ة
نعم الغناء للورد و الزهور ليس جديدا في الغناء العربي و لكن في الغناء الليبي كان بصورة اكبر و لا ابالغ ان قلت انه كان طاهرة في فترة الستيينات من القرن الماضي. في الشعر العربي قديمة و حديثه كان استعمال الودر و العطر و الزهور كناية او وصف للحبيب او للاشار لمواضع الجمال فيه. فكان ورد الخدود او خدك ورد او على خدك وردة في الكثير من الاغاني او الاشعار الغزلية. و في اغان اخرى كان الغناء للورود يأخد منحى اخر ففي اغنية لغة الزهور لام كلثوم وصف لانواع الزهور و الورد تم تقول( شوف الزهور واتعلم). و بالمثل اغنية اسمهان يا بدع الورد و جماله تبين لنا فيه مكاكن الجمال في الورد ثم تقول (هادي حبك يا عاشق). يعني كان استعمال الورد اولا كناية او اسقاط غير مباشر على جمال الحبيب و ثانيا كان استعمال الورد بلفظه مع الدعوة للناس للتعلم من الورد و استعماله للتواصل مع المحبوب. في الغناء الليبي نجد استعمال ثالثا لكلمات الورد و الزهور وهو التحدث عن الورد ووصفه و الدعوة الى الاهفمام به بدون اي اسقاطات. يعني يتم الغناء على الورد مثل الغناء على الصباح و الام و الاين الخ. طبعا لدينا في الغناء الليبي الغناء للورد كوصف للحبيب و التغزل به ولكن الاغان الاكثر شيوعا هي التغزل بالورد او الزهر لذاته او شخصيا بدون نية مبيته لاستعمال ذلك كغزل للحبيب فلماذا يا ترى؟
كان الغناء عيبا و كان الذي يغني يعمل ذلك سرا و يختار اسما رمزيا حتى لا يعرف من اسرته . و حدثنا الفنان الكبير سلام قدري كيف انه ظل فترة طويلة يغني في الاذاعة سرا بدون ان يدري اهله و لم يكتشف امره الا بعد ان نجح و ذاع صيته. و اذكر ان الراحل محمد سليم كذلك ظل سنينا لا يصتطيع الزواج لانه كلما يخطب امراة يرفض طلبه لانه كان يغني.
العيب الاكبر لدى الناس كان في الغناء الغزلي لان هناك الغناء او الانشاد الصوفي و المالوف الذي كان يغني في الزوايا و احتفالات المولد النبوي. انا هنا اتكلم في المطلق و اتحدث عن مدينة طرابلس فقط فالنظرة الى الغناء قد تتفاوت من مدينة الاخرى وان ظل العيب هو الصفة الملازمة للغناء و لكن بدرجات مختلفة.
و ازيدكم من القصيدة بيتا ففي الستينات كان الولد لا يستطيع ان بسمع الراديو في وجود والده. و كدلك لا بفتح الراديو و الاسرة مجتمعة الا على النشرة و هناك من اامناطق في ليبيا ظل فتح الراديو في البيت محفوف بالخطر الى فترة قريبة جدا ممكن دخول التلفزيون في اواخر الستينات نقل درجة الخطورة من الراديو للتلفزيون. ومع تغير الاجيال و انتشار العلم و التطور الثقافي نقل الخطورة من الاغنية العاطفية الى الاغنية السياسية على الاقل بالنسبة للحكام و صار النظر للاغنية و المغني بمنظور ما تحتويه او ما يقدمه المطرب و ليس هناك تجريم للمطرب او نوعية الاغنية بالمطلق وهذا راجع للتطور و التغير الزمني فمع االتلفزيون الذي صارت فيه الاغنية مصحوبة بالرقص و الابهار و مشاهد مثيرة جعلت اغاني الستينات مهما كان محتواه قمة في الحشمة و الوقار.
لنعد الى الموضوع الاساسي فالغناء الاجتماعي للصباح و الام و الاب و الطفل و الزهور كان هو المقبول لدى المستمع و يحقق نجاحا اكبر للمطرب لان الاغاني العاطفية ستكون ممنوعة في البيت و لا تسمع الا في الشوارع و المقاهي اما الاغان الاجتماعية فتسمع في البيت ايضا و من هنا اتت اهمية الغناء للورد والزهور مباسرة و بدون استعماله لاغراض غزلية. هذا هو لب الموضوع و سوف الحق روابط لبعض الاغاني الليبية التي تغنت بالورد و الزهور و كتابة بعض كلماتها و الباب مفتوح للنقاش و المشاركة.
