|
 |

15/02/2012, 04h24
|
 |
مواطن من سماعي
رقم العضوية:245929
|
|
تاريخ التسجيل: June 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 135
|
|
|
الأستاذ الدكتور عبد الحميد سليمان/ثورة 25 يناير والثورة الفرنسية
ثورة 25 يناير والثورة الفرنسية
تشابهت الأسباب فهل تتشابه النتائج.
كانت الثورة الفرنسية حدثا له أهميته العظمى في تاريخ فرنسا بصفة خاصة وتاريخ أوروبا والعالم بصفة عامة ,لما تركته من آثار عميقة على مختلف البني الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فى فرنسا وعلى ذلك اعتبرت أما للثورات التي شهدتها أوروبا فى القرنين 19 ، 20 الميلاديين واعتبرها البعض الآخر أما لكل ثورات العالم ، حيث سرت عدواها فى كل العالم مكانا وزمانا, وباتت مبادؤها الداعية إلى الحرية والمساواة والإخاء والعدل أملا وحلما منشودا مفقودا لكل المتضورين فى العالم على اختلاف جنسياتهم وعقائدهم.
لقد اجتمعت وراءها أسبابها المباشرة ,وما اصطلى به الفرنسيون من نتائج وتراكمات للافتراق الطبقي والظلم الاجتماعي الذي وقع على كاهل الطبقتين الدنيا الوسطى التين رزحتا في قاع الهرم الاجتماعي, وتحملتا كل الأعباء ولم تجنيا شيئا،وزادت المعارضة من وطأتها في مواجهة نظام ملكي استبدادي أصم لم يكن يعبأ أو يسمح بأي سلطة للأمة ، ومثل ذلك السلوك والتوجه لم تخطؤه عين في مصر قبل ثورتها فى 25 يناير 2011م ,. ونتيجة لذلك تراكمت المظالم الاجتماعية مثل الابتزاز الضرائبي والحرمان من الخدمات إضافة إلى المعاملة السيئة والإذلال وكثرة اللصوص والفاسدين من كبار موظفي الدولة، والوزراء والمديرين ومن رعت تعيينهم أعين الملك أو زوجته أو حاشيتها. وعندما حلت عشية الثورة كان النظام قد فقد معظم أنصاره تقريبا. واجتمع إلى ذلك تراجع كبير للوضعية الدولية لفرنسا. وردا للفعل على تلك الانحرافات والاستبداد كان هنالك تطلع جماهيري لشيء جديد خارج المألوف ومعسول الكلمات المملة وشائه مثل " الحكومة الصالحة " و"السمعة الطيبة في المحافل الدولية " و"المعجزة " وكان المنافقون المستفيدون من النظام يفعلون ذلك من أجل اقتناص أو ديمومة الثراء غير المشروع أو البقاء في الوظائف والحصول على الامتيازات المادية والمعنوية، ولأنهم كانوا قلة بالمقارنة مع الملايين المحرومة فقد سقطوا جميعا بعد حين قليل من الدهر, صرعى ثورة جامحة مدمرة ساخطة ,بات قيامها حتماً لامناص منه. .
... لم تكن مصر بعيدة عن تلك الآلام التي اكتوت بها فرنسا قبل وبعد ثورتها ,رغم الفارق الزمنى الذى جاوز مائتي عام ,وابتليى المصريون باحتكار كبار رجال الأعمال للسلع و الصناعات الهامة وتطاولت حالة الفقر ومخاطر المجاعات ,وشهدت الأوضاع الاجتماعية حالة من الإستقطاب الشديد، وإتسعت الفجوة بين قلة لا تزيد عن 5% تمتلك معظم الثروة، وكثرة بالغة قد تزيد عن 75% تعيش فى فقر مدقع, لا تكاد تملك أى شئ، معه ,بينما انكمشت الطبقة الوسطى إلى 20% أو أقل من مجموع الشعب المصري. ولم تثن مظاهر البؤس والشكوى الدائمة والتذمر والضجر ,وآهات الناس من البهظ الضرائبى الذى أبت فيه ضريبة العقار ( Taille) وضريبة الدخل (Vingtieme) التين كانتا من الأسباب المباشرة للثورة الفرنسية ,إلا أن تعيدا نفسيهما وبنفس اسميهما ومضامينهما ونتائجهما, لتتلاشى قيم الدخول الضئيلة الشرائية ,ويبين عجزها عن مواجهة غلاء الأسعار الفاحش والذى تعدى فى بعض الأحيان الأسعار العالمية. ويتلظى بذلك كله أبناء الطبقتين