مشروع تراث - فرقة تحيي الموروث الموسيقي الشرقي
الإسكندرية – سامر سليمان
أصوات تستحضر اليشمك والطربوش والشوارب المبرومة. السلاملك والحرملك وأمان يالالالي أمان، وما بين ولادة وابن زيدون، وخسرو وشرين وليلى والمجنون، حيث الموشحات والطقاطيق والأدوار، حيلة لترويض آفة ردم التراث ومواجهته والتشبث بالذاكرة للحفاظ على ما تبقى منه.
وتسعى فرقة «مشروع تراث»، المستقلة لاحتضان المُهمَل من التراث الموسيقي والغنائي الشرقي العتيق، منذ مئات السنين، مع تأسيس مكتبة موسيقية متخصصة. والفرقة المكوّنة من أيوب سعيد، دينا إبراهيم، يوسف نور (الغناء)، فادي عياض (ناي)، محمد مكي (عود)، بيشوي نسيم (تشيللو)، ومحمد صلاح (إيقاع)، أحيت حفلة في استوديو المدينة في الإسكندرية، تخللتها وصلات موسيقية وطربية. ففي الجزء الأول من الأمسية غنت وصلات تركية وأندلسية وعراقية وصوفية من القرن الـ19، بينما تناول الجزء الثاني من السهرة العصر الحديث بزخارفه وتواشيجه، فغنت الفرقة «لما بدا يتثنى»، «جادك الغيث»، «يا عزولي».
«احتراماً لما أتت عليه غفلتنا الثقافية الطويلة حيال موسيقانا»، كما يقول يوسف نور أحــــد أعضاء الفـــريق، أُنــئ «مشروع تراث»، عقب ثورة 25 يناير، لأحـــياء تراث الموسيقى الشـــرقية وتقديمها بصورتها الأصلية.ويقــوم المشروع بعزف وتقديم مجموع كبيرة من أنماط الموسيقى الشرقية بدءاً من عبادة بن القزاز وتطرقاً لإرث زرياب وابن باجة وبن سهل والصقلّي المغني، وحتى سلامة حجازي وداود حسني وعبده الحامولي ويونس القاضي وصباح فخري وسيد درويش من العصر الحديث. لا يتوقف المشروع عند اللغة، بل يغني باللغات التركية والكردية والإيرانية والأرمينية والآرامية والسريانية والقبطية، مقدماً الموشحات الأندلسية والموشحات الصوفية السورية الشامية والتونسية والفلسطينية والسودانية والعراقية والمصرية ومجموعة كبيرة من الترانيم بلغتها الأصلية.
ويوضح نور لـ«الحياة»: «نسعى الى دعم أصالة ثقافتنا العريقة. يكاد يكون واضحاً أننا نختار تراثنا، ونعيد إبداعه، ونتبنّاه، هو ما نملكه، ولا يملكنا، سواء كان ينتمي إلى تقاليد فولكلورية، أو عريقة كلاسيكية، محلية كانت أو إنسانية تتجاوز الحدود الإقليمية. لا يقلّ عن ذلك بداهة أن علينا أن ننفض عنه تراب السنين، أن نعيد إحياءه، ونصون ما هو قابل للحياة من العناصر الثابتة في تراثنا». ويضيف: «ما نفعله هو آلية من آليات مقاومة تدني الذوق وانحطاط المعنى وتأكيد قدرة الذات الفاعلة على التغيير وفعل العودة للخلف ونبش الماضي حتى نعيد ترميم ما تخلخل أو تهالك أو غدر به الزمن من أعمدة الفن الأصيل».
وتوضح دينا إبراهيم، وهي مطربة الفريق أن الموشح من أشهر المؤلفات الغنائية التقليدية، وهو أغنية جماعية، نشأ في الأندلس منذ أكثر من ألف سنة. وعن معنى الموشح تقول: «نسبة إلى الوشاح الذي كانت تتزين به المرأة في هذه الفترة، لتشابهه في التحلي بالزخارف، وكان الموشح يُكتب بالعربية الفصحى، ومن ثم تحول الى العامية، وما يميزه عدم ارتباطه بميزان شعري واحد مما يضفي عليه حرية التلوين».
وعـــن الفارق بين الموشح والدور، يوضح أيوب سعيد أن الدور يعتمد علـى مهارة المطرب وتطويعه لحنجرته حيث يعتمد على آهات يرددها المغني من المقام الأساسي أو من مقام مختلف ويستعرض فيها إمكانات صوته
****************************************
الموضوع منقول من صحيفة الحياة اللبنانية