__________________ لو تؤمريني فوق نسمة انطير*** ونجيبلك حزمة نجوم تنير تضوي طريق الحب للانسان***يا ليبيا و تزرع ترابك خير
نبدا باغنية للفنان محمد ابوقرين مرفوعة هنا تقول كلماتها:
***** يا ورد حسنك زاد فوق حدوده جاه النسوم عليه ميل عوده *** يا ورد حسنك نور ولونك يزهي فوق ما نتصور فات الربيع و الناس فيك ادور والنفس تبكي لفقدتك منكوده *** يا ورد نفسي مالت زينك و حسنك ما معاهم ثالث خلي كلام الناس مهما قالت و كلمة الحاسد دايما مردودة *** يا ورد طمن بالي و الزين يحلم بيك بات ليالي و العقل مني طار ما ولالي كان نيتك في القلب مني خوده *****
بعد كتابة كلمات الاغنية تبين ان الاغنية فيها معنى في بطن الشاعر. فقد لا يا كون المعنى بالكلمات هو الورد نفسه و لكن الحبيب وهنا ضرب الشاعر عدة عصافير بحجرة واحدة.
الاغنية هذه تم اعادتها بتوزيع جديد. حيث غنتها احدى عضوات فرقة الشيخ قنيص و كانت باشراف الشيخ قنيص نفسه رحمه الله.
__________________ لو تؤمريني فوق نسمة انطير*** ونجيبلك حزمة نجوم تنير تضوي طريق الحب للانسان***يا ليبيا و تزرع ترابك خير
اما الراحل محمد الكعبازي فتغني بثلاث انواع من الزهور دفعة واحدة في الاغنية المرفوعة هنا و كلماتها تقول:
***** فلة و وردة بينهم ياسمينة منظر ينسي العقل في تخميمه *** منظر عزيز عليا لما نشوف الفل في الصبحية والورد فتح راوياته امية و الياسمين عاهدته انزوره ديمه *** منظر جميل و هايل مبهى الطبيعية بزينها تتمايل انا وقفت نتأمل و فكري قايل سبحان ربي بصنعته العظيمة *** الورد نفسي تريده الياسمين فايح ريحته مفيدة و الفل فتح في اشجار عديدة هم الثلاثة غرستهم في جنينة *****
لا مجال للشك هنا ان المقصود في الاغنية هو الغناء لهذه الانواع الثلاثة من الزهور فقط بدون اي نية مبيته لاغراض اخرى
__________________ لو تؤمريني فوق نسمة انطير*** ونجيبلك حزمة نجوم تنير تضوي طريق الحب للانسان***يا ليبيا و تزرع ترابك خير
الفنان الراحل محمد الفرجاني هنا اختار ايضا ثلاث انواع من زهور ايضا لتغني بها. مع الفل اختار القرنفل و الياسمين مخالفا بذلك الاغنية السابقة لمحمد الكعبازي و ان اتفق معه في نيه الغناء للزهور بمعناه المادي او الحسي بدون اسقاطات.
*****
قرنفل و فل و نسري فوق اغصانه
يحيوا الروح الشاردة السرحانه
***
قرنفل في غصنه مايل
رؤية غرسته ترد الجمع السايل
فتح و نور في جنانه هايم
الفلام اللي غرسه سقاه و صانه
***
الفل فاح في غصونه
يحتال يرد الروح محلى لونه
ياللي غرسته احفظه ما تهونه
يزهي العين بمنظره في جنانه
***
النسرين في غصنه هايم
بلبل يغني يوقض اللي نايم
بستان فيه المي يجري دايم
يسقي غصون الزهر اللي عطشانه
*****
__________________ لو تؤمريني فوق نسمة انطير*** ونجيبلك حزمة نجوم تنير تضوي طريق الحب للانسان***يا ليبيا و تزرع ترابك خير
جرت العادة ان الاغاني التي التي تقدمها الاذاعة االليبية عن الزهور تقدم في الفترة الصباحية و تصنف من ضمن اغاني الصباح. الفنان محمد رشيد قدم اغنية جمع فيه الغناء عن الورد و عن الصباح في وقت واحد. فكانت اغنية يا وردة البستان المرفوعة هنا و كلماتها كالاتي:
***
يا وردة البستان يا ضاحكة للصبح و الصبح نور بان ضيه لفي بالفرح *** صبح على الحلوين في بلادنا الزينه شافه حبيبه الزين شافه زهت عينه والورد و الياسمين زاهي بلونه السمح *** يا معلم الاطفال على الوكن فهمهم يا صانع الاجيال انت معلمهم بالعلم و الاعلام باخلاصنا و النصح *** زد في العمل نبوك اعمل لوطنك خير بالصبر درب الشوك تلقاه صار حرير بالود ساعد خوك واعمل تعيش بفرح *****
__________________ لو تؤمريني فوق نسمة انطير*** ونجيبلك حزمة نجوم تنير تضوي طريق الحب للانسان***يا ليبيا و تزرع ترابك خير