* : طلبات نوتة أ / عادل صموئيل الجزء الثانى (الكاتـب : عادل صموئيل - آخر مشاركة : بكر محمد دحدولي - - الوقت: 12h53 - التاريخ: 14/09/2025)           »          بدريه السيد (بداره) (الكاتـب : samirazek - آخر مشاركة : ذكي محمود - - الوقت: 12h50 - التاريخ: 14/09/2025)           »          حفل غنائى من إذاعة الأغانى (الكاتـب : د.حسن - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 10h38 - التاريخ: 14/09/2025)           »          محمّد أفندي نور (الكاتـب : auditt05 - آخر مشاركة : هادي العمارتلي - - الوقت: 10h07 - التاريخ: 14/09/2025)           »          أحمد الحفناوي - 14 جوان 2016- 1 أوت 1990 (الكاتـب : mokhtar haider - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 10h07 - التاريخ: 14/09/2025)           »          قاسم كافي- 5 أوت 1945 - 15 نوفمبر 2018 (الكاتـب : رضا المحمدي - آخر مشاركة : غريب محمد - - الوقت: 09h02 - التاريخ: 14/09/2025)           »          الذكري الخمسون [50] لرحيل سيده الغناء العربي (الكاتـب : عبدالرحيم رضوان - آخر مشاركة : محمد عمر الجحش - - الوقت: 07h55 - التاريخ: 14/09/2025)           »          مطرب مجهول الهوية .. من هو ؟ (الكاتـب : abo hamza - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 04h46 - التاريخ: 14/09/2025)           »          45 عاما في كواليس ماسبيرو (الكاتـب : الكرملي - آخر مشاركة : رضا المحمدي - - الوقت: 19h53 - التاريخ: 13/09/2025)           »          مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية و توزيعات منها (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : محمد عمر الجحش - - الوقت: 16h40 - التاريخ: 13/09/2025)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > صالون سماعي > ملتقى الشعر و الأدب > نتاج الأعضاء .. القصص والروايات

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 09/04/2009, 21h21
الصورة الرمزية عبد الحميد سليمان
عبد الحميد سليمان عبد الحميد سليمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:245929
 
تاريخ التسجيل: June 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 135
افتراضي الدكتور عبد الحميد سليمان أبو حيان الدمياطي- الي المتضورين كرامة

أبو حيان الدمياطي


الجزء الأول

0000في سياحاته في بحار المعرفة, وأيام درسه الجامعي بكلية الآداب في جامعة القاهرة في ساحات مكتباتها وردهاتها وقاعاتها وشيوخها, وجد الدمياطي عجبا وأدرك جللا حين فجأه وراعه ذلك الفيلسوف المسلم الفذ,أبو حيان التوحيدي, ورويدا رويدا توسد منه أقطار نفسه واستبد بقلبه بعد أن سلب لبه واسترق عقله فشغله عن عداه ونهره عمن سواه, لقد بهره التوحيدي,عبقريا شامخا لا يعبأ بوزير أو أمير, ولا يكترث لمهيب أو جليل,طموحا,لا تثنيه كئود نجاد أو سحيق وهاد,فخورا يري لنفسه من السمو والتعاظم والعلو والمكنة مالا يراه فيه غيره, متعاليا لا ترغم أنفه لراغم وإن علا ولا لجبار وإن ذاع سؤدده,واستقر توسده 0

000انبهر الدمياطي بازدراء التوحيدي لعلماءُ وفلاسفة وكتاب ممن عرف فضلهم واتبعت خطاهم ,لكنهم عند التوحيدي لم يكونوا غير طلاب علم يجهدون فلا يدركون فيدعون ويتزلفون,وحين تعوزهم الحجة وتلجئهم الضرورة يستعينون علي عجزهم بالتملق والمداهنة والتصنع والتجاهل حينا والتعالم أحايين عددا ,ولايرعوون عن تصعير الخدود وتهيئة الأقفية وترويضها إذا اقتضت الحاجة أو استدعي الموقف ,الأمر الذي ينأي بنفسه عنه كل ذي نفس شامخة وباع طويل وعطاء وفير جزيل,,أما التوحيدي فقد أعجزه كبرياء نفسه وعبقرية عقله عن أن يتكيف مع واقع مريض ومجتمع سقيم تروج فيه بضاعة أدعياء العلم والمنافقين والمتوسلين والوضعاء ودناءة السوقة وتسفل السفلة,واجتهد ساعيا,باحثا عن مكانة وعلياء رأي نفسه أولي بهما وأجدر, فأجهده بحثه وخاب فأله ,وانكفأ أمله0

000 تأجج قلب أبي حيان حين اصطرعت حاجات نفسه مع كبريائه الذي وقف عقبة كأداء أمام طموحه ودأبه لتغيير واقعه المتدني وشح حالته وفاقته وازورار مجالس الوزراء والأمراء والوجهاء عنه, ومهيلا جالت حاجات نفسه الدنيا,الملحاحة القاسية جولتها وصالت صولتها , فشرعت قدماه تتحسس خطواتها الأولي بطيئة متثاقلة مترددة إلي تلك المجالس بعيد أن كبحت جماح تعاليه,وجنوح عقليته الفذة وأراقت كبرياءه المستكن الأصيل0

