أرفع الفبعة احتراما وتقديرا للمجهود الطيب يا اسامة
كان
جميل صدقي الزهاوي ، وهو اهم اقطاب لحظة تأسيس دولة العراق يسانده معروف الرصافي يرفعان شعار حرية المرأة ، كان الأول يطالبها بخلع الحجاب ، وكانت اخته ( اسماء ) أول سافرة في بغداد .
لم يقف هذان الشاعران عند حرية المرأة ، بل شنّا حربا على الكثير من المفاهيم الاجتماعية المنغلقة ، كتب الزهاوي ( ثورة في الجحيم ) وهو نص طويل تهكم فيه على العقل الديني الخرافي ، الأمر الذي جعل أئمة المساجد يطالبون بقتله باعتباره كافرا ، فلما استدعاه ملك العراق ليستكشف حقيقة الأمر ، قال الزهاوي : أردت أن أقيم ثورة على الارض فعجزت فأقمتها في السماء .
كانا معلمين ، وقد مارسا معا دورهما كمعلمين في الكتابة الشعرية - سمّي أغلب شعر الزهاوي ب ( الشعر التعليمي ) - فتحا مضامين جديدة لحظتها ، كان المغزى منها الانفتاح على ثقافة الآخر ، محاولة في إعادة ترميم الحياة الإجتماعية ، تحدّثا عن وسائل النقل والاتصال في الغرب ، أفرد الرصافي قصيدة ليصف رحلة في قطار ، ولم يكن القطار جزءا من الثقافة العراقية يومها ، بينما كتب الزهاوي قصائد عديدة يبدي فيها دهشته أمام الكهرباء ، حتى انه رثى أديسون عام 1931 وتساءل كيف يعقل أن يدخل الله رجلا - أطفأ ليل العالم - الى النار لمجرد انه يختلف معنا في الرأي أو في الدين ؟
كتبا الشعر باشكال متعددة ، كالشعر المنثور أسوة بأمين الريحاني ، لكنه لم يشكّل ذائقة لكليهما ، وكتب الزهاوي قصائد من الشعر المرسل ، تكون القصيدة على بحر واحد بقوافي مختلفة ، كان ينظر الى القافية باعتبارها الذنب الذي ينبغي تجاوزه وفقا لمنظور النشوء والارتقاء . ومع هذا فقد كان أغلب شعره على الشكل التقليدي ، بمضامين اجتماعية جديدة .
مات الزهاوي عام 1936 ، والرصافي عام 1948 . وكان الجواهري امتدادا لهما في شكل الكتابة ، لكنه كان أكثر شاعرية منهما ، وأقلّ ثوريّة .
ومن بعض ابيات الزهاوى
كـم قـد تــزوج ذو الستين يــافعـة
والشيب في رأسه كــالنـار يشتعـل
ومن بعض ابيات الرصافي
انظر لتلك الشجرة
ذات الغصون النظره
كيف نمت من حبة
وكيف صارت شجره