* : مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية و توزيعات منها (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : محمد عمر الجحش - - الوقت: 16h40 - التاريخ: 13/09/2025)           »          الذكري الخمسون [50] لرحيل سيده الغناء العربي (الكاتـب : عبدالرحيم رضوان - آخر مشاركة : محمد عمر الجحش - - الوقت: 14h25 - التاريخ: 13/09/2025)           »          نعيمه عاكف- 7 أكتوبر 1929 - 23 إبريل 1966 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : محمد عمر الجحش - - الوقت: 14h14 - التاريخ: 13/09/2025)           »          أسمهان التونسية (الكاتـب : غريب محمد - - الوقت: 07h40 - التاريخ: 13/09/2025)           »          فايدة كامل- 12 يوليو 1932 - 21 أكتوبر 2011 (الكاتـب : Talab - آخر مشاركة : د.حسن - - الوقت: 05h39 - التاريخ: 13/09/2025)           »          45 عاما في كواليس ماسبيرو (الكاتـب : الكرملي - آخر مشاركة : رضا المحمدي - - الوقت: 03h46 - التاريخ: 13/09/2025)           »          فكاهيات و منولوجات متفرقه (الكاتـب : سيادة الرئيس - آخر مشاركة : د.حسن - - الوقت: 01h40 - التاريخ: 13/09/2025)           »          فريد الأطرش فتى غلاف في مجلات قديمة (الكاتـب : el kabbaj - آخر مشاركة : د.حسن - - الوقت: 01h21 - التاريخ: 13/09/2025)           »          شفيق جلال- 15 يناير 1929 - 15 فبراير 2000 (الكاتـب : احمد عبدالهادى - آخر مشاركة : د.حسن - - الوقت: 00h06 - التاريخ: 13/09/2025)           »          اعمال غربية مقتبسة من عبد الوهاب (الكاتـب : أيمن مصطفى - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 20h58 - التاريخ: 12/09/2025)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > صالون سماعي > ملتقى الشعر و الأدب > نتاج الأعضاء .. القصص والروايات

 
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 21/01/2009, 20h33
الصورة الرمزية abuzahda
abuzahda abuzahda غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:102176
 
تاريخ التسجيل: November 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: كندا - تورونتو
المشاركات: 1,212
افتراضي النسور - فنتازيا ، سيد أبو زهدة

إصطفت الجموع على جانبي الطريق يحدها سياج من عسكر السلطان وقد أمسك كل منهم برمح زميله ، كأنهم بنيان مرصوص يشد بعضه بعضاً.


إصطنع بعض الواقفين مفاتيحاً لأحاديث يفضُّون بها كدر الإنتظار ، وقد أكرهوا على المجئ إلى حيث يمر موكب جلالته. منهم من ضاق بتكرار ذلك فبدى عليه الضجر، ومنهم من لم يجد غير ذلك من عمل يقوم به اليوم ....فجاء. ومنهم من يود رؤية السلطان عن قرب فيغوص بناظريه في حمرة وجهه ولمعة عينيه بحدة الفرق بين بياضها والسواد. ومنهم من ود لو يضيف إلى تاريخه البصري ذلك المشهد العامر بالصحة والألوان والتنظيم، فتضم ذاكرته صورا لوجوه غير الهزيلة الذابلة ، وألوانا غير الترابية الكالحة، وغير الفوضى اليومية واللامبالاه .... بذلك الحاصل من تراتيب رتيبة ونظام ممل.


شقّ هسهسة التناجي بين الواقفين وقع سنابك مسرعة لثلة من الجنود على خيول مطهمة ، إذاناً باقتراب الموكب.


همس واقف: خيلنا للإستعراض وسيوفنا للرقص. فلكزه جاره رافعاً صوته: أود المقايضة على حماري بآخر أشد ، أفي السوق مقايضة؟
لكنه واصل حديثه ، بهمسٍ إبتلعته الجلبة التي أحدثتها الخيل ، وقد تصايحت الأطفال وتقافزت تلوح للجنود.


على ناصية درب داخل إلى جوف المدينة ، إنزوت حانة معتمة إلا من بقع ضوء باهت تناثرت حول قناديل زيتية أبلاها السهر. تكومت أبدان السكارى بأركانها وقد تقرفص بالباب كهل يحرس دواب الرواد. خبرته قرفصاؤه بألا يرهق نفسه بالوقوف لأي قادم ، فليس كلهم يعطي الهبات. والأمر مرهون بنوع الدابة وقيمة سرجها ونظافة النعل.