000كان التوحيدي لا يملك سبباً لرزقه وسبيلا لثرائه وانتزاع مكانته المهدرة الضائعة,سوي عبقرية الأديب وبحار من المعرفة خاض غمارها
وطابت له ريحها فامتاح ما وسعته قدرته من كنوزها وللآلئها ودرها، ,لقد أثخنته حاجاته فاضطر تحت وطأة الضرورة وغلظتها, إلي شيء من مداهنة أصحاب التوسد والنفوذ والثراء, سعيا لنوالهم وعطائهم, لكنه لم يدرك من ذلك شيئا مما كان يصبو إليه بعد أن أقصي أنفته ربيبة كبريائه, وأراق’مكرها,آملا ماءها ليفسح ساحات نفسه أمام مقتضيات الحاجة المذلة , لكن تلك النفس الهادرة سرعان ما استعرت نارها واندفعت حمم بركانها, حين أيقنت أن بحار التدني لا تدرك,ومعين فنونها وصورها لا ينضب ,وأغوارها لا تسبر, ونهم سادتها لا يشبع ,بعد أن أغراهم بذلك امتطائهم الآمن المستقر لظهور الذين خبروا عباب الذل وطابت لأشرعتهم ريحها,واستكنت نفوسهم واطمأنت لها وبها, فانتفضت نفسه, برمة ناقمة ثائرة ساخطة, فاستغربته مجالس النفاق ثم لفظته,فتقاذفته أقدام وأحذية المتنفذين ونبذته ساحات المتوسدين إلي العراء وهو سقيم, ,فأوسعته سخرية الساخرين من المستمرئين ,الراقصين, اللاعبين علي كل الحبال,الآكلين علي كل مائدة , الموطئين أكنافهم عن ذلة لازمة ملازمة ووضاعة متأصلة ,اللاعقين لكل حذاء,الذين حسدتهم تلك الأحذية ونفست عليهم انتزاعهم لدورها واستئثارهم بمكانتها ومواضعها, فاستعرت بدورها غيرة وحقدا وغلا, جراء ما لا يباري من مرونتهم ونعومتهم وطاعتهم واستخذائهم,واستنفرت قوتها واستنهضت غلظتها حين كان ممتطوها يوسعون بها أدبارهم ووجوههم ,وأمعنت فيهم حانقة غائلة ,لكنها ارتدت كسيفة خزية حسيرة’, أمام ظاهر رضاءهم ودائم استعدادهم وزائف ابتساماتهم0

000لقد صرع بخل البخلاء ونفاق المنافقين وسخائم الحاسدين, أحلام التوحيدي وحاجاته,فزاده ذلك ضراما إلي ضرام وإباقا إلي إباق, وما إن لفظته ساحاتهم حتى انبري يذم فعالهم ويلمز أخلاقهم ويهزأ بسلطانهم ويستقصي عوراتهم ويقتفي زلاتهم ونقائصهم ويهتك أسرارهم ويستبيح مستكنات نقائصه0

000أوغل التوحيدي ففعل بهم الأفاعيل وأهدر كراماتهم واقتص من تعاظمهم,وظن أنه ناج بذلك, لكنهم لم يكفهم أن أنشبوا فيه مخالب إعراضهم, فتهدده ماحق خطرهم, وأدرك عارفوا قدره فداحة ما ينتظره,وهول ما يتلمظ له من شر وكيد ,فآثر فطناؤهم السلامة , فأعرضوا عنه,ونأت عنه ساحاتهم ووجوههم ,واستبق أراذلهم إلي كيده تزلفا وتوددا, وأشفق عليه من اكتوي بمثل ما اكتوي به,لكنه اصطبر علي ذلك فأضمر غيظه,ووأد حنقه,وصرع تمرده ,لكنه اعتبر حنق التوحيدي وغضبه وثورته وتمرده صرخة لأمثاله من المظلومين وبوح بأنات المكلومين,

000مضي التوحيدي طريدا وحيدا منبوذا جائعا,لا يدري أذكي أريب هو أم غبي مغرور؟ واشتعلت نفسه واتقدت مستكناته فصبت لظاها علي أروع ما فاضت به عبقريته وجادت به قريحته من ذخائر مؤلفاته فأشعل فيها النار ضنا بها أن ينالها ويفيد منها ,مجتمعات وأقوام لم ير منها إلا آيات الجهل والازورار والإعراض والاحتقار والإذلال ,وأفلت من هول ذلك المصير بعض مما ازدانت به القريحة العربية وتباهت واستطالت به الحضارة الإسلامية كالإمتاع والمؤانسة والهوامل والشوامل وغيرها ,لتترك مأساة التوحيدي وكل توحيدي جذعة متقدة دائمة لاتريم,وحشا لا فكاك من أنيابه ومخالبه,وداءُ عضال لا برء منه ولا شفاء,وسوسا ينخر فلا يشبع ولا يقنع في عقل الأمة وروحها وهيكلها رغم اختلاف الأماكن وتبدل الوجوه وانصرام الأيام وفيض الدروس والعبر وافتضاح الخلل وعموم الزلل0

000لم يفت ذلك في نفس الدمياطي ولم يوهن حبه وإعجابه بأبي حيان التوحيدى ولم يألو صعلوك العرب وثائرها الأشهر عروة بن الورد جهدا في عون التوحيدي, وإبقائه علي مكانه ومكانته في نفس الدمياطي,وكان لعروة دالة ومنزلة لا تنافس في قلبي التوحيدي والدمياطي, الذين جمعهما إعجاب لا يحد بابن الورد حين صرف نفسه وجهده ولم يدخر وسعه وأنفق عمره,علي الإقتصاص للمغبونين المظلومين من ظالميهم ومستغليهم وانتزاع ما أمكن له من أموالهم وعروضهم وأمنهم ,ليعيدها إلي مستحقيها وأهلها,وعلي ذلك ذاع شعره الذي ناء بثقل نقمته وسخطه علي مجتمعه وبيئته وأدرانهما فغدا شاعرا فذا وصعلوكا فريدا في تاريخ شعراء العربية ومتمرديها عبر تاريخها الطويل ,لقد أ’خذ الدمياطي مثلما أ’خذ التوحيدي بعروة الناقم الثائر الهازئ وهو يقول:


