عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 22/06/2011, 00h52
الصورة الرمزية سمير الشال
سمير الشال سمير الشال غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:459097
 
تاريخ التسجيل: septembre 2009
الجنسية: مصرية
الإقامة: مدينة الأمل
المشاركات: 334
افتراضي رد: عاجل google تحتفي بذكرى ميلاد العندليب.الذكرى 82

أغانى مجننانى – بلاش العتاب

مقال كتبه فادي رمزي
في ذكرى ميلاد حليم اليوم ..


لم يغن اى مطرب عربى من قلبه كما غنى حليم ... فهو صدق الإحساس مجسداً ومجسماً.

يقنعك وتصدقه، يبكيك وينعشك بأبسط صورة ممكنة ... وكأن كل أغنية هى قصة حياته هو، فهو من يهواك، ويناشدك قائلاً تشغل بالك ليه ده الدنيا ضحك ولعب وجد وحب ... ثم ينعتك بـ "الجبار" حين يغضب وبأمر الحب بقول لك بلاش عتاب حين تريد ان تصافيه مرة.

احترت ماذا اقدم فى يوم مولده، كهدية لى بالكتابة عنه وتكريما له وشعوراً بالعرفان والتقدير لكل زفرة من اعصابه وخلجاته امتعنا بها. فمثل هذا المطرب لا يغنى ابدا من حنجرته، ولا حتى من قلبه ... بل هو الغناء والنغمة ما ان نعطيه آذاننا ... واذ به يتغلل الى قلوبنا وعقولنا لينقلنا طوال اغنيته الى بعد غاية فى الصدق والشفافية.


كان خيارى بين افضل اغنتين قدمهما من وجهة نظرى، وهما: أنا لك على طول، وبلاش العتاب ... ففيهما تتجلى موهبته الصادقة الأصيلة، ونرى فيهما عبقرية الكلمات واللحن وانسياب المطرب مع النغمات حتى لا تستطيع ان تفصله عن عناصرها.




وربما لهذا لم يجروء اى "مترب" او "متربة" من بعده على غنائهما ... فالشعور له ناسه والإحساس المرهف والفهم الكامل للمعانى يحتاج لمواهب اصيلة وليس لاصحاب سبوبة.


ثم رسى العطا على بلاش عتاب ... فهى اغنية ملحمية تحكى علينا قصة الحب كله، بكل مراحله ... بأفراحه واتراحه، وشهقاته وتأوهاته. وفيها ابدع حليم كما لم يبدع من قبل.




الكلمات لمرسى جميل عزيز والألحان لكمال الطويل ... الأول رسام انيق الريشة يخط حروفا من ابسط ما يكون ليكون لوحة تتعجب كيف لم يستطع اى رسام آخر رسمها ... بينما الثانى هو صاحب احلى جمل موسيقية فى تاريخ الغناء العربى، بل وازعم فى الغناء العالمى ايضاً، هو يفرز جملة حالمة متموجة بمنتهى الرقة والسلاسة ... وكأنها اصوات الهواء العليل والأمواج الهادئة.

طبعاً الكلمة المحركة للأغنية هنا هى كلمة "ياما" ... يالها من كلمة قصيرة موجعة وتحمل معان كثيرة ... فيها طول السهر وشدة اللوعة وألم الفراق ووصف لكل عناصر الإشتياق والبهجة باللقا.

هى كلمة تستفز اى ملحن ان يمد فيها ويشكلها كما يريد، ومع مطرب مثل حليم هو سيضع فيها اعصابه ونبضات قلبه كلها ..

ياااااااما، بها تشويق لكى تتطلع لما سيأتى بعدها ... هل لحظات حلوة ام مريرة، وتستطيع نطقها بالتنهيدة او الزغرودة، فهى كلمة جملة .. بل هى ملحمة زمنية فى 4 حروف بسيطة، وكأن العامية المصرية لا تقل ابدا عبقرية عن الفصحى.

"بلاش عتاب لو كنت حبيبى، من العذاب انا اخدت نصيبى" تعبير غير مسبوق من مرسى الجميل العزيز ... به منتهى عزة النفس وفى نفس الوقت لايخلو من التعبير عن الألم والوجيعة من الخيانة وسوء المعاملة. يقول لها، كفاية .. انا كده اخدت نصيبى، دورى على شخص آخر حتى يكون التوزيع عادلاً.

