عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 12/08/2010, 11h07
براء السيد براء السيد غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:459796
 
تاريخ التسجيل: septembre 2009
الجنسية: سورية
الإقامة: سوريا
المشاركات: 86
افتراضي رد: كتاب : الموشحات الأندلسية

أشكال الغناء العربي 2 :-
لقد ذكرنا في الصفحات السابقة بأن هناك 3 أنواع من الموشحات أو لنقل مدارس مهمة له وهي:
1-الموشحات الأندلسية
2- الموشحات الحلبية
3- الموشحات المصرية
ثانيا : الموشّحات الحلبيّة
انتقل فن الموشح من غرناطة في الأندلس الى سوريا ولبنان واستقر في مدينة حلب حيث تطوروازدهر. وقد اتّبع الوشّاحون الحلبيّون في الموشحات الأندلسيّة طريقة غنائها وليس طريقة نظمها، فقطّعوا الإيقاع الغنائي على الموشّحات الشّعرية وعلى الموشّحات الأخرى التي لا تخضع بطريقة نظمها لبحور الشّعر، ثم طبّقوا أسلوب الأندلسييّن في تلحينها. إلاّ أنّهم خرجوا عليها في المقامات بحيث غدت الأدوار مطابقةً في غنائها للحن الغطاء دون الخانة التّي يكون لحنها مخالفًا للحن الدّور الأوّل والغطاء. وبذلك اكتسبت الموشّحات الأندلسية التي لُحّنت بالطّريقة الحلبية كثيرًا من التّحسينات التي أسهمت في تطويرها. وقد ساهم في انتشار وازدهار الموشحات في حلب اهتمام الفنانين في تأليفها ونشرها بين الناس والمهتمين في الشأن الموسيقي عامة في مطلع القرن التاسع عشر. وقد لعب الشيخ علي الدرويش الملحن السوري الشهير دورا رائعا في حفظ هذا التراث الجميل حيث دوّن بالنوتة الحديثة عدد كبير من الموشحات.
ولقد طرأت تغيرات حقيقة في طريقة تلحين الموشحات الأندلسية في حلب وبلاد المشرق عموما كما حدث في بلدان المغرب العربي. لقد ابتعد الموشح عن الأسلوب اللحني والإيقاعي عما كان سائدا في الأندلس. يقول الأستاذ محمود الحفني في المجلة الموسيقية: لما اخذت مصر هذه الموشحات سارت فيها على النظام الموسيقي الأندلسي , وحفظت اصوله ونظرياته المكتسبة . غير ان تأثير المقامات العربية والتركية سرعان ما استطاع ان يقود العملية اللحنية للموشح بما تتضمنه من ارباع النغمات فتغير المجرى اللحني للموشح.
ولقد حدث التغييير في النصوص ايضا فزيدت كلمات أعجمية واستحدثت ترنيمات واشكال نغمية لا تزال جارية لحد الآن .. ياللّي أمان .. جانم ..الخ.
يقول البارون رودولف دي لانجيه في تقريره المقدم الى مؤتمر الموسيقى العربية في القاهرة1932 عن الموسيقى الأندلسية : اذا كان موسيقيو مصر ودمشق وحلب يحتفظون بذكرى الموسيقى العربية –الإسبانية الممثلة في الموشحات ففي المغرب العربي اخذت موسيقى الأندلس كاملة متمثلة بمفهوم موسيقى النوبة وملحقاتها المركبة, التي تسير اي الموشحات على مقام واحد لا يفرّق بينها سوى طريقة اوزانها.