ذريني للغنى أسعى فإني000 رأيت الناس شرُّهم الفقير‏


وأبعدهم وأهونهم عليهم0000 وإن أمسى له كرمُ وخِير‏


ويُقْصيه النديُّ وتزدريه 00000حليلته وينهرُه الصغير‏


وتَلقى ذا الغنى له جلال00000 يكادُ فؤادُ صاحبه يطير‏


قليلٌ ذنبه والذنب جَمٌّ 000000ولكنّ للغنى ربّ غفور


000لم يألو عروة جهده فألف بين قلبي وعقلي الرجلين, شريكي بؤسه وعوزه,ورفيقي تمرده وحنقه, فتوحدا به ومعه في الرأي والرؤية,وجمعهم الموقف والمسلك والثورة علي نكد الدنيا وتسيد الأراذل وانزواء العباقرة الشوامخ,وزاد يقين الدمياطي بما ذهب إليه عقله واطمأنت نفسه من نهج ,حين أبصر جوهر الإسلام ونصاعة رؤيته وسمو فكرته حيث لا يتمايز الناس بانتماء ولا محتد ولا عرق وإنما يتمايزون بتقواهم ودورهم فلا عنصرية مقيته ولا استعلاء أصم أجوف ,بهره توسد بلال وأبو ذر وخباب بن الأرت وصهيب الرومي وعمار بن ياسر في قلوب وعقول الرسول والمسلمين مثلما توسد أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن معاذ ,وهو ما لم يدرك قليله أثرياء قريش وسادتها ,ومثلما راع زمن الرخاء العباسي أبا حيان التوحيدي ,ارتاع من قبله عروة ابن الورد زمن الجاهلية ,راعت الدمياطي سبعينات القرن المنصرم روعا بقيت أسبابه شامخة حاسرة,جاسرة, وقحة,لا ينال منها نائل ولا تكترث لطائل من فكر أو طرح ولا تتغير أو تتبدل وإنما تسرف في غيها ونزقها, فمريدوها دائما كثر وفاهموها والسالكون طريقها يزيدون ولا ينقصون ويدأبون لديدنهم ومذهبهم ولغتهم ولا يرعوون ولا تستثيرهم أو تنغص أفكارهم وقلوبهم قيمة ,ولا تنكأ ضمائرهم شرعة مهما كانت أو منهجا وإن علا,فبدا التدني والتزلف والتملق والتنكر والجحود والذاتية المفرطة القاصرة المتنكرة ,والتعالي الذي إلا إلي إجادة الإنحاء والاستخذاء, والرضي واستحباب الإمتطاء,ومنافسة الأحذية,لقد أصبح ذلك كله ثقافة مجتمع وسمات جمهرة شخوص الوطن0

000في ساحات آداب القاهرة ,تواترت تساؤلات الدمياطي وحواراته مع أساتذته وزملائه عن أبي حيان التوحيدي,وذاع بينهم نزوعه السافر إليه واقتفاؤه أثره وتمنطقه بمنهجه ,وباحت فأفصحت إيماءاته إليه واحتجاجاته بأقواله ,حتي لقبه بأبي حيان الدمياطي, أحد أساتذته ممن أكثر لجاجتهم وأسرف في جدالهم انتصارا لشخص التوحيدي وثقافته ورؤيته, فشاع ذلك بين أساتذته وأشياخه ورفاقه وزملاؤه ورضيت به نفسه, فاستقرت تلك التسمية في العقول واعتادتها الألسنة,ومثلما كان التوحيدي، الذي لم يكن يملك سوى أدبه وعلمه, غاضباً علي عصره، ساخطاً على أهله ,ناقماً على واقع فاسد يعلي المنافق ويزري بالشريف,حتي لو كان عبقريا فذا, كان الدمياطي يسير علي درب رفيقه ونهجه,فلا يكاد يبرحه, لقد غدا ثورة مستعرة ، وتمردا لا يريم.

000ذهل ابو حيان الدمياطي حين صدمته نهاية التوحيدي وما ساقه تبريرا لحرقه نفائسه حين قال (كيف أتركها لأناس جاورتهم عشرين عاماً فما صح لي من أحجهم وداد، ولا ظهر لي من إنسان منهم حفاظ. لقد اضطررت بينهم بعد العشرة والمعرفة في أوقات كثيرة، إلى أكل الخضر في الصحراء، وإلى التكفف الفاضح عند الخاصة، والعامة، وإلى مالا يحسن بالحر أن يرسمه بالقلم ويطرح في قلب صاحبه الألم).

000علي أن الدمياطي الذي رأي مآل صاحبيه وعاقبة أمرهما التي كانت خسرا وضيعة, أوعزت له نفسه ووقر في قلبه واستقر في عقله أن رفيقيه قد تكلفا عمرهما ولم تفلح عبقريتيهما وهمتيهما وعلو نفستيهما في قضاء حاجات حياتيهما والرقي بهما إلي ما يرونه جديرا بهما وأولي لهما من المكانة والتوسد والثراء والرفعة ,وراعه مصيرهما بعد أن أشفق علي ولوجوهما ديارا غير مرحبة ولا آبهة لهما أوبهما,فعل ذلك بنفس وعقل أبي حيان الدمياطي الأفاعيل وخيل له غرور عقله ومرونة لازمة مسعفة ملبية نداء حاجته ومقتضيات شدائده ,وتأقلم مع واقعه ,ربي ودرب عليهم, أنهما كان عليهما أن يدورا مثلما دار الناس وأن مآلهما وليد عجز عن فهم وقلة حيلة وانغلاق عقل وبطيئ فكر, واستقرت رؤيته واطمأنت نفسه إلي ما ذهبت إليه وانتوي أمورا ومنهجا في مقبلات أيامه يثبت لنفسه فيه أنه أحصف عقلا وأسع خبرة وأكثر دربة وأقدر مهارة,ليصل إلي ما تطمح إليه نفسه من توسد وتمكن وغني ,وبعد ذلك فلتذهب الأكمة وما وراءها إلي الجحيم0 --الي القاء مع الجزء الثاني
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10/04/2009, 21h37
الصورة الرمزية NAHID 76
NAHID 76 NAHID 76 غير متصل  
رحمها الله رحمة واسعة
رقم العضوية:61292
 
تاريخ التسجيل: August 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 765
افتراضي رد: الدكتور عبد الحميد سليمان أبو حيان الدمياطي- الي المتضورين كرامة

بسم الله الرحمن الرحيم
الدكتور الفاضل عبد الحميد سليما ن
مع نهايه الجزء الاول
فلتذهب كل الأكمه وما ورائها الى الجحيم
ونحن على جمر النار منتظرين
فلا تطول علينا الليل
طبعا منتظرين الجزء الثانى
تحياتى دكتورنا الفاضل

__________________
إذا أنا لم أعط المكارم حقها

فلا عزني خال ولا ضمني أب
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11/04/2009, 20h20
الصورة الرمزية عبد الحميد سليمان
عبد الحميد سليمان عبد الحميد سليمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:245929
 
تاريخ التسجيل: June 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 135
افتراضي رد: الدكتور عبد الحميد سليمان 0لبيك يأختاه

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة الكريمة الأستاذة ناهد لك جزيل شكري علي سريع تفاعلك مع ابي حيان الدمياطي وسوف تكون مشاركتك الطيبة حافزا لي علي الاسراع بانجاز الجزء الثاني ان شاء الله00اطيب امنياتي وأجزل شكري وسلامي لأخي الكريم الفذ الثري الإنسان الدكتور أنس والي لقاء قريب ان شاء الله
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12/04/2009, 15h56
الصورة الرمزية د أنس البن
د أنس البن د أنس البن غير متصل  
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
 