أنا خلاص "طفيت كل الشموع" واستعددت للنوم ارهاقاً وهرباً من الدموع الآلام ... بل هو ليس هروب، ولكنه نوم من انجز عملاً مطلوب منه تأديته .. فهو مكرس لينال نصيبه من عذابها، وقد انهى عمله كما ينبغى، لذلك فهو يستحق الراحة.


"بلاش عتاب القلب العاصى تاب والجرح القاسى طاب، ماصدقت انه طاب" ... تاب وطاب، كلمتان غاية فى المصرية العامية ... وقد لا تتوقف امامهما كثيرا حتى ضمهمها الشاعر فى جملة. انهاها بـ "ما صدقت انه طاب" أهو يأخذ دور الأب المنشغل على حال ابنه العليل، وماصدق انه طاب فلا يريد ان يزعجه احد؟. بالتأكيد يستحق مرسى جميل عزيز كل التحية على معنى "ماصدقت انه طاب" هذا.
وتبدأ مرحلة رد القلم القاسى الذى أخده الحبيب من حبيبته ... فيبدأ فى سرد ما اعطاه لها، احلى ما فى الدنيا، حبى، وأمنتك على راحة بالى ... فيه اغلى من كده، ان راحة بالك تضعها امانة فى يد شخص معين ... لقد لخص مرسى هنا مجمل ما يتمناه اى انسان، راحة البال، هذا هو هدفنا كلنا فى هده الحياة ... واذ بالحبيب يجد غايته عند حبيبته ويجعلها مسئولة عن كنزه هذا بعد ان وجده معها.

وفى لحظة "غفّل" شوية مستمتعا بما حققه، فإستغلت الفرصة وهربت من جانبه ... ووجد نفسه وحده مع قلبه، فقد هربت راحة باله ... وهنا يلقى عليها، من قمة جبل التعالى والكبرياء على كل ما هو دونه، بمقولته "مش ببكى عليك انا ببكى عليا" ... فهى لا تستحق البكاء، ولكنه هو الذى يبكر لتضييع وقته معها.

"إستنى بعيد علشان انساك" ... جملة فيها لمحة الحب المتبقى، فهى لو قربت منه لن يستطيع نسيانها .. وفى نفس الوقت هو لا يستجديها، فهو يأمرها مثلما تطلب من شخص غير نظيف ان يبتعد عنك حتى لا يلوثك ... جملة رقيقة تجعل الطرف الآخر يشعر بكم رهيب من الدونية.
ويأتى كمال الطويل ويبدأ بنبضات موسيقية رتيبة ... وكأنه يقول: "ايه دى انتى رجعتى تانى؟" جملة فيها دهشة وتعجب واسترجاع لذكريات اليمة. ثم يتمالك نفسه ... وهنا يبدأ حليم هادئاً متماسكاً، يتكلم وكأنه يعقد صفقة مع حبيبه، يبدو فيها واقفا على قدميه ويطلب منه ان يكف عن العتاب.
ثم تصبح الموسيقى اكثر حده مع "طفيت كل الشموع" .. ونجد حليم هنا يغير من طبقة صوته، فهو مع اطفاء الشموع و"ما صدقت انه طاب" يسترجع مشاعره فى هذه اللحظات، بتنهيدة مستترة تظهر فى طريقة نطقه لـ "تاب" وكأنه يستغفر خطيئة حبه السابقه.
ثم يجدها فرصة ليذكر حبيبته .. فتجرى الموسيقى سريعة فى جملة متتالية النغمات حتى لا يلاحق عليها الحبيب ويقاطع ويجادل، فهو "يرصهمله" بسرعة ويمد فى ياما حتى يوجع قلبه ... ثم يصرخ فيه فى "بلاش عتاب" ... تختلف تماما عن بلاش عتاب الأولى التى بدأ بها الصفقة الغرامية ... فهو هنا يقول له: لك حق كمان تعاتب .. يا بجاحتك.






