أما الأغانى ، فقد تضافرت مع النسيج الدرامى متممة له ، كما فى الموقف الذى تلا بيع عواد لأرضه ، حين سرى الخبر فى القرية كلها ، و تردد صدى متلاحق لأصوات أطفال و نساء و رجال قائلين :
عواد باع أرضه ..
فاذا بهذا النداء ( النثرى ) يتحول الى ترديدات مغناة ، لتتحول الى أغنية ( عواد باع أرضه ) بانسيابية و تلقائية ..
و يلاحظ فى تلك الصورة الغنائية ، أن الأغنية أو الهتاف المموسق ( عواد باع أرضه ) قد سرق الأضواء من العمل الدرامى نفسه ، فأصبحت الأغنية هى البطل ، ؤو اذا كان الأستاذ محمد الآلاتى قد أشار الى أن اللحن بناه كمال الطويل على حرف واحد ( الصول ) أى ( النوا ) .. فانتأمل ماذا فعل مرسى جميل بموسيقى الكلمات التى ربما دفعت الطويل للتوقيع على حرف واحد ..
يقول : عواد باع أرضه .... يا ولاد
شوفوا طوله و عرضه .... يا ولاد
جاء هذيان المقطعان على الوزن التفعيلى ( فعْلنْ فعْلنْ ُتنْ .... فعْلانْ )
و هو نفسه ( فعْلنْ فعْلاتُن ... مفْعولْ )
أى أنه اعتمد على مايسمى فى موسيقى الشعر بالسبب الخفيف ، أو
الحركة التى يعقبها سكون
فنجدها مقطعة حسب النطق كالتالى :
عو/ ود / بع / أر / ضو ............ يو / لا
شو/ فو / طو / لو / عر / ضو...... يو / لا
يو / لد / غن / نو / لو ...............يو / لا
و تلك آلية ايقاعية نلاحظها فى الهتاف أو الأناشيد ، و التى تشعل الحماس و تجذب الأذن بايقاعها الواضح و الذى يتناوب الوقفات بطريقة متساوية مع الحركة ....
فهى تشبه دق الطبول ، و لتقريب المفهوم الصوتى ، فالايقاع هنا يشبه :
بُم بُم بُم بُم بُم .....بُم بُم
و أذكركم بمثل تقريبى لهذا الايقاع ، كان يردده الأطفال :
يا وابور يا مولع ..... شد الفحم
و انا اقوللك ولع ...... شد الفحم
فهو أيضا على وزن بحر المتدارك
( سبب خفيف + سبب خفيف )
أو ( سبب ثقيل + سبب خفيف )
الشاعر هنا يدرك البعد الايقاعى لما يكتب ، فهو ( دراميا ) هتاف ساخر و فاضح ، و يدعو أهل القرية للتجمع و المشاركة فى الشماتة و السخرية ..