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,310
افتراضي رد: الدكتور عبد الحميد سليمان أبو حيان الدمياطي- الي المتضورين كرامة

أستاذنا الدكتور عبد الحميد بك سليمان
جميل منك أن يكون لك كل هذا الشغف والولوع بهذا العملاق الفذ الذى يندر أن تلد واحدة من بنات حواء مثله فى عبقريته وعلمه وتفرد شخصيته
وأظن أن الله تعالى قد من عليه بالكثير من فضله فجعل له من لقب آبائه نصيب وميراث كبير , لأن التوحيدى من التوحيح كما قيل تعطى معنيان أولههما معلوم وهو التوجه فى العبادة للإله الواحد الأحد الفرد الصمد لاشريك له ولاند ولانظير , والمعنى الثانى أنه أحد أسماء التمر أو أجود أنواع التمر وهو التوحيد , وقيل إن أباه كان تاجرا للتمر , ولاختلاط المعنيين أو لخفاء المعنى الثانى وشهرة الأول كفر الناس شاعر العرب الأول أبى الطيب المتنبى لقوله :
يترشفن من فمى قبلات .. هن فيه أحلى من التوحيد ......
فحسبوه يقصد التوحيد الإلهى وهو يعنى حلاوة هذا النوع الجيد من التمور ..
والحقيقه أن علاقتى بهذا العملاق الفذ بدأت مع أول كتاب قرأته له وهو المقابسات .. كنت قد اشتريته من إحدى المكتبات فى طرابلس الغرب عام 1991 .. بهرنى هذا الكتاب العجيب بمقابساته المائة والست , حتى أنى كتبت يومها على غلافه من الداخل هذه العباره : هذه قطرات من الحكمه , تنبت بها أشجار المعرفه , فى جنات الفردوس القلبى .....
وبعد قراءتى المتأنيه لهذا السفر الأعجوبه طفقت أبحث عن كتبه التى بقيت لنا بعد نكبة حرقه لمصنفاته فقرأت رسالته الرائعه فى الصداقة والصديق والأجزاء الثلاثه من الإمتاع والمؤانسه وغيرها من أعماله التى أعتز بها فى مكتبتى ...
إنصباغك يا سعادة الدكتور بهذا العلم الفذ يدل على أك أيضا إنسان فذ وأراهن على ذلك ........
أحييك وفى انتظار بقية البحث المحترم
__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12/04/2009, 18h58
الصورة الرمزية عبد الحميد سليمان
عبد الحميد سليمان عبد الحميد سليمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:245929
 
تاريخ التسجيل: June 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 135
افتراضي رد:الي أخي الحبيب الدكتور أنس0 البن حيث لا شطآن لبحر عطائه

بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب العالم المفضال الرائع الإنسان00سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب00لاتسل عن مشتركات تفتح آفاقها يوما بعد يوم بيننا00أوليس اهتمامك المبكر بأبي حيان وسياحاتك في عوالمه التي لا تحد في المقابسات وفي الامتاع والمؤانسة وغيرها وشخصيته الفذة المعتزة التي هالها ما دارت به الدنيا وراج بها ولها من ضعة الوضعاء وتدني الأدنياء واستطالة الحقراء00أخي وشقيق روحي الذي عرفه قلبي وعقلي قبل أن تكتحل بمرآه عيناي00أوليس هذا كان عنوانا لانحدار الحضارة العربية والإسلامية وارهاصا بغائلة أمراض لم تبرح هذا الجسد المثخن حتي يومنا هذا والي أن يقيض الله لهذا الميكروب القاتل المتمحور أن يزوي الي غير رجعة
أخي الغالي 00أهناك اخطر علي أمة من أن تعجز عن فرز وتفحص أبناءها والكشف عن دررها ,أهناك جنون وضياع أبشع من أن تئد أمة عباقرتها00ان الجراح مثخنة وكأس الألم مترعة ,ولا أخالني مبالغا ان افترضت أن سواد أدعياء الثقافة وقادة الفكر في زمن التردي لم يقرأوا ولو نذرا يسيرا من فلسفة وعمق التوحيد ولا أخالني مبالغا ان أقسمت أنهم ان قرأوا أعجزهم فهم هذا العمق وتلك المفردات فيلوذون الي صحراء الجهل والتعري الثقافي دون أن يروعهم طيف ذم أو خطر جهل00أخي الحبيب الجراح لا تزال ثخينة والدماء مضرجة فهل آن للغائب أن يعود وللضائع المهدرالتائه أن يستفيق00أخي الحبيب أعلم يقينا أن مثل ما أكتب له وبه بلا جمهور ولا ضير عندي فماهي الا امانة وثقيل حمل ولازم دور00لن أستفيض كثيرا ولك خالص شكري ولزوجك المصون الأخت الكريمة ولمحبيك ومريديك وسالكي دربك وطريقتك00ونستمطركم الدعاء والي لقاء قريب انقشع ظلام ليله ولاحت بشائر نوره وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته00أخوك الممتن المقدر المتلهف لرؤياك--عبد الحميد سليمان
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12/04/2009, 20h44
الصورة الرمزية Tarek Elemary
Tarek Elemary Tarek Elemary غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:260181
 
تاريخ التسجيل: July 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 59
المشاركات: 1,294
Thumbs up رد: الي أخي الحبيب الدكتور أنس0 البن حيث لا شطآن لبحر عطائه

