رد: ماذا عن النشاط الموسيقي ليهود تونس اليوم؟
أستسمحك يا أخ تميمي في نقل هاتين الفقرتين من حوار أجراه حسين السّكاف مع حسقيل قوجمان، العراقي اليهودي الذي أُجبر على مغادرة العراق بعد أن قضى سنوات في السجن به نظرا لإنتمائه السياسي للحزب الشيوعي. وهاتين الفقرتين تُضيفان توصيفا لما أوردتموه من تقلّص مشاركات الموسيقيين العراقيين الفنية داخل الكيان العبري، ولا شك في أن حال الموسيقيين اليهود المغاربة الذين رحلوا إلى إسرائيل لم يكن مُختلفا عن نظرائهم العراقيين :
"عندما خرجت من السجن ورحلت مرغماً إلى إسرائيل، سكنت عند أختي هناك، والمكان الذي كانت تسكنه كان بجوار سوق يشبه إلى حد كبير ( سوق حنون في بغداد )، في ذلك السوق يجد الزائر نفسه في سوق عراقية المأكولات والمشروبات وكل شئ. فأخذتني أختي إلى هناك وهناك أصابتني الدهشة والذهول فلقد رأيت داود الكويتي واقف في كشك صغير يبيع الأواني المعدنية، ( هذا الكشك كان بالشراكة مع أخيه صالح ) وكان حينها يتعامل مع أمرأة حول ثمن قدر وحول قرش زائد أو قرش نازل، عندها قلت: حين يصل بداود الكويتي وأخيه صالح إلى هذه المرحلة، فالموسيقى العراقية يجب أن يكتب عنها. فهل من المعقول أن يصل هذان العملاقان في عالم الموسيقى إلى هذا الحد. والجدير بالذكر أنه في بداية الثلاثينيات من المقرن المنصرم، فتح داود وصالح بعد أن أتيا إلى بغداد مدرسة لتعليم الموسيقى، فلقد فتحوا مدرسة في بغداد مقابل سوق الشورجة في شارع الرشيد، كان داود يدرس العود وصالح يدرس الكمان، ولكن هذه المدرسة لم تدم طويلاً لأن داود وصالح أصبحوا على رأس فرقة الإذاعة العراقية فتركوا التدريس (...)
الموسيقيون العراقيون الذين رحلوا إلى إسرائيل فقدوا جمهورهم العراقي وتاريخهم الذي بنوه في بلدهم العراق، وعندما وجدوا أنفسهم في إسرائيل، انخرط أغلبهم في أعمال غير فنية ما عدا قلة منهم استطاعوا ممارسة مهنة الموسيقى ليؤمنوا معيشتهم، وهؤلاء استطاعوا أن يكونوا الفرقة الموسيقية للإذاعة الإسرائيلية وأغلبهم كانوا من العراقيين الذين تخرجوا من دار مؤاساة العميان، وكان أكبرهم سناً الفنان داود أكرم الذي يعد من أحسن خريجي مدرسة مؤاساة العميان، كانت له مؤلفات موسيقية رائعة جداً في العراق، ولكن للأسف ضاعت جميعها، وكم طلبت منه أن ندونها ولكن للأسف لم يتم ذلك. وسليم زبلي فقط من حصلت على بعض مؤلفاته. وفي الفترة الأخيرة أتت فرقة عراقية إلى لندن إسمها أنغام الرافدين وقد أعطيتهم نسخة من سماعيات سليم ووعدوا بأن يعزفون مقطوعات سليم في المستقبل. وإذا تحدثنا عن الوقت الحاضر نجد أن أغلب هؤلاء الموسيقيين قد فارقوا الحياة، ولم يبقى منهم إلا القليل مثل الفنان إبراهيم سلمان عازف القانون والموسيقي والملحن سليم زبلي. والجدير بالذكر أن أغلب الموسيقيين الذي دخلوا إسرائيل هم من مكفوفي البصر، لذلك تجدهم وقد اشتغلوا في بدالة التلفون أو عمل الكراسي أو حياكة السلال والحبال وهي مهن تعلموها في دار مواساة العميان ببغداد. يعقوب العماري مثلاً والذي كان عضواً مهماً في الفرقة الموسيقية بدار الإذاعة العراقية وهو قارئ مقام من الدرجة الأولى أصبح إسكافي في إسرائيل."
|