تعلم إدارة سماعي، الأعضاء أن كل الملفات والمواد المنقولة من مواقع خارجية أو مواقع تخزين للكتب أو المتواجدة بكثرة على شبكة الإنترنت ... سيتم حذفها دون إعلام لصاحب الموضوع ... نرجو الإلتزام ... وشكرا
تتلقى اذاننا مجموعه من الاصوات التى تصل الينا على شكل موجات تتعرض لمجموعه من الاهنزازات ضمن عمليات حيويه في اذاننا الداخليه وهي ما تسمى بحاسة السمع احدى الحواس الرئيسيه في الجسم . ولكن هل تقف هذه العمليه عند هذا الحد ؟؟ نحن في هذه المرحله فقط نستمع الى مجموعة اصوات بدون ان نعي دلالاتها ،اهتزازات صوتيه مغلفه بالضجيج متناثرة في الهواء ، ومن اجل فهم دلالات هذه الاصوات لابد و ان تتبع تلك الحاسه العظيمه مجموعه من العمليات الادراكيه حتى نستطيع تفسير وفهم ما نسمع وهو ما يحدث عند الاطفال في سن معينه انهم يسمعون اشياء كثيره لكنهم لا يدركون معانيها وكذلك الامر عند الاشخاص المتخلفين عقليا من الدرجة الاولى .
ان تلك العمليات الادراكيه تتم داخل اجزاء معينه في الدماغ ، حيث تقوم المستقبلات الحسيه في الاذن الداخليه باستقطاب تلك الاصوات وتحويلها الى اشارات كهربائيه تمر عبر مجموعه من السيالات العصبيه لتصل الى ذلك الجزء من الدماغ ليقوم بتحويل تلك الاشارات الى مدركات ومفاهيم يتم تفسيرها وفصل اجزاءها حتى تخرج منا على شكل مشاعر وقيم وعواطف تؤثر فينا وفي دواخلنا ونؤثرنحن من خلالها في الاخرين . ان كل عمليه ادراكيه تتم بسرعه فائقه يصعب قيا سها فما بالك عندما لا يتوقف الامر عند ملايين العمليات الادراكيه التي يقوم بها الدماغ في اوقات وازمان قياسيه ؟
والان ماذا يحدث عندما نستمع الى تلك الكلمات من قصيدة اقبل الليل لاحمد رامي :
"اقبل الليل يا حبيبي اقبل الليل وناداني حنيني ..... وسرت ذكراك طيفا هام في بحر ظنوني ... ينشر الماضي ظلالا ... كن انسا وجمالا... فاذا قلبي يشتاق الى عهد شجوني ... واذا دمعي ينهل على رجع انيني .. يا هدى الحيران في ليل الضنى ... اين انت الان .. بل اين انا .." كيف ندرك تلك الكلمات ..؟ لكل منا خاصيته الفريده في الادراك ، ولكل منا طريقته في بناء الصورة الذهنيه التي يرى من خلالها ما يسمع بعين عقله ، ان قيمنا وماضينا وتجاربنا وخبراتنا السابقه وثقافتنا هي العوامل المؤثره في ادراكنا لتلك الكلمات وجعل كل واحد منا فريد بادراكه ، فتخيل الحاله الشعوريه التي كان عليها الشاعر احمد رامي عندما اعتلت تلك الكلمات متن اوراقه، وحالة موسيقارنا الوجدانيه حين امتطت الحانه صهوة مقاماته والحاله الانفعاليه التي كانت عليها ام كلثوم عندما اقبل عليها الليل ، فأقبلت هي عليه .
