* : فى انتظار حفل اذاعة الاغانى الخميس الاول من شهر بتمبر 2025 (الكاتـب : EgyLoveR1980 - آخر مشاركة : د.حسن - - الوقت: 18h59 - التاريخ: 04/09/2025)           »          سينما قصر النيل * حيرت قلبي معاك * أنساك *الحب كده * (الكاتـب : tarab - - الوقت: 17h55 - التاريخ: 04/09/2025)           »          اصوات منسية (الكاتـب : هادي العمارتلي - آخر مشاركة : fehersaad - - الوقت: 13h57 - التاريخ: 04/09/2025)           »          فايزة أحمد- 5 ديسمبر 1930 - 21 سبتمبر 1983 (الكاتـب : الباشا - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 11h42 - التاريخ: 04/09/2025)           »          فن التوقيعات (الكاتـب : لؤي الصايم - - الوقت: 07h50 - التاريخ: 04/09/2025)           »          محمد عمر (الكاتـب : abo hamza - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 06h58 - التاريخ: 04/09/2025)           »          الفنان الشعبى صلاح الصغير (الكاتـب : احمد عبدالهادى - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 06h31 - التاريخ: 04/09/2025)           »          وردة الجزائرية- 22 يوليو 1939 - 17 مايو 2012 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : عاصم المغربي - - الوقت: 18h49 - التاريخ: 03/09/2025)           »          حفل غنائى من إذاعة الأغانى (الكاتـب : د.حسن - آخر مشاركة : جواد كاظم سعيد - - الوقت: 17h05 - التاريخ: 03/09/2025)           »          محمد الكحلاوى- 1 أكتوبر 1912 - 5 أكتوبر 1982 (الكاتـب : Talab - آخر مشاركة : وليدابراهيم - - الوقت: 15h48 - التاريخ: 03/09/2025)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > صالون سماعي > ملتقى الشعر و الأدب > نتاج الأعضاء .. القصص والروايات

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 05/03/2025, 08h20
الصورة الرمزية لؤي الصايم
لؤي الصايم لؤي الصايم غير متصل  
مواطن مساهم
رقم العضوية:785901
 
تاريخ التسجيل: August 2017
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 59
المشاركات: 2,550
افتراضي ذكريات قصصية

"العم زيدان"

منذ خمس عقود أو يزيد في تلك القرية البعيدة التي يحتضنها النيل بغموضه جاء في إحدى المراكب الخشبية العتيقة المصنوعة من خشب السنط والتي كانت تأتي محملة بجرار العسل الأسود هذا الرجل الغامض وكان اسمه العم "زيدان" رجل ذو بنيان قوي أبيض الجبين بإشراق ولحية أصابها بعض الشيب الخفيف وعيون حادة كالصقر يرتدي قفطان ويتمنطق عليه بحزام كأنه شال حريري وفوقه جبة كحلية اللون وعلى رأسه عمامه كبيرة وكان هذا زيه الذي أراه به دائما .
وأقام بجوار المسجد العتيق في خص قديم من البوص وكان يتقن أعمال الخوص والتي كانت مستخدمة في ذاك الوقت في كل بيت إلا أن هذا الرجل قليل الحديث ولم يٌعْلم عنه أي شئ سوى أنه رجل مبروك !! فما دعا لأحد بخير إلا وأصابه هذا الخير وكان كل شهر يضع في صندوق تبرعات المسجد كل شهر جنيها مصريا كاملا وكان هذا مبلغا قيما في هذا الزمن القريب البعيد ولما سألوه لماذا تدفع هذا الجنيه قال هذا نظير استخدامي لمياه المسجد !!
ألهذا الحد كان عفيفا ولا يرتضي السحت ؟!!
وفي يوم سوق القرية كان يأتي باعة الأقمشة يفترشون جانبا من السوق فذهب إليهم واشترى منهم قماش كان يسمى "قُطنية" يستخدم للقفاطين والصديري وجعله لفافة ودخل المسجد ورفع أذان العصر وأقام الصلاة وبعد انتهاء الصلاة وجدوه ساجدا وقد أسلم الروح وبجواره هذه الأقمشة السالفة لأنها كانت آخر ثوب له كانت كفنه .أبى أن يأخذ معه لدار الخلد كفنا صدقة !!!! لو خليت الدنيا من هؤلاء لخربت
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg العم زيدان.jpg‏ (93.0 كيلوبايت, المشاهدات 9)
__________________
DO FOR ALLAH, ALLAH WILL DO FOR YOU

https://www.facebook.com/dartanian66/
https://www.youtube.com/@Loaieelsaiem
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05/03/2025, 08h27
الصورة الرمزية لؤي الصايم
لؤي الصايم لؤي الصايم غير متصل  
مواطن مساهم
رقم العضوية:785901
 
تاريخ التسجيل: August 2017
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 59
المشاركات: 2,550
افتراضي رد: ذكريات قصصية

((رمضان التائه ))

رمضان التائه هكذا اسمه الذي اشتهر به في القرية
ولا أحد يعرف من أين أتى وما هي حكايته كان يعيش في كوخ وسط الزراعات ومع الوقت صار هذا الكوخ علامة مميزة في الطريق المؤدي لهذه القرية والموازي لصفحة النيل .ذاك الكوخ الذي يشبه فنارات السفن في البحر
إذ أنه دائما أمامه نار مشتعلة في الليل وينبعث من داخل الكوخ دخان كثيف بطريقة عجيبة عن طريق إنبوب من الطين في قمة الكوخ ..وما إن تقترب من ذاك الكوخ إلا وتسمع رمضان يتكلم بصوت مسموع ولكن بكلمات غير مفهومة وغير مرتبة وتختلط مع كلماته الفاظ معجمة بالنسبة لنا وكأنها ألغاز مثلا من أقواله ((مكتفين إيدي بس خلاص مش هيكون كتاف تاني زن عوضی من فرار کردم با یک جنایتکار جوان شما خائن را کشتید و شما پسرها را کشتید آنها مال من نبودند))
ربما هذه الكلمات غير ما قاله فقد مضى على هذا حوالي أربعة عقود ونصف .وظل على هذا الوضع طوال عشر سنوات ولا نعرف من أين يعيش ومن اين له بثمن طعامه
كان رجلا غامضا بشكل مريب ..كل يوم عند الشروق يحمل على كتفه مكتل من ليف النخيل هو من جدل حباله بيده
ويحمله على كتفه عن طريق عصا شوم ثم يخرج ماشيا في محاذاة النيل ..ويعود مع العصر ..وفي مكتله هذا. بضع سمكات وينطلق دخان شواء السمكات ويجلس للاكل ناصبا عصاه وعليها المكتل.ويبدأ في رص الكلمات السالف ذكرها
مع كلمات أخرى لم تسعف الذاكرة بها .وبعدها يصرخ وتنهمر دموعه ولما أصبح أطفال القرية يخافون من رمضان وكذا بعض بنات الفلاحين اللائي يذهبن للحقل بالطعام لأبائهن .اضطر عمدة القرية أن يتخذ إجراء وقائي
لنفسه أولا فأخبر مأمور المركز بالرجل ..وبالتحري عن طريق الشرطة اتضح أن التائه ضحية امرأة خانته فقتلها وقتل اولادها منه ظنا منه أنهم لم يكونوا أولاده أو هكذا أخبرته وبعدها وصل إلى. ما وصل إليه .وتم إيداعه بمستشفى الأمراض العقلية إلى أن استرد الله وديعته
وعنده تلتقي الخصوم
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg قديم.jpg‏ (43.6 كيلوبايت, المشاهدات 9)
__________________
DO FOR ALLAH, ALLAH WILL DO FOR YOU

https://www.facebook.com/dartanian66/
https://www.youtube.com/@Loaieelsaiem
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05/03/2025, 08h29
الصورة الرمزية لؤي الصايم
لؤي الصايم لؤي الصايم غير متصل  
مواطن مساهم
رقم العضوية:785901
 
تاريخ التسجيل: August 2017
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 59
المشاركات: 2,550
افتراضي رد: ذكريات قصصية

((تقسيم التركة))

