رائعة أغنية الدخان او الماضى لكن مازادها جمالاً وروعة التحليل المشوق والرائع الذى كتبه الزميل صلاح الرشيد على هذه الاغنية مما يجعلك تستمع بالقراءة فى التحليل مع سماع الاغنية حقاً لايسعنى الا ان اقول انت مبدع ياصلاح محللاً وشاعر بارع .
..... ... .....
Salah Alrashid
في أغنية " الدخان " تنفست عبق الماضي خلال كلماتها وكأن الكلمات كانت سابقة لهذة السابقة التي يعيشها ألغالبيه ، وما يزيد هذة الكلمات روعة هو صوت الراحل أشرف محفوظ وتقاسيم عوده التي اضافت للاغنية قيمة كبيرة بالنسبة لي ، فالموضوع يتناول عدة جوانب لعل المستمع العادي لا يمكنه التمييز في هذا التنوع وماهي الصله بين المواضيع عندما تحدث الشاعر عن الماضي و قال :-
مع جبدة الدخان جاني الماضي .. تهمني حكمني زور وعدى راضي بالنسبة لمدمني التدخين عندما يسحبون كمية الدخان من السيجارة فإنه يسمح للصدر والشعب الهوائية إستنشاق أكبر قدر من مادة النيكوتين التي تنشط خلايا الدماغ وبالتالي يصطحب هذة " الجبدة " ذلك الهاجس الذي لاح بالشاعر الا وهو الماضي الذي رافق مجيئه إتهام و حكم زور ومن ثم مغادرته ورضاه عن من قام به ، وبات الشاعر يستطرد هذا الزائر ويفكر فيه وفيما صاحبته هذه الزياره الغير ساره له علي ما يبدو . بين الدوايا وبيني .. خطر لي سريب وما نبيه ايجيني ايجي كيف كيّفني وفيه حنيني .. ويجي سيف فيدي كان شفره ماضي باعني وشريته وقال ما تشريني .. تهمني ونا مازالت عنه قاضي لو كان ما العشره كابره في عيني .. في نيتي نلويه لوي انقاضي
ويبدأ في سرد السر الذي بينه وبين الدوايا ( الغليون ) الذي يربطه بالكيف ( النيكوتين ) الذي اشرت إليه أعلاه إلا انه سرعان ما ما يبدأ بالترميز حول تغيير الماضي بأن يكون الكيف الذي يتكيف به لحنينه ومن ثم بكلمه ( كان ) يعرض لنا هذا التغيير في الماضي حيث انه شبهه بسيف شفرته حادة وقاطعه ودلل علي انه كان صارم وبتار وقوي بالجمله التي اتبعها لذلك الفعل الناقص ، وفي البيت التالي ذكر الشاعر معادله غريبه نوعاً ما فذكر انه أي الماضي قام ببيعه وهو بالمقابل قام بشرائه وهنا البيع والشراء ليس بيع سلعه او شئ آخر بل هنا المقصود بالبيع شئ غير ملموس ولكنه محسوس وفي الغالب يكون " الوفاء " ولكن الغريب إصرار الشاعر علي الوفاء أو الشراء في أكثر من مره في هذا البيت بالذات عندما قال : ( باعني وشريته ) ، ( ونا ما زلت عنه قاضي ) وهنا يشير إلي انه يلتمس له العذر حتي عندما إتهمه " الماضي " ، وفيما يليه من بيت يؤكد الشاعر علي تحليلي عندما يقول ( لو كان ما العشره كابره في عيني ) ، هنا علي الرغم من كل شئ لا زال يشير إلي انه يحافظ علي العشره ويحسب له حساب ، ويلوّح بقوته في عجز البيت إلي انه لولاها لكانت تغيرت الامور لديه وقلب الامر رأس علي عقب ، ويلفها كما يلف اللثام او العمامه . تهمته واعي .. لقيته مع اللي يفصعو في ذراعي تارك علي المدعي والداعي .. وزاهيات به الايام باله فاضي تمنيت موحه ماورد لا سماعي .. لا انقل همه لا ايجي في اعراضي تميت صاير لي مصار الراعي .. كسرها و نقلها وكسرها متشاضي يلي هذة المقدمه الغامضه ابيات أكثر غموض ورمزيه فيشير إلي الماضي بأن ذنبه انه اضفى عليه صفه الوعى و الإدراك ولكنه فوجئ بتواجده مع من يفصعون ذراعه والفصع هنا اكثر بلاغةً من الكسر في تصوير دور الخيانه فالفصع يعني الكسر المضاعف في المفصل مع قطع الاعصاب المسؤوله عن حركة الذراع وهنا بذلك يصاب الذراع بشلل تام في الحركه ، وأنه تنصّل من واجبه في الوقوف إلي جانبه وتركه وحده يواجه المُدّعي والداعي ولم يناصره سواء كان ظالم أو مظلوم بل استكفي بالمشاهدة و زهو البال والرضا التام لما يحدث . إن السماع عن الخيانه ممن تُحب هو أكبر وقع من الضرر النفسي الذي نحصده من الخيانه والخذلان ويقول الشاعر فيما يليه تمنى ان خبر التخلّي عنه الذي أشار إليه بكلمه " الموح " والتي تدل في الشعر علي الفراق او التفريق بين الاحبة لكي لا يُثقل كاهله بهموم التفكير في اسباب الخيانه . تميت صاير لي مصار الراعي .. كسرها و نقلها وكسرها متشاضي
أصل بكم هنا إلي البيت الذي أعتبره بيت القصيد ولطالما ترددت قبل الخوض فيه لتركيبته الغريبه والخياليه التي استوقفتني كثيراً ولكن بعد إستشارة الاصدقاء اجتهدت فيه واتمني ان اكون قد وفقت ، فيه إستعار الشاعر بالراعي في البيت ومن المعروف ان الراعي لديه الخبره الكافيه في الاعشاب الطبيه والاسعافات الاوليه التي يحتاج إليه في بقائه بعيد عن الناس حيث لا يوجد من يساعده إلا ان يساعد نفسه بنفسه فمخلاته تحوي علي الجبيره والاربطه وادوات الحجامه ومضادات السم واللدغ وكافه لوازم الحوادث العرضيه التي يصادفها في عمله الشاق تطرق الشاعر إلي صورة غريبه تجسدت فيها حالة إنسانيه لم يسبق لي أن رأيت مثيلاً لها إلا في فيلم ( 127 Hours ) بطولة جيمس فرانكو ومن إخراج داني بويل ، وقد احتجزت فيه الممثل يده تحت صخره كبيره في وادي ، وظلت يده عالقه لمده 127 ساعه ( اربع أيام ) إلي غاية أن توصل إلي قرار قطع يده حتي يتنسنى له الخلاص من هذا الحجر بعد أن نفذ منه الماء والغذاء ولا وجود لإتصال لكي يطلب المساعده ، و برغم ألم بتر يده ، وما يترتب عليه من إعاقه إلا أنه قطعها وربطها وخرج من الوادي الي طريق النجاه وكانت هذه الخطوه الجريئه الشجاعه هي الخلاص له من الحجز ما بين الصخور وتحتهن ، أعتبر أن هذا المشهد من الفيلم يُلخصه الشاعر في هذا البيت و المعاناة التي عاناها بطل الفيلم هي التي يشعر بها الشاعر من خلال بيته هذا بالتحديد .
الماضي عبره .. ايقولوه للي ماو فاهم خبره لو كان م الدخان نعرف نبرا .. ما كان سبايب علّتي وامراضي وكيف القلم يكتب وكامل حبره .. وعمره الفاضي ما يعبي فاضي
حين تحدث الشاعر عن الدروس المُستفادة من الماضي و الدهر و ذكّر من هم قليلو الخبرة ( يقولوه للي ماو فاهم خبره ) ، أن الزمان هو الكفيل بتعليمهم بعض الدروس التي لا يتعلمون ابجدياتها في المدارس بل من خلال تمرسهم في الحياة ومدراكها يجعلهم يستوعب هذة الدروس فبعد كل حزن يتعلم صبر وجلد ذاته . هُنا تخطر في بالي ابيات الشاعر حفني ناصف عن فلسفنتة الخاصة و هو شاعر أشتهر في فترة ما قبل الاسلام حيث ذكر هو ايضا عن تقلبات الزمان والموعضه :
في خِبرةِ الدهرُ ما يغني عن الخبَرِ وفي الحوادثُ تذكارَ لمدَّكرِ وفي تفرقِ آراءِ الورى شعباً معْ وحدةَ الشكلِ ما يكفي لمعتبرِ والناسُ كالنبت منه مالهُ ثمرٌ بغير شوكٍ وذو شوكٍ بلا ثمرِ لِنيّة المرءِ في أعمالهِ سِمَةٌ جليّة ستْرُها من أعسرِ العسرِ والفعلُ يُبرز مكنوناتِ مصدرهُ يوماً فما مصدرُ السوأى بمستترِ لايثنيّنك عن كسب الثناء فتىً يراك مِن حسدٍ بالمنظرِ الشزرِ لن يستطيع اكتتامَ الفضلِ ذو حسدٍ إذ ليس يخفي عبير العنبرِ العطرِ ِ.
صلاح الرشيد
التعديل الأخير تم بواسطة : abuaseem بتاريخ 27/01/2014 الساعة 10h54
السلام عليكم اخى الفاضل ابوعاصم والى كل السادة الكرام بهذا المنتدى المبدع الراقى فى كل شى ابحث منذ مدة طويله عن اغنيه للراحل اشرف محفوظ بعنوان الله اكبر هلت الانوار وهو عمل غنائى وطنى متميز ياريت تدلونى عليه لانى بحثت فى قسم الفنان الراحل ولم اجدها مطلقا على كل صفحات ومواقع الغناء العربى والليبى شاكرا لكم حسن تفهمكم واستجابتكم لطلبى وفقكم الله وسدد خطاكم