حضرات الأحباب الأجلاء
السيده بلقيس
أرجو أن تقبلوا إعتذارى عن التوقف طيلة الأيام الماضية عن إكمال ما بدأته مما جعل السيده بلقيس تعلق ردودها إنتظارا منها لما وعدت به
فالحقيقه أنا الذى فعلت ذلك بنفسى وعلى أن أحتمل ما ألزمت به نفسى وهو مثل الواجب الذى يوجبه الإنسان على نفسه , مع أنه دون الفرض إلا أن الإنسان يحاسب عليه حسابا عسيرا لأنه هو الذى أوجبه على نفسه أما الفرض فهو ما فرضه الله تعالى عليه , فلله الأمر يعفو أو لايعفو ذلك مرجعه لمن فرض الأمر أما الواجب فلا فكاك منه لمن أوجبه على نفسه , ويشبه ذلك أيضا النذر , لذلك يقولون فى المثل "قلل من النذر وأوفى" , لكنك ملزم بالوفاء بما نذرت به ما دام فى غير معصيه لا فكاك منه أبدا ,
ونعود لموضوعنا ونبدأ ببلقيس العرش تلك المرأة التى تعد من أكثر النساء الذين حكموا شعوبا , فطنة وذكاء وحكمه مع ما أحاط بها من طلاسم حيرت أهل العلم جميعا فقالوا ما قالوا لكنى أعتقد أنهم وخصوصا علماء الرسوم أو الظاهر لم يجاوزوا فى تأويلاتهم وتفاسيرهم ساحل بحر العلم المترامى الأطراف إلا خطوات قليله , فكل كلمة نطقت بها بلقيس وكل إشارة منها وكل حرف يحمل من وراءه وفى باطنه علوما جمه منها ما ينقالومنها ما يصعب فيه المقال فلكل مقام مقال ولكل علم رجال ولكل وارد حال كما يقول أسيادنا أهل المواجيد
أنظروا إلى خطاب بلقيس العرش إلى رجالها لما جمعتهم للمشوره بعدما جاءها هدهد الفهم بكتاب سيدنا سليمان على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأزكى السلام .... ماذا قالت ؟!
((معذرة لحظات أصنع فنجالا من القهوه أجدنى فى حاجة إليه وأنا وحدى فى العيادة ))
قالت ..... بسم الله الرحمن الرحيم " يا أيها الملؤا إنى ألقى إلى كتاب كريم .. إنه من سليمان وإنه بسم الرحمن الرحيم .. ألا تعلو على وأتونى مسلمين " صدق الله العظيم ...
هذه أول طلاسم بلقيس العرش .. ملكة سبأ ألم أقل إنها امرأة نادرة الوجود ذكاء وحصافة وحكمه ..
أول كلامها إنى ألقى إلى , لم تقل لمستشاريها من ألقى إليها الكتاب وبنت الفعل للمجهول , وهذا كان منها سياسة وعلو علم وفهم , حتى يفهم من حولها من بطانة الحكم أن لها اتصالا الى أمور تخفى عليهم ولا طريق لهم إليها , وهذا من التدبير الإلهى فى الملك , لماذا ؟ لأنه إذا خفى الطريق الموصل للأخبار إلى الملك , خاف هؤلاء من أهل الحكم على أنفسهم فى أفعالهم حتى لا يصل عنهم إلى الحاكم ما يحاسبهم عليه , ولو أمكنهم معرفة على يدى من تصل الأخبار والأسرار إلى الملك , ربما نفذوا إليه وصانعوه وتملقوه حتى يفعلوا ما يريدون وهم فى مأمن , فكان هذا القول ابتداء من بلقيس سياسة منها حتى يحذرها كل من حولها ..
الأمر الثانى أنها وصفت كتاب سليمان بأنه "كتاب كريم" أى يٌكرم علينا , والذى يتأمل الكلمات القليله فى هذه البرقيه التى أرسلها سيدنا سليمان لها لوجد أنها لا توحى بأى شكل من أشكال الكرم أو حتى كلمة مجاملة واحده , بل عباره موجزه تحمل فى باطنها معانى الإستعلاء والبأس والزجر والوعيد "ألا تعلو على وأتونى مسلمين" فحكمة بلقيس وفهمها الفريد جعلها تصف الكتاب بما وصفته إجلالا واحتراما مع أنه يمس أعز شئ عند الإنسان وهو عقيدته , ولم تفعل فعل كسرى بعد آلاف من السنين لما جاءه كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , بعد أن أتم قراءته قام بتمزيقه ,
لكن السيده بلقيس أنزلت كتاب سليمان منزلته من التبجيل والإحترام وبادرت بوصفه بأنه كتاب كريم حتى لا يبادر واحد من حاشيتها ويتطاول باللفظ عليه , أما وصفها الكتاب بالكريم فقد أتاها الفهم فى ذلك توفيقا من الله تعالى لها لما قرأت البسملة بنصها , ورأت أن سليمان يلمح لها بالرحمتين لربه المعبود وهى رحمة الإمتنان ورحمة الوجوب , فامتن بالرحمن على كل الخلائق وأوجب الرحيم لعباده الموحدين وهو أعنى الوجوب امتنان أيضا , فعمت رحمته الخلق أجمعين , فإنه سبحانه وتعالى كتب على نفسه الرحمه , فهمت بلقيس المعنى وفكت الطلسم وبدأت بذرة الإيمان والتوحيد التى غرسها سليمان بكتابه فى قلبها تشب وتنمو وتثمرفكان أول ثمراتها قولها " إنى ألقى إلى كتاب كريم ...
وأرجو المعذره إن وجدتم أخطاء كتابيه لأنى أكتب فى عجاله ولم أراجع ماكتبت , وأعود بحول الله لأكمل ما أوجبته على نفسى وأرجو السماح
رجاء للسيده بلقيس أن تواصل مابدأت حتى لا أكون سببا فى تعليق ردودها , وإن شاء الله أكمل مابدأت والله تعالى منه العون والمدد وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادى إلى الصراط المستقيم والحمد لله رب العالمين
__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها