تصدر قريباً الترجمة العربية لرواية «أم كلثوم.. كان صرحاً من خيال»، للكاتب الفرنسى اليهودى من اصل لبنانى سليم نسيب الذى اشتهر بأنه استوحى كل أعماله من الشخصيات التاريخية وهذه هى روايته الثانية.
اما اولى رواياته فكانت «عشيق فلسطينى»، التى تناولت قصة غرام جنسى مشتعل جمع بين «جولدا مائير»، أول رئيسة وزراء لدولة إسرائيل، والثرى اللبنانى، فلسطينى الأصل، «ألبير فرعون». وكان قد استقى مادة هذه الرواية من حفيد فرعون «فؤاد الخورى»، وتدور أحداث الرواية فى «حيفا» فى فترة الانتداب البريطانى لفلسطين حتى إعلان دولة إسرائيل ١٤ مايو ١٩٤٨.
أما الحب العذرى فقد قدمه «نسيب» فى روايته عن أم كلثوم ، التى تناول فيها علاقة الشاعر أحمد رامى بـ«أم كلثوم» بداية من عام ١٩٢٤. يكشــف «نسيب» هذه العلاقة من خلال موضوعه المفضل «الغرام»، لكن الغرام فى هذه الرواية عذرى «ومن طرف واحد على ما يبدو»، إذ تتناول الرواية غرام «رامى» بسيدة الغناء العربى.
الرواية صدرت بالفرنسية عام ١٩٩٤ بعنوان «أم» «وهو الاسم المختصر لكوكب الشرق فى فرنسا». أما الترجمة العربية، التى أعدها بسام حجار، فمن المقرر أن تحمل عنواناً مستقى من قصيدة الأطلال «كان صرحاً من خيال».
يشير الشاعر أشرف يوسف - محرر دار العين - إلى العلاقة التى جمعت الشاعر بالمطربة، فقد «أطربتنا» كوكب الشرق بـ١٣٧ قصيدة من تأليفه ، حتى إنه توقف عن الكتابة بعد رحيلها..
قصة حب الشاعر المعروف احمد رامي (1892 ـ 1981) الذى ولد من اصول شركسيه في حي الناصرية قريبا من حي السيدة زينب ، ونجمة الشرق ام كلثوم (1904 ـ 1975)التى ولدت فى اعماق الريف المصرى من اصول مصريه تقليدية ، معروفة في أدبيات الشعر والغناء العربيين.
وكان الناقد المعروف محمد مندور قد وصف قصة العلاقة بين الشاعر والمغنية بأنها قصة تشبه الأساطير، فقد كتب لها رامي 137 أغنية من بين 383 أغنية قدمتها في مشوارها الفني. علاقة رضيت فيها ام كلثوم من احمد رامي بالشاعر ورضي الأخير ان يكون درويشا في محراب غنائها.
وقد صدرت الروايه في عنوانها الأصلي الفرنسي بعنوان ام كلثوم وترجمت للانجليزية تحت عنوان ‘’احببتك لأجل صوتك’’، وهي رواية تاريخية يحاول فيها الكاتب احياء الحياة الأدبية والغنائية في مصر، وذلك في عشرينات القرن الماضي حتى وفاة الفنانة التي كانت ملهمة الشاعر، ورامي الذي نتعرف عليه في الرواية قد لا يكون هو نفسه الذي نقرأ عنه في الحقيقة، فالرواية هي عن البوح والصوت الصامت الذى تخيله الكاتب في داخل احمد رامي الذي وجد طريقه للتعبير عنه من خلال الأغنية والقصيدة.
الرواية مكتوبة على طريقة السيرة الذاتية، والراوي هو نفسه احمد رامي.و تبدأ الروايه وهو يعود من فرنسا، حيث يصطحبه محمد عبدالوهاب الى صالة تغنى فيها ام كلثوم الاغنية التي كتب كلماتها واختارها الشيخ ابو العلا محمد لكي تغنيها، وهي القصيدة التي نشرتها مجلة (البسفور) أثناء وجوده في باريس (الصب تفضحه عيونه) فأعجب بها الشيخ أبو العلا محمد الذي كانت تربطه علاقة ود وصداقة بأسرة رامي فأخذها ولحنها، وأصبح الصوت والقصيدة حديث كل الناس في مصر.
ظهر صبى امرد يلبس ملابس بدويه مكث مُطرقاً لا تبدر منه أى إشــــارة اـــستجابة حيال الجمهور، ثم عاود الإنشاد، فصعدت الدماء إلى رأسى، إذ أدركت أنه يُنشد أبياتاً من شعرى كنت كتبتها مباشرة قبل رحيلى الى فرنسا، (الصب تفضحه عيونه..) قصيدتى تنشدها هاتان الشفتان البدويّتان.