المطحونتين الوسطى والدنيا فى الوقت الذى كان أهليهما يرون أبناء الطبقة العليا (الإقطاعيين الجدد) ينفقون ببذخ وسفه أموالاً طائلة لا تعرف مصادرها ولا يدل مسلك منفقيها على أنهم قد تعبوا فى جمعها. وضاعف ذلك من ألام الفقراء، وزاد من إحساسهم بالغبن والغربة داخل وطنهم. وزادت معدلات الجريمة وشهدت البلاد أنواعاً غير معهودة من الجرائم بسبب اتساع نطاق الفقر والإحساس بالظلم والاغتراب من جهة، ويصدم النهج الاستعلائي والآذان الصماء وانصراف اهتمام أجهزة الدولة إلى حماية أمن النظام دون الاكتراث بأمن المواطن ,أما الوضعية الدولية المتآكلة فرنسيا التي كانت سببا رئيسا عصف بالحكم الملكي في فرنسا, فلم تكن بمثل حالة التقزم المتواصل والمتنامي لدور مصر ومكانتها في مناطق مجالها الحيوي والإقليمي على اتساع وتباين فصول ذلك ومظاهره ونتائجه وخطير معقباته ,وزاد على الدور التنويري التحريضي لفولتير وجان جاك روسو ومنتسكيو,ما جادت به تقنيات الاتصال والإعلام وزوال انفراد الإعلام الموجه الذي دالت دولته وانقضت أيامه, أمام ثورة الأنفوميديا التي لم تكتم سرا ولم تستر عورة من عورات النظام وأهله والسالكين طريقته.
هكذا جرت الأحداث والوقائع فى مصر لتعيد إلى الأذهان ما شهدته فرنسا التي اضطربت أحوالها وأكلت ثورتها أبناءها إلى أن وصل نابليون إلى الحكم سنة 1799م بعد عودته من مصر بشهر واحد ,وبدأ البحث عما يناسبه من الظروف والأشخاص للوصول إلى غايته مستغلا الصراعات الداخلية بين رجال حكومة الإدارة وأصبح حاكما فعليا للبلاد بعد أن أطاح بمنافسيه ,واهتم بتسوية المسائل المختلفة الخاصة بالإدارة وشئون الحكم وسياسة الدولة الخارجية ,واعتمد الكفاءة كأساس لاختيار معاونيه دون أن يعبأ بتاريخهم سواء كانوا من الجمهوريين أو من اليعاقبة أو الملكيين ،وتتوهج طموحاته الشخصية في غير اكتراث بالأوضاع الدولية ومحاذير تلك الطموحات ,وتمادى ليروع الفرنسيين بلقبه الجديد( الإمبراطور) ويزرى بقضائهم على الملكية البوربونية,,ولم يكن غريبا أن تتراكم مصائبه وهزائمه الى أن جاءت معاهدة باريس الأولى سنة 1815/ 1830 م , التي شهدت فصلا جديدا عادت فيه الملكية الفرنسية مكلوءة بحماتها الأوربيين للحكم ب,عد أن سلبت تسوية فيينا من فرنسا أملاكها وكرامتها, واعتبرت ضربة قاصمة للشعور القومي ,ولتبدأ فرنسا عصرا جديدا فى ظل تراجع وضعيتها الدولية واقتصادياتها وبنيتها العامة.
ويبقى الدرس التاريخي أمام الثورة المصرية التي تشابهت أسباب اشتعالها مع الثورة الفرنسية ,فهل يفعل الوعي التاريخي فعله في أهلها,أم يعيد التاريخ نفسه ويطرب ذو الكِلاعِ الحميري الشاعر الذي قال: رب يوم بكيت منه لما ....صرت فى غيره بكيت عليه.
....... فى هذه الدراسة سوف نتناول إن شاء الله الأسباب المتشابهة للثورتين مع تصور لسيناريوهات المستقبل للثورة المصرية على ضوء التجربة التاريخية للثورة الفرنسية
أ / د عبد الحميد سليمان
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر
|

04/03/2012, 18h09
|
 |
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
|
|
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,310
|
|
|
رد: الأستاذ الدكتور عبد الحميد سليمان/ثورة 25 يناير والثورة الفرنسية
أستاذنا الجليل العالم المفضال الدكتور عبد الحميد بك سليمان
أرجو المعذره لأنى لم أقرأ الا قبل لحظات مقالكم الرائع وأظنها بدايه لسلسلة مقالات تكتمل بها الصورة والرؤية معا .