فريد أبو راية سليل عائلة ذات ثراء واسع وورث من أبويه أطياناً و أموالاً طائلة وتزوج في مقتبل حياته أكثر من مرة كي يهبه الله وريثا لكل هذا ولكن في كل زيجة لا يحدث ما يتمناه ودائما ما كان حظه عثر فكل من يتزوج من النساء يتضح فيما بعد أنها عاقر ..وظل على هذا الوضع حتى تجاوز الأربعة عقود وبلغت عدد زيجاته ستة زوجات
وهذه السادسة هي من أنجبت له الأولاد فرزقه الله بتوامين
هما محسن وحسان ولحق بهما ثالث هو حسن وتغيرت حياة العم فريد وصار كأنه في كامل عنفوانه .ومضت الأيام مسرعة كعادتها ووصل الأبناء لطور الشباب اليافع
فاختار لهم بنات عائلات وتزوج ثلاثتهم وقد شيد لكل منهم بيتا منيفا بجوار بيته وبعد أن انتقلت زوجة العم فريد لرحاب الله كانت زوجات أولاده هن من يقمن على خدمة العم فريد بالتتابع وكذا أولاده .وبفرحة الرجل بأولاده
فقد عمل حصرا لكل أمواله وقام بتقسيم كل شئ على ثلاثتهم ..وبعد فترة وجد العم فريد نفسه وحيدا
ولم يعد أحد من أولاده ولا زوجاتهم يسأل عنه
وهنا فهم الرجل أنه لم يعد له أهمية لدى أولاده
فقدح زناد فكره حتى لمعت في رأسه فكرة عجيبة
حيث احضر رجلين أشداء وحفرا له حفرة في بدروم بيته
وذهب لحداد ليعمل له بابا لهذه الحفرة بعد بناءها كالقبر
ثم ذهب لنجار حاذق ليصنع له صندوقين كصناديق الكنوز في الافلام والروايات ..وملأ أحد الصناديق أوتادا خشبية صغيرة لا تتعدي العشرين سنتيمتر والآخر قصاصات ورق
من كل شئ على غير نسق معين ومع كل صندوق ظرف مغلق به رسالة ووضع الصندوقين في الحفرة وقفل الباب الحديدي بقفل كبير .ثم استدعى أحد أبناءه قائلا له
يا بني لماذا لم أعد اراك ...أشعر أن نهايتي اقتربت واريد أن أقول لك سر عظيم فقال ابنه قل يا ابي سرك في بير
قال له أتظن أن أملاكي فقط هي التى وزعتها عليكم
لا بل هناك صندوقين من الذهب والمجوهرات في البدروم
وأخذه واطلعه على الصناديق دونما فتحها .. وقال له بس على شرط الصناديق لك بعد موتي ...وفعل ذلك مع الولدين الآخرين دونما علم كلاً منهم .وهنا عاد الاهتمام بالعم فريد
أكثر من الاول وزيادة إلى أن حانت ساعة فراقه للدنيا
وبعد أن واروه الثرى أسرعوا جميعهم للبحث عن مفاتح الباب الحديدي والصناديق وقد تفاجاوا أنهم يعلمون السر
وما إن فتحوا أول صندوق لم يجدوا فيه سوى أوتادا خشبية لا تساوي شئ ولفت نظرهم المظروف
ففتحوا الرسالة ...فوجدوا صورة العم فريد ساخرة
وعلى لسانه قائلا "الصندوق واوتاده للي يكتب ماله في حياته لولاده"
ولما فتحوا الصندوق الثاني الملآن بقصاصات الورق
وجدوا الرسالة تقول "الصندوق وورقاته للي يكتب في حياته ماله لمراته"
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg التركة.jpg‏ (68.1 كيلوبايت, المشاهدات 9)
__________________
DO FOR ALLAH, ALLAH WILL DO FOR YOU

https://www.facebook.com/dartanian66/
https://www.youtube.com/@Loaieelsaiem
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05/03/2025, 08h36
الصورة الرمزية لؤي الصايم
لؤي الصايم لؤي الصايم غير متصل  
مواطن مساهم
رقم العضوية:785901
 
تاريخ التسجيل: August 2017
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 59
المشاركات: 2,550
افتراضي رد: ذكريات قصصية

نصــيف

عندما قاربت حقبة السبعينات على نهايتها إلا وتغير الحال في تلك القرية البعيدة القابعة في أحضان النيل وكذا حدث في كل القرى تقريبا فقد هبت رياح الانفتاح السريعة على تلك الربوع كما هبت عليها الرياح القادمة من الصحراء بفعل الإعارات المتتالية إلى الصحراء ليأخذوا عنا ونأخذ عنهم ولبئس ما أخذنا وكم كنا نتندر عندما يخرج علينا عبر شاشة التليفزيون الرئيس المؤمن بجلبابه الهجين بين الصعيدي والفلاحي والإسكندراني بصحبة كبيرة مذيعات التليفزيون في ذاك الوقت ويتحدث عن أخلاق القرية!! وكبير العائلة.. فنقول وأين ذهبت هذه الأخلاق؟! لا أدعي أن القرية كانت مثالية ولكنها كانت متماثلة بل تمثل شريحة غنية بالتفاصيل ثلاثة أرباع بيوتها من اللبن وواجهات هذه البيوت مغطاة بطبقة الطمي الأحمر وبداخلها قلوب من ذهب وراضية بما لديها أما الربع الباقي فكان موزعا بين الموظفين وكبار الملاك وشيخ المسجد وعمدة القرية وشيخ البلد وهكذا .هذا وقد كان في كل بيت من يحبو تجاه التعليم فمنهم من أكمل الطريق ومنهم من آثر البقاء في أحضان القرية لكن الفئة التي واصلت المسيرة أبدا لم تكن تنفصم عن مجتمعها وما أجمل اجتماع هؤلاء النجوم الزاهرة ليتناقشوا في كتاب جديد أتى به أحدهم من البندر أو رواية جديدة تلهب المشاعر كروايات إحسان عبد القدوس.
وكان أحدهم شارف على التخرج من الجامعة وهو "نصيف أمين" شاب أسمر طويل القامة متسع العيون حاد نظراتها مفتول العضلات ذو شعر ناعم كثيف وسيم عندما يرتدي قميصه الأبيض مع بنطلونه الأسود ذي الساسونات من الجنبين وأيضاً وسيم عندما يرتدي جلبابه الكتان الأبيض وفي هذه الآونة كانت المدارس الابتدائية بها إقامة لمعلمات هذه المراحل وإحداهن آية في الكمال والجمال وهنا أخرج كيوبيد سهما من كنانته وأطلقه ليقع "نصيف" في حبها وأيضا هي لكن في مجتمع كهذا كيف لقصة ملتهبة كهذه أن تكتمل فصولها!! وأصبح نصيف لا يشغله من دنياه سوى هذه الجميلة التي أتت على عقله وقلبه وأصبح كقيس ليلى وكانت سهراتنا دائما لا تخلو من العبث معه وتشبيهه بقيس بن الملوح ويوميا نأتي بنادرة عن قيس ونطبقها عليه لدرجة أن عند اختيار عمدة جديد للقرية اقترحنا أن تكون هي من أجل عيون "نصيف" لنربط بينه وبين قيس عندما سألوه مَن أحق بالخلافة بنو أمية أم بنو العباس فقال ليلى
وبعد أن ظفر "نصيف" بالتخرج من الجامعة أعد العُدَّة ليتخذ خطوة إجابيه تجاه من ملكت قلبه. وبالفعل أخبر أبوه وحقيقة لم يمانع الرجل بل وعده ببيع بضعة قراريط لتلبية طلبه وكيف لا وهو الذي رفع رأس أبيه في القرية بعد أن حصل على الشهادة الكبيرة وذهب عم "أمين" والد نصيف لشيخ البلد ليصحبه معه إلى مدينة هذه الجميلة لتتم الخطبة وقراءة الفاتحة وذهب الركب متوشحا بالأمل والفرحة لكن دائما لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن فقد رفض أبوها رفضا قاطعا ولا أمل أبد أن يثنيه أحد عن رأيه فهي ابنته الوحيدة ولا يمكن أن تكون بعيدة عنه مسيرة خمس ساعات بأسرع وسيلة مواصلات في ذاك الوقت وبالطبع عاد الركب بخفي حنين وظل نصيف قرابة "سنة" بين النائم واليقظان" أو بين" الحي والميت " إلى أن جاءته فرصة عمل بالخارج وبعد سنة أخرى تزوج من ابنة عمه واصطحبها معه إلى تلك الدولة ومضت الأوقات سريعا وكنا نلتقي في أجازاته وما من مرة التقيته إلا وذكر محبوبته السالفة الذكر وعندها تلمع عيونه ويتحول إلى طاقة من نور الشباب عند ذكرها وفي مرة من المرات ونحن في إحدى المقاهي الشهيرة في المدينة إذا به يقول إني أشم ريحها تأتي عليَّ الآن
وقلبي ينبض ويحدثني أنها قريبة! وما إن نظرنا إلى الشارع إلا وهي تمشي ويدها في يد طفل صغير هو طفلها "نصيف"
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg قرية.jpg‏ (52.8 كيلوبايت, المشاهدات 10)
__________________
DO FOR ALLAH, ALLAH WILL DO FOR YOU

