رد: قطرات من مداد قلم الشاعر السمعجي كمال عبد الرحمن
وصف بديع من شاعرنا الكبير للقاء الأحباب
تم اللقاء 25 إبريل 2008
من سنة تقريباً
و إليكم الوصف بقلم الأستاذ كمال
(1)
البحر بيضحك ليه
في جو ربيعي له نكهة خريفية مُرَحِّبة ،، كان البحرُ ينتظرُ قدومنا ،،
الإسكندرية ، زهرة تتفتح كل صباح ، و قد استحمت بندَى الاحلام ، و رشت بارفان ( خلاصة اليود البحري ) في أجوائِها الناعسة ..
منذ طفولتي ، كنت أستشعر روحَ الإسكندرية و أشـُمُّ أولى نفحاتها ، حين أشاهد أول تاكسي بلونيه المميزين ( البرتقالي و الأسود ) .. ثم حين أرى الخط الأفقيَّ الفاصلَ بين البحر و السماء ..
جَرَت عَجلة الزمن ، و اعتدتُ على الإسكندرية ، و لكني لم أفقد تلك البهجة التي تنتشرُ في حواسي للوهلةِ الأولى التي أري فيها ( التاكس ، و البحر )
عند جامع إبراهيم الشهير في محطة الرمل ، بدا المشهدُ إحتفالياً بالأعدادِ الغفيرةِ للمُصَلين ، فالمسجدُ امتلأ إلى آخِره ، و فاضت الشوارع المُحَلقة بالمسجدِ الكبير ،، أما الجزء المتبقي من الإسفلت و الأرصفه ، فقد احتله الباعة الجائلون ، و قد فرشوا بضائعهم الشعبية ، منتظرين انتهاء صلاة الجمعة في تحفزٍ واضح !
لمحتهم على بُعدِ أمتارٍ قليلة ( المشاعلي و الآلاتي و غازي ) ، فتوجهتُ إليهم من فوري ، و دخلنا في وَصلةٍ إنسانيةٍ شغوفةٍ ، قبلاتٌ و أحضان و أيادٍ تتعلق ببعضِها شوقاً ..
بمجرد انتهاء الخطبة ، إنحشرتُ بين الجموع لأداء الصلاة ، و بمجرد التسليم ، رأيتُ الدكتور أنس بصحبة إنسانٍ بشوش سَمح الوجه .. و سرعان ما التقت أيادينا بالتحيات الحارة ، و عرَّفني د. أنس به ،، الأستاذ سمير عبد الرازق samirazek ،، زادت حرارة ترحيبي بهذا الرجل الذي أثرى المنتدى بثقافته الموسوعية و درره النفيسة ،، و شجعتني بشاشته التي تزيلُ حواجز اللقاءات الأولى ، فاحتضنته مبتهجاً كأنما التقيتـُه كثيراً من قبل ..
كان الثلاثي ( القاهري ) الآلاتي و غازي و المشاعلي ، قد انجذب إلى ( الكورنيش ) ، و يبدو أن حرمانهم الجغرافيَّ من البحر ، و الذي قد يتطورُ مع الوقتِ إلى كبتٍ بحريٍ غريزي ، قد دفعهم إلى التقاط الكثير من الصور ، و البحرُ ساجٍ في خافية المشهد ، و قد بدا غازي منشغلاً بشعره الذي طالته عوامل التعريةِ قبل الأوان ، فيسارع بمطالعة كل صورة تم التقاطها في شاشة الموبايل متسائلاً :
أين شعري !
رد: قطرات من مداد قلم الشاعر السمعجي كمال عبد الرحمن
(2)
ديـليـس
توجهنا إلى المقهى ( المُفتخـَر ) العريق ديليس ، و قد وقف تمثال الزعيم سعد زغلول شامخاً قبالته كأنما يقول ( البحرُ من أمامكم ، و ديليس من خلفكم ) ،، و هي على كل حال ٍ أفضل من مقولته التي أشيعت عنه ( مافيش فايدة ) !