التفتُ نحو محمد، ابتسمت له، غير أنى كنت أود لو أن الأرض تنشق وتبلعنى. فثمة ما نفّرنى فى غناء هذا المراهق. القوة، والرنة، وامتلاك النفس واضحة جداً، ولا يسعنى أن أنكر ذلك، غير أن هذا الصوت الذى يُباشر المطالع على هواه، يُفعمنى بعفوية غير محتشمة، لا واعية. ففى ثنايا بعض النغمات تُضفى تلك البحّة الخفيفة نكهة شهوانية، شيئا من الشعور. كنت أشعر بضيق.
كان كيانه يرتعش انسجاماً وتتحول كلماتى إلى أداء ما يريد هو، وكنت أنا، حتى أنا، أصدق أنها حقيقة. لم تكن الكلمات بل الشىء نفسه، الإحساس، سرى الحميم الذى يُعلن للناس كافة. لم يكن الغناء صادراً فقط من الحنجرة، بل إن الجسد بأكمله يرتعد، لا بل كأنه يحلّق، لإطلاقه إلى الخارج.
رعدة انتشاء ساكنة. استطاع هذا الفتى الأمرد أن يجسد الألم والرقة اللذين كنتُ أسمعنى، أنا نفسى، معبراً عنهما للمرة الأولى، عبره هو. كان الألم والرقة فيه هو.
كنت أعرف اللحن، فالشيخ أبوالعلا لحَّن القصيدة وأنشدها وطبعها على أسطوانة ٧٨. وقد أدى الفتى اللحن بأمانة وفى أدق التفاصيل. لكن الفرق يكمن فى الصوت. لقد دوَّنت الحروف، وجاء لينفخ الروح فيها، ومازال يواصل الغناء، كأنه أبد. وها أسمع الآن البيت الأخير: "وبى الذى بك يا ترى/سرّى وسرّك من يصونه "
لم أعد إلى بلدى غريباً، كانت تلك هدية محمد لى، لم يتوقع منى هذا المقدار من الانفعال الذى يكاد يكون مؤلماً، ولم أرغب فى أن أظهره له، ونهضت هاتفا مع الهاتفين. نهض الفتى البدوى بدوره محاولاً أن يرجع من الغيبة التى ألمت به، وأحسب أن أحداً لا يدرك حاله كما أدركها أنا.
كان ينحنى للجمهور باسطاً ذراعيه إلى الوراء. وفى الأثناء انحسر طرفا عباءته عن نحره، فسارع بحركة عصبية إلى جمعهما بكلتا يديه. لم يستغرق الأمر أكثر من ثانية واحدة. غير أنى استطعت أن ألمح فى انحسارهما الخاطف، استدارة نهدٍ تحت زى الفلاحين الخشن.
بحركة تكاد تكون غير محتشمة، خلعت عَمْرتها، فبدا شعرها الأسود الكثّ قائلة: لقد غنيت لك هذا المساء،مبتدرة إلى القول. لم يبق للشحوب أثر على سيمائها، ما عادت تخشى شيئا. إنها بدوية، لا بل حتى إنها ليست بدوية، مجرَّد فلاَّحة، من بلدة تدعى (طماى الزهايرة) بالدلتا.
والآخران هما والداها شيخ مسجد البلدة وشقيقها وهو شيخ أيضاً، أهلّ بأهل على نحو ما. والمعروف أن أصول الحشمة تقضى بألا تصعد الفتاة إلى خشبة المسرح، غير أنها كانت تكسب فى ليلة واحدة ما يكسبه والدها فى شهر كامل. لذا اضطرت إلى التنكر بهذا الزى.
«كنت خائفة. فهذه قصيدتك، وأنت حاضر بين الجمهور»
كنت لا أصدق عينى، فمازالت فى نظرى فتى – فتاة، ولا شىء قد يمحو ذلك من ذهنى، إذ بدت شبهة الخنثوية وجمال صوتها مرتبطين على نحو غامض. أمرّ فاتنّ وعجائبى قليلاً. مصدر اضطرابى تلك اللحظة وما تلاها، تكاد لا تنقضى، جَمُدَ الكلام فوق لسانى. كان محمد بجانبى، فيما الشيخان يحيطان بمحطتيهما مبتسمين، بدا الأمر سخيفاً.
فأمسكت بيدها ورفعتها إلى شفّتى ألثمها، نوع من التحية الصامتة لا أكثر، غير أن أصابعها استسلمت لكفّى وتراخت الذراع استجابة. فأحسست بتلك الحيوية الجسمانية، وبذلك القبول الخفى. التمعت عيناها، لأقل من ثانية، ورأيت التماعها يقيناً، نظرة حادة، محض اقتدار، محض متعة.
زدتنا بركة وشرفاً.. رجل مثلك.
أدركنى الشيخ إبراهيم بمعونته، فعبارات اللياقة هى المنقذ فى مثل هذه الأحوال، ومن دونها يقع الويل.
لقد غنَّت قصيدتى، فالشرف لى.
قلت للوالد فيما الفتاة ترمقنى بنظراتها. غَضْنُ العينين يجعلها أشبه بفتاة آسيوية، وكانت تقرأ ما تقوله شفتاى وما يدور فى رأسى، علانية، كأنها تعرف كل شىء عنى.
لم لا تكتب لى، سألتنى بصوت خفيض.
سأكتب لك.
ولكنْ..
ولكنْ ماذا؟
أكتب أشياء بإمكانى أن أغنيها.
لا أفهم.
كم من الناس تصلهم كلماتك؟ أقصد الناس العاديين الفلاحين.. لم أستطع أن أغنى «الصبُ تفضحه عيونه» إلا بمعونة الشيخ أبوالعلا.
الشعر يُكتب بالفصحى.
تخل عنها لأجلى، واحتفظ بها لسواى. لم لا يكون الشعر بلغة يفهمها الجميع، لم لا؟
كان محمَد عبد الوهاب يحدق بى مذهولاً. كان يغنى نصوصى، وكان صديقى، وما كان ليجرؤ يوماً طلبا كهذا. ولكنه سمعنى وسمعت نفسى أجيبُ هذه الفتاة التى التقيتها لتوى قائلاً
لا أدرى إذا كنتُ سأفلح فى ذلك، ولكننى سأحاول.
كان عمر ام كلثوم لا يتجاوز السادسة عندما بدأ احمد رامي ينشر أشعاره، وعندما التقاها كان قد نشر ثلاث مجموعات شعرية، وعندما طلبت منه ام كلثوم هذا الطلب كان يضحي بإنجازه الشعري خصوصا ان كتابة الاشعار للاغاني لم تكن مقبولة باعتبار السمعة المرتبطة بالمغنية.
وكانت أولى أغانيه التي كتبها لها بعد عودته من باريس (خايف يكون حبك لي.. شفقة)، حيث قدمتها أم كلثوم إلى صبري النجريدي طبيب الأسنان الذي كان يعيش في طنطا ويهوى تلحين الأغاني وقدمها لها بعد خمسة أيام وغنتها أم كلثوم وحققت الأغنية نجاحا كبيرا.
بهذا الأستهلال الذى يصور قصة اللقاء الأول يبدأ سليم نسيبه روايته عن ام كلثوم واحمد رامى الذي تقودنا خطاه في هذه الرواية هو العاشق الولهان الذي يتعذب على القرب والبعد، والكاتب يحاول ان يلعب على هذا الخيط لينقل الينا توترات العلاقة وتفاصيل اللقاءات الحميمة والأيام التي كان يقضيها وهو يكتب لها الأغاني ويذهب الى بيتها الذي كان يتحول أحيانا لعزبة لكثرة ما فيه من الزوار والأقارب ولكن الأقرب إليه من حاشية ام كلثوم كانت سعدية التي ظلت حاملة لأسرار الغرام والود، وعندما كبرت شعر احمد رامي بأنه كبر هو الآخر .
ام كلثوم على رغم ودها وحبها لأحمد رامي ظلت هي الممسكة بزمام الأمور وهي التي كانت بقوة شخصيتها قادرة علي فرض الأمور والأوامر، ولكن في لحظات ضعفها خصوصا في مرضها وخوفها من العملية سواء تلك التي أجرتها أولا في مصر وثانيا في أميركا، حيث كانت تحرص على ان يكون احمد رامي الى جنبها وقد طلبته من خلال محمد عبدالوهاب عندما مرضت أول مرة.
سليم نسيب يعيد تركيب الحياة وتاريخ مصر منذ الثورة، حيث يقسم روايته على مفاصل تاريخية تبدأ من العام 1924 وتنتهي العام 1975 وعبر هذه العقود الزمنية نقرأ تاريخ مصر متشابكا مع الأغنية والقصيدة وخلال هذه الفترة شهدت مصر والعالم العربي تطورات وأحداثا سياسية مهمة، من الثورة المصرية وسعد زغلول، حيث نتعرف على البنت الفلاحة المترددة التي لا تعرف أصول التعامل الاجتماعي مع الطبقات الراقية، خصوصا عندما دعاها زغلول وحرمه صفية لمأدبة عشاء وكان عليها التدرب والاستعانة بأحمد لكي تتعلم أصول اللياقة الاجتماعية.
ولكن ام كلثوم بعد صعودها القوي تصبح واثقة من نفسها قادرة علي التصرف والمرور عبر الأسلاك السياسية، فهي وإن لم تكن جزءاً من القصر الا أنها غنت له وعندما سقط النظام الملكي كانت ام كلثوم في المصيف في الاسكندرية، وعندها اتصلت بأحمد رامي الذي بقي في القاهرة تطلب منه ان يتدخل ويتدبر الأمر كي تعود للقاهرة؛ لأن أعضاء النخبة العسكرية لم تتعرف إليها.
ويشي السرد الروائي بأن النظام الجديد تجاهل أولا أمر ام كلثوم باعتبارها من مخلفات النظام الملكي السابق، وشيئا فشيئا عادت لأم كلثوم مكانتها بسبب الظروف السياسية التي واجهت النظام خصوصا نظام عبدالناصر، نعرف انها شعرت بنوع من الهامشية لأن النظام لم يذع أغانيها، ولكنها عادت بعد ذلك حيث طلب منها النظام الجديد تدشين إذاعة صوت العرب من القاهرة تماما كما دشنت في بداية مشوارها الفني إذاعة القاهرة.
ام كلثوم ستصبح بعد هزيمة يونيو/ حزيران العام 1967 صوتا مهما لإعادة الثقة بالنفس سواء للنظام الذي تحطم مشروعه الوحدوي والرأي العام العربي الذي شعر بالصدمة على الهزيمة السريعة لجيوش الدول العربية، ستغني ام كلثوم في كل العواصم العربية وفي عمان، حيث غنت هناك انا فدائيون وجمعت تبرعات لإزالة آثار العدوان ودعم المجهود الحربي، وهي تبرعات وإن بدت كبيرة إلا انها لا تشكل الا جزءا بسيطا من هذه الجهود. لكن ما يهم في هذا السياق ان ام كلثوم استعادت زمام المبادرة وأصبحت صوت الأمل بعد ان اطلق عليها البعض بأنها افيون الجماهير وأنها تقوم بتخديرهم.
يحافظ نسيب في تقديمه شهادة احمد رامي عن عصره وعن نجمته على بناء نوع من التوتر في السرد الروائي ونقل العوالم الداخلية المنفعلة داخل الشاعر في غربته عن واقعه ووحدته، وهو هنا لا يفصح عن حبه الا بقدر، فهناك خيط رفيع بين الود والصداقة والوله.
وفي النهاية طغت العلاقة على حياته الزوجية، حيث هجرته الزوجة المتعلمه التى تزوجها فى عمر متقدم ، مع الاولاد لبيت عائلتها ولم تنفع محاولاته لإرجاعها وفي النهاية يتقبل الواقع ويعيش حالما فى دنيا ام كلثوم . وام كلثوم التي غنت له في عرسه لم تعلق كثيرا على نهاية الزواج.
وفي المقابل فإن زواج ام كلثوم من الحفناوي الذي كان الطبيب الخاص لها، وزوجها لم يحدث اي رد فعل عند رامي.
هناك اقتناع من كلا الطرفين من البداية: رامي وأم كلثوم ان لا امل لهما معا كزوج وزوجة ولهذا حافظ كل منهما على دوره واتقنه.
وفي نهاية الروايه يكون رامي هو من يودع ام كلثوم في لحظاتها الأخيرة وليس زوجها الدكتورالحفناوي الذي كان ينتظر خارج الغرفة، ويشي الخيط الروائي بأنه في الأيام الأخيرة من حياة سيدة الغناء العربي اختفى الخيط الذي يميز بين دور الزوج والصديق، فقد اصبح احمد رامي الذي أقعده المرض جزءا من بيت وحياة ام كلثوم.