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الحميد سليم مشاهدة المشاركة
00أهناك اخطر علي أمة من أن تعجز عن فرز وتفحص أبناءها والكشف عن دررها ,أهناك جنون وضياع أبشع من أن تئد أمة عباقرتها00ان الجراح مثخنة وكأس الألم مترعة ,ولا أخالني مبالغا ان افترضت أن سواد أدعياء الثقافة وقادة الفكر في زمن التردي لم يقرأوا ولو نذرا يسيرا من فلسفة وعمق التوحيد ولا أخالني مبالغا ان أقسمت أنهم ان قرأوا أعجزهم فهم هذا العمق وتلك المفردات فيلوذون الي صحراء الجهل والتعري الثقافي دون أن يروعهم طيف ذم أو خطر جهل
السلام عليكم أيها الدكتور الكريم عالى القدر و الهامة و الهمة
أيها المهموم بما يستحق ... أرى أنك هنا تحديدا شخصت الداء و عبرت عنه بما أدمى قلب كل مثقف أومتابع للمثقفين على الأقل فأين يا سيدى الدواء؟؟؟؟؟
أبو القاسم الشابى قال :
إذا الشعب يوما أراد الحياة ....... فلابد أن يستجيب القدر
وإرادة الحياة فى نظرى أن ينزل المثقفون للناس يفهمونهم و يشرحون لهم قدر العلم و العلماء و التعليم أصلا فلا تترك الساحة لطرفى نقيض إما غلواء جماعات التكفير أو سسفور أهل التعرى بكل صوره ثقافى أو معنوى و مادى
مصر عامرة بأمثالكم يا سيدى و إن إستعصى عليكم إمتلاك قناة فيكفينا الشبكة العنكبوتية لنشر الثقافة الأصيلة التى تشكل بناة المستقبل الحقيقيون
و تقبل منى أطيب المنى و أرق تحياتى
__________________
دى فضفضة من قلم رغم الألم ... حسَّاس
مهموم بِهَمْ الناس
يمكن تضيئ كلمته ... العقل جوة الراس
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13/04/2009, 16h30
الصورة الرمزية عبد الحميد سليمان
عبد الحميد سليمان عبد الحميد سليمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:245929
 
تاريخ التسجيل: June 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 135
افتراضي رد: الي الأخ المحترم الأستاذ طارق العمري

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم الأستاذ طارق00سلام الله عليكم ورحمته وبركاته000وبعد
بين أحساسي بالأمل لوجود من ينوء كاهله بمثل ما يثقل أمثالي من الهم العام والاحساس بفداحة ما يدور وحتمية التصدي لذلك وعدم الانزواء والانكفاء واليأس وبين ألمي الشخصي من استفحال خطر يضرب أمة في جوهر وجودها وسر حيويتها وبقائها 00أخي الكريم ان الاحتلال الذي خرج من بلاد العرب فاشلا في قهرها ثقافيا ونفسيا ينجح الآن فيما فشلت فيه جحافله بذلك السوس الذي يفرزه توسد السفلة وتمكن النهزة والقناصة وترويجهم لكل مايزلزل القيم الأخلاقية والدينية والاجتماعية التي كانت دوما درعا تكسرت عليه نصال الغزاة عبر التاريخ00ومن أسف أن أولئك من بني جلدتنا ويتسمون بأسمائنا ويتكلمون بلغتنا ويدفنون في أرضنا00ويفتح ذلك السوس الذي ينخر في هيكل أمتنا الباب مشرعا أمام تصدي الجهلة والحمقي وقاصري النظر ولأولئك بعض من حق وشئ من فضل في خروج علي منطق الصمت وآفة الذات وان كان ذلك الخروج ذا شطط وخطر يجعله دون أن يدري أهله رافدا للضرر والإضرار بالوطن وجوهر الوجود والبقاء والحيوية لإمتنا00عجبا وأي عجب00أن الأمر يحير الألباب والعقول ويبقي أن ينبري أبناء هذه الأمة الحقيقيين ومثقفوها الأصلاء للذب عنها 00يبقي شكري وتقديري لشخصك الكريم ولكل من قرأ فعلق علي ما قرأ او لم يعلق ولكنه فكر وتدبر 00وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29/04/2009, 04h47
الصورة الرمزية عبد الحميد سليمان
عبد الحميد سليمان عبد الحميد سليمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:245929
 
تاريخ التسجيل: June 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 135
افتراضي ابو حيان الدمياطي ج2: الي شباب المنتدي وادبائه العمري ورائد وغيرهم

00أقفرت أيام الدرس الجامعي وغاض ماؤها العذب,وولت بحبوحتها ورحابتها بعدما كان أبو حيان الدمياطي يتحري توليها ويتحرق شوقا إلي انتهائها ,لقد جهد جهده للتغافل عن غائلة أيامه القادمة في قريته التي درج فيه وأحبته دروبها وحاراتها ومصاطبها وخبرته حقولها وأجرانها وأشجار توتها وترعها وسواقيها ,وأنكرت عليه ذكاءه وتوثبه وطموحه قليل بيوتها وشوارعها, وازدرته قلوب وعيون بعض أهلها0

000في قريته تلك كانت تنتظر أمه وأختاه ويتلهفون ويترقبون عودة الأستاذ من القاهرة تزينه أكاليل غار النجاح والتخرج وتحدوه آمال عراض لتلك الأسرة البائسة في واسع عطاءه المرتقب ونواله المرتجي وتوسده المنتظر ,عاد الأستاذ كما كن ينادينه منذ صغره حين تعلقت آمالهن في الانعتاق به من قيود الحاجة وذل الفاقة والعوز والضعة, ولم يجل بخاطره ولا خاطرهن ديمومة أيام انكفائهن علي ضني حاجاتهن وقليل أرزاقهن وهول عوزهن واقتطاعهن ما أمكن لهم من شحيح ذلك وعسيره لمد الأستاذ في غربته بالقاهرة بجنيهات,مؤلمات,قليلات شحيحات,نادرات,بطيئات عزيزات المنال,مكلؤة بمطويات خبز وقليل بيض وأرز, ونادرا ما تكللت تلك الزوادات بذكر من البط ما انفكت أمه عن دس الأذرة في فمه والتنقيب له عن طعامه العزيز المسمن من جوع من تلك القواقع والطحالب التي كانت تتحراها فتفجأها في مكامنها وجحورها علي جسور الغيطان والحقول والترع والقنوات,وتجلب معها ما أمكن لها من سائغ حشائش الغلت والدنيبق والسعد وورد النيل وغيرها من تلك الحشائش التي كانت تعلن عن نفسها وعن تمردها حين تنبت بلامعين وبلا هدف في الحقول, إلا أن تقض مضاجع أولئك البؤساء من الفلاحين الذين كان يرهقهم تقصيها لاقتلاعها وإنقاذ زراعاتهم وملاذاتهم وحلمهم الوحيد في أقوات عامهم الآتي من خطرها وجرأتها0