عندما يشكل رامي والسنباطي وام كلثوم في هذه الاغنيه نسيجا وجدانيا فانه ياخذني حيث مجموعه من المدركات مثل : * ادراك اللغه والمعاني ... حبيبي اني اجلس وحيدا الا من ذكرياتي ، حيث تاخذ الساعات مني ماخذها ، فلا اشعر به الا وقد حط رحاله فجاة .. ودون استئذان .. مقبلا نحوي .. انه الليل خاصتي .. قلما حبيبي ان تمتلك ليلة خريفيه بكل ما تحواه سماؤها ونسماتها وتكون حرا في التصرف بها .. انه الشوق والحنين يهتف في الافق يناديني من بعيد مستحضرا دفء الحب .. ولوعة الذكرى تسري كالطيف الضمأن في بحر شكي تارة ، وفي بحر يقيني تارة اخرى .. يستحضر الامس في ليلتي حيث يمسي كظلي .. أي عذاب هذا الذي يكوي جنبات وحدتي بناره .. انه الشوق اللهاب ينبض في نبضي .. حبيبي يتسلل الدمع من بين جفوني مدادا يشكو اليك وجعي .. ابحث عنك في كل ركن من هذا الليل .. حتى اعيتني الحيرة وانهكني التعب .. اناديك حبيبي في أي ركن منه انت الان .. بل في أي ركن منه انا .
* الادراك السمعي ... عندما اصغي لتلك الكلمات مغناة ومن خلفها تختا موسيقيا عظيما فانني استحضر كل المفردات من ذاكرتي والمعاني ، خاصة تلك التي قيلت لي والتي قلتها ، حينها استاذن الحاضر للولوج في الماضي ، فاقلب بعض صفحاتي وصفحات غيري الى ان ينتهي الامر بالعوده للحاضر بخفي حنين .
* الادراك البصري ... استدعي الليل والبحر واحاكي الذكريات ووجه الحبيب واسترجع كل المواقف المتعلقه بالكلمات ومعانيها اقوم بتحويل الكلمات الى صور واحداث مما اختزنته ذاكرتي على مر السنين واقصى ما اصل اليه هوالشعور بان هذه الكلمات كتبت لي ، وغنتها ام كلثوم من اجلي ، وقام السنباطي بوضع الحانها وفق احتياجاتي العاطفيه .
* الادراك الحسي ... استحضر الوحده ، فاشعر بدفئها ، وبردها استنشق العطر، ونسيم البحر ابتسم، واحزن وابكي، واغضب، واشمئز، واشعر بالغثيان، والالم ، والرغبة، والحنين والشوق . خلاصة القول ... اننا لا بد ان ندرك ما نسمع حتى نستطيع الفهم ونكون قادرين على التصور واستدعاء المواقف الماضيه التي مررنا بها وذلك بما يتوافق مع ما نستمع ونصغي اليه ، ولا بد هنا من الاشاره الى ان الامر يختلف في ادراكنا عندما نستمع الى الكثير مما يغزو مسامعنا من اغاني اليوم فهي بلا معنى ولا مضمون فلا تستطيع ادمغتنا ادراكها وتفسيرها وبذلك فهى لا تعلق في ذاكرتنا فلا يمكن حفضها وننساها بعد سماعها مباشره فلا تؤثر في قيمنا واحاسيسنا وهذا ما يؤكد سبب ترديدنا وحفضنا لاغنيات غناها مطربون قبل اكثر من مائة عام .
أخي الفاضل مفيدابراهيم
مقال مفيد يا مفيد
وهو تحليل علمي مبسط لما يحدث داخلنا أثناء عملية الإستماع ولعله يفسر لنا سر تمايل الرؤوس والقدود والإنفعالات عند الإستماع للموسيقى والغناء وأرجو أن يكون ذلك المقال بابا لموضوع كبير يثري معارفنا من خلال إضافات وردود الأساتذة والمتخصصين لا سيما أنه يتحدث عن صلب عملية الإستماع وأرى أن يكون عنوان هذا الموضوع بعد إذن أخي مفيد هو
(ميكانيزما السماع)
تحياتي
__________________
لا تُلْقُوا باللؤلُؤ إلى الخنزير, فـإنّـــه لا يصْنـــع بـه شيئـاً
ولا تُعْطُوا الحِكْمةَ مَن لا يُريدها
فإن الحكمةَ أفضلُ من اللؤلؤ, ومن لا يرِيدها أشَرُ من الخنزير