شعراء الاغنيه فى الكويت - عبدالامير عيسى

[بو بشار]

أول من كتب أغنية لمسرح الطفل: عبدالأمير عيسى .. رحلة ثلاثين عاما مع الإبداع

مرت الاغنية الكويتية بمراحل عدة مهمة ساهمت في انطلاقتها وتميزها وتجاوزها حدود الكويت الى الوطن العربي


وقد كانت المرحلة الاولى هي الاهم، لأن الاغنية الكويتية، وهي الرائدة خليجيا على جميع المستويات، نجحت في تخطي العديد من العقبات بفضل جهود عدد من الرواد، لا سيما المطربين الذين سجلوا اغانيهم في الهند وبغداد والقاهرة، واذا كان بعض المطربين قد اعتمد على اشعار قديمة، فإن شعراء الكويت الاوائل لعبوا دورا بارزا في النهوض بالاغنية من خلال اشعارهم العذبة التي تخطت الحواجز وتجاوزت الحدود، حتى اصبحت تتردد على الشفاه



لقد اسهم رواد الشعر في الكويت، سواء شعراء الفصحى او العامية، في النهوض بالاغنية الكويتية في المرحلة الاولى وما تبعها من مراحل، وكانت اشعارهم، ولا تزال، يرددها عشاق الطرب الاصيل، كما ان العديد من مطربي الوطن العربي قد غنوا هذه الاشعار، وتميزوا فيها


ان شعراء الاغنية في الكويت، سواء الذين كتبوا القصيدة بالفصحى، او الذين كتبوا القصيدة المغناة، كان لهم دور ريادي في انطلاق الاغنية واثبات وجودها وتفوقها


تسأليني من متى قلبي يحبك
ما ألومك لو سألت
تسأليني من متى قلبي يحبك
ما ألومك لوجهلت
من سنين كاتم الأشواق عنك
من سنين مكتوي بنيران حبك
كان توني الحين أعلمك.. اعذريني


تلك الكلمات التي تفيض عشقا وشوقا: وتغوص الى اعماق القلب فيذوب، وتخترق الاحاسيس وتتجاوز الحدود. هي لأغنية قدمها المطرب عباس البدري ونالت شهرة واسعة، اما المؤلف فهو الشاعر الراحل عبدالامير عيسى والملحن هو احمد البابطين، والراحل عبدالامير عيسى لم يكن شاعر أغنية وحسب، بل كان اعلاميا مميزا. وفنانا مرهف الاحساس، وعندما فقد زوجته قبل وفاته بسنوات طويلة عاش حياته بصمت. وتأثر لذلك كثيرا، وظل وفيا لها وساءت حالته الى ان وافاه الاجل المحتوم


نشأة
الراحل عبدالأمير عيسى من مواليد عام ،1945 وكان منذ طفولته موهوبا، تلقى دروسه وبعد التخرج مارس التدريس ثم عمل في الصحافة وكتب فيها لسنوات طويلة قبل ان يحقق الشهرة في الأغنية


شهرة مسرحية
لعل المتابع للمسرح، خصوصا مسرح الطفل يتذكر كلمات تلك الاغنية الرائعة التي قدمت في عام 1978 من خلال مسرحية 'السندباد البحري' التي تعتبر أول عرض مسرحي يقدم للطفل في الكويت من انتاج السيدة عواطف البدر اغنية الختام التي ما زال الكثيرون يرددونها


بلادكم حلوه.. حلوه
بس الوطن ماله مثيل
لو احنا سافرنا
الشوق يرجعنا
حب الوطن غالي
والعيشة فيه جنة


تلك الاغنية من كلمات الشاعر الراحل عبدالامير عيسى ومن الحان احمد البابطين الذي ارتبط به الراحل بعلاقة صداقة قوية، وقدما العديد من الاعمال معا قبل ان يعتزل البابطين