https://www.facebook.com/dartanian66/
https://www.youtube.com/@Loaieelsaiem
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05/03/2025, 08h40
الصورة الرمزية لؤي الصايم
لؤي الصايم لؤي الصايم غير متصل  
مواطن مساهم
رقم العضوية:785901
 
تاريخ التسجيل: August 2017
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 59
المشاركات: 2,550
افتراضي رد: ذكريات قصصية

ذو كرامة

تمضي الأيام والشهور والسنون سراعا وفجأة نتأمل صورة قديمة وننظر في المرآة فنكتشف أن وقت طويل قد مضى ورسمت ريشة الزمن بيدها غير الحانية على الوجه قسمات وعلى خصلات الشعر لتحولها من اللون الأسود الفاحم إلى اللون الأبيض الشاهق وتتداعى الذكريات وتطرق الرأس لتمر كشريط سينمائي أمام العين آثرت النفس أن يطول هذا الشريط..
لتستخرج منه ما بات في الذاكرة دفينا ومع العبث في خصلات الشعر البيضاء تذكرت "الشيخ رمضان السيوي" والذي التقيته وأنا في شرخ الصبا وهو قد تجاوز الثمانين ربما بنصف عقد من الزمن رجل صورته الآن تبدو واضحة وجلية أمام ناظري فهو متوسط الطول وبنيانه أيضا متوسط وله هيبة لا تخطئها عين وربما كان لقبه "السيوي" مرتبط بتلك الواحة البعيدة في الصحراء واحة سيوة فشكله قريب جدا من رجال هذه الواحة الوجه النحاسي الذي تبدو عليه أمارات الصحة والعنفوان مع اللحية الناعمة المهذبة البيضاء كلوزة القطن المتفتحة .لم أكن أعرفه مطلقا حيث أنه من قرية تبعد عن قريتنا مسيرة ساعة بالركوبة وسأقص عليكم كيف التقيت به
الليل في القرية في ذاك الزمن البعيد يبدأ بعد الانتهاء من صلاة العشاء ويحل سكون غير عادي اللهم إذا كان هناك مناسبة ما من أفراح أو عزاء أو ما يشابه ذلك في المواسم والأعياد حيث ليالي المديح وقراءة الأوراد وفي ليلة من ليالي السكون وعند انتصاف ليلها إلا وصرخة مدوية من بيت الجيران وطبعا لابد أن يهرع الجميع ليرى ماذا حدث ربما حريق وهذا من الأشياء التي كانت تؤرق كل البيوت في هذا الزمن ولكن أبدا لم يكن حريق لكنها سيدة أربعينية اسمها "مجيدة" كانت تعيش بمفردها هي التي تصرخ فتطوع أحدهم وتسور السور ليرى ماذا دهاها وفتح لنا الباب فإذا بها تشكي أن ألما يعتصر جنبيها فأرسلنا في طلب طبيب "الوحدة الصحية" ليجري لها اللازم فأعطاها مسكن للألم لم يتجاوز الريفو وبعض حبات السلفا وحقنة مجهولة في زجاجة كبيرة أخذ منها بالمحقن بعض مليمترات وأعادها ثانية في شنطته الخشبية وانصرف وانصرفنا وخلدت هي للنوم .وفي صبيحة اليوم التالي بعدما انتصف النهار ذهبت لأطمئن عليها فإذا بها في حالة إعياء غير عادية فأخبرتها أنني سأذهب ثانية لاستدعاء الطبيب فأمسكت يدي بقوة عجيبة وقالت بصوت به حشرجة من تخرج روحه لاداعي للطبيب علاجي عند "الشيخ رمضان السيوي"
فقلت لها "ومن هو الشيخ رمضان؟! وأين هو ؟!"
قالت هو في بلدة قريبة من هنا وأرجوك اذهب إليه واستدعه ليأتيني هنا