00علي أن ظهور مثل تلك الحشائش الضارة النافعة كان مؤذنا بأرزاق وفرجات كروب لعيون مترقبة متأهبة لأولئك الذين لا ملاذ لهم من ضروريات أيامهم وحاجاتهم إلا بعملهم في الحقول لتنقيتها من تلك الآبقات من النباتات التي كانت تتحدي طموح نباتات الأرز والقمح والأذرة,وكأن هؤلاء البؤساء قد قضي لهم ألا يرتزقون إلا علي تلك المكروهات المؤلمات من الأعمال التي يستأجرون لتحريها واقتلاعها,وقد يذهب غيظ أولئك الفلاحين والأجراء من عمال وعاملات اليومية,رضوخ للمقدور وتمتع بشجي تلك الأحاديث الشائقة والقصص المؤلمة والآمال الآفلة والتنبيه الذكي بالحب والاهتمام الذي كان يتوامأ به شباب وشابات من بؤساء عمال اليومية حبن يتحينون غفلة رفقاء بؤسهم ,أو خولي العزبة أو صاحب الحقل ,لكم شهدت حقول الأرز والقمح فصول حب صادقة لاهبة بائسة وعذوبة كلمات ودفيئ عون ورحمة ورقيق ايماءات ,إبان اصطفاف أولئك الأنفار حسبما عرفهم الناس به وارتضوه لأنفسهم من وصف وتسمية وتصنيف, لمواجهة غائلة وعشوائية وتمرد وانفلات تلك النباتات التي لم يخل وجودها من فوائد, وأجواء مواجهتها من روعة,لكم أشعلت تلك النباتات الآبقة المتمردة لهيب حب وأحيت آمالا ,وأنشأت زيجات,وأبدعت أطفالا سرعان ما احتوتهم وابتلعتهم تلك الصفوف والحقول,ولطالما أفسحت أبواب رزق للبائسات الفقيرات العائزات,ومثل شركاء عوزهن وشقائهن كانت أم الأستاذ وأختاه يتلهفونها , ويتملقونها0

000عاد الأستاذ وما أدراك ما عودة الأستاذ, لقد كانت في مخيلة أمه وأختيه مؤذنة بانبلاج فجر وزوال هم وتفريج كرب وسعة رزق, وواعدة بغد ليس كمثله غد وأيام تنفض ركام سود لياليهن الماضيات البطيئات الثقيلات المحوجات المذلات, لقد توحد الأمل في نفس الأم الصابرة الساعية المقاتلة وبناتها اللواتي أعجزهن فقرهن وشحيح جمالهن وصرف عنهن عيون وقلوب شباب ما كانوا ليثقلوا كواهل أيامهم بتلك البائسات الفقيرات فأعرضوا عنهن إلي أتراب لهن حزن مالا أو قراريط من الطين أو جمالا أخذا, وتعلقت آمالهن بعودة الأستاذ الظافرة الواعدة المحلقة بهن إلي وضع جديد ومكانة منتظرة,ولطالما أفزعتهن مخافات الحسد المنتظر وموجبات الضغن الآتيات من أولئك الذين شاطروهم عوزهم وقهرهم وضعة أحوالهم أو من أولئك الذين استعملوهن في حقولهن من أثرياء القرية وسادتها الذين كان أولادهم أعجز من أن يجاروا الأستاذ ذكاء وتوثبا وعزما فتعثرت بهم دروبهم أمام شائك الامتحانات إلي أن أجهزت امتحانات الثانوية العامة الهائلة المهولة,علي من استمر يركض في مضمار سباقاتها منهم, وبقي الدمياطي فردا فذا تحرسه دعوات أم رءوم وأخوات حانيات مشفقات لم تنقطع أو تمل, وأشفقت عليهن وتحسست توجساتهن بعض نظيرات البؤس والحاجة اللواتي كان تفوق الأستاذ يبشرهن بثلمة في أبواب موصدة دونهن ودون آمالهن في دورة الأيام وتداولها بين الناس0

000عاد الدمياطي إلي قريته الغافية علي ضفاف النيل جنوب دمياط, تكلؤه آمال من لا آمال لهن وأحلام من لا أحلام لهن إلا به وفيه, لكن مستكنات ومخاوف وهواجس تغابي عنها ودأب علي تغافلها ردحا من زمنه وخفيت علي أولئك البؤساء, من مقبلات لياليه وأيامه, قد ولي زمان تغافله عنها,وانفلت عقال إسارها, فجحظت جلية متغلغلة في صدره ونفسه,لكنها سرعان ما ارتدت علي أعقابها لتعد عدتها لكرتها القادمة وصولتها الحاسمة, حين آب إلي عقله الذي آنس إلي وصف الشاعر لمقبلات الليالي الغامضات المنذرات بأنهن من الزمان حبالي مثقلات يلدن كل عجيبة ,لقد استوعبت نفسه ذلك فوعته ,وحسم عقله أمره متمترسا وراء تجاريب شخوص قرأ سيرها أو خالطها إبان سنوات عمره المنصرمة بالجامعة,سواء لأفذاذ أو لسفلة وإن توسدت تجربة أبي حيان التوحيدي نفسه واحتساها عقله حتي الثمالة عقله,و استقوي بها عزمه,لقد وعي تلك التجربة حين لم تفلح عبقرية التوحيدي في درء جوعه ودفع عوزه,وهاله مآل اعتزازه بنفسه,والقي باللائمة عليه إذ رآه مبالغا معتدا, وهزيلا متوددا مضطربا متملقا فما أغني عنه هذا ولا صان ماء كرامته ذاك,واطمأن رأي الدمياطي,إلي أن الأمر كان ينبغي ألا يجري علي ماجري عليه عند أبي حيان الذي بالغ في رأيه صعودا ُثم بالغ تدنيا,وعظم وقع مبالغته آبقا متمردا مغلظا ومستغلظا0

000 أيام سريعة جال خلالها الدمياطي في دروب قريته,واثق الخطي, مشرق الوجه, عالي الهامة,ماض قدما يخاله الظان أنه ما عاد إلي القرية علي حالته تلك إلا متدثرا بمال كثيرا كافأته به الجامعة تقديرا لعبقريته وتمكنه,ثم شاءت الأيام هازلة هازئة أن تبدد قليلا من قلقه وتوجسه منها فحملت له خطاب تعيينه مدرسا للفلسفة في المدرسة الثانوية الوحيدة بالمدينة المجاورة,لتشرق الآمال في نفوس أمه وأختيه, بعد أن تلقفت أيديهم جنيهاته راتبه الأول الإثني عشر,لكن تلك الآمال العراض سرعان ما تبخرت مع الحاجات الأولي اللازمة للأستاذ, وجاء ذلك الراتب الهذيل واعتاد المجيء تباشير كل شهر, فما ارتوت به غلة الحاجات الدائمات للدمياطي,وما جد علي أمه وأختيه إلا أن الأستاذ أمرهن أمرا لازما ملزما بألا يسرحن مع الأنفار حفاظا علي كرامته وصونا لكبريائه ومكانته, وما كن ينتزعنه من أجر,سد مسده بالكاد راتب الأستاذ الذي لا يكاد يسمن من هزال ولا يغني من فاقة, ويتواري خزيا ضئيلا حقيرا أمام غائلة حاجات لا ترعوي أو تمل0

000 أدرك الدمياطي أن أوان استيعاب تجاريبه واستخدامها لدفع ما ليس منه بد, والإجهاز علي واقعه الضروس قد آن, ووثبت شخصية التوحيدي وتجربته إلي الصدارة في نهجه المزمع الجديد ,وإن تنمرت لها وتأبطت بها شرا,أبيات كان صاحبها يوسف الشربيني صاحب كتاب (هز القحوف في شرح شادية أبي شادوف) أقرب مكانا وزمانا وحالا من الدمياطي ,ذلك أنه عاش في قرية شربين المجاورة القريبة في سنوات القرن السابع عشر الميلادي, في بيئة شبيهة قاتلة أجهزت علي أحلامه في الارتقاء والثراء بعد أن أجازه شيوخه في الجامع الأزهر فما أغني عنه علمه وما كسب, فبات أكثر صرامة وأوضح منهجا ,وأبين رؤية, وأحزم أمرا,من التوحيدي ,الذي ما فتئت تجربته موئلا أصيلا ومعينا وواعظا دائبا للدمياطي ولم يوغل فيها ذلك الا قليلا, وسجلت أبيات سافرت وقحة غير مواربة نهج الشربيني ومستقر رأيه, في سفره الموسوم بهز القحوف الذي يشي عنوان بحمله الدنيء , المتسفل, ذلك النهج وتلك الرؤية والمعالجة والأسلوب, حين قال لائما غيره ممن أخذت عليهم كرامته كل مأخذ, وظن أنها مانعته من الفاقة والذل فما زادته إلا ذلا وتضورا,وأوسعه لوم الشربيني,واستغباه واستجهله بقوله مزريا,لائما,واصفا, ناصحا:
كان والله تقيا صالحا 0000منصفا عدلا وما قط اتهم
كان لا يدري مداراة الورى 000ومداراة الورى أمر مهم

ثم استتبع ذلك بشرح منهجه متفاخرا وقحا مزريا باللائمين,غير آبه بأحد جل أو قل شأنه, وسجله شعرا جليا واضحا لا يحتمل تأويلا ولا يطيق لبسا حين قال:


فطورا تراني عالما ومدرسا 000وطورا تراني فاسقا فلفوسا


وطورا تراني في المزامر عاكفا000وطورا تراني سيدا ورئيسا


مظاهر انس إن تحققت سرها0000 تريك بدورا أقبلت وشموسا


000استدعي الدمياطي وعيه وحزم أمره وبادر إلي التصدي لواقعه المؤلم, وروع مآله الذي طالما استنفر لمواجهته ذاكرته ووعيه وذكائه, ,لقد بدأ طريقه للمواجهة حين جهد إلي ما أوغل فيه زملاء له في المدرسة من الدرس الخاص للتلاميذ وكانت لهم في دفعهم لطلب ذلك وإدراكه أساليب وفنون كثيرة متعددة مقنعة متهددة مستنزفة, وبات الرضوخ لها هما وبلاء وقدرا محتوما,لقد حاول الدمياطي فما أمكن له, ذلك أن الفلسفة علم ومادة غير ذات خطر لا تروع إلا بنادر مما يروع التلاميذ وآباءهم وذويهم من مدلهم الرياضيات والفيزياء والكيمياء وغير ذلك, فوئدت تجارته البائرة الكاسدة, وما أورثته الفلسفة وتضلعه فيها وعمره الذي أنفق أخطره في تحصيلها وإعلاء شانها ,إلا حسرة ولوعة وندم وفاقة وضئيل أهمية وساذج خطر0

000فجأ الأستاذ أمه وأختيه بأنه سوف يتقدم لخطبة زكية,فذعرت أمه ودهشت أختاه من تخيل زواج أخيهن ومعقد أملهن بتلك الفتاة التي جمعت إلي دمامتها وسوء خلقتها وخلقها جبروت أخوة لها,شاع بخلهم قرينا لثرائهم,وذاع توسدهم رديفا لاستغلالهم و بهظهم غيرهم, لقد كانوا ممن ذمهم القرآن وتهددهم بالويل والثبور وعظائم الأمور كونهم إذا كالوا علي الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون, وعلي هذا كانت اليوميات التي تقضيها أمه وشقيقاته وغيرهم في أرض أشقاء زكية الواسعة هما ثقيلا وألما فادحا, لا يلجئهم إليه إلا روع الجوع وغائلة الحاجة0
000أخبر الأستاذ أمه وأختيه أن ميراث زكية من أبيها سوف يكون خير شفيع لها إلي عقولهم وأسلك سبيلا إلي قلبه ثم قلوبهن,وأنه سوف يقتنص ذلك سهلا هنيئا مريئا ,فمثله لا يرد لمثلها التي فارقتها نضارة الشباب مع ما فارقها من سني العمر, ورضحت أمه وأختاه كارهين متوجسين,وان اعتادوا أن مقالة الأستاذ حتم لا يناقش ومقدور لا يرد0