ثم يبدأ استرجاع الذكريات السعيدة .. وسط جملة ايقاعية ضاحكة فى الخلفية، فى عبقرية من كمال الطويل حين استخدم اكثر النغمات، فى حضن الشوق والحنية، ومعها رفّع حليم من صوته ليتناسب مع جو الذكريات وايضا حتى يظهر طفولته وسذاجته حين كان معطيا لحبها الآمان.
طبعا يسترجع حليم احاسيسه الحزينة فى "فجأة بصيت .." وتتوقف الموسيقى تقريبا لأن حتى لحظات صمت حليم كان يعبر فيها عن ألم المفاجأة .. وهذا تناغم مذهل بين الكلمات واللحن والغناء.





ياما خبيت، يمد فى حروف خبيت .. وكأنه قد وضع الألم فى قبو عميق .. ولكنه ظهر له مرة أخرى. وتتصاعد الموسيقى فى "كنت اتمنى يوم" وكأنه يرتقى فى امنياته يمكن تصل للسماء، ولكنه يهبط مع بلاش عتاب .. فقد اصطدم بالحقيقة المرة.
وتتصاعد موسيقي حزينة بنغمات اقرب للكلاسيكية، ويتلاعب كمال برعشة الكمان لتنقل آلام اللحظة ... ويشدو حليم مرة اخرى بـ "خدت نصيبى" فى لمحة متحسرة. ثم يعلن رفضه للحب، ويعلن ان قلبه لم يصبح قلب ... لاحظوا كيف نطق كلمة "قلب" الأخيرة ... غير من اداءه فى هذه الكلمة فقط ونطقها بصوت ارفع، وكأنه يعبر عن الفارق بين قلب بيولوجى وقلب رومانسى .. وكأنه ايضاً يودعه ... فقد راحت ايامه معه.

يقول كلمتى "حبيت" و"كرهت" يشتاق للأولى ويعلن عن مشاعره مع الثانية ... يظهر لوعته ولكنه لا يكشف عما بداخله .. وكمال الطويل وراءه يضع التشكيل اللازم للكلمات بالموسيقى، يضع خطوطا تحت "ابداً" حتى يصبح صدى الصوت المطلوب لكلمة مثل هذه .. يمكن الحبيب يفهمها.
"انا بترجالك" كادت ان تكشف عما بداخله، فقد اطلق قلب حليم معها دموعاً غير منظورة ... فهى توسل اكثر منه رجاء .. فهو لن يحتمل آلاماً أخرى

ياااااما ... تجرى بنا مع كل احاسيسه، ويكسبنا، بنطقه لها، تماماً الى صفوفه ..

مش ممكن حد ما يصعبش عليه غالى مثل هذا الفنان الراقى .. ولا يمكن ما يشتاقش لفن بديع وصافى ومصرى اصلى مثل ما قدمه هذا الثلاثى.
الله يرحمهم جميعا على قدر ما اسعدونا وامتعونا وساهموا فى رقى مشاعرنا ..


وكل سنة وانت طيب يا حليم ... وعقبال مليون شمعة، نولعهالك ولا نطفى منهم ولا شمعة طول ما اغانيك فى حضارتنا مدياها العمق والميزة.

___

الصور مضافة بمعرفتي
ولولا أن كل كلمة بالمقال تسربت إلى روحي
ماكنت نقلته إلى هنا واهتممت به ..
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg هو فقط - حليم.jpg‏ (30.2 كيلوبايت, المشاهدات 2)
نوع الملف: gif فقط فقط.gif‏ (31.8 كيلوبايت, المشاهدات 231)
نوع الملف: jpg شجن.jpg‏ (60.3 كيلوبايت, المشاهدات 1)
نوع الملف: jpg بلاش العتاب.jpg‏ (92.8 كيلوبايت, المشاهدات 236)
نوع الملف: jpg إديتك أحلى مافي الدنيا.jpg‏ (45.2 كيلوبايت, المشاهدات 233)
نوع الملف: jpg أحبك.jpg‏ (32.7 كيلوبايت, المشاهدات 233)
نوع الملف: jpg معبودة الجماهير.jpg‏ (55.2 كيلوبايت, المشاهدات 15)
__________________
.

سمعَ الله لمن حمدهـ

..