وكما قدمت حضرتكم هناك أوجه من التشابه بين الثورتين وإن اختلفت المعالجه فى بعض الجوانب , وكان التشابه الأول كما قدمت حضرتكم فى الظروف والمناخ الذى أدى لقيام كل منهما من فساد وظلم واستبداد واذلال وتهميش لعموم الشعب , ووجه الشبه الثانى هى أنها ثورة قام بها الشعب وليس انقلابا قام به جماعة من المغامرين , أما وجه الشبه الثالث وهو ما أرجو أن تتناوله بأسلوبكم الشيق الرشيق , هو أن الفرنسيين تخلصوا من ملك ظالم مستبد فاجر ليقعوا فى يد إمبراطور من العسكر وهو الضابط نابليون بونابارت الذى قام بانقلاب عسكرى وأوقف المد الثورى وأقام نظاما ديكتاتوريا توسعيا وطبقة بورجوازية سيطرت على مقاليد الحكم .
فى انتظار بقية الحلقات يا مولانا .....
__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها
التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 09/03/2012 الساعة 19h48
|

09/03/2012, 17h10
|
 |
مواطن من سماعي
رقم العضوية:245929
|
|
تاريخ التسجيل: June 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 135
|
|
|
رد: الأستاذ الدكتور عبد الحميد سليمان/ثورة 25 يناير والثورة الفرنسية
أخى الحبيب البعيد القريب والأديب الانسان...سعادة الدكتور أنس بيك البن ...سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
وبعد
أشكر لك أخى كريم اهتمامك وطيب قولك وأؤكد لكم أن ما كتبته كان مختصرا لدراسة أعدها الآن للمشاركة بها فى سيمنار الجامعة الأمريكية القادم فى أواخر شهر مارس الحالى إن شاء الله ...وهى محاولة مخلصة ودين مستحق متواصل لمصرنا الحبيبة ولثورتنا الغراء ومحاولة أكاديمية موضوعية لإشعال الوعى التاريخى الممبنى على الاعتبار والنظر فيما سبق من تجارب البشر للتعلم واتقاء الشرور وتصحيح المسار,حتى لا يعيد التاريخ نفسه على صناع تاريخ البشرية وحضارتها وموئل الحكمة المختزنة فى نفسها وذاكرتها.ولا يخفاكم أخى الحبيب أن الثورة الفرنسية الرائدة ,قد جرى عليها ما جرى على الثورات عبر التاريخ وكان مآلها الفشل الذريع ,حيث اقتنصها زائفو قادتها واستأصلوا شأفة خلصائها ,ولم تلبث الا قليل حتى توسد أمر فرنسا امبراطور وليس ملك وهو نابليون بونابرت وورثته الذين تداولوا أمر فرنسا عبر فترات وظروف ليس أمامنا متسع لشرحها ,وباتت بهم ومعهم فرنسا كالمستجير من الرمضاء بالنار وقادوها الى شر الهزائم واسوأ المصائر الى أن تجلت حكمة الشاعر الذى قال :
رب يوم بكيت منه فلما... صرت فى غيره بكيت عليه
فى ذلك الشعب البائس وعادت الملكية متوسدة مستأسدة مدعومة بمساندة أعداء فرنسا التاريخيين وفى مقدمتهم عدوتها اللدود بريطانيا,وتظل فرنسا متخبطة ملتاثة حتى بعد ثورتها الثانية 1848م ولا يبارحها الهزال حتى تهزمها ألمانيا الوليدة فى الحرب السبعينية وترضخ باريس لإرادة وأقدام المنتصرين ويظل حالها كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى فلا هى من الشعوب المتسيدة المهيمنة صاحبة الكلمة العليا ,ولا هى من الشعوب المستضعفة الباحثة عن صيغ جديدة وهبات تمحو الوهن وتستعيد العافية ,,,,
أخى الحبيب هدف الدراسة أن تنهض همم المصريين ويعودوا الى وعاتهم و مخلصيهم وخبرائهم وينتقلوا نقلة دستورية وتنظيمية وتوعوية تأخرت منذ قرون , لتعلم مصر الدنيا كدأبها منذ فجر التاريخ..ولك فى الختام شكرى وشوقى وتقديرى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 09/03/2012 الساعة 19h47
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
|
|
تعليمات المشاركة
|
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts
كود HTML معطلة
|
|
|
جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 15h31.
|
|