وقد ساهم الراحل عبدالامير عيسى بكلماته في اغاني عشرات الاعمال المسرحية سواء اعمال مسرح الطفل، او مسرح الكبار، خاصة بعد تجربته الناجحة في مسرحية 'السندباد البحري' فألف اغاني مسرحيات مثل 'البساط السحري'، 'العفريت'، 'الشاطر حسن' لمسرح البدر، وتعاون مع مسرح الزرزور في مسرحيات الزرزور، جسوم ومشيري، كما كتب اغاني مسرحيات اطفال اخرى مثل سالي، هايدي، باربي، ابطال السلاحف


ولم يقتصر تعاونه مع مسرح الصغار اذ انه كتب كلمات اغاني لمسرحيات الكبار مثل لولاكي ،1 لولاكي ،2 انتخبوا ام علي، ولعها شعللها للكاتب والمنتج محمد الرشود، اغاني مسرحية للصبر حدود


رحلته مع الأغنية
بدأت رحلة الشاعر الراحل عبدالأمير عيسى مع الأغنية العاطفية والوطنية في عام 1974 عند ما كتب اغنيتين اجيزتا من لجنة النصوص الغنائية، وكان الراحل يقرض الشعر وهو لم يزل في المرحلة المتوسطة


واول اغنية عرفه فيها المستمع اغنية 'اغريت شمس العذاب' التي لحنها وغناها المطرب الكبير محمود الكويتي، ومن ابرز الاغاني التي قدمها الراحل اغنية شاعرية رقيقة غناها الفنان المعتزل احمد عبدالكريم بعنوان 'تذكرتك وأنا مسافر' واغنية 'اعذريني' التي قدمها عباس البدري، كما تعاون الراحل مع المطرب الكبير عوض دوخي في عدد من الاغاني بينها 'ليالي البعد' الحان ياسين رمضان، 'سنابل او عديني'، 'وردة ربيعية'، وهي من الحان عوض دوخي نفسه، و'خلي الوحيد' الحان سعيد البنا، 'سنبوك الهوى'، يقول في مطلع 'ليالي البعد':
ليالي البعد
فرقنا.. غربتنا
في ديرة شوق مهجورة
في طلعة ليل مقمورة
ابات اسهر مع الاحزان
امني قلبي بالنسيان
وكل ما دارت الايام
تراوت لي من الماضي
سطور الحب والاحلام
ودمعي يفيض على الفاضي


صمت الشفايف
حقق الراحل عبدالامير عيسى شهرة واسعة بعد ان غنى من كلماته مطربون بارزون في الساحة المحلية، واصبح احد الاسماء التي يتهافت عليها المطربون الخليجيون، وليس غريبا ان يغني من كلماته المطرب الكبير محمد عبده اغنية 'صمت الشفايف' وطلال مداح 'خلني امر'، وعدد من المطربين الاخرين بينهم علي عبدالستار، عبادي الجوهر، راشد الماجد، ومن العرب نادية مصطفى وزينة التونسية ولطيفة


وغنى من كلماته ايضا المطرب غازي العطار 'ليل المحبة'، كما تعاون مع المطرب الكبير عبدالكريم عبدالقادر في اغنية 'مجاريح'، ويقول مطلعها:
مجاريح مكسورة خواطرنا
مجاريح من هو اللي يصبرنا
امانينا.. ليالينا
تلاشت في مهب الريح
مجاريح.. مجاريح


هذا وقد رحل شاعرنا الكبير إثر نوبة قلبية يوم 1998/2/2 اثناء تسوقه في احدى الجمعيات التعاونية، وترك وراءه ثروة غنائية تزيد على 700 اغنية كتبها للمسرح ولعدد كبير من المطربين


وقد عرف الراحل طول حياته بسعيه الى التميز، ورفض دائما التعامل مع الالحان الجاهزة، وهكذا قضى حياته يسعى الى الابداع حتى رحيله، بعد عطاء ثلاثين عاما




-------------------
إعداد: عبدالمحسن الشمري