سلام و احترام،
عن حفلات أم كلثوم قرأت و سمعت الكثير من القصص و الحكايات الطريفة التي تتعلق بجوانب مختلفة أحاطت بهذه المناسبات. و نحن نعرف جميعا أن هذه الحفلات تمثل محطّات تاريخية و فنية هامة للبلدان التي نظمت فيها خارج مصر.
و كما نستطيع التعرّف في ركن حول كل لحن أو أغنية... حكاية، عن ظروف و ملابسات بعض الأغاني. و في أركان أخرى عن قصص و طرائف للستّ نفسها، و حيث أن جوانب أخرى من أشخاص و سميعة و ظروف يومية و اجتماعية و غيرها من العوامل أحاطت بالقصة و كانت جزء من أسطورة كوكب الشرق، و قد يكون منها الحقيقي و الآخر خيالي و لذلك نترك الحكم لكل سميع و قارئ. و العلم لله.
و هكذا ارتأيت أن أسرد منها ما أتيح لي أن أعلمه و أرجو من الإخوة في منتدانا العريق الذين لديهم من الحكايات أو المواقف الطريفة من هذا المنظور، أن يقصّوها لنا حتّى نساهم جميعا في تعريف لأجيال بهذا التراث الثمين و نستكشف صور و جوانب أخرى من الأسطورة.
و أبدؤها بحكايات عن حفلا ت باريس سأجزئها إلى حلقات حتّى لا تكون دسمة على الإخوة السميعة الأعزّاء.
الجزء 1: الفكرة
عن فكرة تنظيم حفلات لأم كلثوم بقاعة الأولمبيا بباريس، قال مديرها الشهير برونو كوكاتريكس (مكتشف و صانع النجوم أمثال داليدا و كلود فرنسوا و شارل أزنفور و جوني هاليداي و ميراي ماتيو و الكثيرين) في إحدى البرامج في التلفزيون الفرنسي.
كنت في الواقع ذهبت إلى مصر للبحث عن فرقة فلكلورية مصرية لتقدّم للجمهور الفرنسي شيء من الغناء و التراث الشعبي المصري، و هذا ما كنت أفعله بين الحين و الآخر مع العديد من الدول.
و في مقابلاتي في وزارة الثقافة أو ما يعادلها في تلك الحقبة، و بعد حوارات و محادثات قال لي أحد المسئولين المصريين: لما لا تنظم حفل لأم كلثوم؟ و كنت كفرنسي لا أعرفها ولم أسمع عنها شيئا من قبل. و كان هذا المسئول من الحماس لفكرته إلى درجة أنني لم أستطيع رفضها مع تشكيكي الكبير بجدواها.
و بعد إمضاء العقد و الإجراءات التي لا داعي للوقوف عندها، بدأنا بالإعلام و الدعاية للحفلة و إذا بنا نفاجأ بعدم بيع إلاّ القليل من التذاكر و لم يتبقّى لنا إلاّ أيام معدودة قبل الحفل و بدأ يتملّكنا الذعر أمام الكارثة المالية التي سنتعرض لها.
و حال وصولها إلى باريس أدلت أم كلثوم بتصريح في الإذاعة و نقلت الصحف هذا الحدث. و إذا بالجماهير تصطف فجأة في طوابير أمام أماكن البيع لتتلقّّف كل ما كان معروضا للحفلتين و لتتبخّر كل التذاكر في ساعات قليلة. وعلمنا بعدها أن الجماهير لم تكن في الحقيقة تصدّق أن أم كلثوم كانت صحيحا ستغني في باريس.
إلى اللقاء في الجزء القادم: ( سمّيع بلا تذكرة، يشهر مسدّس)
م. ص الحرباوي