الرواية وهي ترسم لنا تحولات ذلك الزمن اكدت على ذلك الرباط المقدس بين الشاعر والمغنية، فأحمد رامي ظل مسـتشـارها الأول وكان المسـتمع الأول لقصائدها ولم يغضب يوما على اي تعديل مارسته ام كلثوم على قصائده، وهو الذي كان كل يوم اثنين يقوم بزيارتها ومناقشة كتاب معها، حيث قدمها للشعر العربي الكلاسيكي والثقافة الشعبية القاهرية.ويخرج احمد رامى من مأساة حياته يرثى رامي عشقه الكبير في قصيدة من أروع قصائده ، معتزلا الكتابه بعدها الى ان ودع الحياه.... قال فيها:
ما جال في خاطري أنّي سأرثيها ...بعد الذي صُغتُ من أشجى أغانيها
قد كنتُ أسمعها تشــدو فتُطربني...واليومَ أســـمعني أبكي وأبكيـــــــها
صحبتُها من ضحى عمري وعشتُ لها...أدفُّ شهدَ المعاني ثمّ أهديها
سُــــلافةً من جنى فكري وعاطفتي...تُديرها حـــول أرواحٍ تُناجيـــها
لحنـــــاً يدبُّ إلى الأسماع يَبْهَرُها...بما حوى من جمالٍ في تغنيّـــــها
ومنطقاً ســـاحراً تسري هواتفُهُ...إلى قلوب مُحبّيــــــــها فتَســـــبيها
وبي من الشَّـــجْوِمن تغريد ملهمتي...ما قد نسيتُ بهِ الدنيا وما فيــها
وما ظننْتُ وأحلامي تُسامرني...أنّي ســأســـهر في ذكرى لياليــها
يا دُرّةَ الفنِّ.. يا أبهى لآلـــــئهِ ...ســـــبحان ربّي بديعِ الكونِ باريها
مهما أراد بيــــــاني أنْ يُصوّرها...لا يستطيع لها وصـــفاً وتشـــبيها
فريـــــدةٌ من عطاياهُ يجـــود بها....على برايـاه ترويحاً وترفيــــــها
وآيـــــةٌ من لُدُنْـــــــهُ لا يمنُّ بها...إلا على نادرٍ منْ مُســــــــتحقّيها
صوتٌ بعيدُ المدى ريَّا مناهلهُ...به من النـــــبرات الغرِّ صافيــها
وآهةٌ من صميم القلبِ تُرسلها...إلى جراحِ ذوي الشكوى فتشفيها
وفطــــــــنةٌ لمعاني ما تردّدهُ....تجلو بترنيمها أســـــرارَ خافيها
تشدو فتَسمع نجوى روحِ قائلها....وتستبينُ جمالَ اللحنِ من فِيها
كأنما جَمعـــتْ إبداعَ ناظمها....شِــعراً وواضعِها لحناً لشـــاديها
يا بنتَ مصرٍ ويارمزَالوفاء لها...قدّمتِ أغلى الذي يُهدَى لواديها
كنتِ الأنيسَ لها أيّامَ بهجتها.....وكنتِ أصدقَ باكٍ.. في مآسيها
أخذتِ منذ الصِّبا تطوينَ شقَّتَها...وتبعثين الشَّجا في روح أهليها
حتى رفعتِ على أرجائها عَلَماً...يرفُّ باسمكِ في أعلى روابيها
وحين أَحدَقَ بالأرضِ التي نَشَرتْ...عليكِ أفياءها شــــرٌّ يُعنّيها
أهبتِ بالشعبِ أنْ يسعى لنجدتها...بالمال والجهدإحياءً لماضيها
وطُفْتِ بالعُرْبِ تبغين النصيرَ لها...والمستعانَ على إقصاء عاديها
حتى إذا صدقتْ في العون همّتُهم...وجاءها النصرُ وانجابتْ غواشيها
عاد الصفاء لها وارتاح خاطرها...بعد القضـــاءِ على ما كان يُضنيها
وأقبل الغربُ يســعى في مودّتها....لما رأى من طمــــوحٍ في أمانيها
يا من أسِــــيتُم عليها بعد غيبتها...لا تجزعوا فلها ذِكرٌ ســـــــــيُبقيها
وكيف تُنسى؟ وهذا صوتُها غَرِدٌ...يرنُّ في مســمع الدنيا ويُشـــجيها
أضفى إلهي عليها ظِلَّ رحمتهِ....وظَلَّ من منهل الرضوانِ يســـقيها
تبلى العظامُ وتبقى الروحُ خالدةً...حتى تُردَّ إليــــــها يومَ يُحييــــــها
‘’احببتك لأجل صوتك’’ هي استعادة تاريخية سردية لعلاقة شاعر ومغنية، وهي تقدم اضاءة جديدة للمهتم الاوروبي. امابالنسبة للقارئ العربي فالقصة معروفة.
الرواية ستصدر ترجمتها العربية بتوقيع للشاعر اللبنانى الراحل بسام حجار قريباً عن دار «العين»، بالتعاون مع دار نشر «شرق غرب» الإيطالية.
يذكر أن سليم نسيب ولد ببيروت ويعيش منذ عام 1969 في باريس حيث يعمل صحفيا بجريدة ليبراسيون الفرنسية
المصدر : الكاتب من 6 مصادر مختلفه