على باب ديليس ، كانت مدام ناهد في استقبالنا ، و قد احتشد كيانها بفرحةٍ عارمة ، و انسالَ صوتها بكل مفردات قاموس الترحاب .. إنتقلت فرحتها إلينا في أجمل ( عَدوى ) تنتقل بفِعل الألفة و المَوََّةِ الصادقة
و التفـَتُّ لألمحهُ ، السيد اللورد ( اللواء محمد عمر ) ،، و قفزتُ إلى أحضانه ( و كأنني طفلٌ أعادوه إلى أبويهِ )
كان أول مستقبلينا بالداخل ، الدكتور ثروت غنيم ، بشياكتِهِ ( الأستاذية ) و ابتسامَتِهِ المُرَحِّبة ، و الود الصادق الذي يشع من وجهه ..
و تترىَ الوجوه التي حفرت في ذاكرتي ملامحها العذبة و رُقيِّها الإنسانيّ ..
الدكتورة سويت دريمز ، بجلستها الواثقة و حضورها الأخـَّاذ ، و وهج ابتسامتها الذي لم يخفـُت لحظة،،
الدكتور حسن عبد الحفيظ ( بطل حرب أكتوبر ) بطيبته و تلقائيته و تواضعه و صوته الخفيض الذي يجدُ طريقه إلى القلب مباشرة ً،،
المهندس حسام أبو سالم بخفة دمه التي تـُعَبـِّق أجواء اللقاء بالمرح و الفكاهة ، و التي يُضـَمِّنها معلوماتٍ مدهشةً ً و آراءَ سديدة ً و علماً غزيراً
أما الدكتور محمود ، و الذي تشرفتُ بمجالسته من قبلُ في الجمَّالية ، فقد حضر متأخراً ، و سرعان ما شاعَت جاذبيته ( الخاصة )، التي جعلتنا لا ننفضُ من حوله ..
و جلسنا حول الموائد التي تراصت على شكل ٍ مستطيل ، نتجاذبُ أطراف الحوار ، و ننهلُ من عَذبِ الكلام ، و ننتقل من موضوع إلى آخر ، و كأننا نتبارىَ في التشبث بأجمل اللحظات ، التي ندركُ جميعا أنها ستؤول إلى ركن الذكريات المتوهجة ، و التي نستعين بها على رتابةِ الأيام !
رد: قطرات من مداد قلم الشاعر السمعجي كمال عبد الرحمن
و هَلـَّت نورا نجم ،، فإذا بالوجوه تلتفتُ إلى حيث التألق الذي يمشي على قدمين .. ملامح ( إسكندرانية بامتياز ) و رِقـَّة ٌ تتناغمُ مع صوتِها المُشـَّبَعِ بالأنوثة ،، و حيوية ٌ تنطلق من تعبيراتها العفوية حين تتحدث ،، و فجأة ، لكـَزَني أحدهم ( لن أذكر اسمَه ) قائلا ً : دي طِلعت حلوة أوي يا كمُّولة !
و انضمت أختنا نورا نجم لسِرب طيور ( سماعي ) ، ليستمرَ التحليقُ
في سماوات الفن و الثقافة ، تعترينا حالة ٌ من الألفةِ و الحميمية و التناغم ،، و نسَماتٌ من النشوةِ الغامضة ، تـُراوحُ بين هؤلاء الذين اصطفاهم عِشقُ الفن الحقيقي الخالد ..
في تلك الأثناء ، حضر صوتُ أسد الإسماعيلية حسن كِشك عبر الهاتف ،، و تحدث مع الجميع متمنياً يوماً رائعاً من أيام سماعي ..