لكنه يهم ناهضاً بنشاط حين يلمحه قادماً بموعده اليومي ويسميه "الحكيم" . يؤدي له تحية الجنود لقوادهم ، فيدس بيده مصكوكة سلطانية من فضة ويضغط على كتفه ليعاود الجلوس.


تخافتت جلبة الشارع بعد انحسار سحب غبار خلفتها الخيل. تهادت فرس آتية من عمق الدرب المفضي إلى الحانة يمتطيها رجل بدى من ترجله أنه فارس قديم. تسلل دالفاً إلى الحانة فلم يلحظ جالس القرفصاء، الذي لم يعره انتباهاً.


تباطأ يتحسس موقع قدمه بين الظلام وبقع الضوء المتوترة، إلى أن تعثر بمقعد فجلس به. جاءه النادل بجلبابه المبلل المتسخ ، سأله عما يشرب فانكفأ مخفياً وجهه وأشار له بنبرة مصطنعة : أي شراب غالي الثمن.


سمع ضحكة ساخرة أعقبتها عبارة تشبهها: أي شراب ! غالي الثمن ؟!


نظر من انكفاءته إلى الساخر ، وقد بدأت عيناه تألف عتمة المكان ، فبدى له كأحد الرعاع المصطفين بالخارج.


بينما جليسه لا يزال مواصلا سخريته: غالي الثمن ؟ أضل سلطاننا المفدى طريق موكبه إلى حانتنا؟


إعتدل ينظر إليه ذاهلا من جرأته. فأردف يقول : يا سيدنا إنما يسكر من الخمر أرخصه .... لا أغلاه..... أغريب أنت؟ آه لابد أنك تاجر حاذق من ديار مجاورة استغل قحطنا ليتربّح من فروق الأسعار. أم أنك متطفل جاء يمتع ناظريه برؤية موكب سلطاننا ؟!.


كان الساخر يمطره بعباراته المتلاحقة وهو مدفون بصمته.


صفق الساخر بعد إفراغ كأسه فأتاه النادل يسأله باحترام آلي: نعم ياحكيم ؟


فأمره بكأسين له ولضيفه من رخيص الثمن ثم استدار يسأله: ألا تعرفني بك؟

أجابه بلهفة: أأنت "الحكيم" ؟
: نعم ، وأنت؟
: رئيس البلاط السلطاني ..
: قبل أن تشرب؟!
: أقسم لك بأني هو ، وأنا أمين سر السلطان و صفيّه...
: أهو قادم الى هنا ؟
: كف عن سخريتك... فأنا أتيت إلى هنا لأستشيرك في أمر سلب نومي منذ أيام
ودلني على حكمتك كبير الطهاه لما لاحظ شرودي.
: إشرب.
: أنا لا أشرب
: إشرب ، فالخمر سيحل قيد لسانك ويسقط عن نفسك قناع الوقار السلطاني ... إشرب

إستوقف رئيس الديوان النادل آخذاً كأسا من يده إلى فمه فازدردها ممتعضاً، والحكيم يتفحصه مبتسماً. أعاد الكأس فارغة إلى الطاولة متمطياً بمقعده ثم زفر
: السلطان...
تساءل الحكيم: ماله؟
: يستقبل أهل الرأي بناديه كل ليلة فيحثهم على النقد والمشورة ، حتى إذا أخرج كل منهم مكنون نفسه بظل نشوة الجلوس إلى حاكم يقرب الناصحين من أهل الرأي. كان السلطان يقرر في ذات الوقت من منهم سيكون طعاما للنسور بالفجر.
و قد كون سرية لإتمام ذلك وعهد إلي قيادها.
: منذ متى؟
: منذ نعى إلى الأمة "صاحب الجلالة الوالد العظيم" واعتلى العرش.
: منذ قتله أبيه؟
: ها ؟
: أفهم أن أبيه كان أول طعام للنسور ؟
: لا ، لا هو لم يقتله
: أفهم أفهم ، السلاطين لا تجيد القتل كما تجيد إعطاء الأمر به... ، وماذا يقلقك
هل تظلمت منك النسور ؟ فطلبت من السلطان أن يعين نادلاً غيرك؟
: منذ يومين كان بمعية جلالته رجلٌ لا يستحق إلا أن نشوي له النسور إن طلب ، لا أن يكون هو طعاماً لها.
: أتعرفه؟
: ليس لي من صاحب سواه...
: كل اللذين أطعمت النسور لحومهم كانوا كصاحبك ،أما اهتز ضميرك لمصيرهم ؟
: جئتك للمشورة لا للحساب.
: فقل كيف يتم ذلك؟
: يوميء جلالته على من يشاء فآمر سرية النسور باقتياده إلى واد النسور خلف الجبل فنتركه مقيدا هنالك ونعود. يسألني جلالته فأقسم له بالعرش أني تركته عند النسور. فالنسور طيور جارحة ، والنسور سرية جنود والنسور وادٍ بخلف الجبل...
: و النسور معسكر تدريب ...
: ها؟
: نقيم معسكر تدريب خلف الجبل فندخل به المساجين من عصاة الجنود ونسميه
" النسور" ونأتي إليهم بمن تطعمون بهم النسور فيفقهونهم ويدربونهم ويصححون ولاءهم فيكون للوطن لا لسيدك. ونبدأ بصاحبك.
: ولما ؟
: ليكون للبلاد جيشاً من محبين ... سيكون بعض من ولائهم لك... أفأمنت أن تكون طعاماً ذات يوم للنسور؟

أدرك رئيس الديوان لماذا لقبوا هذا الصعلوك بالحكيم..، بينما تسرب إلى الحانة ضجيج هرولة وتصايح ينبئ بمرور الموكب ، فهم بالخروج.

.................................................. ...........................


: أين رئيس الديوان؟
: بالباب ياصاحب الجلالة
دخل رئيس الديوان إلى قاعة العرش وحديث حكيم الحانة يكاد يشغله عن انحناءة الإجلال .
: أسعدت صباحاً يامولاي
: لم أرك بموكب أمس
: أبكرت ياصاحب الجلالة أفتش عن أي خلل في الترتيبات قبل أن يسترعي انتباهكم مالا يجعلنا بحظوة رضاكم السامي...
: فلما ظهر موكبنا ، أين كنت؟
: وجدتها فرصة لمعرفة الحاقدين المشككين من المندسين بين رعايا جلالتكم يامولاي
: وهل عرفت منهم أحدا؟
: قليلون هم يامولاي
: آتني بهم
: وهل يكون جزاء المارقين تشريفهم بالمثول بين أيادي جلالتكم؟
: فماذا فعلت بهم؟
: إن النسور تشكو التخمة هذا الفجر يامولاي..
أطلق السلطان ضحكة أفزعت الطاووس الناعس بركن القاعة.
،
،
أضاف رئيس الديوان إلى مهامه اليومية تلك الساعة التي يصطحب فيها حكيم الحانة إلى معسكر النسور، فيوزعا الأدوار حسب استطاعة كل مسجون. والأعداد في ازدياد. كل مساء يأتي فوج من حكماء وشعراء وجنود وطهاة ومزارعين وحمالين وجنود، فيتدربون على فنون القتال ويدرسون تاريخ الوطن.
أصبح رئيس الديوان لا يلقى السلطان إلا ورفع إليه قائمة بأسماء مَن "طعام النسور" . وجلالته مغتبط لولائه ، حانقاً على "أعداء البلاد"
لم يدر بخلد رئيس الديوان أن يشي به أحد جنود سريته ، لدى السلطان. فلم يمهله لرد التهمة . أرسل إليه من يحضره ، فعلم من صيغة الأمر مايخشى .
وصل رئيس الديوان إلى بوابة القصر على رأس جيش من نزلاء معسكر النسور، فاقتادوا جلالته مقيداً إلى الوادي الماكث خلف الجبل.
إعتلى رئيس الديوان العرش فوقف حكيم الحانة يذكره بالعدل والشورى وحب الوطن.
أسكته بإشارة من يدٍ أثقلتها الجواهر . أشار له ، يحدثه بغير نبرات صوته يوم الموكب و الخمارة: ترى ياحكيم .. كم يوم تصبر الطيور فيه عن الطعام ؟ هذا الطاووس ، مثلاً !
لقد جاعت النسور ياحكيم ، وأنت من حرمها انتظام وجباتها
ثم أومأ " السلطان الجديد" إلى جنود متراصين وقوفاً قبالته ، فاقتادوا الحكيم إلى ذات الوادي.
__________________
أستغفِرُ الله العظيم وهو التوّاب الرحيم
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 18h40.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd