حتَّى عيونكِ أصبحتْ بغدادي
*****
عُصفُورَةٌ حَطَّتْ بغُصـنِ فـؤادي
وبكُحلِ عينيهـا مَسَـاءُ بـلادي
حَطَّتْ على قلبي وزَقْزَقَ صَوْتُها
طربا فَحـنَّ لصَوْتِهـا إنشَـادي
نَثرتْ على وجهي عَبِيرَ حُروفِهَا
والحرفُ أصبحَ عُدَّتي وعتَـادي
الليلُ يحملُنـي لكُحـلِ عيونِهـا
ويُعيدُني فجـراً إلـى أمجـادي
والنَهرُ من عطشي أراهُ بثغرِهـا
والشَّوقُ زادي والحنينُ جَـوادي
فأرَى بَها( بغدادَ ) حينَ أضُمُهَـا
شَوْقَاً و(هارونُ الرشيدِ) يُنَـادي
وأرَى بها( الحَدْبَاءَ) تحكي قصتي
و(الأعظميَةَ ) مُلتقـى أجـدادي
وأرى بها نَهرَ الفُـرَات مُعانِقـاً
دِجلاهُ في شطِ العروبـةِ شـادي
وأرَى عيُونـاً للمهَـا ورُصَافـةًٍ
والجِسرَ والرُكنَ البديعَ الهـادي
كم ليلةٍ أَرْخَـتْ علَّـيَ ظِلالهَـا
وطَرِبْتُ منهـا جَـارةً للـوادي
يا مَنْ سَمَوْتِ عَنِ النِسَاءِ بشاعرٍ
حَمَلَ الربيـعَ وفَرْحَـةَ الأعيـادِ
وسَمَا بها عن كُل قَـوْلٍ فَاحِـشٍ
وتَصَّـورٍ فـي جُعْبَـةِ الحُسَّـادِ
أَعْلَنتُهَـا أنـي أُحبُـكِ دونَمـا
خجلٍ وفَـوقَ مَسَامِـعِ الأَشْهَـادِ
أنتِ( السَمَا )وبكُلِ حَرْفٍ قد نَمَـا
حُبٌ بهذي الـروحِ لا الأجسـادِ
دَافَعتِ عن قَلَمي الجَريء بعِـزةٍ
ووَقَفْـتِ للبَاغِيـن بالمـرصَـادِ
وَوَسَمْتِِني شَرفَاً فكُنْتِ حبيبتـي
لَمَّا تَحَـوَّلَ مـن أُحِـبُ لعـادي
وأَعَدْتِنِي العشرينَ حتَّى أصبحتْ
رُوحي مـع العُشَّـاقِ والزُهَّـادِ
ولقد نَسِيتُ الحُبَ مِنْ قيْسٍ ومِنْ
ليْلىَ فعادتْ ثوْرتـي وجهـادي
وتَبَغْدَدَتْ كُلُ الحُـروفِ بدَاخلـي
حَتَّى عيُونُكِ أَصْبَحَـتْ بَغْـدَادِي
ثروت سليم