الموضوع: محمد فوزى
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 01/04/2008, 15h31
الصورة الرمزية reza_neikrav
reza_neikrav reza_neikrav غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:59077
 
تاريخ التسجيل: août 2007
الجنسية: ايرانية
الإقامة: ايران
العمر: 44
المشاركات: 80
افتراضي محمد فوزي ... الياس سحاب

محمد فوزي ... الياس سحاب
حدث في بدايات القرن العشرين تحولان تقنيان، كان لهما أخطر الاثر في إحداث تحولات جذرية عميقة على مسار وتطور الموسيقا العربية المعاصرة. أولهما ظهور الاسطوانة في مطلع القرن. وقد ادى هذا التحول الى تغيرات كبرى، كان ابرزها اختفاء احد ابرز تقاليد مدرسة القرن التاسع عشر، وهو تقليد الوصلة الغنائية المطولة، على مقام واحد. اما التحول الثاني، فكان انحسار المسرح الغنائي، بعد ثورة سيد درويش المسرحية العارمة، وظهور السينما في اواخر العشرينات، التي سرعان ما تفرع منها فن السينما الغنائية مع بدايات محمد عبدالوهاب، في عقد الثلاثينات بشكل خاص.
لقد كان لهذا التحول مفاعيل كثيرة، أهمها ظهور الاغنية السينمائية. وليس صحيحا ان قصر المدى الزمني هو العنصر الاساسي بين مميزات الاغنية السينمائية، بل ان طبيعتها ولدت من رحم الاغنية المسرحية. خاصة ان التشابه كبير بين المسرح والسينما في اعتماد كليهما على قصة وسيناريو، موزعة على مواقف متعددة، متناقضة حينا، ومتكاملة حينا آخر.
كان طبيعيا ان يكون الموسيقار والمطرب الكبير محمد عبد الوهاب رائدا في هذا المجال، كونه رائدا في مجال انتاج الافلام الغنائية، لكن هذا الفن الوليد سرعان ما اجتذب اليه، بعد النجاح الجماهيري الساحق الذي حققته افلام عبد الوهاب الاولى، معظم اصحاب المواهب الموسيقية والغنائية في تلك الحقبة، ومن ابرز هؤلاء العبقري محمد فوزي، الذي رحل عنا في مثل هذه الايام من العام 1966.
هناك عدة عوامل دفعت عبقرية محمد فوزي الى لعب دور ريادي مميز في مجال الاغنية السينمائية، وجعلها فنا قائما بذاته يعوض الى حد ما، وبطريقة ما، انحسار الاغنية المسرحية:
1- لم يكن محمد فوزي من اخصائيي المطولات الكلاسيكية (مثل الجندول والكرنك ونهج البردة ورباعيات الخيام)، لكن نوعية مواهبه الفنية، ونوعية شخصيته، وميوله الخاصة، دفعته بشكل طبيعي نحو الاغنية المتوسطة والخفيفة، وهذه اقرب الى طبائع الأغنية المسرحية، من المطولات.
2- تميزت شخصية محمد فوزي الانسانية بخفة الظل التي دفعته بدورها الى تنويع مواضيع أغنياته والحانه بشكل طبيعي، كان يناسب من جهة شخصيته الخاصة، كما يناسب موضوعات افلامه المتنوعة بطبيعة الحال.
والذي يراجع افلام محمد فوزي الغنائية (اي كل افلامه، وهي غزيرة العدد) بجدها حافلة بأنماط شديدة التنوع من الغناء الرومانسي الساحر الى جانب ألوان الغناء الساخر والفكاهي.
ان من يراجع فيلم “الانسة ماما” على سبيل المثال، الذي انتج في العام الاول من عقد الخمسينات، يجد فيه معظم هذه الالوان المختلفة والمتنوعة، وقد مارسها محمد فوزي كلها، بنسبة عالية جدا من الموهبة، التي تلامس حدود العبقرية أحيانا. يكفي ان نذكر اغنيتي صباح الخفيفتين (ما اعرفش، وهنا القاهرة)، واغنية “وجع قلبي” التي يقدم فيها فوزي صورة كاريكاتورية للغناء التقليدي كما يبدو عندما يصر البعض على التمسك به كما هو، في عصر طرأت عليه تحولات فنية كبيرة لا يمكن اغفالها. وقد توج فوزي جهوده اللحنية الكبيرة في هذا الفيلم، بمغناة “أبطال الغرام”، التي قدم فيها صورة كاريكاتورية في غاية الجمال والموهبة، لابطال الغرام الرومانسيين على مر التاريخ مثل: روميو وجولييت، انطونيو وكليوبترة، وقيس وليلى، في مشاهد تقترب فيها السينما كثيرا من المسرح في اخراج تلك المشاهد، كما في مادتها الموسيقية والغنائية. وقد ادت مشاركة اسماعيل ياسين في هذه المغناة بمحمد فوزي الى تحدي نفسه في المزاوجة المتفاعلة بين المواقف الرومانسية والمواقف الساخرة، على درجة من التفوق والموهبة، قلما كان هناك في الموسيقا العربية من يجاري فوزي فيها.
كذلك، امتلأت افلام فوزي بفن الثنائيات الغنائية ذات الصفات المسرحية الخالصة، وهي حتما تتميز عن تبادل مطرب ومطربة في هذه الايام، على اداء مقاطع متناوبة من اغنية عادية ليست ملحنة اصلا للحوار الغنائي الثنائي.
ان حصيلة ما انجزه العبقري محمد فوزي في افلامه السينمائية الغنائية التي تجاوزت الاربعين حتما، لم يكن فقط اسهاما مميزا في نمط الاغنيات السينمائية التي تنوعت اغراضها واساليبها حتى اصبحت امتدادا طبيعيا للاغنية المسرحية، لكنها ايضا مدعاة لطرح سؤال افتراضي هام هو: ماذا كان يمكن ان يصدر عن عبقرية محمد فوزي، لو انه لم يكتف فقط بالسينما، بل ذهب مباشرة للمسرح الغنائي؟
من المؤكد ان فن المسرح الغنائي كان سيضغط على ينابيع اخرى للعبقرية في شخصية محمد فوزي الفنية، فيفجرها فنا صافيا راقيا زرياب . كوم.
رد مع اقتباس