بمجرد أن انتهت المكالمة ، أخذ ( البعض ) يندِف ريش أبو ميدو ، الذي يُلـَوِّح دائماً بعزومة إسماعيلاوية على شط القنال ، يتم فيها التهام ( الحِنشان و البربوني و الجمبري الجامبو ) ثم ما لذ و طاب من ثمار المانجو ( الفونس و الهندي و العويس و الفص و التيمور و قلب الملك )
و قد أكد هذا ( البعض ) على أن تلك العزومة مجرد أضغاث أحلامٍ لدى الأكـِّيلة ، و اقترحَ ( البعض ) مباغتة السيد حسن في عقر داره ، و وضعَهُ أمام الأمر الواقع ( الآلاتي و غازي هما المتآمران يا عم حسن .. أنا ماليش دعوة )
انبرى الجميعُ لتصوير اللحظاتِ المتسارعةِ ، لتثبيتها ( فوتوغرافياً ) ،،
بعدها ، إستأذنَ الرجل البشوش الكريم سمير عبد الرازق ، بعد أن واعَدَ الجميعَ بلقاءٍ جديد يجمَعُ شملَ الأحباب ،، ثم اضطرت ( الليدي ) سويت دريمز إلى الإنصراف لانشغالاتها الكثيرة ، و هنئها الجميع بعيد القيامة ، متمنين لها عيدا سعيداً ..
و على أبواب ديليس ، تفرَّقَ السِربُ ( مؤقتاً ) إلى جماعاتٍ صغيرة ،، متوجهين إلى حيث ينتظرنا مضيفنا العزيز محمد أبو مندور ..
__________________
رد: قطرات من مداد قلم الشاعر السمعجي كمال عبد الرحمن
( 3 )
وَجَدتـُها .. وَجَدتـُها
حَدَث في ديليس :
رنينٌ متواصلٌ يصدرُ عن موبايل اللورد ، و أخذ اللورد ( يَرطن ) بالإنجليزية ،، جذبتني اللغة التي تستفزني لترجمتها فوريا ،، و إذا باللورد يشتعلُ انفعالاً ،، و يرفعُ صوته زاعقاً بكل ما فيه من قوة :
تلك ال ( طاخ ) هي خبطاتٌ عنيفة ٌ على المائدةِ من كفه النحيل ، تؤكدُ أن حدثاً جللا قد تم على الجانب الآخر من المكالمة ..
خير يا سيادة اللورد ؟! .. أخذ يبحلق فينا مبهورَ الأنفاس ، مبتسماً في ذهول ، أو منذهلاً في ابتسام ، أو ضاحكاً في اندهاش ، أو مندهشاً في ضحِك ( إختاروا إنتوا اللي يعجبكم ) ،، ثم نطق أخيراً :
نجحت التجربة !
و كأنما التاريخ يعيد لنا مشهد إسحق نيوتن و هو يقضمُ التفاحة التي سقطت فوق رأسه ،و هو يقول : وجدتها وجدتها !
هدأت أنفاسه ، ليعلنَ في فخر ٍ نجاح تجربته التي تجري على أرض الولايات المتحدة ، في اتصال جهازىّ كومبيوتر تفصل بينهما مسافة 1000 ميل ، بدون أقمار صناعية أو أىّ لينكات ، و الخلطة السرية تتكون من تضافر موجاتِ ال ( واى فاى / ألترا سونيك / بلوتوث ) ..
و هي ( انقلابٌ ) في عالم الكوميونيكشن ، تـُغني المستخدِم عن شبكات و خدمات شركات الإتصالات في العالم ، فالاتصال عبر الهواتف و النت ، يتم بمجرد وضع شريحة الخلطة السحرية !
في حِسباية سريعة طرأت على ذهن د. أنس ، و استقرت في رأسي أيضا ، سوف تخسر تلك الشركات مليارات الدولارات ، بل سوف تتحول منشآتها إلى ملاعب للجولف ، و تنهار البورصات العالمية لسقوط أسهم تلك الشركات ( الأوفر سيز ) ، و قد يُقدِمُ الخواجة ( سيمنز ) على الإنتحار
و في حِسباية بسيطة أخرى ، توقعنا أن تسارعَ تلك الشركات ، باستئجار بعض المرتزقة من آل كابوني ، ليتم تصفية اللورد ( بعيد عن السامعين ) ،،
و بدا القلقُ على الدكتور أنس الذي يجلس بجوار اللورد( المُستهدَف )، متوقعاً إقتحام ديليس في أىِّ لحظة ، و توجيه المدافع الرشاشة ماركة فيكتور آرمز ، إلى حيث يجلسان
و تحدث السيد اللورد عن إنجازاتِه في هذا المضمار ، إلى أن صعقني بقيمة المبلغ الذي تقاضاه من فرنسا مقابل واحدةٍ من إنجازاته العلمية ( سأترك لخيالكم تقدير المبلغ المُذهِل بالدولار ) ،، و هو يفوق قيمة ما تقاضاه كل رؤساء أمريكا منذ جورج واشنطن ،، إنتهاءاً بالأحمق الأخير ) !
رد: قطرات من مداد قلم الشاعر السمعجي كمال عبد الرحمن
(4)
لعبة السيارات الموسيقية
اللعبة تتكون من خمس سيارات ، و 13 فردا ، و عشرات الشوارع التي تشبه بيت جحا ،، السيارة الأولى للصديق محمد أبو مندور ( مضيفنا )، تنتظرُ قبيل كارفور ، بكل أريحيةٍ و سرور ، يتقدم نحوها أربع سياراتٍ إنطلقت من ( الرمل ) ، ينفصل عن الرَّكب سيارة الدكتور ثروت ( لشراء هدايا للأعضاء ) ، ثم تتوقف سيارة الدكتور أنس عند إحدى محطات الوقود ، بينما تتقدم السيارة التي تحمل العبد لله ، نحو الهدف مباشرة ً و تصل قبل الجميع ، تليها سيارة السيد لورد ، فتبدأ لعبة الإنتظار للسيارات التائهة في الشوارع الثعبانية ، و يتصاعد صوت الجوع في البطون ، و ترتفع الأصوات في الموبايلات ( إنتوا فين ؟! .. طاب احنا فين ؟! .. طاب انتوا مين ؟! ...)
بمجرد التئام الشمل بعد ساعة من عمر الزمن ، أعلنت أختنا نورا ضرورة انصرافها لارتباطاتٍ هامة ، و فشلت كل محاولاتِ استبقاءِها ، لتنصرفَ تاركة ً إنطباعاً رقيقاً و جذاباً ، و وعداً بلقاءٍ قريب ٍ في الثغر ، و بدأ الرَّكبُ في التوجه إلى أبو تلات
لتبدأ لعبة السيارات الموسيقية الثانية ، و التي فضـَّلت فيها سيارة السيد اللورد ، الدخول في طريق ( العجمي ) الذي لا يفضي إلى الهدف المنشود .. و تتوقف بقية السيارات ، و تبدأ لعبة الإنتظار و الإتصالات ،،.. و يهبط الجميعُ من سياراتهم لتبادل الأحاديث و القفشات ..
أما مدام ناهد ، فقد توجهت إلى سيارتنا التي تجمعني بالآلاتي ، بينما كنتُ أستغله في تلقيني درساً عملياً ، في كيفية تمييز الفروق بين السيكا و الصبا و النهاوند ( سماعياً ) ،،
و هنا ، أزعم أنني بدأتُ في إعادة اكتشاف مَلكات هذه السيدة التي يبجلها الجميع ،، إجتماعية ٌ للغاية ،، لبقة ،، تملِك ذِهناً حاضراً ،، و الأهم ،، هي طاقة المِرِح و القفشاتِ الذكية التي تنم عن عقل ٍ متيقظ .. و حكت لنا عن رحلتها إلى تونس ،، و مدى كرم الضيافةِ التي لاقوها من ماسة المنتدى محمد الزمنطر ،، و تمنياتها أن تكرر عزومتها الفخيمة في الجمَّالية ، بوجودِ عددٍ أكبرَ من أحباء سماعي ..
رد: قطرات من مداد قلم الشاعر السمعجي كمال عبد الرحمن
( 5 )
بيتُ الأحلام
و أخيراً ، إستقرَّ بنا المقام قبالة هذا البيت النائي عن زحام المدينة و أبواق السيارات ، و الدَّهماء !