000 توجه الدمياطي لأخوة زكية الذين استمهلوه متوجسين حذرين إلي أن يجتمعوا إلي كبيرهم الغائب, بعدما يئوب من المدينة, وحين جاءهم أجمعوا أمرهم سريعا أن الأستاذ ما جاءهم إلا طريد فاقته وضعة أهله,وصريع طمع,وأن عليهم أن يتثاقلوا قليلا حتى إذا اضطرم أمره وكاد ينفلت من شراك أعده لهم فقنصوه به, قبلوا طلبه متأففين كارهين متمانعين راغبين,مضمرين أن زواجها هم يزاح وعبئ يلقي,وكاهل يتخفف ولن يكلفهم الأمر شيئا,لأنهم سيتعللون عن تجهيز أختهم بما ينبغي علي أمثالهم وما يناسب ثرائهم, بالرغبة في عدم إحراج الأستاذ الذي لا يملك إلا غرفة يشاطر بها أمه وأختيه في بيتهم الهزيل, وسوف يتخففون من لومة عيون الصامتين , بتلك الأقفاص المغطاة بقماش أبيض المحمولة علي صهوة حميرهم المزدانة ببرادع من الصوف الثمين الذي لا يطيق ثمنه إلا أكابر القرية وأثريائها,الواعدة بعطاء من الطعام والفاكهة والحلوي ,حين يمخر موكبهم المعلن المتشدق بها عباب أزقة القرية ويتحسس مجالس أهلها ليقنعهم بكرم الأخوة ووفائهم لأبيهم الراحل وأختهم, فتخرس لذلك ألسنتهم وترعوي ظنونهم عن مقالات شائعة متواترة أن تلك الأسرة وغيرها من أثرياء القرية وخاصتها لا يورثون نساؤهم حتى لايئول ثرائهم وتراثهم إلي غريب من غيرهم0

000دارت الدائرة علي ما أضمر الجميع وسرعان ما شهدت ساحة منزل الأستاذ توأما يحبو ويكاد يجأر بشكواه من فاقة الأب وضن الأخوال ,وغير بعيد من هذا كله كانت جنيهات راتب الأستاذ تعلن انصرامها السريع مع أيام شهره الأولي,ولم يجد الدمياطي بدا من أن يتحسس أبواب رجال السياسة والإدارة والنفوذ والسلطان علهم يفيئون عليه ببعض مما أفاءه عليهم شياطين أفكارهم وانتهازيتهم وزورهم ونفاقهم, وترددت خطواته عليهم ثم اعتادته مجالسهم, ,لكن ما لم يغب عن خاطر أولئك الأبالسة هو غايات الدمياطي وخطورته,فأجمعوا أمرهم أن يتقبلوه ويفسحوا له موائدهم ومجالسهم وزائف اهتمامهم,علي أن يعلنوا ذلك ما أمكنهم للناس حتى يخلعوا عن الدمياطي كل ما يتوهم فقراء القرية والقرى والعزب المجاورة من مكانته ومهابته وتقدير لنبوغه وفصاحته ومنطقه وعلمه, فإذا ما نضوا عنه تلك الثياب تركوه عاريا ضائعا فاقدا لما قد يتهددهم من خطر عقله وذرب لسانه الذي بهت به ألباب من سمعه حينما كان يتصدي للحديث في الندوات أو يرتقي المنابر في الجمعات0
000 أجمعوا أمرهم وكان ذلك أسلوبا مجربا لديهم ونمطا معتادا لدرء خطر المتوثبين الأذكياء الطامحيين المتهددين الذين كان يغيب عنهم أن دون ذلك المرتقي الوعر مهارات وملكات وسبل لا يعرفها الدمياطي وأمثاله,وهم أغبي من أن يدركوها أو يتقنوها0

000بات الدمياطي منبتا لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقي,وقهره يأسه حينما صرعه إياب أمه وأختيه إلي العمل باليومية,ورفض رجال ومندوبي بعثات التعاقد مع المدرسين لبلدان الخليج حيث أحلام الثراء والرخاء,قائلين في ازورار عجيب, وإعراض غير آبه واستعلاء وشموخ وأنفة لا تحد(تخصصك غير مطلوب عندنا)00سارت الأيام بالدمياطي كئيبة مميتة قاتلة واشتد أورارها عليه ,فطفق يبحث ويألم فلم يجد كتبا له ليحرقها مثلما فعل التوحيدي,فاستسلم و تقاذفته الأيام مثلما تقاذفته الخطوب والآلام000وأترك لخيال قارئي العزيز ميدان التكهن بمصير الدمياطي ومآله فسيحا ثريا فطنا0

الأستاذ الدكتور عبد الحميد سليمان
الدمام القائظة اللاهبة/ فجر الأربعاء28من ابريل 2009م
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29/04/2009, 06h48
الصورة الرمزية Tarek Elemary
Tarek Elemary Tarek Elemary غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:260181
 
تاريخ التسجيل: July 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 59
المشاركات: 1,294
افتراضي أعليت قدرنا

أستاذنا / دكتور عبدالحميد سليمان
عافاك الله و وقاك نار الدمام القائظة اللاهبة و جعلها الله عليك بردا و سلاما
يا سيدى أعليت شأننا و رفعت قدرنا و سمى بنا إهداؤك و ما علينا سوى جزيل الشكر عله يفى لك بعضا من حقك
و ذلك بالأصالة عن نفسى و نيابة عن أخى رائد و باقى الفتية و الشبيبة و الشباب
و دامت إتحافاتك للمنتدى بكل ثمين فى زمن طغى فيه الغث و المصطنع
و تقبل منى أطيب المنى و أرق تحياتى
__________________
دى فضفضة من قلم رغم الألم ... حسَّاس
مهموم بِهَمْ الناس
يمكن تضيئ كلمته ... العقل جوة الراس
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29/04/2009, 16h29
الصورة الرمزية د أنس البن
د أنس البن د أنس البن غير متصل  
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
 
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,310
افتراضي رد: ابو حيان الدمياطي ج2: الي شباب المنتدي وادبائه العمري ورائد وغيرهم

أستاذنا الأديب الدكتور عبدالحميد سليمان
وجبة روحية دسمه إستمتعت بكل حرف فيها , بسلاسة نظمها ورصف كلماتها ودقة تعابيرها وبكل ماتحويه من مشاعر وأحاسيس وأشجان وصراعات نفس وصدق مشاعر للدمياطى الذى استهواه أبو حيان التوحيدى وكان له منه ميراث كبير من فلسفته وأدبه , فحاول أن ينصبغ به وأن يتوحد معه , لكنه فى نهاية المطاف لم يكن إلا نفسه , فكان أبو حيان الدمياطى كما سمى نفسه , وكل ميسر لما خلق له ....
سياحة أدبية رائعه ممتعه لمن كان له حظ وقرأها
__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 15h30.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd