اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود
أول كلامي سلام ..
والله موضوع شيق ومهم يا أستاذنا وكل الشكر على تفضلك بطرحه. فما أروع تلك المساجلات التي تعيد جلاء العقول وتشحذ طاقاتها فتتصارع الأفكار والآراء حول تلك الأطروحات الجدلية.
بداية أقول أنه لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، بمعنى أن زمنا قد مضى كان الناس فيه مفتونين بألمظ وسي عبده والسلطانة، وكان الخروج على هذا الإجماع جريمة لا تغتفر. وفي أعقاب هؤلاء وبينما كان افتتان الناس بهم في أوجه ظهرت بنت صغيرة السن تحاول أن تجد لها مكانا تحت الشمس وسط هؤلاء العمالقة. ولولا أن بعض السميعة كان لديهم الاستعدد لتقبل الجديد لما كانت ام كلثوم التي عرفنا. وحتى لا يساء فهم كلامي هذا أقول أن الجديد منذ قرن مضى كان منه الغث ومنه أم كلثوم، فبقيت هي وصارت أم كلثوم، وأما الزبد فقد ذهب جفاءً. لذلك فإن تحيز أبنائنا للجديد ليس في جملته بغيضا، لأنه ضروري حتى ينفض الغبار عن المواهب الحقيقية. لكن ما آخذه حقا على الشباب هو أنهم في غمرة تحزبهم للجديد يصمون آذانهم عن كل ما أنتجته قرائح ومواهب الآباء والأجداد. أذكر أن جدي وسط إعجابه الشديد بأصوات أم كلثوم وعبد الوهاب والشيخ رفعت ومصطفى اسماعيل والنقشبندي كان من وقت لآخر يحدثنا بإعجاب كبير عن أصوات السلطانة ومطربة القطرين وصالح افندي عبد الحي وأصوات شيوخ كبار مثل الشيخ علي محمود والشيخ صديق المنشاوي. هذا هو ما ينقص الجيل الجديد في نظري ، التواصل مع الأصول وليس اجتثاثها. حتى يأتي الفن المعاصر معبرا عن روح وهوية بدلا من تلك المسوخ الشاذة التي تطالعنا كل يوم وكل لحظة في الشارع وفي الفضائيات وفي كل مكان.
أما في شأن المآخذ على أم كلثوم فقد أشبعها الإخوة تمحيصا وتفنيدا. لكن تبقى نقطة لم تتعرض لها المناقشات إلى الآن .. هكذا اظن .. وذلك في شأن استهجان استمرار غنائها للحب والغزل حتى مرحلة من سنها لا يليق معها هذا اللون من الغناء، وأسأل .. في أي سن ينبغي على الإنسان أن يكف عن الحب؟ تلك النظرة التي تفترض ثمة سن ينضب فيه عطاء الإنسان ويكف قلبه عن النبض ويكف خياله عن التحليق في جنبات الكون إنما هي نظرة قاصرة ومجحفة ومتحيزة. فإذا كان الأمر كذلك وإذا توافقنا على أن من حق من كان في سن أم كلثوم أن يحب .. بطريقته، فيصبح لأم كلثوم ولغير ام كلثوم أن تغني لهذا الحب وتتغنى به. ثم أن أم كلثوم في سن الستين والسبعين لم تغني مثلا يا دبلة الخطوبة أو يامه القمر عالباب ولا حتى مثلما غنت هي نفسها في مراحل سابقة لقُبلة الملهوف تؤخذ بالألوف ولا تساءلت في غيرة وقلق عن وليف قلبها بينما كل الأحبة من حولها اتنين اتنين. عندما غنت أم كلثوم للحب في أغاني الستينات والسبعينات كان جل غنائها لذكريات وخواطر وأيام خلت .. غنت رجعوني عينيك لأيامي اللي راحوا ، وغنت .. كلموني تاني عنك .. فكروني .. صحوا نار الشوق في قلبي وفي عيوني ... وغنت طول عمري باقول .. لا انا قد الشوق وليالي الشوق ولا عمري قد عذابه ، وغنت .. كان صرحا من خيال فهوى .. إسقني واشرب على أطلاله .... لم تتحدث عن وجد مشبوب ولا عن وردة تلقيها للحبيب من الشباك. كان الحب الذي غنته متسقا مع سنها ووقارها .. رحمة الله عليها.
تحياتي
محمود
|
يا محمود:كنت أنوي التواصل معك ولكنك هربت الله يسامحك.وإن شاء الله-حليمة -لا تعود إلى عادتها القديمة.
تحليلك في الفقرة الأخيرة من ردك قيٌم جدا لم يتعرض إلى ما ورد فيه أي أحد من الإخوان.