أخالُ أن تصنيفهُ معمارياً ، يقعُ بين الشاليه و الفيلا ، إستقبلتنا حديقته الفسيحة ، التي تنبيءُ بمستقبل ٍ وارفٍ ، جعلتني أرى بعين خيالي ، نباتات الهبسكس تحيط بسورها الكبير ، و أشجار السرو و الأكاسيا تظلل كل الأركان ،،
و قد جذبتني شجرة البونسيانا ريجيا التي توسطت الحديقة في مرحلةِ نمائها الأولى ، و كأنها تعلن ( هنا حبٌ ينمو يومياً ) ، و يتحول إلى أغصانٍ وارفةٍ خضراء ..
و قد بدا البحرُ على مرمى البصر ، ليمنحَ المَشهَدَ بُعداً تأمُليَّاً ، يليقُ بهؤلاء الذين جمع بينهم عِشقُ أصيل الغناء و الفنون ..
و صعدنا إلى التِراس ، و جلسنا متحلقين ، نستمتع بالنسمات البحرية ، و الشمس الناعمة التي وَهِنت و رَقـَّت في هذا اليوم بالذات ، فكان شعاعُها الرهيفُ ، بمثابةِ وشاح ٍ من الحرير ، يرفُّ في دلال ٍ على وجوهنا
و يبدو أن تلك اللحظاتِ الحالمة ، أبتَ أن تمضي ، دون أن تضعَ رتوشها الأخيرة الرائعة ،، فقد تدفقَ صوته عبر الهاتف ، مشتاقاً و متحمساً و متمنياً لو كان معنا ،، مؤكِداً حضورَهُ بيننا بروحِهِ و قلبه ،، إنه أخي محمد الزمنطر ( الماسة الكبرى في تاج سماعي ) ،،
أسعدني الحظ بأن أكون أولَ مُحدِّثيه ، و تسابق الحضور على تـَلـَقي مكالمته ، و سادت بهجة جماعية ،، و بَدا تحليقُ السِّربِ متوجهاً إلى سحاباتٍ أعلى !
( مضيفنا ) محمد أبو مندور ، أقل ما يقال ُعنه ، أنه ( شالنا من على الأرض شيل ) ،، كرمٌ أخلاقيٌّ لا نظير له ،، لا يشعركَ أنكَ في بيتك و حسب ، بل يراقبُ في كرَمٍ ( نفسي ) كلَ هؤلاءِ الذين ملأوا البيتَ صخباً و حَرَكة ً و ضحكاتٍ لا تنقطع
اللقاء ، كان بحرياً بامتياز ، فالوليمة التي أقبلنا عليها بشهية مفتوحة ، تتكون من الأسماك ( مشوياً و مقليا ً ) ، و السبيط و الجمبري ( مطبوخاً ) و أطباق الأرز الصيادية ( المشطشطة ) ، و عدة أنواعٍ من السلاطات و المشهيات .. و تعمدتُ أن أجلس بجوار عمنا الآلاتي ، و الذي جمعني و إياهُ موائِد سابقة ، لأستمتعَ بتحليلاته ( الطعامية ) و التي تتفوق على تحليلاته الموسيقية ، و قدّ وَفــَّى الطعام حقه من التحليل
رد: قطرات من مداد قلم الشاعر السمعجي كمال عبد الرحمن
( 6 )
الليلة الكبيرة
و نالت البطون حظها مثل العقول ( الإمتلاء ) ،، و عدنا إلى جلسة التِراس الموحِيةِ الخلابة ،، و تدفقت المشروبات بنوعيها ، مثلجاً و ساخناً ،، مدعومة ً بقطع ( الجاتو ) الفاخر ، و عادت الحوارات الجانبية تتأججُ بين براحِ المكان ، و شـُحِ الوقت !
ليس غريباً علينا ، حالة ُ النـَّهَم الكلامي التي انتابت الجميع ، كأنما نريدُ اعتصارَ أجمل اللحظاتِ إلى آخرها ..
و فجأةً ، انبرىَ غازي الضبع ، الذي كان أكثرنا حماساً في اللقاء ن ليتحدث عن مشروع ( الصورة الغنائية ) ،، و قد وقفَ على رأس التِراس الذي يجمعنا ، و هو يجاهِدُ لمنع الحوارات الجانبية بين الحضور ، و أخذ يعطي إنذاراتٍ صفراءَ و حمراء للمتحدثين ،، إلى أن التفتَ اليه الجميع ،، و أخذ يستعرضُ الخطوطَ العريضة لمشروع الصورةِ الغنائية ، و خطوات إنجازها بدءاً بالفكرةِ الرئيسية ، ثم السيناريو و الحوار ، و الشِعر الغنائي ، فالألحان
ثم أعطى الكلمة للسيد اللورد ، الذي كان منشغلاً بتسجيل اللقاء ،
بالكاميرا المُثـبَّـتةِ فوق ( حامِل ) ، فبدا و هو يحرك الكاميرا ، مثل مدير تصوير ، يوثـِّق اللقاءَ بفيلم تسجيلي ، ربما سَيُطلِقُ عليه اسم : ( بدائع الزهور في فيلا أبو مندور )
و بدأ اللورد يسردُ فكرته الدرامية ، و التي استوحاها من قصيدة العامية للعبد لله ( لامبورجيني ) ، و إذا بجدال ٍ فني بحت ، يقوم بينه و بين المهندس حسام أبو سالم ، حول ( النهاية ) التي يتم فيها تصالحُ عُنصُرَىّ الصراع الطبقي ،، فتتصالح الطبقة اللامبورجينية ، مع الطبقةِ السِياتية ..
كنتُ قد انتحيتُ بالسيد اللورد جانباً ، حين أخرجَ اللاب توب من حقيبته التي تحوي أسلاكاً و موبايلات و كاميرات و هاردات و أجهزة أخرى عجيبة لا أعرف لها كـُنهاً ، بهدفِ إطلاعي على مشهد ( كوميديان ) يقلدُ واحداً من مشاهير الغابرين ! ..، و بداخلي هاجسٌ نـفعِيٌ ، دفعني لأن ( ألبَدَ ) له ، فربما أقحمني بين ملايين الدولارات التي أخبرني عنها ، بهدفِ عَدِّها مثلا !
و إذا بعمِنا الآلاتي يبدأ وصلة ً من الغناء ، مستفتحاً ب ( الليلة الكبيرة ) ،،
و ارتفعت الحناجر المتحمسة ، مرددة ورائه ( الليلة الكبيرة يا عمي و العالم كتيرة ) ..
و شعرتُ أن تلكَ هي ليلتنا الكبيرة ، نحنُ أعضاء المنتدى ،، غمرتنا الإسكندرية بجوها الرهيف ،، و غمرنا د. حسن بفيض أخلاقِه ،، و إيمانه بقـَدَرية الإنسان ، و مشيئة الله التي تغلبُ تقديرات العباد ، فيما يخص عمله في المدينةِ المنورة
و غمرنا المهندس حسام أبو سالم بفكاهاتِهِ اللاذِعة ، و ذكريات طفولته ،، و شرحَ لنا كيفية تمييز صوت الضفدع الذكر ، من صوتِ الأنثى ،، و من أين يصدُرُ العزفُ المتواصل لصرصور الغيط
رد: قطرات من مداد قلم الشاعر السمعجي كمال عبد الرحمن
( 7 )
باقة الزهور الإنسانية
حازم البيلي
صديق و شريك محمد أبو مندور ،، إندمجنا معه أنا و رفيقي عمرو عميرة بمجرد التعرف عليه ،، و كانت المفاجأة ،، فقد عاش في ( دمنهور ) حتى المرحلة الثانوية ، و له أقارب فيها ،،
و اتضح أن أصدقاء عمرو ، هم نفسُ أصدقائه ( تعرف فلان ،، هو فين دلوقت ،، سلم لي عليه ،، فاكر فلان ،، أكيد ،، )
و جاء دوري .. والد زوجته كان صديقاً لوالدي رحمهما الله ،، و جيراني في دمنهور الجديدة كانوا أصدقائه .. يا سلام ،، فعلا ،، الدنيا صغيرة !
أسعدني إهتمامه بالشِعر ، و عشقه لأبي الطيب المتنبي سيد الشعراء ، و الذي يحفظ له الكثير من الأبيات ،، و دخلنا في جدَل بشأن ما أشيعَ عن المتنبي من ادعاءه النبوة ،، فاستعنتُ بصديق ،، أستاذنا حسام أبو سالم ،،
ليحسم الأمرَ بثقافته الأدبية
محمد أبو مندور
..
شاب ( يـِفتـَح النِفس ) بهالةِ الصلاح و علامة الصلاة التي تكللُ جبينه ،، بأدبهِ الجَم و تواضعه الشديد ،، بثقافتِهِ الرصينةِ المُحْكمَة ..
إنه من هؤلاء الذين يكتبون بعقلية حرة و مقتحمة ،
و يتعامل ( إيجابياً ) مع القضايا المُلِحة ، و يتبنى المواقفَ الشريفة و النضالية ،، و آخرها ، الدعوة لمقاطعة البضائع الدانمركية و الهولندية ، ( لأسبابٍ يعلمها الجميع )
كنتُ واثقاً من ذوبان الجليد بيننا ، بمجرد أن أقابله ، فقد نشأت طبقة ٌ من الجليد ( المؤقت ) ، أعرفُ تماما أنها من الهشاشةِ ، بحيث لا تقوى على الإستمرار بيننا ..
أصارحكم ،، لقد أنـَّبْتُ نفسي قبل أن ألتقيه ، حين تذكرتُ حالة التصعيدِ الكلامي الذي أخذني و إيَّاه إلى حائطٍ مسدودٍ من السفسطة ، في الموضوع الذي دارَ حول التآمر الصهيوني على العلماء العرب ، و تطرَّقَ إلى دور يهود أمريكا الإعلامي و الهوليودي في تبني و تسييد التوجهات الصهيونية
و يبدو أن بعضَ أطروحاتي في المداخلات ، قفزت فوق بعض النقاطِ التي ذكرها ، و لعلني تعَسَّفتُ في ذِكر أمثلةٍ ، خرَجَت عن روح الجدل الإيجابي من أخذٍ و رَدّ ، فبَدَت كأنما تمَّ التسليمُ بها مُسبقاً ..
غير أني في نهاية الأمر ، أوقنُ أن المناقشة بين عقلاء ، تفضي بالضرورةِ ،، إلى استنارةٍ مشتركة ..
رد: قطرات من مداد قلم الشاعر السمعجي كمال عبد الرحمن
محمد الآلاتي
حبيبي سابقاً و حالياً و مستقبلاً ،،
الآلاتي ، لا يتحدثُ جاداً ، إلا في الموسيقى ، و دون ذلك ، فعليك أن تستمتع بأكبر كوميديان في بَر مصر
يُلقي القفشة أو الطـُرفة ، و براءة الأطفالِ في عينيهِ ، يتركك تقهقهُ لنكتةٍ أو تعليق ، و لا يبينُ في ملامحِهِ أىُّ أثر لما قال ، اللهم سوى رفع أحد حاجبيه .. يتركك تتحدث ، ثم يقاطعكَ أو يؤمِّنُ على كلامك بتعليق ٍ سريع البديهة ، فيتغيرُ لون كيمياء الدماغ من الرمادي الوقور ، إلى البمبي و الشفتشي و التركواز .. ( يُزَغزِغ ) من بعيد لبعيد ،، أما عن ال Body language فحَدِّث و لا حَرَج .. كل ما فيه يتحرك ، مصاحباً لكلامه ، يساعدهُ توافق عضلي عصبي إنشكاحي تهريجي ( توماتيكي )
سيد المشاعلي
أما ( البارون ) سيد المشاعلي ، فهو ( نسيجٌ وَحْدَهُ ) بين الحضور ،، يجلسُ جلسته البارونية المعهودة ، بابتسامَتِهِ الأريحية ، و يستمع أضعاف ما يتكلم ، فإذا تحدَّث ، فيجدُرُ بالجميعِ الإصغاء ،، إنه إنسانٌ رَهِيفٌ للغاية ،، له رؤىً وجيهة ًٌ لايَحيدُ عنها ، إجتمعَ على تكوينها ثقافاتٌ عِدََّة ،، لاتُجَرِّب إقناعَهُ بغير ما يعتقد ،، فقد سبقَ له تمحيص الأمرِ من كافةِ جوانِبِه !
غازي الضبع
مَرَّة واحد ماشي في الشارع و هو متضايق و مخنوق و قرفان ، فجأة ، وَقـَع في حُفرة .. راح قايل : أحسن
هذه النكتة تذكرني بغازي ،، أحياناً أشعر ( إنها ملـَطـَّشة معاه ) ، كلما استجَدَّت مشكلة من المشاكل العابرةِ في منتدانا العزيز !
إنه شخصية مدهشة و مثيرة للجدل ، بفِعل القـَدَر ليس أكثر ،، و هذا الجدل ينتهي لدى البعض إلى Misunderstanding !
غازي ليس شخصاً عادياً بالفِعل ، فهو عنصرٌ فعَّال ، متحرك ، نشِط ، صاحب الريادة في تحويل لقاءات الأعضاء من مداخلاتٍ مكتوبة ، إلى لقاءاتٍ فِعلية ،، و منها هذا اللقاء الرائع الذي نتحدث عنه الآن ،، و هو أمر يستحق عليه كل التقدير و الشكر ..
بيننا تقاربٌ يرقى إلى مرتبةِ الأخـُوة ، جعلني أقربُ إلى رؤيتِه بوضوح ..
هو كيانٌ إجتماعيٌ للغاية ، يفتحُ قلبه للناس جميعاً ، و يتعاملُ ببساطةٍ و وضوح ٍ ، يشبه ملامِحَ وُجهِهِ الواضحة ، التي لا تحملُ غموضاً ، و لا تحتملُ التباساً ..
د. ثروت غنيم
فِطنة حادة ، و حِكمة ٌ خالصة ، و قدرة ٌ عبقرية على توصيف الأمور و تحليلها ، و الوصول إلى النتائج الصائبة دون تعقيدٍ أو تكلف ،، إصطفاني الحظ ُ لأتحدث معه حول سِمات الحضارات و ثقافة الشعوب ، و الفروق الجوهرية بين الثقافةِ التي تشبع بها الغرب ، و انعكست على سلوكِهِ و قيمه الحضارية ، و بين ثقافتنا كشرقيين ..
أفكاره تشبه ( المعادلات الرياضية ) ، مقدماتٌ تؤدي إلى نتائج ، تجاربٌ معملية لا تحتمل السفسطة أو المزايدة ،،
و كما غمرنا هذا الرجلُ بألـَقِ أفكاره ،، غمرنا بهداياه الرمزية التي وزعها علينا بتواضع ٍ شديد ، و تركنا نخمِّن ما بداخلها ..
د.أنـس
هذا الرجل تشعر به كأنما ( سحابة تظلل الجميع ) ،، لا يقفز إلى الحوارات ، و إنما يتخللها بسلاسةٍ و حِكمة ،، لا يفتي في أمرٍ ، إلا إذا كان مُلماً به ،، تشعرُ أنه محوَر اللقاء ، و مركز الدائرة ، برغم هدوئه و صوته الخفيض ،، حتى غضبة السيد اللورد ، و التي تتسم بشفافيةٍ و عَشـَم ، كان يتلقاها بحب و ترحابٍ و أريحية ،،