْ مَهــاها 
سَعَيْنا بها ذَهابـــــــا ً ثـُمَّ جَيَّا
 
 
 
 
فـــلا إنسٌ بساحتهـــا تـَراءى 
ولا جـِـنٌ تـَبَـــــــــــدَّى آدَمـِيَّا 
 
 
 
 
بها شجرٌ تعَــرَّى العُـــودُ فيه ِ 
إذا الحَــــــرَّانُ عَرَّجَ ما تـَفـَيـّا
 
 
 
 
فلا أطيــــارَ تـَصْدَحُ في فـَلاها 
ولا شـَحْــــرورَ آسانــا شجيـّا
 
 
 
 
عدا طيرَالقطا في الرَّمْل حَطـَّتْ 
على بيضاتهــــا رَقـَدَتْ ضَحـِيَّا
 
 
 
 
كذلك وَحْشـَة ُ البيـــد ِ التـَّأسِّي 
تـَضِنُّ به ِ غرائِــــــــزُها عَزيَّا
 
 
 
ذرَتـْنا في حِمَى الودْيان ِ رَغـْما ً 
نـَمــورُ بــها بــلا أمَــــل ٍ عَمِيَّا
 
 
 
 
عِظامُ الرّيْم ِ تـُنـْبىءُ عن زئير ٍ
وجُـــــرْفُ الـــوادي ردَّدَهُ دَويَّا
 
 
 
 
وما أمِنَ الأفـــــــاعِيَ ذو نِعال ٍ 
إذا بالخـَطـْـــو ِ زاحَمَها سَهـِيَّا
 
 
 
 
وذكـَّرَنيْ هُـلـولُ الرَّوْع ِ سَيـْفيْ 
ورُمْحيْ ذا السِّنــان ِ السَّمَْهََريّا
 
 
 
 
وقـَوْسيْ والجـِرابَ به ِ سـِهاميْ 
ودرْعيْ بـِتُّ في جـِلـْــديْ عَريَّا
 
 
 
 
فهيهاتَ التـَّذكـُّرُ يَجْلــــو خـَوْفا ً 
مِنَ الهـَلـَـع ِ المُـؤكـَّـــد مَنـْطقيّا
 
 
 
 
وما في حـِيْلـَتي دفـــع الأعادي 
سِوَى الأشــــعار ِ أنـْظِمُها رَويَّا
 
 
 
 
جريــــــرٌ جَدِّي ورَّثـَنيْ ضُروْبا ً
وأمْلـَى أنْ أذودَ بهــــــــا وَصِيّا
 
 
 
 
وهل يُجْدي الهجاءُ مع الضـَّواري 
إذا ما الوحشُ جَلـْجَــلَ زمَجَريَّا
 
 
 
 
وأجْدَرُ بي رثــــاءُ الحــال حُزنا ً 
أبَكـِّيهـــا علـى نفســــي رَثيـَّا
 
 
 
فأيقنتُ بأنـِّـي علـى حَصـــــاها 
قتيلُ الشــــوق ِ لن أجتازَ حَيَّا
 
 
 
وكيف أموتُ في وادي المنايا 
بـــــلا قـَبـْــــر ٍ يُظلـِّلـُنيْ وَرِيَّا
 
 
 
 
وقد نـَهَشَتْ سباعُ الأرض لحْمي 
بفـَكـَّيْهــــــــا ولاكـَتـْــهُ طـَــريَّا
 
 
 
 
وكيـفَ ولا ولحْمــي مُشتهاهـا 
خـَــــلا مِنْ شَحْمِه ِ هَبْرا شَهـِيّا
 
 
 
 
ففارقني هــوى الدنيــــــا إليها 
أليس بنا الفـــــــراقُ غدا حَريَّا
 
 
 
 
تأرْجَحْنـــــا بأرض الله تيها ً
بنا الأيـَّـــــامُ قد طـَمِعَتْ لهيَّا
 
 
 
 
ثلاث ٌ مـن لياليهـــــا كدهــــر ٍ 
ألا هُنَّ وليس الدَّهــــــــرُ شـَيَّا
 
 
 
 
فما أنْجَبْنَ غيـــرَ الشـَّيْبَ نورا ً 
وهُنَّ السُّـــودُ في رأسي رَعـِيَّا
 
 
 
هَرَبْن عندمـــا سَمِعَتْ شـُحوبيْ
نـِبـــاح َكِلاب ِ قـَــــوْم ٍ لا عَويِّا
 
 
 
تـُبَشـِّرُ بالسَّـــلامة ِ كالتـَّحــايا 
على قلبــيْ وكيـــفَ وقد تـَحَيَّا
 
 
 
 
حَمَدْتُ اللهَ ملءَ رضــا عيوني 
وقد أنِسَتْ بنــــار ِ القوم ِ رِيَّا
 
 
 
 
لـَنيرانُ الأحِبَّـــة ُ في فـــؤادي 
أحَن ّعَلـَيْـهِ من أشـــواقي كـَيّا
 
 
 
 
فعانقَ شوقَ أحْبــــابيْ حَنيني 
وحيَّا حَنينـُهمْ شـَـــوقيْ و بَيَّا
 
 
*****
حماد مزيد
28 تموز 2011