ضاعت المُتعة مِنْ حياته وهو مُنهمك في مُلاحقة أحلامه ، مر طيفهابخيالة بغتة ،ترك ما بيده وعاد ليبحث عن أي شئ يقوده إليها ، حتى ولو كانت يد الرَّزَايَا(؟!)
تَدس الردى على أعتاب (الدسُّ ، يكون في لا على ) الآمل ، تتعثر محاولاته وتهوى مراراً بأسى يهدهد كيانه (الأسى ،يهدَّ الكيان ، إنما الهدهدة تكونُ بالتأسّي)
في حضن الألم ، حتى وجدها تسير فى تلك الحديقة التى كانت شاهدة لقاءاتهما المستمرة ، اقترب منها بروية ( الرويّة ، تناسب التقدم المعنوي - التفكير ، مثلاً ، لا المادي )
وما أن تلاحمت نظراتهما ( التلاحم يكون للشيء المادي ، لا المعنوي . ماذا لو قلنا : تلاقت نظرتهما ؟ أو تلاقت عيناهما ؟)
، تذكرت قسوته التي اعتـصرت شطآنها فى بحرغيابه الطويل ، واصلت سيرها غير آبهةٍ برؤيته ،
تبتعد بينهما المسافة ...
فنثر رذاذ أنفاسه اللاهبة لتلامس روحها وتناجيها من جديد ،
تكبل مسيرتها لحظة إدراك أوقفتها هنيهة ، مضى صوبها ، وما أن شعرت بدبيب خطواته
الوئيدة خلفها ، استتبت للمواجهة (الإستتباب ، يناسب الأمور المعنوية أيضاً ، فنقول : إستتباب الأمن ) ، وقف أمامها يرمقها بنظرات شوقٍهائمة ؛
تُسعر القِلىَ بداخلها ( لقاءُهما هذا – و إن كان مصادفة ، لا يبقى للقلى محلاً من الإعراب . أعيذك بالله من القى يا رغد )، وبابتسامة مُهشمة تعلو محياه قال :
" أخيراً وجدتكِ بحثتُ عنكِ كثيراً لكنِ لم أفقد الآمل فى لقاءِكِ،أنااا..!"
تغتاله الكلمات وتحشرج من صوته ، حتى أزاحت غرتها قائلة :صدقنى ، إنني أجنِـِّبَكَ حرج الإعتذار ،
فالروح ما عاد فضاءٌ بها ( لا داعي للتقديم و التأخير هنا ، فنقول : ما عاد بها فضاء ، لتسييد الحالة النفسيّة ، بدلاً عن إشغال القارئ بظاهر اللغة ) يتسع لثرثرتك الرعناء ( وصفك حديثه بالثرثرة يغني عن وصفها بالـ "الرعناء" ) ، ولا تحدق بي هكذا..
فالذي تبحث عنه فى قسماتى لن تجده، فقد لاكته الأيام وصادرته سنواتالهوانالذي تركته ليسامرني ليالي الهلاك بعد أن قررت الغياب ،
يتلعثم قائلاً:
"أعلم أنكِ غاضبة ولكِ الحق ، لكن دعينا من الماضي وتعالي نفتح معاًصفحة
جديدة ونبدأ حياتـ... قاطعته بإزدراء :
"هه سحقاً لهذا العقد الذي وقعت عليه مُسبقاً ولم أعلم أنه مُتجددبفراق مرهون،،
صوته الناعم أطفأ من ثورها : أريد أن أريكِ شيئاً تعالي معي!
تركته و ولت بعيدا عنه ؛ يطيل النظر إليها بإثم يحصده حاجبيه ، وعُبَّ القَذَى(؟!)
يقدح مقلتيه ، ولىّ وجه يتبع ظله ليحصد الحضيض مُجدداً على صدر العتم، (؟!)
تختلس هي من بعيد أخر نظراتها إليه حتى تلاشى كقطرة روح لفحتها خصلة مِنْ صفيرالوداع(؟!) وبهيمنه يشد طرف ثوبها قائلا: أمـى من هذا الرجل؟
ردّت : " لا تقلق حبيبى هذا مُجرد عابر قد أخطا العنوان .!
أقرُّ - رغم ما يبدو من ملاحظات – بأني كلما قرأت ومضتك القصصية هذه ، وجدتني أراها كمشهدٍ سينمائي !
ذلك مادفعني إلى التزام الأمانة الفنيّة في إبداء الرأي . ناهيكِ عن أن معرفتي باكتمال موهبتك الأدبية ، واصلت دفعي لجعل الرأي خالياً من المجاملات .
،
مُتذكراً ، كلام أستاذينا : كمال عبد الرحمن
و يوسف أبو سالم
،
عن ذلك الفرق الذي نلمسه في كتاباتك بين: لغة "الماردة" حين تضيء بمشاركاتها الآسرة رُبَى الأدب السماعي ، و بين "رغد" حين تكتب القصة (..)
،
هنا ، في "صفير السنونو الأخير" ، يتجلى البون الشاسع بين اللغتين ، فأرى أن الصياغة اللغويّة قد شغلتكِ عن الترقرق السردي ، و أنتِ تعلمين بأن الجملة المكتنزة بالألفاظ الضخام تشتت تركيز القارئ ، كما أن انشغال الكاتب بتنضيدها يسوقه – أحياناً – إلى استخدام ألفاظٍ مجانيّة
(ربما تليق بالرواية ، لكن حيّز القصة لا يتسع لمثلها)
و لأنكِ دارسةً للأدبِ ، يكونُ بعلمك أن الإخلاص لصنعة الكتابة لا يكون بانتقاء الألفاظ على حساب الحالة السرديّة . خاصة عند كتابة هكذا قصة ...
فعنصريها (هو و هيّ) يعتملان بفيوضٍ من المشاعر المتضاربة ، و هما يلتقيان بلحظة فارقة بعد طول فراق .
و كان لديك فرصة منطقيّة لمنحها نافذة تطلع القارئ ، من خلالها ، على موقفٍ مفصلي في علاقتها به ( عن طريق التداعي ... مثلاً )
ذلك كان من شأنهِ أن يكرّس لحياد الكاتبة - رغد – بدلاً عن ذلك الإنحياز الأنثوي الواضح !
والذي ينفي "الصدفة" عن التفاف التنظيم النسائي السماعي حول "صفير السنونو الأخير" !
،
و لثقتي في أصالة موهبتك و دأبك الرائع على التقدّم بدرب الكتابة القصصية ، أراني لست بحاجة لتوضيح مقاصدي من الإخلاص في النصح.
الرائعة رغد
قصتك أعادتني إلى الأوقات السماعيّة البديعة ،
فشكراً ، مُجدداً ، لأنك منحتيني من الوقتِ فسحة ً كنت أنشدها قبل البيات الشتوي
__________________
أستغفِرُ الله العظيم وهو التوّاب الرحيم