كما أضاف الحلبيّون على غناء الموشّحات نوعًا من الرّقص عُرِفَ بإسم رقص السّماح الذي كان مقصورًا على الرّاقصين من دون الرّاقصات. وبفضل الفنّان الحلبي الشيخ عُمَر البَطش (1885-1950 ) الذي لحّن ماينوف عن المائة واربعين موشحا , تطوّر رقص السّماح فغدت حركات الأيدي والأرجل خلال الرّقص تنطبق مع إيقاعات الموشّحات بحيث يختصّ كلّ إيقاعٍ إمّا بحركات الأيدي وإمّا بحركات الأرجل أو بالاثنتين معًا, كما اختزل زمن الغناء الى ساعة واحدة تقريبا بعد ان كان الغناء يأخذ زمنا قد يفوق الساعتين. وقد وضع الشيخ عمر البطش خانات عديدة لموشحات بدأها ملحنون اخرون امثال الشيخ علي الدرويش. وقد اشتهرت حلب في تلحين الموشحات كما ذكرنا واصبح لها ذاك الألق المتميز كما تألقت مصر في تلحين الأدوار.
يمكننا القول ان بلدان المشرق العربي تقرن الان بالموشح الأندلسي كما تقرن تونس "بالمألوف" والجزائر" بالغرناطي" والمغرب " بالآلة" .
ومن اجمل الموشحات الحلبية من مقام الهزام موشح (لوكنت تدري ما الحب يفعل ..) والشعر للإستاذ مصطفى خلقي وقد لحنه الفنان مجدي العقيلي وايقاعه يوروك 8/6 ويضرب الإٌيقاع مشابها للسنكين سماعي الذي يدور في اطاره معظم الغناء العراقي التراثي( الجالغي) مثل ( حمّل الريل وشال..ولتظن عيني تنام . . .. وربيتك زغيرون حسن ..الخ).
الموشح:
لوكنت تدري ..ما الحب يفعل
بالوصل يوما ماكنت تبخل
ظبي كحيل حلو المحيا
الغصن منه ان ماس يخجل
يامن هواه أضنى فؤادي
كالبدر انت بل أنت اجمل
شرب الحميا منكم حلالي
قم يانديمي نشرب ونثمل
مالي سواكم روحي فداكم
دوما رضاكم والله أسأل
ان كان حبي يقضي بقتلي سلمت امري لله فأفعل

وعندما نتحدث عن الموشح المشرقي لابد من ذكر القدود الحلبية التي اقترن صيتها بالموشح وقد يعتبرها البعض هي هي الموشح.
"القدّ" نوعٌ من أنواع الموشّح، ومن إيقاعٍ صغير كالوحدة 4/2 وايقاعات مرحة سريعة . و يبدأ القد بالمذهبٍ يردّده االكورس ثم يتناوب المطرب معهم الغناء ويتبادلان الأدوار احيانا . وأوّل ما لَحّن هذا اللّون سُمّي بالموشّحات الصّغيرة ولا يجوز أن نطلق عليه إسم "أغنية" بل نقول "قد"، وجمعه قُدود. وكلمة "قد" كلمة حلبيّة تعني "شيء بقدّ شيء" أيّ على نفس القدر. و القُدود خلقت في مدينة حلب السورية وهي بالأصل أناشيد دينيّة في مدح الله والأولياء . ثمّ تحوّلت كلمات المدح الإلهيّة إلى كلمات غزلية ، فجاء الكلام الغَزَليّ بقدّ الكلام الدّيني، لذلك سُمّي بالقدّ. والقدود تغنى كوصلات بذاتها او بعد جولة من غناء الموشحات ولايجوز غناء اشكال الغناء الاخرى معها عدا المواويل بمقامات متعددة.
ومن اشهر المغنين في هذا النوع هو الفنان المتميز صباح فخري و الفنان الدايخ وهو من حلب ايضا والسراج وغيرهم. ومن اجمل ما غنيّ من القدود ( صيد العصاري ياسمك بني... تلعب بالمية ولعبك يعجبني.. ثم سكابا يادموع العين سكابا.. ويامال الشام والله يامالي والكثير الكثير) .
ان الملاحظ في غناء القدود الحلبية انها لم تغنى باصوات نسائية الا ما ندر, وقد يعود سبب هذا الى ان المجتمع الحلبي مجتمع بتقاليد متشددة فلا يستساغ هذا النوع من الغناء باصوات نسائية. ان هذا لا يعني عدم وجود فرق نسائية للغناء هنا اوهناك بل بالعكس فقد وجدت اغاني خاصة بالنساء في حلب ودمشق.

ثالثا: الموشّحات المصرية:
ذكرنا سابقا عن انتقال الموشحات الأندلسية الى المشرق العربي. فقد أكّد وجود هذا النوع من الغناء وخاصة في مصر , وجود اغاني بلدية يغنيها بعض الشبان " الجدعان " وهم يغنون في " الصهبات ".. والصهبات او (الصهبجية) جوقات من الهواة مكونة غالبا من خمسة افراد او اكثر يرأسهم مغن حا ذق بغناء الموشحات الأندلسية يغنونها معه.وكانت هذه المدرسة بزعامة ( سعد دبل ومحمد الحصري)بين اعوام1865 -1890 . وأشهر هذه الفرق كانت في زمن عبده الحامولي1845-1901 ولحد الآن جوقة عبد الحميد الشباشي ثم فرقة الأسطة حسنين المكوجي. يقول الاستاذفكري بطرس في كتابه الموسوم أعلام الموسيقى والغناء العربي عن هذه المدرسة:كان الفنانون ينشدون كلاما غير موزون وكانوا من طبقات عامية تجهل القراءة والكتابة واحترفوا الغناء عن طريق الكبار منهم وهم على شاكلتهم في الجهل..فكانوا يقصدوهم في المقاهي والمحلات العامة ويتلقون منهم الموشحات التي لا وزن ولا معنى لها كالاغنية التي تقول:
جابو رواية من حدا الكسباني
نغزل صمولي للطحال الضاني
ويطلعوا منها الفراخ كتله
زي الجاموس يطرح بلح حياني
وكل بلحةفيها معمل طرشي
وان خمّروها تطلع فول سوداني

الى اخر التحفة الفريدة هذه!!!

غير ان الموشحات هذه لم تطل على هذه الشاكلة والنحو كثيرا , اذ عاد الشبان الذين تتلمذوا على كبارهم من الجهلة يعرفون الأوزان وصاروا يتقنونها فتفننوا في فن الموشحات الموزونة وصاروا يتغنون بها في المقاهي والمنتديات.

وبعد هجرة الفنان الرائد ابو خليل القباني قسرا عن دمشق بعد وشاية حساده وكتابتهم لعريضة الى دار الخلافة الإسلامية تتهم القباني بالفسق والفحشاء وتجاهل القيم انذاك نتيجة تشكيل القباني لفرقة مسرحية,فقد وصل الى الاسكندرية حيث بنى مسرحا ومارس رسالته الجميلة ونتيجة لهجرة فنانين آخرين من موسيقيين وعازفين , انتقلت الموشحات ضمن ماانتقل من فنون الى مصر عن طريق الفنّان شاكر أفندي الحلبي في عام 1840 الذي قام بتلقين أصولها وضروبها لعددٍ من الفنّانين المصرييّن الذين حفظوها بدورهم وأورثوها لِمَن جاء بعدهم. وأبرز مَن اهتمّ في الموشّحات من مصر الفنّانون المسلوب و محمد عثمان وعبده الحَمولي وسلامة حجازي وداوُود حسني وكامل الخلعي وسيّد درويش. ومن اهم الموشحات التي لحنها القباني الدمشقي ( برزت شمس الكمال..حب سلمى قد دعاني ..العيون النرجسية ..الخ)ومجموعة من الادوار منها ( الهنا يوم المنى..) . ومن اشهر الموشحات موشح (لما بدا يتثنى) وهو تراث قديم , وقد نسبه الأستاذ كمال النجمي للشيخ محمد عبد الرحيم المسلوب . ونسبه اخرون الى سليم المصري ووزنه8/10 من مقام النهاوند. وتمر السنون ويأتي الفنان المصري صفر بك علي فطالب بإلغاء
الألفاظ التركية مثل ..يالالي وامان .. بالرغم من جذوره التركية. فقد دعى الى تحرير الموشح المصري من هذه الألفاظ ولحن عددا كبيرا من الموشحات منها موشح( ياقلبي من قال لك تعشق) من مقام الحجازكار ووزنه المربع4/13 ومن نظم ابراهيم حسني , ومن اشهرها ما يطلق عليه اصغر موشح وهو ( لحظك وسنان ) من نظم عز العرب علي. وقد ازدهرت الموشحات المصرية في زمن الخديوي اسماعيل باشا وجاء الفنان الكبير الشيخ محمود صبح الذي مزج بين الأنغام المصرية والتركية والتي انتشرت في عموم البلدان العربية. وهناك مدارس مصرية متعددة في الموشحات اهمها مدرسة المبدع الكبير الشيخ درويش الحريري وله موشحات كثيرة منها موشحة ( حبي زرني ما تيسر) وصاحب دور
( أحب اشوفك كل يوم) الذي غناه الفنان محمد عبد الوهاب وهو من نظم حسن بك انور.. ومن اشهر تلامذة الحريري الموسيقار المهندس احمد صدقي الذي يعتبر من احدث ملحني الموشحات .

__________________
قال كونفوشيوس: (لو أردت أن تعرف مقدار رقي أمة من الأمم فاستمع إلى موسيقاها).
رد مع اقتباس