فسألتها هل تعرفيه يا ست "مجيدة" يعني أقول له الست مجيدة تريد لقاءك ؟!
قالت أنا لا أعرفه ولاعمري ذهبت لقريته ولا عمري رأيته ولا هو يعرفني لكن أنا مستعدة أوصفه لك وأصف لك بيته وأين ستجده بالضبط !!!!!
وبالفعل وصفت لي المكان بأدق التفاصيل ووصفت لي الشيخ كأنها تراه فازداد شغفي وعقدت العزم على تلبية رغبتها
وبالفعل أخذت الركوبة واتجهت الى تلك القرية مهتديا بوصف الست مجيدة دونما أسأل أحد ولما اقتربت من البيت بالفعل البيت كان على ناصية بحري شرقي والبيت كبير جدا وبابه من الأبواب الكبيرة التي يتوسطها باب أصغر وهو دورين و حوائط البيت عريضة ومغطاه بطبقة من طمي النيل الأحمر ويبدو منه ذاك السرس الذي يهبه عمرا طويلا وفي داخل البيت تتوسطه طلمبة مياه كبيرة تحتاج إلى رجل فتي لإدارتها وفضيلة الشيخ يجلس في "المندرة" والتي لها شباك على الواجهة البحرية طوله كطول أبواب هذا الأيام إن لم يكن أطول -تماماً كما وصفت الست مجيدة- وما إن طرقت الباب حتى فتحت لي سيدة كبيرة في السن أتذكر أنها تشبه الفنانة إحسان الجزايرلي في صوتها وشكلها وحجمها وهي زوجة الشيخ واسمها الحاجة "زكية" فسألتها عن الشيخ فقالت هو في انتظارك!!!!!
فلم أنطق ببنت شفه وأشارت إلي أن أدخل إلى المندرة التي يجلس فيها الشيخ
فسلمت ودخلت فقام الرجل مرحبا ورد السلام بحرارة وترحاب غير عادي وما إن جلست إلا وأمر بحضور واجب الضيافة كأحسن ما يكون
وفي الفترة التي أنا بها في مندرة الشيخ كنت أريد أن يطول الوقت ولا ينتهي أو تتوقف الساعة عن العدد فأنا في مكان أبدا لم أرَ له مثيل إلى وقتي هذا .ثمة رائحة جميلة تهب هبوبا وتأتي نسائمها من هذا الشباك البحري وثمة برودة تعتريني رغم أننا في شهر أغسطس وصوت الرجل كأنه نغمة خالدة تخرج من أرغن وجودي لا أراه ولما هممت بالكلام لأخبره برسالة "الست مجيدة" إلا وقال أنا جاي معاك بس يحضروا لي العربة !!!
ثم أمرني أن أجاوره في عربته لأقودها وأترك ركوبتي لفتىً يعمل عنده سيأتي بها في إثرنا
وتوجهنا من فورنا لمنزل الست مجيدة وما إن دخلنا إلا ووجدتها في حال غير الذي كنت قد تركتها عليه ارتدت لها عافيتها وكأنها بنت العشرين ربيعا وهنا قال لها الشيخ ها أنا قد أتيت مين مزعلك يا ست مجيدة ؟!!!
فقالت له خلاص يا شيخنا الزعل والتعب راح هو فيه حد يقدر يزعلني بعد دخلتك عليَّا
وبعد نصف ساعة تقريبا أو أكثر بقليل هم الشيخ بالانصراف وأنا ذاهل عقلي وفؤادي وعند ركوبه لعربته مع فتاه استأذنته أن أزوره مرة أخرى فقال في انتظارك ولو كل يوم
وظللت ألتقيه إلى أن تركت هذا المكان وكنت كلما ذهبت لزيارة الأهل كان في جدولي دائما زيارة هذا الشيخ حتى تجاوز هو المئة عام وظل له هذا البريق وهذه الكرامات العجيبة
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg زمان.jpg‏ (105.6 كيلوبايت, المشاهدات 9)
__________________
DO FOR ALLAH, ALLAH WILL DO FOR YOU

https://www.facebook.com/dartanian66/
https://www.youtube.com/@Loaieelsaiem
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05/03/2025, 08h43
الصورة الرمزية لؤي الصايم
لؤي الصايم لؤي الصايم غير متصل  
مواطن مساهم
رقم العضوية:785901
 
تاريخ التسجيل: August 2017
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 59
المشاركات: 2,550
افتراضي رد: ذكريات قصصية

"العجوز"

"العجوز" هكذا كان اسمه الذي سمَّاه به أهله فمن يوم أن جاء إلى دنيا الناس وهو ليس كبقيتهم فهو جاحظ العينين و يمشي على أربع حبوا وظل هكذا إلى أن لاقى وجه ربه .
ينتعل في كفيه نعلين يقياه حرارة الأرض صيفا أو طينها وبرودتها شتاءً وكل ما على جسده من ملبس هو قميص وصديري وسروال وطاقيه على رأسه ربما منذ وجد في الدنيا.
تنصل عن أهله لشعوره أنه أصبح حملا ثقيلا عليهم وربما عاراً يتخفون منه وظل هائما في الشوارع ينتظر طعاما من هذا وشربة ماء من هذه وربما جادت إحداهن عليه بالحليب ورغيف خبز ساخن مع قشدة وكان يجيد تقليد أصوات كلاكسات السيارات الثقيلة فما إن يحبو ويدخل إلى شارع إلا ويصدر أحد الأصوات فيعلم الجميع أن العجوز بالشارع وربما أراد طعاما أو مكان يهجع إليه من حرارة الشمس اللافحة.
وفي شهر رمضان أظنه كان يصوم ولا يأكل سوى وجبة السحور فقط حيث كان يحبو خلف المسحراتي بكلاكساته تلك متناغما مع طبلة المسحراتي فيخرج إليه الأطفال محملين بالطعام والحلوى وبعض البلحات المتبقية من طعام الإفطار وفي صبيحة عيد الفطر تجده في أول صفوف المكبرين وما إن تنتهي صلاة العيد إلا ويحبو أسرع من البرق في اتجاه المقابر ليفوز ببعض الأطعمة في هذا اليوم وتلك عادة من عادات الأرياف التي انقرضت إلى حد ما في صبيحة هذا اليوم.
وأيضا في عيد الأضحى ما من بيت في القرية إلا وللعجوز نصيب في الطعام على مدار الأربعة أيام فقد صار ابنا أو أخا لكل بيوت القرية إلا بيت أهله!!
والأعجب أن الناس نسيت أو تناست أن له أهلا وفي ساعات العصاري تجده مستظلا بجميزة عجوزة بجوار مقهى قديم على الزراعية (الطريق الأسفلتي هكذا اسمه) ممسكا بناي صنعه هو بمعرفته من البوص ويترنم بمربعات ابن عروس ويبكي ويتباكى وما من أحد إلا ويسمع له في إنصات عجيب
وأذكر له ذاك المربع
كسرة من الزاد تكفيك
وتبقى نفسك عفيفه
والقبر بكره يطويك
وتنام فى جار الخليفه
وهنا يخرج المعلم صاحب المقهى ويطرده مدعيا أنه بنوحه هذا سيجلب له الفقر فينصرف حبوا ويختفي عن الأنظار وفي ذات صباح وجدناه ممددا على ظهره لأول مرة مذ خلقه الله بجوار صفحة النيل مفارقا الحياة وما من أحد إلا شارك في جنازته -رحمه الله -
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg العجوز.jpg‏ (59.8 كيلوبايت, المشاهدات 9)
__________________
DO FOR ALLAH, ALLAH WILL DO FOR YOU

https://www.facebook.com/dartanian66/
https://www.youtube.com/@Loaieelsaiem
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 21h14.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd